د. صبري محمد خليل خيري - المناهضة الشعبية للتطبيع وضروره الانتقال من التفعيل التلقائى الى التفعيل المنظم

ظاهرتان نقيضتان ( تنامى التطبيع الرسمى ومناهضته الشعبيه معا) : يتصف الواقع السياسى العربى المعاصر بظاهرتين نقيضتين من ناحيه الكم ، رغم وحده موضوعهما وتزامنهما من ناحيه الكيف .
ظاهره تنامى التطبيع الرسمى: الظاهره الاولى هى ازدياد عدد النظم السياسيه العربيه المطبعه مع الكيان الصهيونى "علنا" .
الظاهره ليست دليل على انتصار فكره التطبيع: و لايمكن اتخاذ هذه الظاهره كدليل على انتصار فكره التطبيع ،وحصولها على تاييد شعبى ، لان النظم السياسيه العربيه -على وجه الاجمال وليس بالضروره على وجه التفصيل – لا تمثل او تعبر عن الاراده الشعبيه العربيه لافتقارها للديموقراطيه بدرجات متفاوته. بل هى دليل على ضعف هذه الانظمه ، لدرجه عدم مقدراتها على التصدى للضعظ الممارس عليها لتطبع- او بالاصح لتعلن تطبيعها السرى - مع الكيان الصهيونى ، من النظم والقوى التى تحاول التحكم والسيطره على المجتمع الدولى " ، ومثال لها الولايات المتحده الامريكيه وسياساتها الخارجيه الامبرياليه والمنظمه الصهيونيه العالميه " ، ودون ان تنتبه هذه النظم السياسيه "المضغوظه" او القوى والنظم"الضاغظه" ان هذا التطبيع- او بالاحرى هذا الاشهار للتطبيع السرى- سيزيدها ضعفا، لانها تخضم بذلك من رصيدها الضعيف اصلا من القبول الشعبى .
[/SIZE]
الظاهره مظهر لتردى النظام الرسمى العربى وتعبير عن مرحله التعطيل الارتدادى للاراده الشعبيه العربيه عل المستوى الرسمى : وتفسيرنا لهذه الظاهره انها احد مظاهر تردى النظام السياسي الرسمى العربي ، خلال الفترة الممتدة منذ عام 1970 والى الآن، والذى وصل إلى ادني درجاته فى كل المجالات. فتدنى فى مجال قضيه الوحده مثلا إلى مزيد من التجزئة ، بالانتقال من مرحله التجزئه على اساس شعوبى " الدوله الوطنيه بعد سايكس بيكو”، الى مرحله التفتيت الطائفي “الدويلات الطائفيه "- إلى درجه تزيد من احتمال انزلاقه- او انزلاق العديد من اجزاءه - نحو الفوضى. فهى بعباره اخرى فان ظاهره التطبيع الرسمى –بالاضافه الى ظواهر سياسيه اخرى – هى تعبير جلى عن مرحله التعطيل الارتدادى للاراده الشعبية العربية على المستوى الرسمي ، وهى المرحلة التي بدأت بمحاوله الرئيس السادات الارتداد “السياسي “عن مجمل سياسيات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بعد وفاته عام 1970- المتسقة –على وجه الاجمال وليس التفصيل - مع أهداف الاراده الشعبية العربية– بدعم من الغرب بقياده الولايات المتحدة الامريكيه- يانتقاله من مناهضه الاستعمار القديم والجديد والاستيطاني، إلى التبعية للولايات المتحدة الامريكيه، ومن مناصره القضيه الفلسطينيه الى توقيع اتفاقيه سلام مع الكيان الصهيوني”كامب ديفيد”، و من محاوله أقامه تنميه مستقلة وتحقيق العدالة الاجتماعية، إلى تطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى-تحت شعار الانفتاح الاقتصادي- ،ومن الوحده والتضامن العربي ، إلى قطع العلاقات مع الدول العربية، ثم سير عدد من الانظمه العربية في نفس هذا الخط .وهذه مرحله هى ذات مرحله التطبيق الفعلى لمشروع الشرق الاوسط الجديد"الامبريالى الصهيونى"والذى يهدف الى الارتداد بالنظام السياسى العربى الى مرحله التفتيت الطائفى مع بقاء اسرائيل كحارس لهذا التفتيت- كما كانت فى الماضى حارس للتجزئه الشعوبيه -
[SIZE=18px]ظاهره تنامى المناهضه الشعبيه للتطبيع : الظاهره الثانيه هى تنامى المناهضه الشعبيه للتطبيع مع الكيان الصهيونى، وبالتزامن مع تنامى التطبيع الرسمى اكما اشرنا اليه اعلاه .
الظاهره مظهر لظهور الاراده الشعبيه العربيه : وتفسيرنا لهذه الظاهره انها احد مظاهر ظهور الاراده الشعبيه العربيه. ذلك ان تعطيل الاراده الشعبيه العربيه على المستوى الرسمى فى هذه المرحله ، قد فتح المجال أمام تفعيلها على مستوى اخر هو المستوى الشعبي ، ومن ثم بروز مرحله ظهور الاراده الشعبية العربية ( اى وضوح اثر فاعليتها للرائي) ، بعد أن كانت”مختفية “(اى لم يكن اثر فاعليتها واضحا للرائي) في مرحله تفعيلها السابقة، وهى مرحله التفعيل الزعامي، و التي شكلت القسم الأكبر من تاريخها ، والتي انتهت عام 1970 بوفاة جمال عبد الناصر ” آخر زعيم قومي للامه العربية” ، والتي كانت فاعليتها خلالها متحققة ، ولكنها مختفية خلف زعمائها– أبطالها التاريخيين ، والذين حققت اغلب انجازاتها التاريخية بتوحدها خلفهم .وفد ساهم فى بروز هذه المرحله التطورالمذهل فى وسائل الاعلام والاتصال وظهو الخاصيه التفاعليه فيهما,
مرحلتا ظهور الاراده الشعبيه العربيه: وتشمل مرحله ظهور الاراده ألشعبيه العربية مرحلتين من مراحل تفعيل الاراده الشعبية العربية على المستوى الشعبي .
مرحله التفعيل التلقائى وبروز ظاهره تنامى المناهضه الشعبيه للتطبيع : المرحله الاولى أخذت شكل رد الفعل العاطفي الانفعالي، ضد مظاهر تردى النظام السياسي الرسمى العربي ،وقد حققت الاراده الشعبيه العربيه خلالها جمله من الانتصارات ، بدون أن يمثلها أو يعبر عنها اى نظام سياسي معين معين، وهى بمثابة مؤشرات لبداية عصر ظهور الاراده الشعبيه العربيه. ومن ضمن هذه الانتصارات ظاهره تنامى المناهضه الشعبيه للتطبيع مع الكيان الصهيونى.
ضروره الانتقال الى مرحله التفعيل القصدى لضمان الحفاظ على الظاهره: ان نجاح الاراده الشعبيه العربيه فى الحفاظ على هذه الانتصارات ، والحيلوله دون اجهاضها –و من ضمنها ظاهره المناهضه الشعبيه للتطبيع مع الكيان الصهيونى- من قبل القوى والنظم ذات المصالح المتعارضه مع اهداف الاراده الشعبيه يتوقف على انتقال الاراده الشعبيه العربيه الى المرحلة الثانية من مراحل تفعيلها على المستوى الشعبى وهي مرحله التفعيل ألقصدي ، والتي تتجاوز فيها مرحله رد الفعل العاطفي – التلقائي/ المؤقت- إلى مرحله الفعل العقلاني- المستمر – المنظم / المؤسساتي- السلمي.
آليات التفعيل القصدى"المنظم-المؤسسى" للمناهضه الشعبيه التطبيع ::
ا/إنشاء وتفعيل لجان شعبيه ومنظمات مدنيه لمناهضه التطبيع مع الكيان الصهيونى. وانشاء تحالفات سياسيه ومدنيه عريضه لمناهضه التطبيع.
ب/إنشاء مواقع الكترونية لمناهضه التطبيع والتعريف بمخاطره.
ج/التنسيق بين الجهات المناهضه للتطبيع على المستوى القومي (العربي) ، بهدف تبادل المعلومات، وتقويه الجبهة الشعبية المناهضة للتطبيع و توحيدها.
د/تنظيم حملات شعبيه لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني على المستوى الدستورى
ه/ تفعيل ألمقاطعه الشعبية للشركات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدنى والحركات السياسية و الشخصيات التي تدعم الكيان الصهيونى أو تدعو إلى التطبيع معه .
و/اعتبار المقاومة خيار استراتيجي في هذه المرحلة ، مع التأكيد على أن الضمان لاستمرار المقاومة هو أن تكون شعبيه ، فالرهان في هذه المرحلة على الشعوب وليس على النظم السياسية، ورفض احتكار اى فصيل أو نظام سياسي " فلسطيني أو عربي أو اسلامى" للمقاومة أو احتكار التحدث باسمها.
----------------------------------------
[/SIZE]
- يمكن الاطلاع على دراسات أخرى للدكتور صبري محمد خليل عبر الاشتراك فى:

1/ الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات: الموقع الرسمي للدكتور صبري محمد خليل خيري

2/ القناه الرسميه للدكتور صبرى محمد خليل على اليوتيوب:

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...