هدى القاتي - السعادة المنشودة..

كيف يمكن ان نخرج من صراع الاسئلة اليومية التي لا نجد لها اجوبة مقنعة بأقل خسائر نفسية ممكنة ؟
ان تقبل نفسك كما انت امر ليس بالهين و لا بالليّن و لا بالبديهي خاصة
في مجتمعاتنا الحالية التي تتحكم فيها المادة و يتغلب الملموس على المحسوس ان تتصالح مع تفاصيل نقائصك الصدئة العميقة هذا يعني أنّك تتحدث الى نفسك كثيرا لا تكلّ و لا تملّ كي تملأ تشققات قلبك هذا يعني أنّك ستغير من مفاهيمك العامة لكل ما هو وجداني لكل ماهو علائقي لكل ماهو نمطي ،
اي انك ستكون قادرا على ان تهدم لتبني لا لترقع فحسب ان لا يتمكّن احد بعد امضاء عقد مصالحة مع ذاتك أن يغيّر بنودك لتوريطك في التزامات تفكيره ،ان تثبت و تتمسك بحبل هدفك وحده كي ترى نورك ولا تسلّم عقدة الحبل في كفّ من يمكنه ان يسحبك لظلامه هذا لن تصل اليه الا حينما تبدأ بافراغ جرّة عقلك من ترسبات الماضي من الافكار المسبقة و الجهل و التسليم و الركون للجاهز و الاحباط والاتباع و الرضوخ و الخنوع و الطاعة العمياء المعرفة وحدها هي التي يمكنها ان تلمّع تلك الجرة لتجعلها قادرة على الامتلاء بالاجوبة الحقيقية التي طالما كانت تسيل فقط تحت تربة الذرائع و المعتقدات البالية و المسلمات ستجيب عن كل تلك الاسئلة التي تقلقك بمفردك لكن عليك في المقابل ان لا تحيد عن هدفك الذي رسمته لنفسك مهما كانت التجاذبات الجانبية التي ستحاول مرة و اثنين و ثلاثة ان تفشل مسارك و تضع تحت اقدامك العقبات تلو العقبات ان تطمئن لما يطمئن إليه عقلك اوّلا هذا الزاميّ و من ثم قلبك ثانيا و ليس العكس و بمفردك ايضا ستنجح حتما بمجرد ان تبدأ بفك سلسلة القيود التي تجعلك دائما تشعر بالذنب حتى من أبسط الاشياء التي لا ناقة لك فيها و لا جمل ستنجح دون شك ليبقى السؤال الاخطر هل باستطاعتك ان تتقبل الاخر المختلف عنك و تحبه كما هو دون شروط مسبقة و دون تحجيم له كما ستتقبل ذاتك المتشظية ؟؟ امر يبدو أصعب بكثير من المحاولة الاولى حروب تأكل الاخضر و اليابس فتيلها الاساسي ترسيخ و تكريس و تحريك موقف الشعوب الرافض للاختلاف التي تجتهد في طلاء قناعاتنا بالكلس الفكري المتحجر في عقولها ان تقشر قلبك لتسمح لماء الانسانية بالمرور اليه يحتاج الى دربة و اشتغال و جهد و تغيير ثوابت يعني زلزلة داخلية رجة عقلية تجعل بناياتك الشاهقة التي تواري نور الشمس لكي يتسلل الى قلبك و التي ورثتها عن معتقدات اجدادك اقرب الى حطام و فوضى ستشعر بدوار شديد في المفاهيم و سينجر عنه سقوط لأصنامك التي كنت قبل هذا القرار تذبح لها القرابين ان تقبل الاخر يعني ان تجد فيه مالا يتناسب مع قناعاتك و تبقى سعيدا بوجوده معك ان تقبل الاخر اي انك ستغير من مفهوم الحب الذي تصدعت اذانك برنّاته وهو ينشد أغنية التجاذب الوجداني و التكامل الفكري و التقارب الاجتماعي و كل ما من شأنه ان يعمل على جذب الاخر الشبيه بك في هدوء حتى و ان كان ذلك الجذب مصطنعا هذا هو الفخ الذي نصب لنا جميعا و الذي وقعنا فيه سواء افصحنا عن ذلك او تكتمنا عنه نعم نحن نخرج كل الذين لا يشبهوننا من صندوق الحب هو التفاح الذي اكلناها و الخطا الاكبر الذي اقترفناه و الذي خلف لنا كل هذه الحروب الداخلية و الخارجية و اطردنا من جنّة الانسانية ان تتصالح مع ذاتك و تقبل بالاخر كما هو و لا تتعسف عليه لتجعله يشبهك لعمري هذا هو الحب الذي يجب ان نملأ به عقولنا و قلوبنا في آن واحد وهو الامر الوحيد الكفيل بان يحقق لنا السّلام الداخلي و بالتالي السعادة المنشودة
التفاعلات: علي سيف الرعيني

تعليقات

ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...