الخاصية الموجية للثورات: موجات ثورة الشباب العربي من اﻟﻜم الى
اﻟﻜﻴف
د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الإسلامية في جامعة الخرطوم
sabri.m.khalil@gmail.com
[SIZE=18px]اولا:ملخص الدراسه : التغيير قانون موضوعى " سنه الهيه بالتعبير القرانى" يضبط حركه الوجود الشامل للطبيعه"المسخره" والانسان"المستخلف" ، ولكنها تاخذ شكل تحول بدون اضافه فى الظواهر الطبيعيه ( تغير) ، وشكل تحول من خلال الاضافه فى المجتمعات الانسانيه (تغيير) . وللتغيير نمطين : الأول هو تغيير جزئي – تدريجي " وهو الإصلاح "، والثاني هو تغيير كلى- فجائي " وهو الثوره". ويقوم منهج التغيير الإسلامي على الجمع بين النمطين - من خلال تطبيق مفهوم المفاضله - اى من خلال اعتبار أن الأول أصل والثاني فرع ، مع اشترط أن يكون الاخيرسلميا. واهداف الثوره لا تتحقق دفعه واحده، بل من خلال مسيره تراكميه ، يمكن تشبيهها بالامواج . وتاخذ حركه الثوره اولا شكل تلقائى مضمونه رد فعل عاطفي- تلقائي/ مؤقت ضد مظاهر تردى الواقع الكائن ، يمكن ان نطلق عليها اسم موجات كميه، لانها تتم دون تغيير فى شكلها التلقائى ، وعله خاصيتها الموجيه قيام الثوره بعد توافر شروطها الموضوعيه (فقدان النظام السياسى المعين للشرعيه)، دون اكتمال شروطها الذاتيه- وان توافر فيها توافر بعضها - (توافر الوعى" الذاتى" والاراده" الموضوعيه " للتغير عند الجماهير ) ، ويمكن لهذه الموجات وقف تردى الواقع كما هو كائن، ولكن حدها الاقضى هو الانتقال به – او بالاحرى ببعض عناصره - الى ما هو ممكن . ثم تاخذ حركه الثوره ثانيا شكل ارادى" قصدى" ، مضمونه فعل عقلاني- مستمر – منظم / مؤسساتي يمكن ان نطلق عليها اسم الموجات الكيفيه، لانها تتضمن تغيير لشكلها التلقائى الى شكل ارادى.. ، وعله خاصيتها الموجيه انها تسعى لتحقيق اهداف شامله، يلزم منها تغيير الواقع بكل- او اغلب- عناصره،وهو ما يحتاج الى مدى واسع من الزمان والمكان .فهذه الموجات هى التى تستطيع الارتقاء بالواقع مما هو ممكن الى ما ينبغى ان يكون.وبالرجوع الى واقعنا العربى المعاصر فاننا نجد ان الخاصيه الموجيه للثورات تتمثل فى ثوره الشباب العربى- والتى نرفض اطلاق اسم "الربيع العربى عليها" ، لانه يوحى بنسخ تجارب المجتعات الغربيه ، ذات الواقع المغاير لواقعنا - فى كون حركتها اخذت شكل موجات متتاليه ومنها: اولا: الموجات الكميه: حيث جاءت ثوره الشباب العربى كامتداد لمرحله التفعيل التلقائي للاراده الشعبية العربية ، والتى حققت فيها الكثير من الانتصارات ، بدون أن يمثلها أو يعبر عنها أو يسعى لتحقيق أهدافها اى نظام سياسي معين. فقد تم تعطيل الاراده الشعبية العربية - على المستوى السياسي الرسمى - بعد تولي الرئيس السادات السلطة في مصر بعد وفاه الزعيم جمال عبد الناصر عام 1970، وارتداده عن سياساته المجسدة - على وجه الاجمال لا التفصيل – للاراده الشعبية العربية وأهدافها فى الحريه والعداله الاجتماعيه والوحده . غير ان تعطيلها على هذا المستوى، قد فتح المجال أمام تفعيلها على مستوى اخر هو مستواها الشعبي . وتشمل هذه المرحلة مرحلتين من مراحل تفعيلها ، المرحلة الأولى هي مرحله التفعيل التلقائي ، والتي أخذت شكل رد فعل عاطفي- تلقائي/ مؤقت ضد مظاهر تردى النظام السياسي العربي، ومشاريع محاوله إلغاء الاراده الشعبية العربية" كمشروع الشرق الاوسط الجديد الامبريالى الصهيونى" ، والمذاهب التى يلزم منها ذلك– موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا الذاتيه لانصارها – " كمذهب التفسير السياسى للدين "المعبر عنه خطا بمصطلح الاسلام السياسى" - ومن اشكاله مذهب الغلو فى التكفير واستحلال الدماء المحرمه- وتتمثل الموجه الكميه لثوره الشباب العربى في ذات الثوره باعتبارها امتداد لهذه المرحله ، و تشمل الموجات التاليه:الموجه الأولى: وتتمثل في سلسله الانتفاضات الشعبية العربية شبه المتزامنة ، التي كان طليعتها الشباب ، وكانت أداه الإعلام بها والتعبئة فيها الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي فيه ، والتي اندلعت شرارتها الأولى في تونس ، ومنها انتقلت إلى مصر ، والتي نجحت في إسقاط عدد من الانظمه العربية الاستبدادية سلميا ،وبأساليب التغيير السياسي الديموقراطى، قبل أن تنجح القوى والنظم العالميه والاقليميه والمحليه ذات المصالح المتعارضة مع أهداف الاراده الشعبية العربية ، في تحويل مسارها في دول عربية أخرى ، من المسار الجماهيري السلمي ،إلى مسار طائفي مسلح "دموي (سوريا، ليبيا،اليمن..)، بهدف تشويه صوره هذه الثورة الشعبية السلمية، ومن ثم منع انتقالها إلى دول أخرى. الموجه الثانيه: الحراك الشعبي السلمي والذي طليعته الشباب أيضا، في العديد من الدول العربية كالسودان( ثوره 19 ديسمبر 2018( والجزائر، والحراك الشعبي المطلبى في المغرب وتونس والأردن ولبنان والعراق ... والذى تعمل القوى والنظم " العالميه والاقليميه والمحليه"، ذات المصالح المتعارضة مع أهداف الاراده الشعبية العربية على اجهاضه وافراغه من مضمونه، من خلال العديد من الاساليب ، واهمها اجراء تغيير شكلى يشمل تغيير الاشخاص ، دون اى تغيير حقيقى للسياسات الاقتصاديه والسياسيه والاجتماعيه.. التى تتعارض مع اهداف الاراده الشعبيه العربيه. ثانيا: الموجات الكيفيه : وتتمثل فى ثوره الشباب العربى كامتداد لمرحلة التفعيل الارادى "القصدى" للاراده الشعبية العربية – على المستوى الشعبى - والتي يجب ان ترتقى اليها . وهذا الارتقاء لا يمكن ان يتحقق إلا بالالتزام بشروط تفعيلها– والتي تمثل ايضا خصائص الموجه الكيفيه من ثوره الشباب العربى- واهمها:محاربه أنماط التفكير الخرافي والاسطورى والبدعى ، والالتزام بأنماط التفكير العلمي والعقلاني – التي لا تتناقض مع الوعي- والفهم الصحيح للدين ، وقيام الاراده الشعبية العربية بكل الخطوات الممكنة تجاه أهدافها في الوحدة و الحرية والعدالة الاجتماعية والحرية والاصاله والمعاصرة ،على المستوى الشعبي قبل المستوى الرسمي . ومن زاويه اخرى فانه اذا كانت مرحله التعطيل الارتدادي للاراده الشعبية العربية - على المستوى السياسى الرسمى- هي مرحله الانتهاء “الفعلي ” للمستوى التكويني " السياسي " للاستخلاف العام الأول للامه، فان ذات المرحلة هى مؤشرعلى بداية الاستخلاف العام الثاني للامه - والحديث هنا عن الاستخلاف بابعاده المتعدده " السياسيه، الاقتصاديه، الاجتماعيه ..." ، وليس فقط بعده السياسى ، الذى يختزله فيه مذهب التفسير السياسى للدين"الاسلام السياسى" - كما ان هذه المرحله هى مؤشر على اول مراحل المعركة الفاصلة بين الاستخلاف العام الثاني للامه والاستكبار العالمي الخامس”الامبريالي- الصهيوني” طبقا لمستواها الرئيسى (وهومستواها الفكرى / الحضارى - الشعبى– خلافا للمعارك الفاصله السابقه لها –)، ( وهى المعركه التى سبقتها معارك فاصله متعدده ، بين اشكال سابقه للاستخلاف، واشكال سابقه للاستكبار العالى ، كالاستكبار العالمي الأول " الامبراطورى : الفارسي - الرومانى" ، و الثاني " المغولي – التترى" ، والثالث" الصليبي" ، والرابع " الاستعماري القديم :البريطاني – الفرنسي..) - والامه العربيه هى ميدان كل المعارك الفاصله، بين الاشكال المختلفه للاستخلاف والاستكبار- ومرجع كونها مؤشرعلى بدايه هذا الشكل من اشكال الاستخلاف ، وعلى اول مراحل هذه المعركه الفاصله ، ان هذا التعطيل للاراده الشعبيه العربيه على المستوى الرسمى ، قد فتح المجال أمام تفعيلها على المستوى الشعبي - كما اشرنا اعلاه – والحديث هنا عن مرحلتها الاولى ( اى مرحله تفعيلها التلقائي والموجات الكميه لثوره الشباب العربى كامتداد لها ) . أما مرحلتها الثانيه ( اى مرحله تفعيلها والموجات الكيفيه لثوره الشباب العربي كامتداد لها) ، فستمثل مرحله تحقق الاستخلاف العام الثانى للامه ، وفى ذات الوقت ستمثل المرحله الاخيره لمعركته الفاصله ، مع هذا الشكل من اشكال الاستكبار العالمى ، طبقا لمستواها الفرعي( وهو مستواها السياسى " ذو البعد العسكرى" - الرسمى- خلافا للمعارك الفاصله السابقه ).[/SIZE]اﻟﻜﻴف
د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الإسلامية في جامعة الخرطوم
sabri.m.khalil@gmail.com
د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الإسلامية في جامعة الخرطوم
* الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري