لم تمر سنة على دخول الوباء إلى البلاد، والسلطة المغربية لا زالت تقرع بعزم في كل يوم أبواب البنوك الدائنة طلبا لدين جديد شأنها شأن المدمن على الكوكايين. سار حجم الديون يتدحرج ككرة ثلجية تكبر وتكبر بلا نهاية. أصبحت البلاد الآن دائنة بأضعاف مضاعفة مما حصلت عليه من ديون. الدين القديم يلد دينا جديدا في متواليات حسابية يعرف سرها فقط المانحين الكبار في الخارج ومرؤوسيهم في الداخل.
الدائنين الكبار يؤمنون بان الطبيعة قد خلقت دولا قوية وكبيرة، ودولا صغيرة وفقيرة. ولا يمكن لآليات القروض ان تعاكس هذا "القانون الطبيعي". اما الادعاء بان تمويل "المشاريع المحلية" في البلدان الصغيرة والفقيرة، يجب ان تتمتع بنفس الحقوق التي تتمتع بها "المشاريع الاجنبية" في الدول الكبيرة والقوية. فهو لا يعدو ان يكون طلبا للمستحيل وقفزا على القوانين التي تحكم النظام الرأسمالي المعولم.
شريعة الغاب هي التي تحكم العلاقة بين الدول وفق هذا النظام منذ نشأته. اما القوانين فتضفي عليها نوعا من التناغم. البلدان الفقيرة خلقت لتبقى فقيرة، كأن أقدارها مكتوبة في لوح محفوظ. أما نحن شعوب هذه البلدان الفقيرة فقد جئنا إلى هذه الحياة لكي نحقق هذه الاقدار." فالبعض محكوم عليه بان يطيع، والبعض الاخر مكلف بإصدار الاوامر. البعض يعرض رقبته للشنق، والبعض الاخر يلف حبل المشنقة". إن صاحب هذه النظرية هو مبدع سياسة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وإخوتهما في البلدان الرأسمالية الغربية، كما يقول الكاتب الكبير "إدواردو غاليانو".
البحث لمعرفة الاوامر التي وضعها ارباب المصارف الدائنة مقابل منح القروض للمغرب، لا يفضي إلى طريق. مثلا ما هي نسبة الفائدة عن كل قرض؟ وماذا قدمت السلطات كضمانات ورهون من ممتلكات البلاد والعباد؟ كيف واين و ما هي المشاريع التي ستصرف عليها هذه الديون؟ ما حصة الوسطاء الاجانب والمحليين "كعمولة" عن كل قرض؟ فلكل خدمة "عمولة" مناسبة تقدم في عالم المال والاعمال. وماهي الآجال المحددة للتسديد بالنسبة لكل قرض؟...الخ
من يجرب دخول دهاليز ما يسمى عندنا تلطفا "بالمديونية"، بحثا عن اجوبة لهذه الاسئلة؛ يخرج دائخا دوخة الوجدي. فالبيانات التي تقدمها الحكومة و تنشر في الاعلام بمناسبة الحصول على قرض، تطرح اسئلة أكثر مما تقدم توضيحات. فالأمور كما تبدو ألغازا في ألغاز. فكيف السبيل لمعرفة أقدارنا. فنحن امام اسرار أصبحت بقوة الاشياء أمورا تدخل في منطقة "الامن الاعلى". هذه الاسئلة وغيرها يجب ان تطرح بصوت عالي، لأننا نحن الذين سندفع فاتورة الديون مرغمين من حصة خبزنا. وسيدفعها الابناء والاحفاد، مادامت الحالة مستمرة.
إليكم القروض التي منحت للحكومة في سنة كرونا، التي استطعت متابعتها كما وردت في بعض وسائل الاعلام مع كامل التحفظ للأسباب التي ذكرت:
§ بتاريخ 04 ابريل 2020 نشر موقع "هيسبريس" المغربي بلاغ صحافي للبنك الدولي يعلن من خلاله ، أنه قام بتقديم استجابة طارئة لمساعدة المغرب على التعامل مع آثار تفشي الجائحة من خلال إعادة هيكلة قرض كان موجهاً لتطوير إدارة مخاطر الكوارث في المغرب، وذلك لاستعماله في مواجهة آثار تفشي فيروس كورونا المستجد. تبلغ قيمة هذا القرض 275 مليون دولار. ويُعادل حوالي 2.8 مليار درهم، وهو ما سيُمكن المغرب من تعزيز موارد إضافية إلى جانب ما هو متوفر في الميزانية العامة للدولة ومساهمات صندوق تدبير جائحة كورونا التي بلغت أكثر من 30 مليار درهم.
§ بتاريخ 08 ابريل 2020 نقلت وكالة الاناضول عن البنك المركزي المغربي، أنه حصل على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المغربي. وأضاف إن "القرض يأتي في إطار السياسة الاستباقية للبلاد، لمواجهة أزمة جائحة كورونا. لذا تم استخدام خط الوقاية والسيولة (قرض مالي وقائي ضد الأخطار والصدمات الخارجية. هذا القرض الذي حصلت عليه الرباط، قابل للسداد على مدى 5 أعوام، مع فترة سماح 3 سنوات، دون ذكر سعر الفائدة المحددة للقرض المذكور.
§ بتاريخ 22/06/2020 حسب بلاغ البنك الدولي تمت موافقة مجلس المديرين التنفيذيين للبنك على منح الدولة المغربية مبلغ نصف مليار دولار من أجل دعم الاصلاحات الرئيسية للسياسات الضرورية لتوفير البيئة الملائمة للتحولات الرقمية في المغرب. وأن القرض المذكور موجه لدعم سياسة الدولة المغربية في التنمية لتعميم القطاع الرقمي التي سبق إطلاقها. وأن المستهدف من الرقمنة / numériques هي الشركات والافراد ، لكي يستفيدوا من بنية رقمية تنافسية.
§ بتاريخ 31 أغسطس 2020 أعلن وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، ونائبة رئيس البنك الأوروبي للاستثمار في بلاغ مشترك، عن تخصيص غلاف مالي بقيمة 100 مليون أورو لتمويل احتياجات المغرب الأكثر إلحاحا لمواجهة تداعيات وباء كورونا. وأوضحا أن الأمر يتعلق بدفعة أولى بقيمة 100 مليون أورو تم تخصيصها بشكل عاجل لدعم جهود المغرب لمواجهة أزمة وباء كورونا، من أصل تمويل إجمالي قدره 200 مليون أورو. والذي سيمكن من تلبية الاحتياجات العاجلة، وخصوصا، ما يتعلق بالمعدات والتجهيزات الطبية وتعزيز القدرات الصحية والاستشفائية وذلك من أجل مواجهة فعالة لوباء كوفيد-19. و جاء في البلاغ أن المغرب سبق و استفاد من تمويل بأكثر من 5 ملايير أورو، 30 في المائة منها مخصصة للقطاع الخاص.
§ بتاريخ 25 سبتمبر2020 حسب بيان لوزارة المالية والاقتصاد. فإن المغرب اقترض مليار أورو من السوق المالية الدولية عن طريق إصدار سندات. وهي مقسمة على مرحلتين، واحدة لأجل 5 أعوام ونصف، والثانية لأجل 10 سنوات. وأظهرت الوثيقة أن السندات هي بقيمة 500 مليون يورو لكل مرحلة. وهذه هي العملية الثانية من نوعها التي يقوم بها المغرب في ظرف أقل من سنة حسب نفس البيان. إذ سبق للمغرب، في 21 نوفمبر عام 2019، أن سحب مليار يورو من السوق المالية الدولية عن طريق إصدار سندات. وحدد أجل تسديد سندات الإقراض تلك في 12 سنة. وقد “جرى بيع المرحلة الأولى بفائدة 1.375 بالمئة والثانية بفائدة اثنين بالمئة”.وهي المرة الوحيدة التي يذكر سعر الفائدة لأن الامر يتعلق ببيع سندات الخزينة مقابل قروض.
هذه مجموع القروض التي حصل عليها المغرب في فترة الوباء بكل تحفظ كما قلت. انضافت إلى الدين العام الخارجي الذي كان محددا حسب آخر اصدار ورد في جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 23/06/2020. تقول الجريدة المذكورة: "لقد كشفت وزارة الاقتصاد والمالية، في تقرير إحصائي جديد، أن إجمالي الدين الخارجي العمومي للمغرب بلغ عند متم 2019 أزيد من 35.4 مليار دولار أي 339.8 مليار درهم، ضمنها 161.5 مليار درهم كدين على الخزينة العامة. وبإضافة 3 مليارات دولار التي سحبتها السلطات المغربية من خط السيولة والوقاية خلال الأسبوع الماضي يكون منسوب الدين الخارجي للبلاد قد فاق 38 مليار دولار.
وتتوقع مديرية الخزينة العامة أن تصل خدمة الدين الخارجي خلال الفصل الرابع من 2020 إلى 21.6 مليار درهم ضمنها 18.4 مليار درهم كأصل الدين و 3.2 مليار درهم كفوائد".
مهما كان تاريخ البداية الاولى لسقوط المغرب في "مصيدة الديون"، فإن سياسة تطبيق تعليمات الدائنين وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، المسماة "سياسة التقويم الهيكلي" وغيرها من الصيغ. فقد فتحت الأبواب مشرعة أمام دخول الفاتحين الاجانب الجدد لبلاد أصبحت محروقة ومنهكة. لقد ساعدت سنوات الركود الاقتصادي الطويل المزمن، وتدني القوة الشرائية الداخلية، في الحكم على قطاع الصناعات الناشئة بالانهيار والتفكك. وهي صناعات خفيفة واستهلاكية عادية، ولا تقوم على تحويل المعادن وتركيب الآلات/ إنتاج وسائل الانتاج، الذي يعتبر بحق المقياس الحقيقي لتصنيع البلد. ولا مجال للحديث عن التصنيع في ظل الاوضاع القائمة. الصناعات الناشئة أصبح الصالح منها لقمة سائغة أمام هؤلاء الفاتحين الجدد.
الركود الاقتصادي المزمن سببه الطبيعة البنيوية للاقتصاد التبعي. من مميزاته تدهور دائم في معدلات التبادل التجاري مع الخارج. فأسعار صادرات منتجات المغرب دائما مختلة أمام الواردات الاجنبية. و قد تعمق هذا التدهور مع الاستمرار في إلغاء القيود والرسوم الجمركية وغيرها المفروضة على المنتجات الاجنبية، وانشاء المناطق الحرة، وهو ما يولد العجز الدائم في ميزان المدفوعات الخارجية. أما مراكز الانتاج في البلد التي بقيت منتعشة، فهي المعادن المنجمية الأولية والمواد الفلاحية وجلها لا يخضع لملكية الدولة. أما السياحة الرهان الخاسر في إطار تقسيم العمل الدولي المخصص لبلدنا، فقد انهارت بسرعة. وصارت مدن السياحة مدنا منكوبة. و كما يقال دائما عندما تأتي المصائب تأتي في دفعة واحدة. فقد تزامن الوضع مع سنة الجفاف وتراجع في تحويلات المهاجرين.
الدولة المغربية تعرف حاليا بداية فراغ خزائنها من العملة الاجنبية، وتراجع مداخلها من الضرائب. وهي العلامات الاولى لرفع الراية البيضاء أمام الدائنين والاعلان عن تقديم فروض الطاعة للبنوك الدائنة التي تعني بداية إشهار الافلاس وطلب تأجيل سداد الديون، والاضطرار من جديد لإعادة طلب قروض جديدة. وهو ما يسمى "بالدائرة الجهنمية". وهي حالة متكررة عاشها الشعب المغربي في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بكل مآسيها المعروفة.
لقد بدأت بالفعل الحكومة القائمة في تطبيق الخلطة المعروفة التي يقدمها خبراء صندوق النقد الدولي التي من شأنها تعميق الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية القائمة بدلا من تخفيضها: تثبيط نشاط الدولة الاقتصادي والاجتماعي. تحرير التجارة الخارجية ورفع ما تبقى من القيود على الرساميل الاجنبية . تخفيض حاد في قيمة الدرهم الذي من شأنه تركيز الرساميل المحلية في أرصدة وجيوب الطبقات الحاكمة، وتسهيل شراء المؤسسات العمومية المعروضة للخوصصة بحفنة من الدولارات و الأوروات. تجميد الاجور البئيسة أصلا، الذي يقود إلى سحق القوة الشرائية الضعيفة التي تتعامل مع السوق الداخلية.
هذه الخلطة أو العلاج الذي يزيد المريض مرضا، التي تعرفها بلدانا شبيهة ببلدنا، هي التي أنتجت الحشود البشرية الجائعة والمهمشة والمعطلة والمتسولة للهجرة. وعمقت بؤسها، ودفعتها في العديد من الحالات إلى درجة الغليان و الانفجار الاجتماعي.
إن صندوق النقد الدولي الذي ولد في الولايات المتحدة والذي يخدم مصالحها، و يعطي الضوء الاخضر للبنوك الاخرى لتقديم القروض للبلدان الفقيرة والمتخلفة بالشروط المذكورة وغيرها؛ يعمل من الناحية الفعلية، بوصفه مفتشا دوليا من أجل بسط هيمنته على سياسة النقد الدولي منذ أن أصبح الدولار العملة الاولى في الكوكب. ولا سبيل للخروج من شرنقة المديونية وحبالها الملتفة على أعناق الشعوب، إلا بالنضال الموحد من أجل إلغاء هذه الديون التي تشكل حقيقة شريانا مفتوحا لاستنزاف ثروات الشعوب حسب تعبير "إدواردو غاليانو". وعلى الصعيد المحلي، لا بد من إعطاء روحا شعبية للجبهات الاجتماعية في مواجهة سياسة المديونية ورفض تبعاتها على أوضاع الجماهير الشعبية. فقد تأخرنا كثيرا في تنظيم المقاومة الشعبية ضد تفشي وباء المديونية.
سعيد كنيش/ تمارة في فاتح اكتوبر 2020
https://www.facebook.com/said.gueniche/posts/1807436262749147
الدائنين الكبار يؤمنون بان الطبيعة قد خلقت دولا قوية وكبيرة، ودولا صغيرة وفقيرة. ولا يمكن لآليات القروض ان تعاكس هذا "القانون الطبيعي". اما الادعاء بان تمويل "المشاريع المحلية" في البلدان الصغيرة والفقيرة، يجب ان تتمتع بنفس الحقوق التي تتمتع بها "المشاريع الاجنبية" في الدول الكبيرة والقوية. فهو لا يعدو ان يكون طلبا للمستحيل وقفزا على القوانين التي تحكم النظام الرأسمالي المعولم.
شريعة الغاب هي التي تحكم العلاقة بين الدول وفق هذا النظام منذ نشأته. اما القوانين فتضفي عليها نوعا من التناغم. البلدان الفقيرة خلقت لتبقى فقيرة، كأن أقدارها مكتوبة في لوح محفوظ. أما نحن شعوب هذه البلدان الفقيرة فقد جئنا إلى هذه الحياة لكي نحقق هذه الاقدار." فالبعض محكوم عليه بان يطيع، والبعض الاخر مكلف بإصدار الاوامر. البعض يعرض رقبته للشنق، والبعض الاخر يلف حبل المشنقة". إن صاحب هذه النظرية هو مبدع سياسة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وإخوتهما في البلدان الرأسمالية الغربية، كما يقول الكاتب الكبير "إدواردو غاليانو".
البحث لمعرفة الاوامر التي وضعها ارباب المصارف الدائنة مقابل منح القروض للمغرب، لا يفضي إلى طريق. مثلا ما هي نسبة الفائدة عن كل قرض؟ وماذا قدمت السلطات كضمانات ورهون من ممتلكات البلاد والعباد؟ كيف واين و ما هي المشاريع التي ستصرف عليها هذه الديون؟ ما حصة الوسطاء الاجانب والمحليين "كعمولة" عن كل قرض؟ فلكل خدمة "عمولة" مناسبة تقدم في عالم المال والاعمال. وماهي الآجال المحددة للتسديد بالنسبة لكل قرض؟...الخ
من يجرب دخول دهاليز ما يسمى عندنا تلطفا "بالمديونية"، بحثا عن اجوبة لهذه الاسئلة؛ يخرج دائخا دوخة الوجدي. فالبيانات التي تقدمها الحكومة و تنشر في الاعلام بمناسبة الحصول على قرض، تطرح اسئلة أكثر مما تقدم توضيحات. فالأمور كما تبدو ألغازا في ألغاز. فكيف السبيل لمعرفة أقدارنا. فنحن امام اسرار أصبحت بقوة الاشياء أمورا تدخل في منطقة "الامن الاعلى". هذه الاسئلة وغيرها يجب ان تطرح بصوت عالي، لأننا نحن الذين سندفع فاتورة الديون مرغمين من حصة خبزنا. وسيدفعها الابناء والاحفاد، مادامت الحالة مستمرة.
إليكم القروض التي منحت للحكومة في سنة كرونا، التي استطعت متابعتها كما وردت في بعض وسائل الاعلام مع كامل التحفظ للأسباب التي ذكرت:
§ بتاريخ 04 ابريل 2020 نشر موقع "هيسبريس" المغربي بلاغ صحافي للبنك الدولي يعلن من خلاله ، أنه قام بتقديم استجابة طارئة لمساعدة المغرب على التعامل مع آثار تفشي الجائحة من خلال إعادة هيكلة قرض كان موجهاً لتطوير إدارة مخاطر الكوارث في المغرب، وذلك لاستعماله في مواجهة آثار تفشي فيروس كورونا المستجد. تبلغ قيمة هذا القرض 275 مليون دولار. ويُعادل حوالي 2.8 مليار درهم، وهو ما سيُمكن المغرب من تعزيز موارد إضافية إلى جانب ما هو متوفر في الميزانية العامة للدولة ومساهمات صندوق تدبير جائحة كورونا التي بلغت أكثر من 30 مليار درهم.
§ بتاريخ 08 ابريل 2020 نقلت وكالة الاناضول عن البنك المركزي المغربي، أنه حصل على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المغربي. وأضاف إن "القرض يأتي في إطار السياسة الاستباقية للبلاد، لمواجهة أزمة جائحة كورونا. لذا تم استخدام خط الوقاية والسيولة (قرض مالي وقائي ضد الأخطار والصدمات الخارجية. هذا القرض الذي حصلت عليه الرباط، قابل للسداد على مدى 5 أعوام، مع فترة سماح 3 سنوات، دون ذكر سعر الفائدة المحددة للقرض المذكور.
§ بتاريخ 22/06/2020 حسب بلاغ البنك الدولي تمت موافقة مجلس المديرين التنفيذيين للبنك على منح الدولة المغربية مبلغ نصف مليار دولار من أجل دعم الاصلاحات الرئيسية للسياسات الضرورية لتوفير البيئة الملائمة للتحولات الرقمية في المغرب. وأن القرض المذكور موجه لدعم سياسة الدولة المغربية في التنمية لتعميم القطاع الرقمي التي سبق إطلاقها. وأن المستهدف من الرقمنة / numériques هي الشركات والافراد ، لكي يستفيدوا من بنية رقمية تنافسية.
§ بتاريخ 31 أغسطس 2020 أعلن وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، ونائبة رئيس البنك الأوروبي للاستثمار في بلاغ مشترك، عن تخصيص غلاف مالي بقيمة 100 مليون أورو لتمويل احتياجات المغرب الأكثر إلحاحا لمواجهة تداعيات وباء كورونا. وأوضحا أن الأمر يتعلق بدفعة أولى بقيمة 100 مليون أورو تم تخصيصها بشكل عاجل لدعم جهود المغرب لمواجهة أزمة وباء كورونا، من أصل تمويل إجمالي قدره 200 مليون أورو. والذي سيمكن من تلبية الاحتياجات العاجلة، وخصوصا، ما يتعلق بالمعدات والتجهيزات الطبية وتعزيز القدرات الصحية والاستشفائية وذلك من أجل مواجهة فعالة لوباء كوفيد-19. و جاء في البلاغ أن المغرب سبق و استفاد من تمويل بأكثر من 5 ملايير أورو، 30 في المائة منها مخصصة للقطاع الخاص.
§ بتاريخ 25 سبتمبر2020 حسب بيان لوزارة المالية والاقتصاد. فإن المغرب اقترض مليار أورو من السوق المالية الدولية عن طريق إصدار سندات. وهي مقسمة على مرحلتين، واحدة لأجل 5 أعوام ونصف، والثانية لأجل 10 سنوات. وأظهرت الوثيقة أن السندات هي بقيمة 500 مليون يورو لكل مرحلة. وهذه هي العملية الثانية من نوعها التي يقوم بها المغرب في ظرف أقل من سنة حسب نفس البيان. إذ سبق للمغرب، في 21 نوفمبر عام 2019، أن سحب مليار يورو من السوق المالية الدولية عن طريق إصدار سندات. وحدد أجل تسديد سندات الإقراض تلك في 12 سنة. وقد “جرى بيع المرحلة الأولى بفائدة 1.375 بالمئة والثانية بفائدة اثنين بالمئة”.وهي المرة الوحيدة التي يذكر سعر الفائدة لأن الامر يتعلق ببيع سندات الخزينة مقابل قروض.
هذه مجموع القروض التي حصل عليها المغرب في فترة الوباء بكل تحفظ كما قلت. انضافت إلى الدين العام الخارجي الذي كان محددا حسب آخر اصدار ورد في جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 23/06/2020. تقول الجريدة المذكورة: "لقد كشفت وزارة الاقتصاد والمالية، في تقرير إحصائي جديد، أن إجمالي الدين الخارجي العمومي للمغرب بلغ عند متم 2019 أزيد من 35.4 مليار دولار أي 339.8 مليار درهم، ضمنها 161.5 مليار درهم كدين على الخزينة العامة. وبإضافة 3 مليارات دولار التي سحبتها السلطات المغربية من خط السيولة والوقاية خلال الأسبوع الماضي يكون منسوب الدين الخارجي للبلاد قد فاق 38 مليار دولار.
وتتوقع مديرية الخزينة العامة أن تصل خدمة الدين الخارجي خلال الفصل الرابع من 2020 إلى 21.6 مليار درهم ضمنها 18.4 مليار درهم كأصل الدين و 3.2 مليار درهم كفوائد".
مهما كان تاريخ البداية الاولى لسقوط المغرب في "مصيدة الديون"، فإن سياسة تطبيق تعليمات الدائنين وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، المسماة "سياسة التقويم الهيكلي" وغيرها من الصيغ. فقد فتحت الأبواب مشرعة أمام دخول الفاتحين الاجانب الجدد لبلاد أصبحت محروقة ومنهكة. لقد ساعدت سنوات الركود الاقتصادي الطويل المزمن، وتدني القوة الشرائية الداخلية، في الحكم على قطاع الصناعات الناشئة بالانهيار والتفكك. وهي صناعات خفيفة واستهلاكية عادية، ولا تقوم على تحويل المعادن وتركيب الآلات/ إنتاج وسائل الانتاج، الذي يعتبر بحق المقياس الحقيقي لتصنيع البلد. ولا مجال للحديث عن التصنيع في ظل الاوضاع القائمة. الصناعات الناشئة أصبح الصالح منها لقمة سائغة أمام هؤلاء الفاتحين الجدد.
الركود الاقتصادي المزمن سببه الطبيعة البنيوية للاقتصاد التبعي. من مميزاته تدهور دائم في معدلات التبادل التجاري مع الخارج. فأسعار صادرات منتجات المغرب دائما مختلة أمام الواردات الاجنبية. و قد تعمق هذا التدهور مع الاستمرار في إلغاء القيود والرسوم الجمركية وغيرها المفروضة على المنتجات الاجنبية، وانشاء المناطق الحرة، وهو ما يولد العجز الدائم في ميزان المدفوعات الخارجية. أما مراكز الانتاج في البلد التي بقيت منتعشة، فهي المعادن المنجمية الأولية والمواد الفلاحية وجلها لا يخضع لملكية الدولة. أما السياحة الرهان الخاسر في إطار تقسيم العمل الدولي المخصص لبلدنا، فقد انهارت بسرعة. وصارت مدن السياحة مدنا منكوبة. و كما يقال دائما عندما تأتي المصائب تأتي في دفعة واحدة. فقد تزامن الوضع مع سنة الجفاف وتراجع في تحويلات المهاجرين.
الدولة المغربية تعرف حاليا بداية فراغ خزائنها من العملة الاجنبية، وتراجع مداخلها من الضرائب. وهي العلامات الاولى لرفع الراية البيضاء أمام الدائنين والاعلان عن تقديم فروض الطاعة للبنوك الدائنة التي تعني بداية إشهار الافلاس وطلب تأجيل سداد الديون، والاضطرار من جديد لإعادة طلب قروض جديدة. وهو ما يسمى "بالدائرة الجهنمية". وهي حالة متكررة عاشها الشعب المغربي في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بكل مآسيها المعروفة.
لقد بدأت بالفعل الحكومة القائمة في تطبيق الخلطة المعروفة التي يقدمها خبراء صندوق النقد الدولي التي من شأنها تعميق الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية القائمة بدلا من تخفيضها: تثبيط نشاط الدولة الاقتصادي والاجتماعي. تحرير التجارة الخارجية ورفع ما تبقى من القيود على الرساميل الاجنبية . تخفيض حاد في قيمة الدرهم الذي من شأنه تركيز الرساميل المحلية في أرصدة وجيوب الطبقات الحاكمة، وتسهيل شراء المؤسسات العمومية المعروضة للخوصصة بحفنة من الدولارات و الأوروات. تجميد الاجور البئيسة أصلا، الذي يقود إلى سحق القوة الشرائية الضعيفة التي تتعامل مع السوق الداخلية.
هذه الخلطة أو العلاج الذي يزيد المريض مرضا، التي تعرفها بلدانا شبيهة ببلدنا، هي التي أنتجت الحشود البشرية الجائعة والمهمشة والمعطلة والمتسولة للهجرة. وعمقت بؤسها، ودفعتها في العديد من الحالات إلى درجة الغليان و الانفجار الاجتماعي.
إن صندوق النقد الدولي الذي ولد في الولايات المتحدة والذي يخدم مصالحها، و يعطي الضوء الاخضر للبنوك الاخرى لتقديم القروض للبلدان الفقيرة والمتخلفة بالشروط المذكورة وغيرها؛ يعمل من الناحية الفعلية، بوصفه مفتشا دوليا من أجل بسط هيمنته على سياسة النقد الدولي منذ أن أصبح الدولار العملة الاولى في الكوكب. ولا سبيل للخروج من شرنقة المديونية وحبالها الملتفة على أعناق الشعوب، إلا بالنضال الموحد من أجل إلغاء هذه الديون التي تشكل حقيقة شريانا مفتوحا لاستنزاف ثروات الشعوب حسب تعبير "إدواردو غاليانو". وعلى الصعيد المحلي، لا بد من إعطاء روحا شعبية للجبهات الاجتماعية في مواجهة سياسة المديونية ورفض تبعاتها على أوضاع الجماهير الشعبية. فقد تأخرنا كثيرا في تنظيم المقاومة الشعبية ضد تفشي وباء المديونية.
سعيد كنيش/ تمارة في فاتح اكتوبر 2020
https://www.facebook.com/said.gueniche/posts/1807436262749147