ياسين الخراساني - نبات القيامة

النبات الأول

أَتَريَّثُ في نَزْعِ شوكةِ حُزنٍ مِن الرِّجْلِ،
كان لها -رُبّما- في الكتابِ احْتمالٌ بِوَخْزِ الصغيرِ،
فَشَمَّرَ عَطْفُ السماء مُشيرًا إلى قَدَمِي،
رُبّما إن أَشَحْتُ بِرِجْلي وألقَيْتُها في حَظيرةِ ماضٍ
نَدِمْتُ على آخر الذكرياتِ
لِمشْيِ الحُفاةِ …
أكانت تُميطُ الأذى عنْ طريقي بِجُرح النّزيفِ الخفيفِ،
فعُدْت سريعًا أُضَمِّضُ قلبي وأسأله الصّفحَ
عنْ خَطْوةٍ خاطئةْ ...
أو تَعَلَّق إسمي بِها
في صحائفَ أو سِدْرة المُنتهى
إن غَسَلْتُ الدّماءَ مَحَوْتُ حُروفي وأغْضبتُها...
أعرف الوخْزَ يُنسى كما ألم الطّلْقِ
أعرفُ كيف مَشَيْتُ على الماءِ
كي أَلحَقَ السّيد المُتَكَلِّلَ تاجَ الحِرابِ:
"إذا سِرْتَ فوق البُحيْرةِ
عافَكَ شوْكُ الحقيقةِ
إنْ شِئْتَ ألاّ تَرَى
فامْتطِ الماءَ
إن شئتَ ألاّ تَرَى …"
**

النبات الثاني

لهذا النهار سماءٌ كغيرِ السماءِ
يطول المُكوث على صدر نافذةٍ
آملا بالهواء النقيّ ولا يدخل الأنفَ
ما يملأ الروحَ من شَهقةِ الإنعتاقِ
هو اليومُ في شُحّ عُمْرٍ
يَجودُ فُتاتا لنحلم بالخُبزِ
يُشعل ضوء النجوم
لنأمل جَنّتنا في بَهاءِ النهايةِ …
لكنّه هامسٌ بالحقيقةِ
مثل الرّؤى في ليالِ النبيِّ،
بطيءُ العبارةِ،
يحمل زادَ الحياةِ،
بلون الرمادِ
وطَعم دموع اللّحاءِ بعيدا عن الجِذْعِ،
يمشي الهُوينى إلى جِهة الموتِ،
مُستسلمٌ للقيامةِ:
[لي في السماءِ صديقٌ يُزَيِّن لي بَرْزخي بالزهورِ]
هنا لي وِثاقٌ مع الأرض:
"سوف تسير عَليَّ بثِقل الحياةِ
وأُوصل طَيفَك أسرع من لمْحِ طَرْفِي
فلا تلتفتْ للوراءِ المُراهِن بالعَثراتِ
فأنتَ لِضوء النهار وسُرعة رَعْدي …"
أُهيّئ لليوم صدري وسادةَ حلمٍ
ولا أختفي …
هادئاً عند رأسي أُحاول كنْسَ الغبار
وإرشاد وهْمٍ إلى أجمل اللحظاتِ:
[هنا كان أيّوب يشْحذُ صبرًا بِجذْم العيون و يُبصرُ]
كان السلامُ هواءً لمن لا هواءَ له
كان يومًا تَشَجَّر في القلب فاخْضَرَّ حائطه
وكتبتُ عليه:
سأَلْقى الحقيقةَ في كامل الإنشِراحِ
أَشُمُّ زهور البرازخ
أُلْقِي هواءً نقياً إلى دفْتري،
تَسْتحِّق الأغاني فضاءً
وما لم تجدْ رِئتي
في نهارٍ
يَلُوكُ نبات القيامةْ
**

النبات الثالث

كان أيلول حاملَ عُمْري إلى أَوْجِهِ،
كسْتناءٌ وخُشْفٌ يُحيطان قَلْبَ التّرابِ،
ولوْن الشّجيراتِ من ريشَة الشّمسِ،
ألمحُ ضوءً خِلالَ الوُريْقاتِ ...
هل هو ماءٌ تَسَلَّلَ في اللّيلِ نحْو الأعالي؟
أكانَ لُهاثَ الملائكةِ الحاملينَ إلى الله
أثقالَ وِزْرِ العِباد
قُلْتُ للكستناء تَمَهَّل بِفِعْل السّكونِ لِأَلْحَقَ بي،
كان أيلول مُرْشِدَ من ضَلَّ عن نَفْسِه نحْو بابِ القِيامةِ،
أمَّا أنا .. كانَ لي أَمَلٌ فِي حِياكَةِ ثَوْبِ الأساطير،
أَقْطِفُ مِن بَتَلَاتِ الزّهورِ احْتمالينِ:
أمضي إلى أَبَدٍ واضحٍ ؟
أم أَظَلُّ هُنا
كي أُشَذِّبَ غُصْنَ النباتْ … ؟
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...