ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، في الأيام الماضية، بالحديث عن رحيل الرئيس المصري السابق محمد مرسي، بين مَن يتحسّر على موته، وآخر شامت، وثالث آثر الصمت، لدرجة أصبح معها العقل الجمعي المصري يستدعي مقولة "اذكروا محاسن موتاكم"؛ لمنع الثُكالى والأرامل واليتامى من النحيب والدعاء على مَن تسبّب في قتل ذويهم.
لقد غالى أنصار الرئيس مرسي في رثائهم، فاعتبره البعض شهيدًا، وذهب آخرون إلى إنزاله منزلة الأنبياء والصديقين. وفي مُقابل ذلك، استنكر البعض دعوات الأنصار، مُوضّحين أنّ الدعاء للميّت لن يُغيّر ميزان العدل، وأنّهم بتلك الدعوات يُزايدون على ميزان ربّ العزّة. وقالوا: أنّ الله لا ينتظر دعواتنا بالرحمة لتنفيذها، وهو ما يعني بتعبيرهم: أنّنا في هذه الحال إنّما نُقرّر مصير العباد.
أبعد من ذلك، فقد ذهب العديد من الخصوم، إلى مُطالبة الأنصار بالتأدّب مع الله سبحانه وتعالى والذي من صفاته العدل، مُبرّرين أنّ الله لن يحيده نتائج استطلاع المُترحّمين مُقابل الساخطين، بل وأوضحوا أنّ المُترحّمين، بدعواتهم تلك، قد تفوّقوا على الله في حنانه، وسبقوه في رحمته!
تأسيسًا على ما سبق، ينبثق سؤالنا الرئيس هنا، وهو: هل الترحّم على الميت فيه من انحطاط الأدب مع الله، بل والمُزايدة على الله جلّ شأنه؟
أولًا: تجدر الإشارة إلى أنّ الموت ليس حائلًا دون الخوض في سيرة الجائر بعد رحيله؛ ودليلنا على ذلك إنّما مصدره القرآن نفسه: فلقد توعّد الله سبحانه أبا لهب الذي تطاول على رسولنا الكريم، ومن قبل فرعون الذي طغى وادّعى الألوهية، وقوم لوط وفاحشتهم.. وغير ذلك الكثير، وجعل الله منهم جميعًا آية للعالمين، ولا زلنا نذكر ذلك إلى قيام الساعة.
ثانيًا: فيما يخصّ سؤالنا الرئيس: هل الترحّم على الميت فيه مُزايدة على الله جلّ شأنه؟، فإنّ أفضل مصدر للإجابة إنّما هو القرآن الكريم نفسه. وبالرجوع إليه نجد العديد من أشكال الدعاء للآخر ـ وإن كان مُذنبًا. فقد خاطب الله تعالى رسولنا الكريم، بعدما قصّ عليه ذكر مَن كذّبوا بآيات الله وسخروا من المؤمنين ـ وأمره أن يدعو الله بالمغفرة والرحمة، يقول تعالى: "وقل ربِّ اغفر وارحم وأنت خير الراحمين" (المؤمنون: 118). كذلك، فقد دعا الخليل إبراهيم ـ عليه السلام ـ ربّه ليغفر لأبيه، ولا زلنا نردّد هذا الدعاء إلى يوم الدين، يقول تعالى: "واغفر لأبي إنّه كان من الضّالين" (الشعراء: 86)، وقوله تعالى: "ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب" (إبراهيم: 41).
ختامًا نقول: صحيح أنّه لدينا ضحايا ومُصابين بسبب جماعة الإخوان وعلى رأسهم الرئيس مرسي، لدينا أرامل، ثُكالى، أيتام... ولكن، هذا ليس بمُبرّر أن يتلاعب البعض ـ مِمّن نتوسّم فيهم الحكمة، بالعقل الجمعي، من خلال بثّ خطاب ديني لا يمتّ لصحيح الدين بشيء.
إنّ الدعاء بالمغفرة للميت، قريبًا كان أو غريبًا، مُذنبًا عاصيّا أو حتى ضالًّا مُلحدًا، ليس فيه من التطاول أو المُزايدة على الله تعالى، كما أنّه لا يحتوي على انحطاط أخلاقي مع الله، وليس فيه تفوّق على الله ـ جلّ شأنه ـ في الحنان، ولا سبقٌ في الرحمة..
لقد غالى أنصار الرئيس مرسي في رثائهم، فاعتبره البعض شهيدًا، وذهب آخرون إلى إنزاله منزلة الأنبياء والصديقين. وفي مُقابل ذلك، استنكر البعض دعوات الأنصار، مُوضّحين أنّ الدعاء للميّت لن يُغيّر ميزان العدل، وأنّهم بتلك الدعوات يُزايدون على ميزان ربّ العزّة. وقالوا: أنّ الله لا ينتظر دعواتنا بالرحمة لتنفيذها، وهو ما يعني بتعبيرهم: أنّنا في هذه الحال إنّما نُقرّر مصير العباد.
أبعد من ذلك، فقد ذهب العديد من الخصوم، إلى مُطالبة الأنصار بالتأدّب مع الله سبحانه وتعالى والذي من صفاته العدل، مُبرّرين أنّ الله لن يحيده نتائج استطلاع المُترحّمين مُقابل الساخطين، بل وأوضحوا أنّ المُترحّمين، بدعواتهم تلك، قد تفوّقوا على الله في حنانه، وسبقوه في رحمته!
تأسيسًا على ما سبق، ينبثق سؤالنا الرئيس هنا، وهو: هل الترحّم على الميت فيه من انحطاط الأدب مع الله، بل والمُزايدة على الله جلّ شأنه؟
أولًا: تجدر الإشارة إلى أنّ الموت ليس حائلًا دون الخوض في سيرة الجائر بعد رحيله؛ ودليلنا على ذلك إنّما مصدره القرآن نفسه: فلقد توعّد الله سبحانه أبا لهب الذي تطاول على رسولنا الكريم، ومن قبل فرعون الذي طغى وادّعى الألوهية، وقوم لوط وفاحشتهم.. وغير ذلك الكثير، وجعل الله منهم جميعًا آية للعالمين، ولا زلنا نذكر ذلك إلى قيام الساعة.
ثانيًا: فيما يخصّ سؤالنا الرئيس: هل الترحّم على الميت فيه مُزايدة على الله جلّ شأنه؟، فإنّ أفضل مصدر للإجابة إنّما هو القرآن الكريم نفسه. وبالرجوع إليه نجد العديد من أشكال الدعاء للآخر ـ وإن كان مُذنبًا. فقد خاطب الله تعالى رسولنا الكريم، بعدما قصّ عليه ذكر مَن كذّبوا بآيات الله وسخروا من المؤمنين ـ وأمره أن يدعو الله بالمغفرة والرحمة، يقول تعالى: "وقل ربِّ اغفر وارحم وأنت خير الراحمين" (المؤمنون: 118). كذلك، فقد دعا الخليل إبراهيم ـ عليه السلام ـ ربّه ليغفر لأبيه، ولا زلنا نردّد هذا الدعاء إلى يوم الدين، يقول تعالى: "واغفر لأبي إنّه كان من الضّالين" (الشعراء: 86)، وقوله تعالى: "ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب" (إبراهيم: 41).
ختامًا نقول: صحيح أنّه لدينا ضحايا ومُصابين بسبب جماعة الإخوان وعلى رأسهم الرئيس مرسي، لدينا أرامل، ثُكالى، أيتام... ولكن، هذا ليس بمُبرّر أن يتلاعب البعض ـ مِمّن نتوسّم فيهم الحكمة، بالعقل الجمعي، من خلال بثّ خطاب ديني لا يمتّ لصحيح الدين بشيء.
إنّ الدعاء بالمغفرة للميت، قريبًا كان أو غريبًا، مُذنبًا عاصيّا أو حتى ضالًّا مُلحدًا، ليس فيه من التطاول أو المُزايدة على الله تعالى، كما أنّه لا يحتوي على انحطاط أخلاقي مع الله، وليس فيه تفوّق على الله ـ جلّ شأنه ـ في الحنان، ولا سبقٌ في الرحمة..
محمد عرفات حجازي - الدعاء للميت: مُزايدة على الله؟
محمد عرفات حجازي - الدعاء للميت: مُزايدة على الله؟
www.ahewar.org