في الوقت الذي مازال العالم كله يعيش حالة الحجر الاجباري جراء جانحة كورونا، الوضع الذي لم يألفه ربما منذ أكثر من قرن، وهو مطوق بمشاعر الرهبة واليأس والإحباط والحيرة والتساؤل الدائم عن عودة الحياة لسابق عهدها، فإن عليه أن يتعظ من هذه التجربة المريرة ويستنبط الدروس والعبر منها كي لا يقع في براثنها مستقبلا ويتفادى خوض معركة أشد شراسة.
فهذه الجانحة التي لم يتفق العالم حتى على تسميتها، تارة بـ كورونا، وتارة أخرى كوفيد-19، ولا على مسبباتها مرة بسبب مؤامرة أو إهمال أو نوع من الجينات المتطورة للوباء انتقل من الخفافيش للإنسان، أو حتى كونها عقابا ربانيا، شكلت صفعة للبشر جميعا ووحدتهم في مشاطرة الهلع غير المسبوق بسبب طبيعة الفايروس الشرس والذكي والقادر على التكيف مع مختلف الظروف والعيش حتى على كافة السطوح.
هي صفعة أرادت تذكير الإنسان بأن يعيد النظر في مأكله بشكل خاص، وأن يتناول الأنواع والأصناف الملائمة لطبيعته الآدمية. فالبعض قد تحولوا إلى مفترسين ومصاصي دماء وآكلي لحوم كل شيء يعيش في الماء والهواء والسماء، الحية منها والنافقة، المطبوخة والنيئة. هؤلاء لا يمانعون من التهام كل أنواع الحيوانات والحشرات والتلذذ بها مهما كان شكلها مقززا ودون أبسط اشتراطات النظافة.
هي صفعة أرادت للدول العظمى المتبجحة بغطرستها وعنجهيتها وجبروتها أن تدرك أن بناء الترسانات النووية والقنابل الهدروجينية والصواريخ عابرة القارات وحاملات الطائرات والغواصات وغيرها من شبكات التجسس العملاقة لن توفر لها أي لون من الحماية بعدما هزمها وأذلها فيروس لا يرى بالعين المجردة. معظم هذه الدول انهارت لأنها لم تستثمر أموالها وقدراتها وخيرة عقولها من أجل خدمة وراحة ورفاهية الإنسان، في مجال الطب تحديدا، بل سخرتها لإرهابه وتخويفه وجره في صراعات دموية وحروب مدمرة حتى تزدهر شركات السلاح والقتل والموت.
هي صفعة كشفت هشاشة المبادئ والقيم التي تبجحت بها الدول المصنفة بأنها في طليعة الأمم المتقدمة، فلم تسلم السفن الناقلة لبضائع المعدات والأجهزة الطبية من القرصنة والسطو ومصادرة الشحنات المخصصة لدول أخرى، سواء أكانت جارتها القريبة أو البعيدة. هو مشهد أعاد للأذهان ما كان يحصل في العالم في عصر شريعة الغاب وليس في الوقت الحاضر، عصر الحقوق الفكرية وبراءة الاختراع التي وفرت الحماية القانونية للأفراد والشركات، لكن هذه الدول المتطورة عجزت هذه المرة عن احترام بقية الدول في الحصول على بضائعها التي تعاقدت على شرائها ودفعت الأموال من أجلها.
هي صفعة وصدمة ألجات البعض إلى الايمان بالرب، في وقت ضعضعت في إيمان آخرين ممن كان شعارهم أنهم لا يهابون الموت، لكن اتضح أنهم مرعوبون من الموتى وليس من الموت حسب. هذا الأمر بعثهم يرفضون دفن موتى جرّاء جانحة كورونا في قبور محفورة تحت الأرض بعشرات الأمتار وفي مقابر بعيدة عنهم. كل حجتهم أن الوباء ينتقل من الموتى إلى الأحياء حتى لو كان جسد الميت متروكا في ثلاجات لأكثر من أسبوع ومات الفيروس مع صاحبه دون أثر.
هي صفعة أكدت للبشر جميعا أن الإنسان وحده مصدر كل الأمراض والأوبئة والمشاكل والحروب بسبب الجشع والأنانية والتوحش والقسوة المفرطة. ففي حالة الهلع التي يعيشها سكان المعمورة حاليا سواء في الحجر أو في ساعات الخروج المضطرين لها في الشوارع المقفرة تتمثل الصورة الحالية أن كل إنسان يرى في نظيره فيروسا سائرا على أقدام وحامل للوباء ومصدر تهديد له ولوجوده. لم يصل الإنسان إلى هذا المستوى من الخوف والتنافر والتصميم على الابتعاد عن الآخر منذ عقود شهد العالم فيها تفشي أوبئة مماثلة.
هي صفعة كشفت للعالم عن الشريحة التي تقاتل بنحو أكثر بسالة من الجنود المرابطين على حدود الدول والمدن، المستعدين للتضحية بأنفسهم من أجل الآخرين. إن من ينقذ ويحمي البشرية ليسوا بنجوم الرياضة أو الفن أو مشاهير السوشيال ميديا ولا حتى كبار رجال الأعمال وأصحاب الشركات، مع أن البعض منهم قدموا مشكورين تبرعات سخية من أجل شراء أجهزة ومعدات طبية وغذائية للمحتاجين. بل هم الأطباء ورجال الرعاية الطبية والصحية والعاملين في مجال الأبحاث العملية من أجل إيجاد لقاح فعال وكذلك رجال الأمن والشرطة الذين بفضل جهودهم فرض الأمن وحظر التجول. هؤلاء هم الذي يستحقون أن نرفع لهم القبعة عاليا، أن نقدر ونثمن ونستذكر التضحيات التي بذلوها والأوقات التي عاشوها وهم وسط المرضى والوباء الفتاك ليل نهار من أجل إنفاذ أرواح المصابين.
هي صفعة أرادت الطبيعة أن تستريح بعد أكثر من قرن هو الأكثر ارهاقا وتلوثا واعتداء عليها وعلى كافة مقدراتها من قبل الانسان. فمستويات التلوث والاحتباس الحراري واستهلاك الوقود ومصادر الطاقة والتصحر واختفاء المساحات الخضراء وصلت إلى معدلات انفجارية خلال العقود الأخيرة في ظل الثورات الصناعية والتكنولوجية والتسابق على التصنيع والإنتاج بشكل مهول يفوق الحاجة الحقيقية كثيرا. تلك استراحة باتت خلالها العديد من المدن المختبئ أهلها مكانا تتجول فيها الحيوانات والطيور بكل أمارات الراحة والسكينة ودون خوف من أكبر مصدر تهديد لها، البشر.
هي صفعة، مجرد صفعة عسى أن يتعظ الإنسان، يدرك أن هذا الفيروس ربما صورة مبكرة لفايروس أكثر رعبا ودمارا لا سمح الله، وعليه أن يعيد حساباته في كل شيء، فالصفعة التي لا تقتل، تعّلم.
https://www.facebook.com/ammar.althuwaini/posts/2707053746089313
فهذه الجانحة التي لم يتفق العالم حتى على تسميتها، تارة بـ كورونا، وتارة أخرى كوفيد-19، ولا على مسبباتها مرة بسبب مؤامرة أو إهمال أو نوع من الجينات المتطورة للوباء انتقل من الخفافيش للإنسان، أو حتى كونها عقابا ربانيا، شكلت صفعة للبشر جميعا ووحدتهم في مشاطرة الهلع غير المسبوق بسبب طبيعة الفايروس الشرس والذكي والقادر على التكيف مع مختلف الظروف والعيش حتى على كافة السطوح.
هي صفعة أرادت تذكير الإنسان بأن يعيد النظر في مأكله بشكل خاص، وأن يتناول الأنواع والأصناف الملائمة لطبيعته الآدمية. فالبعض قد تحولوا إلى مفترسين ومصاصي دماء وآكلي لحوم كل شيء يعيش في الماء والهواء والسماء، الحية منها والنافقة، المطبوخة والنيئة. هؤلاء لا يمانعون من التهام كل أنواع الحيوانات والحشرات والتلذذ بها مهما كان شكلها مقززا ودون أبسط اشتراطات النظافة.
هي صفعة أرادت للدول العظمى المتبجحة بغطرستها وعنجهيتها وجبروتها أن تدرك أن بناء الترسانات النووية والقنابل الهدروجينية والصواريخ عابرة القارات وحاملات الطائرات والغواصات وغيرها من شبكات التجسس العملاقة لن توفر لها أي لون من الحماية بعدما هزمها وأذلها فيروس لا يرى بالعين المجردة. معظم هذه الدول انهارت لأنها لم تستثمر أموالها وقدراتها وخيرة عقولها من أجل خدمة وراحة ورفاهية الإنسان، في مجال الطب تحديدا، بل سخرتها لإرهابه وتخويفه وجره في صراعات دموية وحروب مدمرة حتى تزدهر شركات السلاح والقتل والموت.
هي صفعة كشفت هشاشة المبادئ والقيم التي تبجحت بها الدول المصنفة بأنها في طليعة الأمم المتقدمة، فلم تسلم السفن الناقلة لبضائع المعدات والأجهزة الطبية من القرصنة والسطو ومصادرة الشحنات المخصصة لدول أخرى، سواء أكانت جارتها القريبة أو البعيدة. هو مشهد أعاد للأذهان ما كان يحصل في العالم في عصر شريعة الغاب وليس في الوقت الحاضر، عصر الحقوق الفكرية وبراءة الاختراع التي وفرت الحماية القانونية للأفراد والشركات، لكن هذه الدول المتطورة عجزت هذه المرة عن احترام بقية الدول في الحصول على بضائعها التي تعاقدت على شرائها ودفعت الأموال من أجلها.
هي صفعة وصدمة ألجات البعض إلى الايمان بالرب، في وقت ضعضعت في إيمان آخرين ممن كان شعارهم أنهم لا يهابون الموت، لكن اتضح أنهم مرعوبون من الموتى وليس من الموت حسب. هذا الأمر بعثهم يرفضون دفن موتى جرّاء جانحة كورونا في قبور محفورة تحت الأرض بعشرات الأمتار وفي مقابر بعيدة عنهم. كل حجتهم أن الوباء ينتقل من الموتى إلى الأحياء حتى لو كان جسد الميت متروكا في ثلاجات لأكثر من أسبوع ومات الفيروس مع صاحبه دون أثر.
هي صفعة أكدت للبشر جميعا أن الإنسان وحده مصدر كل الأمراض والأوبئة والمشاكل والحروب بسبب الجشع والأنانية والتوحش والقسوة المفرطة. ففي حالة الهلع التي يعيشها سكان المعمورة حاليا سواء في الحجر أو في ساعات الخروج المضطرين لها في الشوارع المقفرة تتمثل الصورة الحالية أن كل إنسان يرى في نظيره فيروسا سائرا على أقدام وحامل للوباء ومصدر تهديد له ولوجوده. لم يصل الإنسان إلى هذا المستوى من الخوف والتنافر والتصميم على الابتعاد عن الآخر منذ عقود شهد العالم فيها تفشي أوبئة مماثلة.
هي صفعة كشفت للعالم عن الشريحة التي تقاتل بنحو أكثر بسالة من الجنود المرابطين على حدود الدول والمدن، المستعدين للتضحية بأنفسهم من أجل الآخرين. إن من ينقذ ويحمي البشرية ليسوا بنجوم الرياضة أو الفن أو مشاهير السوشيال ميديا ولا حتى كبار رجال الأعمال وأصحاب الشركات، مع أن البعض منهم قدموا مشكورين تبرعات سخية من أجل شراء أجهزة ومعدات طبية وغذائية للمحتاجين. بل هم الأطباء ورجال الرعاية الطبية والصحية والعاملين في مجال الأبحاث العملية من أجل إيجاد لقاح فعال وكذلك رجال الأمن والشرطة الذين بفضل جهودهم فرض الأمن وحظر التجول. هؤلاء هم الذي يستحقون أن نرفع لهم القبعة عاليا، أن نقدر ونثمن ونستذكر التضحيات التي بذلوها والأوقات التي عاشوها وهم وسط المرضى والوباء الفتاك ليل نهار من أجل إنفاذ أرواح المصابين.
هي صفعة أرادت الطبيعة أن تستريح بعد أكثر من قرن هو الأكثر ارهاقا وتلوثا واعتداء عليها وعلى كافة مقدراتها من قبل الانسان. فمستويات التلوث والاحتباس الحراري واستهلاك الوقود ومصادر الطاقة والتصحر واختفاء المساحات الخضراء وصلت إلى معدلات انفجارية خلال العقود الأخيرة في ظل الثورات الصناعية والتكنولوجية والتسابق على التصنيع والإنتاج بشكل مهول يفوق الحاجة الحقيقية كثيرا. تلك استراحة باتت خلالها العديد من المدن المختبئ أهلها مكانا تتجول فيها الحيوانات والطيور بكل أمارات الراحة والسكينة ودون خوف من أكبر مصدر تهديد لها، البشر.
هي صفعة، مجرد صفعة عسى أن يتعظ الإنسان، يدرك أن هذا الفيروس ربما صورة مبكرة لفايروس أكثر رعبا ودمارا لا سمح الله، وعليه أن يعيد حساباته في كل شيء، فالصفعة التي لا تقتل، تعّلم.
https://www.facebook.com/ammar.althuwaini/posts/2707053746089313