هأنذا قد تجاوزت الستين عاماً، ومازلت أتحفظ على نوع الحب الذي يصلني بالمرأة، على أرضية دينية، والإسلام نموذجاً حياً، ومن خلال الرابطة المسمّاة، بـ" رابطة الزواج "، حيث لا حب واقعاً إنما استحكام الرجل في المرأة . لهذا، فإن تحفظي يزداد مع الزمن، وأمام ناظريّ، ومسمعي، مشاهد يومية تترى لهذا الاستحكام في طول البلاد الإسلامية وعرضها، وأكثر صراخاً، ما تقوم به التنظيمات المتشددة باسم الإسلام، واستعانة بنصوص دينية كبرى، لجعّل الحب مأثرة الفحولة القانصة، والتي تستبد بأجساد النساء، تحت أسماء ومسميات مختلفة.
إنني أتحدث عما هو مقروء وملموس، دون أن أنسى الدعم الحي والمباشر من هاتيك النصوص لمثل هذه الإجراءات، وعبر تجربتي الزوجية التي مضى عليها أكثر من أربعين عاماً، حيث إن حبي الذي أدخِل في مضمار ديني " إسلامي " اعتبرته، وأعتبره اليوم أكثر مما كان بجلاء، أكبر من هذا النوع، الذي يتفقه كتابه، وينظّر له المعنيون به، حتى ممن يتشربون من الحداثة وما بعدها، ويعرَفون بألقاب علمية وفكرية وبحثية، هم محل مديح هنا وهناك، في براعة ما يتحرّون أمر الجاري تاريخياً وواقعياً: جنسانياً، وهم ينقّبون في " مسامات " الجسد العشقي في ديار الإسلام، مستشهدين بتلك القصص والحكايات أو الوقائع التي تشهد على مدى " أصالة " الحب " لدينا " مقارنة بالجاري في عالم " الغرب " خاصة ، تأكيداً على أنهم مستقلون، مميَّزون فيما يعيشونه ويتنفسونه، ولكنهم مثقَلون بمشهديات الجسد " الآخر " وفنونه غربياً .
سأتوقف عن الاسترسال في الكلام، وأتوقف عند قائمة النقاط التي تشير إلى تجربتي الحياتية في الإطار الموسوم:
مازلت أتخيل رجل الدين " الملا، في منطقتنا " وهو يعقد قراننا، بوجود شاهدين، وهو يعوذل ويبسمل بداية، ويؤكد علي فيما كنت أصلي أم لا. دون الصلاة لا قبول بالزواج طبعاً. يعني ذلك أن مجرد تصريحي بأنني أصلي، يجعلني مسلماً، ويحلّل زواجي، دون السؤال عما سأكون عليه مسلكاً، أو علاقة مع من أقترن بها .
هذه النقطة تستدعي في الحال نقطة أخرى، وهي مثل حبات المسبحة، حاملة النقاط كافة، في علاقة الرجل بالمرأة، وهي أن ما تم ويتم من لحظة النفَس الحياتي الأول في جسم الكائن الحي " ألإنسان " حتى مغادرته لجسمه في الموت، والتلقين على القبر، يكون رجل الدين حاضراً، بصورة ما أو بأخرى . وهو يقوم بمهامه بكامل الحماس والشعور بسلطة سيادية لا تُرد .
إنه يدرك، ولو بإيجاز شديد، أن موقعه محمي ميتافيزيقياً. وهنا تتراءى لي المرأة بعيداً عن كل حضور اعتباري لكينونتها. إذ كيف تمثُل أمامي ذات شخصية متميزة، حيث الكون كله، بقواه الخفية، وتراتبياتها، من خالق الكون، مروراً بالملائكة، حتى في حال المنكر والنكير، والقيّمين على الجنة والنار، وانتهاء بمن يعرّفون أنفسهم علماءَ دين وفقهاءه، وهي وسط هذا الجمع الخير، والهيمنة النافذة الأثر سلطوياً بخاصيتها الذكرية، دون وجود ولو عنصر نسائي واحد، ولو من باب التغطية على ما يجري ؟
بالطريقة هذه تولد المرأة، حتى وهي متكونة جنيناً في الرحم، وتكبر ، والقيود تحيط بها داخلاً وخارجاً. أليس لأنها في التصريف التاريخي ومغذياته النصية من " ضلع أعوج "؟ ألا تعامَل هكذا اليوم، لا بل يزداد التضييق عليها، وتسليعها وفق مؤثرات عالم ما بعد الحداثة، وفي ظل المستجدات الالكترونية، أكثر من ذي قبل، لتستمر خاصية الجارية والمحظية والأمة فيها، حتى وإن كانت وزيرة، أو أكبر منها منصباً، غزالة وسط كم هائل من المفترسين الذكور .
كم أرثي زوجتي، كلما أمعنت النظر في النصوص التي دشّ نبها الإسلام، والنصوص التي تم تقعيد الإسلام جنسانياً، والنصوص التي تدخل في فقه العبادات، وأحكام الزواج " الإسلامي السعيد " طبعاً بمسوغات الذكر، لتجد في الجوار نساء يترافق مع تصورات كهذه، شاهدات على مثل هذا الامتياز الاستثنائي في الزواج، دون أن تلام. كيف تلام، وقد أخضِعت لأفانين القول والمراقبة والمعاقبة الجنسانية الذكورية الطابع وجوداً حياً وما بعده على مدى عقود زمنية طوال؟
أرثي زوجتي، ولطالما رثيتها وهي منتمية إلى هذا العالم المحوَّر كثيراً، وأنا أنظر في أمرها، وأتساءل بين الحين والآخر: أي مخيلة ذكورية رهيبة دشّنت خرافة خلق المرأة من ضلع أعوج؟ وأي ضلع تآمري هو هذا الضلع الذي اختيرَ حامل " وصايا " صاحبه في الاستحكام والاستحواذ، ليكون حامل علامة تجنيس أنثوية، وناطقاً بسلطة المنتمي إليه أصلاً ؟
لا شيء يربطني بزوجتي سوى أنني الرجل، رب البيت، السيد المطاع، الآمر الناهي، الناطق بالسلطة التي تجيز لي التصرف بجسدها، والإمضاء عليها كما تمليه عليه شهوتي وصبوتي. إنها ضلعي الذي يجب أن تحمدني عليه ليل نهار، أمانتي العضوية التي يجب عليها الحفاظ عليها، وهي تقيم في طواعيتي، وتقوم على خدمتي، وهي تلبي طلباتي الخاصة متى ما أردت ذلك. ألم يسترسل فقهاء الجنسانية في الإسلام في هذا المنحى، جهة ابتداع لائحة من العلاقات التي تسمي طرق اتصال الرجل بالمرأة " الجسد الموطوء " في المجمل ؟
كيف تكون مثلي قيمة، وشهادتها ناقصة، وإن كانت تبزني بتحصيلها العلمي، وجسدها ناقص، في عقله وقيمتها جهة التعرض للدورة الشهرية " هذه محسوبة عليها، وليس لها "، وتابعة لي بوصفي القيّم عليها قانونياً ؟
كيف تكون حرّة، ذات صفة استقلالية، حيث الرجل الزوج يتزوج عليها بالساعة التي يريد ودون مساءلتها، أو أخْذ رأيها، وينغمر في عالم متعه مع أجساد أخرى خارج نطاق الزوجية، خارج البيت ؟ هلا تصور الرجل " المسلم " ولو للحظة واحدة، أي مشقة روحية سيكابدها، وهو يتخيل زوجته وقد تزوجت عليه؟ أو فكرت ولو عابراً، برجل آخر، وهي تذكره بمديح معين، لتثير جنون ذكورته، واتهامها بالخيانة، وغير ذلك من النعوت التي تبتدعها مخيلته الذكورية ؟
أي عالم هائل زاخر بالأجساد العصية على الوصف، بمأثرتها الإلهية في الجنة، جهة الحور العين، وتكون الزوجة الدنيوية، إذا ما قيّض لها أن تكون من أهل الجنة ، لأن الحديث المسند يقول عن أن أغلب أهل النار من النساء، مع أن مجرد إجراء عملية حسابية بسيطة، تظهر العكس، لحظة النظر في عوالم نساء الجنة وأصنافهن؟
حتى الجنة والنار، عند مكاشفتهما جنسانياً، تحملان اسمين مؤنثين، تعبيراً عن التكاثر، إنما بما يرضي الرجل الذكر طبعاً .
لطالما انشغلت في هذه النقطة المحورية " الجنس في الإسلام " خلاف الذين لا ينفكّون يميّزون هذا الجنس عن سواه في مختلف الأديان والعقائد على أنه فريد من نوعه قيمياً. لا أدري، إلى أي درجة يمكن تقبّل جنس كهذا، وحب كهذا يصلنا به، على أرضية دينية، يكون صاحب العمامة أو اللحية الذكر هو الموجب والمعقّب والمعاقِب ؟
بعيداً عن التذكير بقائمة الكتب التي انشغلت بأفكارها وموضوعاتها المتشابكة والشائكة، تساءلت مراراً، وإلى ساعة كتابة هذه الكلمة، عن حقيقة جسدي، وأي روح تعرّف بي مقارنة بتلك التي خُصَّت بها المرأة: زوجتي أو سواها. كيف يمكن للحب أن يستقيم على أرضية انفجار الشهوات المحتفى بها ذكورياً، وينتشي عرّابو هذا الجنس- الحب، وهم سابحون في استهواءاتهم الجنسانية وسبحانيتها الدينية، مظهرين مدى تفاهة النظير" الغربي "، وهم أنفسهم عالة عليه، وشوق شبقي إلى نساء الغرب وفنون غواياتهن، كما يعلمنا بذلك تاريخ التواصل معه على المستويات كافة ؟
لا شيء يحدد المسافة بيني كجسد حي، والجسد المقابل كجسد مختلف: أنثوي، سوى رجل الدين، نصه الذي يخوّله بذلك، لا شيء يمنحني حرية التعبير عن كوني إنساناً سوياً، ويرتقي بي إلى مستوى الرجل المستقيم الخالي من العقَد الغيبية: الماورائية والمسكون بهاجس أو بدعة " خلافة " الله على الأرض، أنا الذكر دون سواه، وأنا أنظر، أنّى التفت، إلى هؤلاء النساء بمختلف انتماءاتهن، لغاتهن، طبقاتهن، عقائدهن واقعاً، في مصهر رغبات الرجل، وتمثيلها تبعياً. أي عبودية تتملكني في الحالة التاريخية وما قبل الكتابية هذه، وأنا أتنفس بمثل هذه الامتيازات الكونية من أعالي العرش إلى أداني الفرش؟ من كيفية تشغيل ميكانيزم الحواس، وأدوات العقل في التعامل معها، إلى كيفية تطويعها، تبعاً للمستجدات، لما أريد، وسوْقها في محمية رغباتي، شهواتي، متعي..قتلها رمزياً على مدار الساعة، وأنا المثاب على ذلك ؟
لن يكون في مقدور الرجل " المسلم " أنى كان موقعه، ومهما كانت صفته الثقافية، أن يؤكد شرف إنسانيته، إلا إذا تحرر من هذه الأوهام التي نصَبته سيداً مطاعاً على المرأة، ونحّى كلياً فكرة النساء اللواتي يخضعن له وفق أحكام الدين، والحور العين اللواتي لولاهن، لما تزلَّف إلى خالقه بالطريقة المعهودة.
لن يكون الحب المشار إليه حباً، إلا إذا حصل الرجل السيد، رب البيت، الفقيه المستبد على براءة ذمته من المرأة التي استبد بها طويلاً، وأخضعها لذكورته أو فحولته، واعترف بها جسداً حياً موازياً لجسده، وربما أكثر أحياناً، وليس الضلع الأعوج الذي يشبه اللاقط الاستخباراتي الذي يتتبع حركة المشدود إليه والتصرف بالجسم الذي علّق فيه.
لا إمكان لحب كهذا أن يتم، دون تفجير سيستام اللغة التي حرّرت ذكورياً، وكانت المرأة المرجع الرئيس في الحالة هذه.
لقد تحدثت من المستحيل وفي المستحيل، وعن المستحيل، وفي ضوء ذلك، يظهر أن المرأة ستعيش حداد روحها إلى أجل غير مسمى، والحب المضحى به هنا، هو شاهد عيان صامت، لكنه بليغ بعلاماته الجارحة التي تقرّبنا مما تقدَّم كثيراً كثيراً.
إنني أتحدث عما هو مقروء وملموس، دون أن أنسى الدعم الحي والمباشر من هاتيك النصوص لمثل هذه الإجراءات، وعبر تجربتي الزوجية التي مضى عليها أكثر من أربعين عاماً، حيث إن حبي الذي أدخِل في مضمار ديني " إسلامي " اعتبرته، وأعتبره اليوم أكثر مما كان بجلاء، أكبر من هذا النوع، الذي يتفقه كتابه، وينظّر له المعنيون به، حتى ممن يتشربون من الحداثة وما بعدها، ويعرَفون بألقاب علمية وفكرية وبحثية، هم محل مديح هنا وهناك، في براعة ما يتحرّون أمر الجاري تاريخياً وواقعياً: جنسانياً، وهم ينقّبون في " مسامات " الجسد العشقي في ديار الإسلام، مستشهدين بتلك القصص والحكايات أو الوقائع التي تشهد على مدى " أصالة " الحب " لدينا " مقارنة بالجاري في عالم " الغرب " خاصة ، تأكيداً على أنهم مستقلون، مميَّزون فيما يعيشونه ويتنفسونه، ولكنهم مثقَلون بمشهديات الجسد " الآخر " وفنونه غربياً .
سأتوقف عن الاسترسال في الكلام، وأتوقف عند قائمة النقاط التي تشير إلى تجربتي الحياتية في الإطار الموسوم:
مازلت أتخيل رجل الدين " الملا، في منطقتنا " وهو يعقد قراننا، بوجود شاهدين، وهو يعوذل ويبسمل بداية، ويؤكد علي فيما كنت أصلي أم لا. دون الصلاة لا قبول بالزواج طبعاً. يعني ذلك أن مجرد تصريحي بأنني أصلي، يجعلني مسلماً، ويحلّل زواجي، دون السؤال عما سأكون عليه مسلكاً، أو علاقة مع من أقترن بها .
هذه النقطة تستدعي في الحال نقطة أخرى، وهي مثل حبات المسبحة، حاملة النقاط كافة، في علاقة الرجل بالمرأة، وهي أن ما تم ويتم من لحظة النفَس الحياتي الأول في جسم الكائن الحي " ألإنسان " حتى مغادرته لجسمه في الموت، والتلقين على القبر، يكون رجل الدين حاضراً، بصورة ما أو بأخرى . وهو يقوم بمهامه بكامل الحماس والشعور بسلطة سيادية لا تُرد .
إنه يدرك، ولو بإيجاز شديد، أن موقعه محمي ميتافيزيقياً. وهنا تتراءى لي المرأة بعيداً عن كل حضور اعتباري لكينونتها. إذ كيف تمثُل أمامي ذات شخصية متميزة، حيث الكون كله، بقواه الخفية، وتراتبياتها، من خالق الكون، مروراً بالملائكة، حتى في حال المنكر والنكير، والقيّمين على الجنة والنار، وانتهاء بمن يعرّفون أنفسهم علماءَ دين وفقهاءه، وهي وسط هذا الجمع الخير، والهيمنة النافذة الأثر سلطوياً بخاصيتها الذكرية، دون وجود ولو عنصر نسائي واحد، ولو من باب التغطية على ما يجري ؟
بالطريقة هذه تولد المرأة، حتى وهي متكونة جنيناً في الرحم، وتكبر ، والقيود تحيط بها داخلاً وخارجاً. أليس لأنها في التصريف التاريخي ومغذياته النصية من " ضلع أعوج "؟ ألا تعامَل هكذا اليوم، لا بل يزداد التضييق عليها، وتسليعها وفق مؤثرات عالم ما بعد الحداثة، وفي ظل المستجدات الالكترونية، أكثر من ذي قبل، لتستمر خاصية الجارية والمحظية والأمة فيها، حتى وإن كانت وزيرة، أو أكبر منها منصباً، غزالة وسط كم هائل من المفترسين الذكور .
كم أرثي زوجتي، كلما أمعنت النظر في النصوص التي دشّ نبها الإسلام، والنصوص التي تم تقعيد الإسلام جنسانياً، والنصوص التي تدخل في فقه العبادات، وأحكام الزواج " الإسلامي السعيد " طبعاً بمسوغات الذكر، لتجد في الجوار نساء يترافق مع تصورات كهذه، شاهدات على مثل هذا الامتياز الاستثنائي في الزواج، دون أن تلام. كيف تلام، وقد أخضِعت لأفانين القول والمراقبة والمعاقبة الجنسانية الذكورية الطابع وجوداً حياً وما بعده على مدى عقود زمنية طوال؟
أرثي زوجتي، ولطالما رثيتها وهي منتمية إلى هذا العالم المحوَّر كثيراً، وأنا أنظر في أمرها، وأتساءل بين الحين والآخر: أي مخيلة ذكورية رهيبة دشّنت خرافة خلق المرأة من ضلع أعوج؟ وأي ضلع تآمري هو هذا الضلع الذي اختيرَ حامل " وصايا " صاحبه في الاستحكام والاستحواذ، ليكون حامل علامة تجنيس أنثوية، وناطقاً بسلطة المنتمي إليه أصلاً ؟
لا شيء يربطني بزوجتي سوى أنني الرجل، رب البيت، السيد المطاع، الآمر الناهي، الناطق بالسلطة التي تجيز لي التصرف بجسدها، والإمضاء عليها كما تمليه عليه شهوتي وصبوتي. إنها ضلعي الذي يجب أن تحمدني عليه ليل نهار، أمانتي العضوية التي يجب عليها الحفاظ عليها، وهي تقيم في طواعيتي، وتقوم على خدمتي، وهي تلبي طلباتي الخاصة متى ما أردت ذلك. ألم يسترسل فقهاء الجنسانية في الإسلام في هذا المنحى، جهة ابتداع لائحة من العلاقات التي تسمي طرق اتصال الرجل بالمرأة " الجسد الموطوء " في المجمل ؟
كيف تكون مثلي قيمة، وشهادتها ناقصة، وإن كانت تبزني بتحصيلها العلمي، وجسدها ناقص، في عقله وقيمتها جهة التعرض للدورة الشهرية " هذه محسوبة عليها، وليس لها "، وتابعة لي بوصفي القيّم عليها قانونياً ؟
كيف تكون حرّة، ذات صفة استقلالية، حيث الرجل الزوج يتزوج عليها بالساعة التي يريد ودون مساءلتها، أو أخْذ رأيها، وينغمر في عالم متعه مع أجساد أخرى خارج نطاق الزوجية، خارج البيت ؟ هلا تصور الرجل " المسلم " ولو للحظة واحدة، أي مشقة روحية سيكابدها، وهو يتخيل زوجته وقد تزوجت عليه؟ أو فكرت ولو عابراً، برجل آخر، وهي تذكره بمديح معين، لتثير جنون ذكورته، واتهامها بالخيانة، وغير ذلك من النعوت التي تبتدعها مخيلته الذكورية ؟
أي عالم هائل زاخر بالأجساد العصية على الوصف، بمأثرتها الإلهية في الجنة، جهة الحور العين، وتكون الزوجة الدنيوية، إذا ما قيّض لها أن تكون من أهل الجنة ، لأن الحديث المسند يقول عن أن أغلب أهل النار من النساء، مع أن مجرد إجراء عملية حسابية بسيطة، تظهر العكس، لحظة النظر في عوالم نساء الجنة وأصنافهن؟
حتى الجنة والنار، عند مكاشفتهما جنسانياً، تحملان اسمين مؤنثين، تعبيراً عن التكاثر، إنما بما يرضي الرجل الذكر طبعاً .
لطالما انشغلت في هذه النقطة المحورية " الجنس في الإسلام " خلاف الذين لا ينفكّون يميّزون هذا الجنس عن سواه في مختلف الأديان والعقائد على أنه فريد من نوعه قيمياً. لا أدري، إلى أي درجة يمكن تقبّل جنس كهذا، وحب كهذا يصلنا به، على أرضية دينية، يكون صاحب العمامة أو اللحية الذكر هو الموجب والمعقّب والمعاقِب ؟
بعيداً عن التذكير بقائمة الكتب التي انشغلت بأفكارها وموضوعاتها المتشابكة والشائكة، تساءلت مراراً، وإلى ساعة كتابة هذه الكلمة، عن حقيقة جسدي، وأي روح تعرّف بي مقارنة بتلك التي خُصَّت بها المرأة: زوجتي أو سواها. كيف يمكن للحب أن يستقيم على أرضية انفجار الشهوات المحتفى بها ذكورياً، وينتشي عرّابو هذا الجنس- الحب، وهم سابحون في استهواءاتهم الجنسانية وسبحانيتها الدينية، مظهرين مدى تفاهة النظير" الغربي "، وهم أنفسهم عالة عليه، وشوق شبقي إلى نساء الغرب وفنون غواياتهن، كما يعلمنا بذلك تاريخ التواصل معه على المستويات كافة ؟
لا شيء يحدد المسافة بيني كجسد حي، والجسد المقابل كجسد مختلف: أنثوي، سوى رجل الدين، نصه الذي يخوّله بذلك، لا شيء يمنحني حرية التعبير عن كوني إنساناً سوياً، ويرتقي بي إلى مستوى الرجل المستقيم الخالي من العقَد الغيبية: الماورائية والمسكون بهاجس أو بدعة " خلافة " الله على الأرض، أنا الذكر دون سواه، وأنا أنظر، أنّى التفت، إلى هؤلاء النساء بمختلف انتماءاتهن، لغاتهن، طبقاتهن، عقائدهن واقعاً، في مصهر رغبات الرجل، وتمثيلها تبعياً. أي عبودية تتملكني في الحالة التاريخية وما قبل الكتابية هذه، وأنا أتنفس بمثل هذه الامتيازات الكونية من أعالي العرش إلى أداني الفرش؟ من كيفية تشغيل ميكانيزم الحواس، وأدوات العقل في التعامل معها، إلى كيفية تطويعها، تبعاً للمستجدات، لما أريد، وسوْقها في محمية رغباتي، شهواتي، متعي..قتلها رمزياً على مدار الساعة، وأنا المثاب على ذلك ؟
لن يكون في مقدور الرجل " المسلم " أنى كان موقعه، ومهما كانت صفته الثقافية، أن يؤكد شرف إنسانيته، إلا إذا تحرر من هذه الأوهام التي نصَبته سيداً مطاعاً على المرأة، ونحّى كلياً فكرة النساء اللواتي يخضعن له وفق أحكام الدين، والحور العين اللواتي لولاهن، لما تزلَّف إلى خالقه بالطريقة المعهودة.
لن يكون الحب المشار إليه حباً، إلا إذا حصل الرجل السيد، رب البيت، الفقيه المستبد على براءة ذمته من المرأة التي استبد بها طويلاً، وأخضعها لذكورته أو فحولته، واعترف بها جسداً حياً موازياً لجسده، وربما أكثر أحياناً، وليس الضلع الأعوج الذي يشبه اللاقط الاستخباراتي الذي يتتبع حركة المشدود إليه والتصرف بالجسم الذي علّق فيه.
لا إمكان لحب كهذا أن يتم، دون تفجير سيستام اللغة التي حرّرت ذكورياً، وكانت المرأة المرجع الرئيس في الحالة هذه.
لقد تحدثت من المستحيل وفي المستحيل، وعن المستحيل، وفي ضوء ذلك، يظهر أن المرأة ستعيش حداد روحها إلى أجل غير مسمى، والحب المضحى به هنا، هو شاهد عيان صامت، لكنه بليغ بعلاماته الجارحة التي تقرّبنا مما تقدَّم كثيراً كثيراً.