من الأدب القضائي كلمة المستشار بهاء المري لقاتل زوجته وأطفاله الثلاثة عند الإحالة للمفتي، وقبل النطق بالحكم

- قال للمتهم عند الإحالة للمفتي:
- لقد جِئْتَ شيئًا إدَّا.
- عَصَفْتَ بالإنسانيةِ في أعزِّ مُقدَّساتها.
- واغْتلتَ الموَدَّةَ والرَّحمةَ غدرَا.
- فلا فضْلَ بَينَكَ وبين زوجِكَ تَذَكَّرتْ.
- ولا الرَّحمةَ التي تتراحمُ بها الخلائقُ؛ حتى الدَّوابْ، عرَفَتْ طريقَها إليكْ.
- ثم قَسَى قلبُكَ من بعدِ ذلك، فقتَلْتَ نفسًا، ثم ثانية، ثم ثالثة، ثم رابعة؛ في آنٍ واحدٍ في مكان واحدْ.
- ومن هُم؟ زوجُكَ وأبناؤكَ، فِلْذاتُ كبِدكَ؛ لو كُنتَ من بَني البَشَرْ!
- إنَّ الدَّابةَ ترفعُ حافرَها عن ولَدِها خَشْيةَ أنْ تُصيبَه، ولكنكَ رَفعْتَ على ولَدِكَ السِّكين، فكانت السكين أرْحَمْ.
- إن المحكمةَ وهي بصددِ المداولةْ، لم تَجدْ مِن سبيلٍ للرَّأفة، ولا مُتَّسعًا للرحمة، فكان اتفاق آراءُ أعضائها على استطلاع رأي فضيلة المُفتي لإصدار حكم بالإعدام.
- وقال قبل النطق بالحكم قال:
- هُناكَ رسالتانِ اقتضَتهُما ظُروفُ هذه القضيةِ الدَّخيلةِ على مُجتمعنا، فالقضاءُ جُزءٌ من كِيانِ هذا المُجتمعِ وضميرُه، يعيشُ آلامَهُ وهُمومَهْ، وأفراحَهُ وأتراحَهْ.
- أمَّا الرسالةُ الأولى: فإلى جُموعِ الناسِ أقول: هذه الجريمة، تَجَسُّسٌ، أثارَ شكًّا، أحَالَ بيتًا إلى مَجْزرٍ نُحِرَتْ في صَحْنهِ الرِّقابْ، فهَلْ من عَودةٍ إلى حَظيرةِ الدِّينِ والإنسانية، ونَبْذِ حَمِيَّةِ الجاهليةِ الأولى؟
- وأمَّا الرسالةُ الثانية: فإلى الدُّعاةِ الثِّقاتِ أقول: أعيدُوا الناسَ للدِّينِ، وأعيدوا الدِّينَ اليُسْرَ لهم.
- اِزرعُوا في عُقولِهم وقُلوبِهم أحكامَهُ القويمة، وتعاليمَهُ السَّمحةَ اليسيرة.
- أنشِئوا عُقولاً جديدة؛ بخطابٍ جديدْ، بفكر جديد، وبلسانٍ جديد.
- عَلِّمُوهم قَوْلَ الحَقِّ في مُحْكَمِ التَّنزيل: ولا تَجَسَّسُوا، وكذلكَ قولَهُ: ولا تَنسَوْا الفَضْلَ بينكم.
- ذكِّرًوهُم بِهَدْي المَبعُوثِ رَحمةً للعالمين ومنهُ: رفقًا بالقَوارير، ومن لا يَرحَمْ لا يُرَحَمْ.
بسم الله الرحمن الرحيم:(إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) صدق الله العظيم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...