الأفافاس يفقد ثاني زعيم بعد الدّا الحسين و الجزائر تفقد مجاهدا مكافحا
بدأت القلعة الحصينة لجبهة القوى الإشتراكية المعارضة للنظام الجزائري تنهار بعد فقدام زعيمها المجاهد حسين آيت أحمد و ها هي اليوم تودع أبرز قادتها المجاهد لخضر بورقعة قائد الولاية الرابعة التاريخية الذي وفاته المنية يوم الأربعاء عن عمر ناهز 87 سنة، إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد، و قد شيعت جنازته بمربع الشهداء بمقبرة العالية بحضور شخصيات وطنية و رفاق الفقيد الذين عايشوه أيام الثورة و شاركوه المحن و بحضور قادة جبهة القوى الإشتراكية ، و يعد الفقيد لخضر بورقعة من أبرز دعاة المعارضة في الجزائر لا لإنتمائه لجبهة القوى الإشتراكية فحسب و إنما لدعوته إلى وضع جبهة التحرير الوطني في المتحف و هكذا يسكت صوتٌ كان شاهدا على اغتيال الثورة و لاشك أن موته سيكون عرسًا لأعداء الثورة
لقد خاض المجاهد لخضر بورقعة ثورة نوفمبر، و شاءت الأقدار أن يرحل في شهر نوفمبر، ليكون ضمن النخبة النوفمبرية التي كافحت و ناضلت رفقة ثلة من رجال الثورة و لم تخن عهد الشهداء، ويعد الفقيد من مواليد 15 مارس 1933 ينحدر من قرية أولاد تركي التابعة لبلدية العمارية ولاية المدية، وكان قائدا بارزا بالولاية الرابعة التاريخية وأحد مؤسسي حزب جبهة القوى الاشتراكية، انضم إلى حزب الشعب الجزائري ثم حركة انتصار الحريات الديمقراطية (MTLD)، أدى خدمته العسكرية في مستغانم ، ثم في فرنسا ، قبل إرساله إلى المغرب ، عرف المجاهد لخضر بورقة باسمه الثوري " سي حسن" حيث تمكن من الفرار للرد على دعوة جبهة التحرير الوطني (FLN) عام 1956 بعدما التحق بالثورة التحريرية في نفس السنة ( 1956) ، تولى مسؤوليات عديدة في الولاية الرابعة التاريخية في الفترة بين 1959 و 1960 ، بعد الإستقلال بسنة واحدة شارك لخضر بورقعة في تأسيس اتحاد الدفاع عن الثورة الاشتراكية إلى جانب كريم بلقاسم وحسين آيت أحمد.
كان هذا التنظيم في بدايته ينشط سرًّا، قبل ان يؤسس أول حزب سياسي معارض و هو جبهة القوى الاشتراكية (FFS) ، و يقف وجها لوجه أمام السلطة ، كما كان من المشاركين في المجلس الوطني الأول في اللجنة المركزية للمؤتمر الأول سنة 1964، تعرض لعديد من المضايقات و الإعتقالات ، حيث دخل السجن بتهمة التحالف مع الطاهر زبيري و كريم بلقاسم عام 1969 في مؤامرة لاغتيال الرئيس هواري بومدين حيث كان ضمن مجموعة المؤامرة و هم العقيد يوسف الخطيب ، زغداني عبد العزيز و الشيخ خليفة لعروسي و حتى عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية، و حكمت عليه محكمة الثورة برئاسة محمد عبد الغني بالسجن عشر سنوات، و قد ذكر هذه العملية المجاهد الطاهر بورزام في مذكراته، و ظل الفقيد لخضر بورقعة يتنقل من سجن لآخر من وهران إلى البرواقية مرورا بالحراش إلى أن أطلق سراحه سنة 1975 ، لكن الرجل لم يكن في منأى عن الخطر، بسبب مواقفه المعارضة للنظام الجزائري، فكان ضحية موجة التشهير من قبل بعض وسائل الإعلام ، خاصة بعدما أصدر مذكراته صدرت عن دار العقبية ، تحت عنوان "شاهد على اغتيال الثورة" ، وثّق فيها تفاصيل الصراع بين القادة الثوريين بعد مؤتمر الصومام، خاصة بعدما اشتد الصراع على السلطة قبيل الإستقلال و بعده .
و رغم كبر سنه لم يتردد الفقيد في الإستجابة لنداء الشعب، حيث دفعته روحه القومية و إخلاصه لوطنه لضم صوته إلى صوت الجماهير و الخروج في المسيرات الشعبية مع انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019 للمطالبة بالتغيير الجذري للنظام الفاسد و الوقوف ضد العهدة الخامسة، كما شارك الفقيد في لقاء التوقيع على "ميثاق البديل الديمقراطي" ، الذي عقد في 26 جوان 2019 ، بمقر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (RCD) ، ليتم اعتقاله و سجنه بعد أيام قليلة فقط بعدما وجهت له تهمة المساس بأمن الدولة و التهجم على مؤسسة الجيش ، حيث دخل السجن و عمره 86 سنة ، و هو داخل السجن حظي الفقيد بتعطاف كبير من قبل شخصيات ، كما لاحقته أطراف تطكن له العداء و اتهمته في هويته و وصل بها الأمر إلى اتهامه بالخيانة، إلا أن قائده العام يوسف الخطيب نفى هذه الاتهامات الكاذبة وتم إحباط موجة التشهير التي وجهت إليه، وفاة لخصر بورقعة تركت أثرا بليغا في قلوب من أحبوه و من تعاملوا معه من الشخصيات الوطنية و السياسية و الناشطين السياسيين و الحقوقيين و وقفوا على صدق وطنيته و إخلاصه لبلده .
و لعل خصوم الرجل هم من الذين ما زالوا يطبلون للإمبراطورية الفرنسية و يطبعون معها، و لو على حساب تضحيات الشهداء و الهوية، لاسيما و الفقيد ما فتئ يتكلم عن الثورة و كيف عاشوا أصعب المراحل لاسيما الخلافاا التي وقعت بين الولايتين الرابعة و السادسة بسبب التقصير في التعاون مع الولايات التي تأذت و لم تجد وسيلة لطلب المساعدة، تطلب الأمر عقد اجتماع طارئ في الولاية الثانية في ديسمبر 1958 ، بعد انقسام الولايات كالولاية التاريخية الأولى إلى قيادتين، و استيلاء بلونيس و جماعته على الولاية التاريخية السادسة ، و غياب بعض القادة كقادة الولاية الخامسة الذين كانوا في الخارج، و الخلافات بين مسؤولي الولاية الرابعة، و زاد الوضع تعقيدا و تعفنا لأن القيادة كانت تسير من وجدة و رفضت التنسيق بين الولاياتا لأنه كانت تراه تهديدا لوجودها، و الأسباب الأخرى التي جعلت الفقيد موضع ملاحقات هي موقفه من قضية اغتيال الشهيدين العقيد عميروش و سي الحواس و قال أنها غامضة و تحتاج إلى فتح تحقيق و إعادة البحث فيها من جديد، لاسيما و ملف الإغتيالات بدأ قبل و أثناء الثورة و بعدها على غرار قضية اغتيال كريم بلقاسم الذي كان من الموقعين على اتفاقات إيفيان و محمد خيضر، و كان يردد أن الأولوية لفتح ملف الإغتيالات لفضح الكثير من الأشياء.
و كان الفقيد لخضر بورقعة كثيرا ما يندد بدور الإستخبارات الفرنسية في تحطيم الثورة، و يقول عندما نتحدث عن وجود اختراق في قضية اغتيال عميروش و سي الحواس، فكما هناك لابلويت لإختراق الثورة في الداخل ففي الخارج أيضا كانوا مخترقين و أن فرنسا اخترقت جماعة الخارج، و من موقفه ايضا أنه كان يردد و يلح على تتبع تحركات "المالغ" ، و كان يقول : "يجب الضغط جيدا على حرف (غ) و إلا ستتحول المالغ إلى أذى باللاتينية MAL، و كان الفقيد في إحدى تصريحاته أن "المالغ" انحرف عن مساره الثوري و تحول إلى طائفة كتلك التي تعبد الشيطان ، كما كشف عن الدور الذي لعبه مكتب الدراسة و الربط الفرنسي في تجنيد الجواسيس و دسّهم في صفوف جيش التحرير الوطني، و كان ذد ذكر جندي من أصل مجري انضم على أساس أنه هارب و لقب باسم جلول، ليختفي فجأة و اعتقدوا أنه مات حتى بعد الإستقلال تبين من خلال وسائل الإعلام الفرنسية أنه كان مبعوثا في مهمة جاسوسية لضرب الثورة الجزائرية و الإطاحة بقادتها.
و بالعودة إلى دور المجاهد لخضر بورقعة كعضو قيادي و أحد مؤسسي جبهة القوى الإشتراكية ، فقد ارتبط اسمه بالخط الإيديولوجي للأفافاس الذي منذ تأسيسه و هو يرافع من أجل الإعتراف بالهوية الأمازيغية و إدخال البعد الأمازيغي في التنظيم المستقبلي للجزائر المستقلة، و موقف المصاليين من القضية الأمازيغية، فكانت مطالب بأن تكون الجزائر جزائرية لا هي عربية و لا هي أمازيغية ( بربرية) و لابد من النضال من أجل التحرر الوطني دون تمييز بين العرب و البربر أي تجاوز المسألة العرقية، و هو ما ذهب قادة بجهة القوى الإشتراكية ( الأفافاس) بقيادة المجاهد حسين آيت أحمد بأن الجزائر جزائرية، لإبطال المقترح الميصالي بأن الجزائر عربية، كما ارتبط ايم لخضر بورقع باسم الدّا الحسين رحمه الله في قضية حرب الرمال سنة 1962 ، إذ أراد آيت أحمد وبورقعة المساهمة في رد العدوان المغربي على الجزائر المستقلة حديثًا من وجهة نظرهم، وهو ما حدث بالفعل، إذ شاركت قوات من الجبهة بورقعة في العمليات العسكرية ضد القوات المغربية، والتحدت مع الجيش الجزائري.
لم تنج جبهة القوى الإشتراكية و قادتها من التهم، فتارة بالمادية البربرية و تارة أخرى بالمادية الماركسية و ملاحقة المثقفين الأمازيغ فكانت عمليات تصفية ( قال خصوم الأفافاس انها عملية تطهير) للنخبة المثقفة و النخبة السياسية لا ضد إطارات القبائل فحسب، بل امتدت لتشمل كل الإئتلاف الراديكالي الذي يطالب بالديمقراطية ، السؤال الذي يمكن طرحه في هذه الورقة هو: ماذا بقي للجزائر وهي تودع كل سنة رمزا من رموز الكفاح و النضال، في ظل التكالبات على وحدة البلاد، و ماذا بقي من جبهة القوى الإشتراكية و هي تودع أبرز قادتها و مؤسسيها، الأفافاس الذي سار في طريق المعارضة منذ تأسيسه في 1963 من أجل وضع حد لفوضى الحكم و القرارات الإرتجالية و مواجهة نظام فاسد، و كانت مطالب الجبهة تتمثل في إلغاء الحكم الفردي و إطلاق سراح المعتقلين السياسيين و القيام بإصلاحات سياسية جذرية، كما كانت تحسس المواطن و الرأي العام بضرورة التفرقة بين السلطة الفعلية و سلطة الواجهة، و إلى اليوم ما يزال قادة الأفافاس يناضلون بصبر و نَفَسٍ طويلٍ جدا.
ورقة أعدتها علجية عيش
بدأت القلعة الحصينة لجبهة القوى الإشتراكية المعارضة للنظام الجزائري تنهار بعد فقدام زعيمها المجاهد حسين آيت أحمد و ها هي اليوم تودع أبرز قادتها المجاهد لخضر بورقعة قائد الولاية الرابعة التاريخية الذي وفاته المنية يوم الأربعاء عن عمر ناهز 87 سنة، إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد، و قد شيعت جنازته بمربع الشهداء بمقبرة العالية بحضور شخصيات وطنية و رفاق الفقيد الذين عايشوه أيام الثورة و شاركوه المحن و بحضور قادة جبهة القوى الإشتراكية ، و يعد الفقيد لخضر بورقعة من أبرز دعاة المعارضة في الجزائر لا لإنتمائه لجبهة القوى الإشتراكية فحسب و إنما لدعوته إلى وضع جبهة التحرير الوطني في المتحف و هكذا يسكت صوتٌ كان شاهدا على اغتيال الثورة و لاشك أن موته سيكون عرسًا لأعداء الثورة
لقد خاض المجاهد لخضر بورقعة ثورة نوفمبر، و شاءت الأقدار أن يرحل في شهر نوفمبر، ليكون ضمن النخبة النوفمبرية التي كافحت و ناضلت رفقة ثلة من رجال الثورة و لم تخن عهد الشهداء، ويعد الفقيد من مواليد 15 مارس 1933 ينحدر من قرية أولاد تركي التابعة لبلدية العمارية ولاية المدية، وكان قائدا بارزا بالولاية الرابعة التاريخية وأحد مؤسسي حزب جبهة القوى الاشتراكية، انضم إلى حزب الشعب الجزائري ثم حركة انتصار الحريات الديمقراطية (MTLD)، أدى خدمته العسكرية في مستغانم ، ثم في فرنسا ، قبل إرساله إلى المغرب ، عرف المجاهد لخضر بورقة باسمه الثوري " سي حسن" حيث تمكن من الفرار للرد على دعوة جبهة التحرير الوطني (FLN) عام 1956 بعدما التحق بالثورة التحريرية في نفس السنة ( 1956) ، تولى مسؤوليات عديدة في الولاية الرابعة التاريخية في الفترة بين 1959 و 1960 ، بعد الإستقلال بسنة واحدة شارك لخضر بورقعة في تأسيس اتحاد الدفاع عن الثورة الاشتراكية إلى جانب كريم بلقاسم وحسين آيت أحمد.
كان هذا التنظيم في بدايته ينشط سرًّا، قبل ان يؤسس أول حزب سياسي معارض و هو جبهة القوى الاشتراكية (FFS) ، و يقف وجها لوجه أمام السلطة ، كما كان من المشاركين في المجلس الوطني الأول في اللجنة المركزية للمؤتمر الأول سنة 1964، تعرض لعديد من المضايقات و الإعتقالات ، حيث دخل السجن بتهمة التحالف مع الطاهر زبيري و كريم بلقاسم عام 1969 في مؤامرة لاغتيال الرئيس هواري بومدين حيث كان ضمن مجموعة المؤامرة و هم العقيد يوسف الخطيب ، زغداني عبد العزيز و الشيخ خليفة لعروسي و حتى عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية، و حكمت عليه محكمة الثورة برئاسة محمد عبد الغني بالسجن عشر سنوات، و قد ذكر هذه العملية المجاهد الطاهر بورزام في مذكراته، و ظل الفقيد لخضر بورقعة يتنقل من سجن لآخر من وهران إلى البرواقية مرورا بالحراش إلى أن أطلق سراحه سنة 1975 ، لكن الرجل لم يكن في منأى عن الخطر، بسبب مواقفه المعارضة للنظام الجزائري، فكان ضحية موجة التشهير من قبل بعض وسائل الإعلام ، خاصة بعدما أصدر مذكراته صدرت عن دار العقبية ، تحت عنوان "شاهد على اغتيال الثورة" ، وثّق فيها تفاصيل الصراع بين القادة الثوريين بعد مؤتمر الصومام، خاصة بعدما اشتد الصراع على السلطة قبيل الإستقلال و بعده .
و رغم كبر سنه لم يتردد الفقيد في الإستجابة لنداء الشعب، حيث دفعته روحه القومية و إخلاصه لوطنه لضم صوته إلى صوت الجماهير و الخروج في المسيرات الشعبية مع انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019 للمطالبة بالتغيير الجذري للنظام الفاسد و الوقوف ضد العهدة الخامسة، كما شارك الفقيد في لقاء التوقيع على "ميثاق البديل الديمقراطي" ، الذي عقد في 26 جوان 2019 ، بمقر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (RCD) ، ليتم اعتقاله و سجنه بعد أيام قليلة فقط بعدما وجهت له تهمة المساس بأمن الدولة و التهجم على مؤسسة الجيش ، حيث دخل السجن و عمره 86 سنة ، و هو داخل السجن حظي الفقيد بتعطاف كبير من قبل شخصيات ، كما لاحقته أطراف تطكن له العداء و اتهمته في هويته و وصل بها الأمر إلى اتهامه بالخيانة، إلا أن قائده العام يوسف الخطيب نفى هذه الاتهامات الكاذبة وتم إحباط موجة التشهير التي وجهت إليه، وفاة لخصر بورقعة تركت أثرا بليغا في قلوب من أحبوه و من تعاملوا معه من الشخصيات الوطنية و السياسية و الناشطين السياسيين و الحقوقيين و وقفوا على صدق وطنيته و إخلاصه لبلده .
و لعل خصوم الرجل هم من الذين ما زالوا يطبلون للإمبراطورية الفرنسية و يطبعون معها، و لو على حساب تضحيات الشهداء و الهوية، لاسيما و الفقيد ما فتئ يتكلم عن الثورة و كيف عاشوا أصعب المراحل لاسيما الخلافاا التي وقعت بين الولايتين الرابعة و السادسة بسبب التقصير في التعاون مع الولايات التي تأذت و لم تجد وسيلة لطلب المساعدة، تطلب الأمر عقد اجتماع طارئ في الولاية الثانية في ديسمبر 1958 ، بعد انقسام الولايات كالولاية التاريخية الأولى إلى قيادتين، و استيلاء بلونيس و جماعته على الولاية التاريخية السادسة ، و غياب بعض القادة كقادة الولاية الخامسة الذين كانوا في الخارج، و الخلافات بين مسؤولي الولاية الرابعة، و زاد الوضع تعقيدا و تعفنا لأن القيادة كانت تسير من وجدة و رفضت التنسيق بين الولاياتا لأنه كانت تراه تهديدا لوجودها، و الأسباب الأخرى التي جعلت الفقيد موضع ملاحقات هي موقفه من قضية اغتيال الشهيدين العقيد عميروش و سي الحواس و قال أنها غامضة و تحتاج إلى فتح تحقيق و إعادة البحث فيها من جديد، لاسيما و ملف الإغتيالات بدأ قبل و أثناء الثورة و بعدها على غرار قضية اغتيال كريم بلقاسم الذي كان من الموقعين على اتفاقات إيفيان و محمد خيضر، و كان يردد أن الأولوية لفتح ملف الإغتيالات لفضح الكثير من الأشياء.
و كان الفقيد لخضر بورقعة كثيرا ما يندد بدور الإستخبارات الفرنسية في تحطيم الثورة، و يقول عندما نتحدث عن وجود اختراق في قضية اغتيال عميروش و سي الحواس، فكما هناك لابلويت لإختراق الثورة في الداخل ففي الخارج أيضا كانوا مخترقين و أن فرنسا اخترقت جماعة الخارج، و من موقفه ايضا أنه كان يردد و يلح على تتبع تحركات "المالغ" ، و كان يقول : "يجب الضغط جيدا على حرف (غ) و إلا ستتحول المالغ إلى أذى باللاتينية MAL، و كان الفقيد في إحدى تصريحاته أن "المالغ" انحرف عن مساره الثوري و تحول إلى طائفة كتلك التي تعبد الشيطان ، كما كشف عن الدور الذي لعبه مكتب الدراسة و الربط الفرنسي في تجنيد الجواسيس و دسّهم في صفوف جيش التحرير الوطني، و كان ذد ذكر جندي من أصل مجري انضم على أساس أنه هارب و لقب باسم جلول، ليختفي فجأة و اعتقدوا أنه مات حتى بعد الإستقلال تبين من خلال وسائل الإعلام الفرنسية أنه كان مبعوثا في مهمة جاسوسية لضرب الثورة الجزائرية و الإطاحة بقادتها.
و بالعودة إلى دور المجاهد لخضر بورقعة كعضو قيادي و أحد مؤسسي جبهة القوى الإشتراكية ، فقد ارتبط اسمه بالخط الإيديولوجي للأفافاس الذي منذ تأسيسه و هو يرافع من أجل الإعتراف بالهوية الأمازيغية و إدخال البعد الأمازيغي في التنظيم المستقبلي للجزائر المستقلة، و موقف المصاليين من القضية الأمازيغية، فكانت مطالب بأن تكون الجزائر جزائرية لا هي عربية و لا هي أمازيغية ( بربرية) و لابد من النضال من أجل التحرر الوطني دون تمييز بين العرب و البربر أي تجاوز المسألة العرقية، و هو ما ذهب قادة بجهة القوى الإشتراكية ( الأفافاس) بقيادة المجاهد حسين آيت أحمد بأن الجزائر جزائرية، لإبطال المقترح الميصالي بأن الجزائر عربية، كما ارتبط ايم لخضر بورقع باسم الدّا الحسين رحمه الله في قضية حرب الرمال سنة 1962 ، إذ أراد آيت أحمد وبورقعة المساهمة في رد العدوان المغربي على الجزائر المستقلة حديثًا من وجهة نظرهم، وهو ما حدث بالفعل، إذ شاركت قوات من الجبهة بورقعة في العمليات العسكرية ضد القوات المغربية، والتحدت مع الجيش الجزائري.
لم تنج جبهة القوى الإشتراكية و قادتها من التهم، فتارة بالمادية البربرية و تارة أخرى بالمادية الماركسية و ملاحقة المثقفين الأمازيغ فكانت عمليات تصفية ( قال خصوم الأفافاس انها عملية تطهير) للنخبة المثقفة و النخبة السياسية لا ضد إطارات القبائل فحسب، بل امتدت لتشمل كل الإئتلاف الراديكالي الذي يطالب بالديمقراطية ، السؤال الذي يمكن طرحه في هذه الورقة هو: ماذا بقي للجزائر وهي تودع كل سنة رمزا من رموز الكفاح و النضال، في ظل التكالبات على وحدة البلاد، و ماذا بقي من جبهة القوى الإشتراكية و هي تودع أبرز قادتها و مؤسسيها، الأفافاس الذي سار في طريق المعارضة منذ تأسيسه في 1963 من أجل وضع حد لفوضى الحكم و القرارات الإرتجالية و مواجهة نظام فاسد، و كانت مطالب الجبهة تتمثل في إلغاء الحكم الفردي و إطلاق سراح المعتقلين السياسيين و القيام بإصلاحات سياسية جذرية، كما كانت تحسس المواطن و الرأي العام بضرورة التفرقة بين السلطة الفعلية و سلطة الواجهة، و إلى اليوم ما يزال قادة الأفافاس يناضلون بصبر و نَفَسٍ طويلٍ جدا.
ورقة أعدتها علجية عيش