يعبر المجال السياسي في الجزائر منذ بداية الحراك الشعبي والى يومنا هذا، على حالة من الانسداد والاحتقان سببها الأول هو انغلاق التوجه السائد للسياسة، حيث أصبح كل الساسة محسوبين على النظام السابق بما فيهم أحزاب الموالاة، وبعض النقابات، والمنظمات والتنظيمات الطلابية التي كانت تركز وتخدم النظام السابق في كل توجهاته بالاسم الشعب، لكن الحراك كشف خفاياها، ومصالحها الخاصة والضيقة، مما ارغم هذه الفئة علي ركوب الحراك، وتغيير توجهاتها بشكل غير مسبوق، لكي تغطي علي ما سبقها من ولاءات لأشخاص كانوا يعملون علي نهب البلاد، والذهاب بها إلى خندق الهشاشة، والانحطاط والتفكك.
ان السياسة في الجزائر لم تكن تركز على مبدأ الأحقية والأسبقية بل كانت تركز على التوجهات والأيديولوجيات والتبعية المرنة، حيث كانت السياسة منبثقة على الإملاءات والمشروطية، وكان منبعها “تكلم بهدوء وأحمل معك عصا غليظة”،فأصحاب القرار لم يكون يطبقون ما يرونه أصلح وأحسن بل كانوا يعملون بما يملي عليهم من طرف جهات تعمل للصالح الخاص، دون الصالح العام.
إن بداية الحراك في الجزائر أفرزت خطابات ركيكة إستخدمها النظام السابق من أجل تبرير أفعاله، وهذا خير دليل على ان النظام لم تكن له استراتيجية لتسيير الأزمات وإدارتها، بل كانت له برامج من اجل نهب المال، وتبديده، وإعطاء الامتيازات دون وجه حق لاناس لا هم لهم سوى ملئ جيوبهم وبطونهم وخدمة حلفائهم.
إن تدخل المؤسسة العسكرية في الساحة السياسية دليل على أن السياسة في الجزائر أصبحت في حالة انسداد، وأصبحت القوة الصلبة هي من تدير الأزمة على أساس الثقة المتبادلة بين المؤسسة العسكرية والشعب، وهذا خير دليل علي ان الشعب اصبح لا يثق في وعود الاحزاب والسياسيين، بل اصبح يراهم علي شاكلة العملة الواحدة.
إن المبادرات التي قدمتها المؤسسة العسكرية والى يومنا والتي لاقت قبولا كثيرا من طرف الأغلبية الغالبة للشعب، دليل قاطع علي ان جعبة السياسي في الجزائر أصبحت غير نافعة وأصبحت الثقة منعدمة وإلى حد بعيد.
ان قرارات المؤسسة العسكرية واقتراحاتها والتي كانت على شكل مقاربة المنفعة والاكراه كانت ولا زالت هي الدليل على أن السياسة في الجزائر قد شهدت وتشهد الفشل الذريع والسريع، وهو ما جعل الفرد في الجزائر لا يثق في الأحزاب والساسة وجعل مبدأ عدم الثقة بين الحاكم والمحكوم فالمؤسسة العسكرية أعادت وفي محاولة لبناء السياسة من جديد، بطريقة عصرية تتمثل في الحوار وتقريب وجهات النظر، بين الشعب والطبقة السياسية فمقاربة المؤسسة العسكرية هي مقاربة توافقية بشق لين ومتين، يعتمد علي الحوار والنقاش، بعيداً عن التفاوض والجدال. اساسها التنازلات، والقاسم المشترك هو الوطن، هدفها النهوض بالجزائر من جديد.
أما الدستور في الجزائر فقد خضع إلى عدة تعديلات كلها وجلها تعمل لصالح أطراف النظام السابق سواءا في الداخل او الخارج، مما ادي بالتنديد إلى تعطيل هذا الدستور من طرف الشعب، فالشعب يدرك جيدا ضعف الدستور في الجزائر ومدى تناقضه، لكن الشعب لا يدرك ان الدستور وفي الوقت الراهن ومهما كانت نقائصه، فهو الحامي الوحيد للدولة والشعب، فتعطيل الدستور أمر سهل، ولكن عواقبه قد تؤدي الي تعطيل المؤسسات وبالتالي الذهاب الي فوضي سياسية اجتماعية اقتصادية لاتعود علي الوطن والشعب بالخير، بل تعود عليهم بتبعية مستقبلية ودستور مفروض من طرف الفواعل الخارجية بدعوى السلم والأمن، فالدستور في الجزائر ورغم هشاشته الا انه الرادع الوحيد للقوي الخارجية واولها فرنسا، وهو الواقي الوحيد من اجل المرور السلس والتحول الديمقراطي المتين للسياسة في الجزائر، فتمسك المؤسسة العسكرية بالدستور والحلول الدستورية هو خير دليل على ان الجزائر مستهدفة خارجيا، وانه لامجال الي المراحل الانتقالية في الجزائر ولا حلول الا بالذهاب الي انتخابات، فالدستور بالنسبة الي الجزائر هو الثوب الساتر لها ومهما طعنا في مصداقيته لكنه يبقى الستار الذي يغطي مصلحة السيادة والشعب في الجزائر،
أن المؤسسة العسكرية وقراراتها المتتالية والتي تنبثق من الدستور، تعي جيدا ان هذا الدستور هو الواقي الوحيد من التدخلات الخارجية وكذلك الرادع لعملاء الداخل، فالجزائر لها أعدائها الذين يتربصون بها، فعصر العولمة جعل الدول عبارة عن قرية صغيرة، وجعل الدول تعيش حالة من التبادل والاعتماد المتبادل والذي يؤدي إلى التداخل في المصالح والاستثمارات، وكذلك من الناحية الامنية او ما يعرف بالمركبات الاقليمية للامن، فامن الجزائر من أمن جيرانها والعكس صحيح، وكذلك الامن القومي أو الوطني والذي يعتبر الركيزة الأساسية لأي دولة، فتهديد الأمن القومي للجزائر هو الذهاب بها الي دوامة الحرب والخراب، فالحراك خرج من أجل البناء وليس من أجل الهدم، فالدستور وما فيه من نقائص وتناقضات، وهشاشة، خير للامة الجزائرية من دوامة الحرب والخراب، والتي لا تخدم الجزائر ولا الشعب، فتغيير الدستور يحتاج الي رئيس جمهورية جديد هو من يناقش النقائص بالكيفية والأدوات، فتعطيل الدستور في الجزائر لا يخدم الحراك ولا الشعب بقدر ما يخدم النظام السابق واللوبيات الاجنبية وزعماء التبعية، او مايعرف” بحراس التخلف ”
فالثبات في نسق الدستور سيأخذ الجزائر الي شاطئ الحرية وبشكل تدريجي ، فالدستور عبارة عن ثوب نأخذه على مقاساتنا للخروج من الازمة الراهنة، ولا يكون هذا الخروج بشكل عاجل وسريع بل يستلزم منا الصبر والتعقل وضبط النفس، ولنا في استقالة رئيس البرلمان عبرة، فاستقالته كانت بطريقة دستورية دون الخروج عن القوانين، وضوابط الدستور وهي الآن تخدم مصالح الشعب والحراك بطريقة دستورية وقانونية، وهكذا سيكون الدور على كل شخصيات النظام السابق واحدا تلوى الاخر وبشكل دستوري ومقنن، فضوابط الثبات في الدستور الجزائري وفي الوقت الراهن تحتاج إلى الصبر، وعدم الاستسلام للنرجسيات والعنتريات التي لا تخدم الشعب ولا الجزائر، واما محاور التغيير في السياسة فقد ظهرت بوادرها منذ بداية الحراك وذلك علي الصعيد السلطوي نلاحظ ان حكومة تصريف الاعمال كلها وجلها كانت من فئة الشاب، كذلك على صعيد الأحزاب فقد غيرت الأحزاب استراتيجيتها وابقت على أهدافها وهو الوصول إلى السلطة، كما لاحظنا الغياب التام للمبادرات الحزبية علي الساحة السياسية، وهذا يعود الى عدم الثقة بين الشعب وهذه الاحزاب، كذلك التغيير شمل ايضا القوي الصلبة مثل المؤسسة العسكرية في الجزائر على غرار المؤسسات العسكرية الأخرى، فالمؤسسة العسكرية في الجزائر قد حاولت اظهار الجانب اللين للشعب، مما يدل علي ان مؤسسة الجيش في الجزائر اصبحت مؤسسة عصرية، تحوي في داخلها جيش محترف قوامه الوطنية ومبادئه نوفمبر، وهدفه حماية الجزائر والشعب.
فالتغيير في الجزائر اظهر بوادره،غير أن الشعب مازال في حيرة من أمره هل هو حلم تحقق، ام هي ثورة مضادة تحدث من نظام لا يريد تفتيت نفسه بنفسه بهذه السهولة، فالقاعدة السياسية تقول عدو اليوم هو صديق الغد والعكس صحيح، كذلك القاعدة الثانية والتي تقول المسدس في يد الصديق ليست له خطورة مثل المسدس في يد العدو، فالسيادة والسياسة هي القيام على الشئ بما يصلحه.
فالنظام السياسي السابق هو نظام فشل فشلا ذريعا، أدى به إلى السقوط في نفق الانسداد، والتراكمية، فالنظام الذي يعتمد على البرنامج والسداسي والثلاثي هو نظام قد وضع لبنات وفاته ولعقد من الزمن، فالسياسة منذ القدم تكون للأصلح والأقدر والانجح، لكن في حالة الجزائر وجب على الشعب مرافقة جميع القرارات ومتابعتها، من خلال التعقل وضبط النفس، وكذلك التحليل الذي يعتمد على العقل والموضوعية.
فالاحتكام والالتفاف الشعبي الان وفي الوقت الراهن بالمؤسسة العسكرية هو ليس عمالة كما يدعي البعض لان وطنية الجيش لا يمكن التشكيك فيها ومهما كان، بل من اجل الضغط عليها وتحفيزها علي السهر وتطبيق مطالب الشعب بشكل دستوري وشرعي،كذلك من اجل دعم المؤسسة وتعزيز قوتها ومتانتها أمام الرأي العام الخارجي، فالرئيس القادم سيكون بمحور من محاور الديمقراطية وهي الانتخابات، وستكون مفتوحة أمام كل الشرائح والشخصيات، فالشعب هو السيد وهو مصدر هذه السلطة وهي الانتخابات ، لذي فالتخوين لا يخدم لا الشعب ولا الجزائر ولا الجيش، فالجزائر حرة بشعبها وجيشها ومؤسساتها ومخرجات الانتخابات ستكون لخدمة الجزائر شعبا وسيادتها وجيشا فالجزائر فوق كل اعتبار وفوق كل مصلحة وفوق كل توجه بثوابتها وشعبها. كما ان التعديل التدريجي سيكون لصالح الشعب، فالنظام الذي تغلغل لمدة عشرون سنة، لا نستطيع اخماد ناره بين ليلة وضحاها، لذي فالتسرع لايخدم الشعب ولا الدولة في الوقت الراهن، انما يرفع الدول هو التعقل وضبط النفس في اوقات الأزمات، وكما قال تعالي ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلً).
فالدولة في مفهومها دائمة التوتر وقليلة الاستقرار، وهذا يعود الي العامل البنيوي للأفراد و المجتمع بكامل أطيافه ومكوناته، فمهما كانت مقومات وصلابة الدولة الا انها دائما تخضع للأزمات، فالتكيف هو العنصر الرابع من اركان الدولة العصرية وهناك من يرجحه بأنه أهم عنصر في أركان الدولة ، لذي وجب علينا ان نتكيف مع الأوضاع سواء بالإيجاب أو السلب.
إن التغيير الذي تريده بعض الأطياف والتي ترى في أن التغيير يجب ان يكون كاملا وشاملا وسريع، هو ما يجعل الفرص أمام النظام القديم لكي يعيد نفسه من جديد،
فالتغيير يجب ان يكون كاملا وشاملا هذا أمر صحيح، لكن يجب التدرج في هذا التغيير، ويجب مراعاة عامل الوقت، لان كلما تدرجنا ظهرت لنا أنياب النظام المخفية، اما اذا تسرعنا فانها لن تظهر، بل ستحاول الاختفاء وجمع قواها من جديد.على شكل “ثورة مضادة ”
فالتريث والتعقل وضبط النفس أمور يجب المحافظة عليها، في حلحلة الأزمات وخاصة ازمة الجزائر، التي تعد معقدة الي ابعد الحدود.
فالمقاربة التي اقترحها رئيس الدولة، لها ابعاد ايجابية علي الحراك والشعب ومنها :
-الدعوة الي حوار شامل.
-حرمان النظام والحكومة والإدارة من الحوار.
-تحييد مؤسسات الدولة بما فيهم المؤسسة العسكرية.
-مطالبة جميع الاطراف والاطياف بالمشاركة.
-دعم الحوار من طرف شخصيات وطنية.
فنحن نحلل القرارات، ولا نتكهن بالنوايا، فالحوار هو بناء الثقة من جديد، والانتقال من التنظير الي التطبيق، فالحوار هو المسلك والنهج الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، وهو أنجح السبل والطرق العصرية لإغلاق الأزمة، والخروج بالبلاد الي بر الأمان، فالجزائر فوق كل اعتبار
كتب ونشر هذا المقال مع بداية الحراك ،وقد أعيد نشره الان بنفس الكلمات والالفاظ
ان السياسة في الجزائر لم تكن تركز على مبدأ الأحقية والأسبقية بل كانت تركز على التوجهات والأيديولوجيات والتبعية المرنة، حيث كانت السياسة منبثقة على الإملاءات والمشروطية، وكان منبعها “تكلم بهدوء وأحمل معك عصا غليظة”،فأصحاب القرار لم يكون يطبقون ما يرونه أصلح وأحسن بل كانوا يعملون بما يملي عليهم من طرف جهات تعمل للصالح الخاص، دون الصالح العام.
إن بداية الحراك في الجزائر أفرزت خطابات ركيكة إستخدمها النظام السابق من أجل تبرير أفعاله، وهذا خير دليل على ان النظام لم تكن له استراتيجية لتسيير الأزمات وإدارتها، بل كانت له برامج من اجل نهب المال، وتبديده، وإعطاء الامتيازات دون وجه حق لاناس لا هم لهم سوى ملئ جيوبهم وبطونهم وخدمة حلفائهم.
إن تدخل المؤسسة العسكرية في الساحة السياسية دليل على أن السياسة في الجزائر أصبحت في حالة انسداد، وأصبحت القوة الصلبة هي من تدير الأزمة على أساس الثقة المتبادلة بين المؤسسة العسكرية والشعب، وهذا خير دليل علي ان الشعب اصبح لا يثق في وعود الاحزاب والسياسيين، بل اصبح يراهم علي شاكلة العملة الواحدة.
إن المبادرات التي قدمتها المؤسسة العسكرية والى يومنا والتي لاقت قبولا كثيرا من طرف الأغلبية الغالبة للشعب، دليل قاطع علي ان جعبة السياسي في الجزائر أصبحت غير نافعة وأصبحت الثقة منعدمة وإلى حد بعيد.
ان قرارات المؤسسة العسكرية واقتراحاتها والتي كانت على شكل مقاربة المنفعة والاكراه كانت ولا زالت هي الدليل على أن السياسة في الجزائر قد شهدت وتشهد الفشل الذريع والسريع، وهو ما جعل الفرد في الجزائر لا يثق في الأحزاب والساسة وجعل مبدأ عدم الثقة بين الحاكم والمحكوم فالمؤسسة العسكرية أعادت وفي محاولة لبناء السياسة من جديد، بطريقة عصرية تتمثل في الحوار وتقريب وجهات النظر، بين الشعب والطبقة السياسية فمقاربة المؤسسة العسكرية هي مقاربة توافقية بشق لين ومتين، يعتمد علي الحوار والنقاش، بعيداً عن التفاوض والجدال. اساسها التنازلات، والقاسم المشترك هو الوطن، هدفها النهوض بالجزائر من جديد.
أما الدستور في الجزائر فقد خضع إلى عدة تعديلات كلها وجلها تعمل لصالح أطراف النظام السابق سواءا في الداخل او الخارج، مما ادي بالتنديد إلى تعطيل هذا الدستور من طرف الشعب، فالشعب يدرك جيدا ضعف الدستور في الجزائر ومدى تناقضه، لكن الشعب لا يدرك ان الدستور وفي الوقت الراهن ومهما كانت نقائصه، فهو الحامي الوحيد للدولة والشعب، فتعطيل الدستور أمر سهل، ولكن عواقبه قد تؤدي الي تعطيل المؤسسات وبالتالي الذهاب الي فوضي سياسية اجتماعية اقتصادية لاتعود علي الوطن والشعب بالخير، بل تعود عليهم بتبعية مستقبلية ودستور مفروض من طرف الفواعل الخارجية بدعوى السلم والأمن، فالدستور في الجزائر ورغم هشاشته الا انه الرادع الوحيد للقوي الخارجية واولها فرنسا، وهو الواقي الوحيد من اجل المرور السلس والتحول الديمقراطي المتين للسياسة في الجزائر، فتمسك المؤسسة العسكرية بالدستور والحلول الدستورية هو خير دليل على ان الجزائر مستهدفة خارجيا، وانه لامجال الي المراحل الانتقالية في الجزائر ولا حلول الا بالذهاب الي انتخابات، فالدستور بالنسبة الي الجزائر هو الثوب الساتر لها ومهما طعنا في مصداقيته لكنه يبقى الستار الذي يغطي مصلحة السيادة والشعب في الجزائر،
أن المؤسسة العسكرية وقراراتها المتتالية والتي تنبثق من الدستور، تعي جيدا ان هذا الدستور هو الواقي الوحيد من التدخلات الخارجية وكذلك الرادع لعملاء الداخل، فالجزائر لها أعدائها الذين يتربصون بها، فعصر العولمة جعل الدول عبارة عن قرية صغيرة، وجعل الدول تعيش حالة من التبادل والاعتماد المتبادل والذي يؤدي إلى التداخل في المصالح والاستثمارات، وكذلك من الناحية الامنية او ما يعرف بالمركبات الاقليمية للامن، فامن الجزائر من أمن جيرانها والعكس صحيح، وكذلك الامن القومي أو الوطني والذي يعتبر الركيزة الأساسية لأي دولة، فتهديد الأمن القومي للجزائر هو الذهاب بها الي دوامة الحرب والخراب، فالحراك خرج من أجل البناء وليس من أجل الهدم، فالدستور وما فيه من نقائص وتناقضات، وهشاشة، خير للامة الجزائرية من دوامة الحرب والخراب، والتي لا تخدم الجزائر ولا الشعب، فتغيير الدستور يحتاج الي رئيس جمهورية جديد هو من يناقش النقائص بالكيفية والأدوات، فتعطيل الدستور في الجزائر لا يخدم الحراك ولا الشعب بقدر ما يخدم النظام السابق واللوبيات الاجنبية وزعماء التبعية، او مايعرف” بحراس التخلف ”
فالثبات في نسق الدستور سيأخذ الجزائر الي شاطئ الحرية وبشكل تدريجي ، فالدستور عبارة عن ثوب نأخذه على مقاساتنا للخروج من الازمة الراهنة، ولا يكون هذا الخروج بشكل عاجل وسريع بل يستلزم منا الصبر والتعقل وضبط النفس، ولنا في استقالة رئيس البرلمان عبرة، فاستقالته كانت بطريقة دستورية دون الخروج عن القوانين، وضوابط الدستور وهي الآن تخدم مصالح الشعب والحراك بطريقة دستورية وقانونية، وهكذا سيكون الدور على كل شخصيات النظام السابق واحدا تلوى الاخر وبشكل دستوري ومقنن، فضوابط الثبات في الدستور الجزائري وفي الوقت الراهن تحتاج إلى الصبر، وعدم الاستسلام للنرجسيات والعنتريات التي لا تخدم الشعب ولا الجزائر، واما محاور التغيير في السياسة فقد ظهرت بوادرها منذ بداية الحراك وذلك علي الصعيد السلطوي نلاحظ ان حكومة تصريف الاعمال كلها وجلها كانت من فئة الشاب، كذلك على صعيد الأحزاب فقد غيرت الأحزاب استراتيجيتها وابقت على أهدافها وهو الوصول إلى السلطة، كما لاحظنا الغياب التام للمبادرات الحزبية علي الساحة السياسية، وهذا يعود الى عدم الثقة بين الشعب وهذه الاحزاب، كذلك التغيير شمل ايضا القوي الصلبة مثل المؤسسة العسكرية في الجزائر على غرار المؤسسات العسكرية الأخرى، فالمؤسسة العسكرية في الجزائر قد حاولت اظهار الجانب اللين للشعب، مما يدل علي ان مؤسسة الجيش في الجزائر اصبحت مؤسسة عصرية، تحوي في داخلها جيش محترف قوامه الوطنية ومبادئه نوفمبر، وهدفه حماية الجزائر والشعب.
فالتغيير في الجزائر اظهر بوادره،غير أن الشعب مازال في حيرة من أمره هل هو حلم تحقق، ام هي ثورة مضادة تحدث من نظام لا يريد تفتيت نفسه بنفسه بهذه السهولة، فالقاعدة السياسية تقول عدو اليوم هو صديق الغد والعكس صحيح، كذلك القاعدة الثانية والتي تقول المسدس في يد الصديق ليست له خطورة مثل المسدس في يد العدو، فالسيادة والسياسة هي القيام على الشئ بما يصلحه.
فالنظام السياسي السابق هو نظام فشل فشلا ذريعا، أدى به إلى السقوط في نفق الانسداد، والتراكمية، فالنظام الذي يعتمد على البرنامج والسداسي والثلاثي هو نظام قد وضع لبنات وفاته ولعقد من الزمن، فالسياسة منذ القدم تكون للأصلح والأقدر والانجح، لكن في حالة الجزائر وجب على الشعب مرافقة جميع القرارات ومتابعتها، من خلال التعقل وضبط النفس، وكذلك التحليل الذي يعتمد على العقل والموضوعية.
فالاحتكام والالتفاف الشعبي الان وفي الوقت الراهن بالمؤسسة العسكرية هو ليس عمالة كما يدعي البعض لان وطنية الجيش لا يمكن التشكيك فيها ومهما كان، بل من اجل الضغط عليها وتحفيزها علي السهر وتطبيق مطالب الشعب بشكل دستوري وشرعي،كذلك من اجل دعم المؤسسة وتعزيز قوتها ومتانتها أمام الرأي العام الخارجي، فالرئيس القادم سيكون بمحور من محاور الديمقراطية وهي الانتخابات، وستكون مفتوحة أمام كل الشرائح والشخصيات، فالشعب هو السيد وهو مصدر هذه السلطة وهي الانتخابات ، لذي فالتخوين لا يخدم لا الشعب ولا الجزائر ولا الجيش، فالجزائر حرة بشعبها وجيشها ومؤسساتها ومخرجات الانتخابات ستكون لخدمة الجزائر شعبا وسيادتها وجيشا فالجزائر فوق كل اعتبار وفوق كل مصلحة وفوق كل توجه بثوابتها وشعبها. كما ان التعديل التدريجي سيكون لصالح الشعب، فالنظام الذي تغلغل لمدة عشرون سنة، لا نستطيع اخماد ناره بين ليلة وضحاها، لذي فالتسرع لايخدم الشعب ولا الدولة في الوقت الراهن، انما يرفع الدول هو التعقل وضبط النفس في اوقات الأزمات، وكما قال تعالي ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلً).
فالدولة في مفهومها دائمة التوتر وقليلة الاستقرار، وهذا يعود الي العامل البنيوي للأفراد و المجتمع بكامل أطيافه ومكوناته، فمهما كانت مقومات وصلابة الدولة الا انها دائما تخضع للأزمات، فالتكيف هو العنصر الرابع من اركان الدولة العصرية وهناك من يرجحه بأنه أهم عنصر في أركان الدولة ، لذي وجب علينا ان نتكيف مع الأوضاع سواء بالإيجاب أو السلب.
إن التغيير الذي تريده بعض الأطياف والتي ترى في أن التغيير يجب ان يكون كاملا وشاملا وسريع، هو ما يجعل الفرص أمام النظام القديم لكي يعيد نفسه من جديد،
فالتغيير يجب ان يكون كاملا وشاملا هذا أمر صحيح، لكن يجب التدرج في هذا التغيير، ويجب مراعاة عامل الوقت، لان كلما تدرجنا ظهرت لنا أنياب النظام المخفية، اما اذا تسرعنا فانها لن تظهر، بل ستحاول الاختفاء وجمع قواها من جديد.على شكل “ثورة مضادة ”
فالتريث والتعقل وضبط النفس أمور يجب المحافظة عليها، في حلحلة الأزمات وخاصة ازمة الجزائر، التي تعد معقدة الي ابعد الحدود.
فالمقاربة التي اقترحها رئيس الدولة، لها ابعاد ايجابية علي الحراك والشعب ومنها :
-الدعوة الي حوار شامل.
-حرمان النظام والحكومة والإدارة من الحوار.
-تحييد مؤسسات الدولة بما فيهم المؤسسة العسكرية.
-مطالبة جميع الاطراف والاطياف بالمشاركة.
-دعم الحوار من طرف شخصيات وطنية.
فنحن نحلل القرارات، ولا نتكهن بالنوايا، فالحوار هو بناء الثقة من جديد، والانتقال من التنظير الي التطبيق، فالحوار هو المسلك والنهج الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، وهو أنجح السبل والطرق العصرية لإغلاق الأزمة، والخروج بالبلاد الي بر الأمان، فالجزائر فوق كل اعتبار
كتب ونشر هذا المقال مع بداية الحراك ،وقد أعيد نشره الان بنفس الكلمات والالفاظ