علجية عيش - فرنسا للجزائريين: هاهي جماجم شهدائكم و لكنيّ لن أعتذر

لو كانت فرنسا دولة الحق و العدالة لاعتذرت للجزائريين عن جرائمها الوحشية و لما استولت على حق لا تملكه

و أخيرا وافقت فرنسا على مطلب الجزائر باستعادة جماجم شهداء المقاومة الأبطال بعد 170 سنة من احتجازهم بمتحف الإنسان بباريس ، بعدما كانت تناور و تختلق الأسباب و المبررات، لتقوم اليوم بخطوة جبارة لإرضاء الجزائريين، أو مغازلتهم إن صح القول، و إعادة لهم الجماجم، هو بالنسبة لها موقف سياسي و سيكون لصالحها، لأنها تراه تنازلا عن حق امتلكته بالقوة ، أو أنه من باب التطوّع و الإنسانية أو من باب العدالة، بدليل أنها اختارت الوقت المناسب لتهنئة الجزائيين بعيدهم في استرجاع الحرية و الإستقلال، قدمت لهم الجمامجم كهدية هي في الحقيقة عربون صداقة من أجل التئام الجرح، وطي صفحة الماضي و إنهاء أزمة الذاكرة بينها و بين الجزائر



فموقف فرنسا في تسليمها الجمامجم جاء متأخرا جدا، بعد إعادة فتح ملف تجريم الإستعمار على مستوى البرلمان الجزائري و أن تقدم فرنسا للجزائريين اعتذارا رسميا و أمام الرأي العام الدولي عن جرائمها الوحشية التي ارتكبتها في حقهم ، لا يختلف إثنان أن اللقاء الذي تم بين الرئيس عبد المجيد تبون و نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون كان ضمن النقاط التي تدارسها الطرفان، و هي تكريس العلاقات بين البلدين و فتح صفحة جديدة بين الجزائر و فرنسا، و كأن شيئا لم يحدث، فيه ترفع الجزائر شعار "المسامح كريم"، هي رسالة أرادت فرنسا أن تقول للجزائريين وكبار المسؤولين في الجزائر: "هاهي جماجم شهدائكم أدفنوهم أو احرقوا العظام و بَخْرُوا بيهم أو اصنعوا من رماده كحلا لنسائكم، و لكنني لن أعتذر"، أعادت الجماجم، دون البحث عن أجوبة لأسئلة معلقة، لاسيما سؤال: "من هو المجرم؟ و من هو الضحية؟" ، ليس سهلا على فرنسا أن تتنازل و تسلم رؤوس أبطال تفننت في تعذيبهم و قتلهم، قطعت رؤوسهم و احتفظت بها، و هي اليوم تريد أن تدفن عارها في أرض الجزائر، و تدفن مع الجماجم حقائق ما تزال مخفية، و ربما أصبحت "طابو" لا ينبغي ان يثار حولها الجدل، من أجل توطيد العلاقة مع استباحت دمه و عرضه، الكل سعيد و مبتهج، لأن جمامجم الأبطال أعيدت إلى اصحابها، لكن هذا الموقف الفرنسي يدفعنا إلى أن نطرح السؤال التالي: ماهو الثمن الذي ينبغي على الجزائر أن تدفعه لفرنسا مقابل استلامها جماجم الشهداء؟، كان على فرنسا أن تبحث عن صيغة أخرى لترد الحقوق لأصحابها و لا تستثمر في فرحة الجزائريين و هم يحيون ذكرى انتصاراتهم على اقوى امبراطورية في العالم.
و يبقى السؤال الذي طرحناه مند سنتين تقريبا يفرض نفسه : هل الجماجم هي فعلا جماجم الشهداء أم أنها جمامجم الحركى؟ أرادت فرنسا أن ترد لهم الإعتبار و هي التي أصدرت قانونا خاصا لحمايتهم، ففرنسا معروفة بمناوراتها حتى تبقى الجولئر و كل افريقيا تحت سيطرتها للأبد، ليس سهل على شعب ذاق مرارة الظلم و القمع على يد الإحتلال الفرنسي، أن ينسى و يمحو من ذاكرته استعمار عمره 132 سنة، هل ينسى الشعب الجزائر محرقة أولاد رياح عام 1845 بجبال الظهرة ن و هل ينسى مجازر 08 ماي 1945، هذي عينة فقط من الجرائم الوحسية التي ارتكبتها فرنسا، من الصعب جدا نسيانها، هاصة و أن المطلب جاء متأخرا و أن اتفاقية إيفيان بين الجزائر و فرنسا ما تزال موضع جدال و تناقض بين القادة التاريخيين، لدرجة أن بعضهم رفضها و لم يعترف بها، ستظل فرنسا تراوغ سياسيا و لن تعتذر.
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...