وقف بأفكاره ضد التبعية و عبادة الفرد..من كتبه "مملكة الإستبداد المقنن في سوريا "
و جريس الهامس هو محامي من مواليد 1930 في بلدة صيدنايا التاريخية الواقعة في ريف دمشق بسوريا ناضل ضد الإستعمار الفرنسي مع الحركة الطلابية الوطنية في سورية ، ثم في صفوف الحزب الشيوعي السوري، و كان من أبرز المناضلين في نقابة المحامين بدمشق وعضو موْسس في أول رابطة للدفاع عن حقوق الإنسان و جمعية رعاية المساجين بدمشق منذ عام 1970 ، وقف بأفكاره ضد اغتيال الديمقراطية ، و كان هذا اليساري السوري محل مضايقات ، بعدما تعرض هذا التيار إلى حملات القمع الهمجي والتشويه والتصفية في عهد حافظ الأسد، ساهم في أدبيات الحزب الشيوعي العربي السرية منها : ( نضال الكادحين ) ، صوت الفلاح ، في ريف دمشق، و السلماس و الشيوعي الصحيفة الماركسية النظرية، و يعد جريس الهامس من أكبر المناضلين ضد اغتصاب العسكر للسلطة منذ الإنقلاب العسكري الأول عام 1949 وضد جميع الأحلاف والمشاريع الاستعمارية مع جميع القوى الوطنية الديمقراطية الكردية والعربية ، و كمثقف سعى جريس الهامس لإحتلال مكانة له بين صفوف المعارضة كي لا يقع في تمزن وجداني و لا يخون فكره و ثقافته، رافضا شعو الدخيل على وطنه، فكان له أن يختار ثورية الفكر و يسلك طريق المعارضة باعتبارها هي الطليعة يكون لها الدور الأول من حيث التوجيه في نطاق النشاط السياسي حتى لا يطغى نموذج الزعيم السياسي على القائد الثوري و إلا، لا معنى للعقيدة و لمفاصلها الفكرية.
والحديث عن جريس الهامس يقود إلى الحديث عن الحركة الشيوعية التي تبنت منذ الأساس منطقا مخالفا تماما لطبيعة المرحلة الحضارية التي تمر بها الأمة العربية و تشبثت بفلسفتها ، حيث ادّعت ثورية جديدة حاولت الإنتصار لأفكارها أمام الحركات الثورية الأخرى كحركة القوميين السوريين و الإخوان المسلمين و الجمعيات التبشيرية و الطائفية الأخرى، مما جعلها منعزلة عن الجماهير، فرغم ما قامت به من نشاط تاريخي، لم تستطع هذه الحركة أن تتحرر في فترة الإحتلال الأجنبي و هذا ما كشفت عنه تجربة الشيوعية في سوريا و لبنان خلال الإحتلال الفرنسي كما كشفت عنه أيضا الثورة الجزائرية الأخيرة عندما وقف الشيوعيون الجزائريون موقفا اتصف بالتعارض في أغلب الأحيان مع أهداف الثورة الجزائرية، و ذلك لإرتباطه مع مواقف الحزب الشيوعي الفرنسي الذي لم يستطع أن يوضح موقفه من الثورة الجزائرية، حتى أنه ناقض نفسه و إيديولوجيته، لقد رفعت الحركة الشيوعية في العالم العربي شعار أن القومية هي مرحلة و أن المرحلة التالية هي الماركسية حتما، و قد تحدثت أقلام كيف عانت الثورة العربية في سوريا على غرار دول أخرى في المشرق العربي و في المغرب العربي من كثير من الأمراض التنظيمية بين صفوفها بعدما عاثت الإنتهازية فسادا داخل الحركة الثورية و فصلت بين القمة و القاعدة خاصة في مرحلة البعث التي كانت تتحرك من أجل أن تنفض عن ذاتها صفة البروليتاريا القومية.
الصراع كان على أساس جدلية الإنبعاث ذاتها، في كل الأحوال كانت هناك ازدواجية في الفكر و الطرح و كل طرف كان يتصور أن نموذجه في العمل النضال هو الأفضل، وقف التيار الشيوعي في أقصى المعارضة ضد اليمين الذي اعتصم بشعار المحافظة على الروح العقيدية عكس الأول الذي مجد المغامرة، حسبما اشار إليه الدكتور مطاع صفوي في كتابه "الثورة في التجربة " ، و لا ريب في ان النتيجة كانت وقوع حروب أهلية دموية التي أدت إلى سقوط أنظمة و القضاء على الإزدواجية في القيادة و التوجيه ، كما أن الحديث عن هذا اليساري يطرح كذلك إشكالية النضال السّْرِّي و العلني من أجل الحفاظ على حركة كل طرف و استمرار عمله، حسب محللون، فقد طرح الفكر النضالي أسئلة كثيرة تتعلق بمستقبل الديمقراطية و مع من يمكنها ان تنسجم في ظل غياب الحلول الإيديولوجية المباشرة.
و لعل جريس الهامس واحد من اليساريين السوريين الذين وقفوا ضد نظام بعثي و واجهوا إيديولوجيته و واجهوا كذلك كل الدكتاتوريات العسكرية في القطر السوري و التي تبناها الرئيس السوري الأسبق أديب الشيشكلي خلال فترة الجلاء و فترة الإنقلاب العسكري الأول على يد حسني الزعيم عام 1949 و بسبب مواقفه تعرض الكاتب جريس الهامس للإعتقال أكثر من عشر مرات في مختلف العهود الديكتاتورية و مختلف السجون السورية ، كان آخرها بين عامي 1974 و 1978، و بعد تعرضه لمحاولة إغتيال مرتين في سجن تدمر عام 1975 أرغم على مغادرة الوطن عام 1980 فكانت هولندا ملجأ له، من أهم ما أصدره جريس الهامس كتاب: الوحدة العربية بين الشعار والتطبيق، السرطان الصهيوني من القبيلة الى دولة الإغتصاب و كتاب "من يحاكم من في نظام العسكرتاريا ؟؟" و "مملكة الإستبداد المقنن في سوريا" و غيرها من الكتب و المقالات المنشورة في الصحف و المجلات و المواقع الإلكترونية.
علجية عيش
تفقد الساحة الفكرية المعارضة اليوم واحد من اليساريين السوريين، الذين ناضلوا بأفكارهم ضد التبعية و عبادة الفرد، إنه جريس الهامس صاحب كتاب"مملكة الإستبداد المقنن في سوريا " و "مَنْ يُحَاكِمُ مَنْ في نظام العسكرتاريا ؟؟ " الذي توفي بمنفاه بهولندا عن عمر ناهز 90 عاما ، تاركا وراءه رصيدا فكريا تمثل في إصدار عدة كتب و مقالات منشورة في الصحف و المجلات، و كما قال أحد المفكرين هي تجربة رجل لا تستطيع أن تتخلى عن المستقبل في غياب صاحبها ، لأنها تجربة تاريخ ، ليس أيّ تاريخ، بل حرية صنع التاريخ
و جريس الهامس هو محامي من مواليد 1930 في بلدة صيدنايا التاريخية الواقعة في ريف دمشق بسوريا ناضل ضد الإستعمار الفرنسي مع الحركة الطلابية الوطنية في سورية ، ثم في صفوف الحزب الشيوعي السوري، و كان من أبرز المناضلين في نقابة المحامين بدمشق وعضو موْسس في أول رابطة للدفاع عن حقوق الإنسان و جمعية رعاية المساجين بدمشق منذ عام 1970 ، وقف بأفكاره ضد اغتيال الديمقراطية ، و كان هذا اليساري السوري محل مضايقات ، بعدما تعرض هذا التيار إلى حملات القمع الهمجي والتشويه والتصفية في عهد حافظ الأسد، ساهم في أدبيات الحزب الشيوعي العربي السرية منها : ( نضال الكادحين ) ، صوت الفلاح ، في ريف دمشق، و السلماس و الشيوعي الصحيفة الماركسية النظرية، و يعد جريس الهامس من أكبر المناضلين ضد اغتصاب العسكر للسلطة منذ الإنقلاب العسكري الأول عام 1949 وضد جميع الأحلاف والمشاريع الاستعمارية مع جميع القوى الوطنية الديمقراطية الكردية والعربية ، و كمثقف سعى جريس الهامس لإحتلال مكانة له بين صفوف المعارضة كي لا يقع في تمزن وجداني و لا يخون فكره و ثقافته، رافضا شعو الدخيل على وطنه، فكان له أن يختار ثورية الفكر و يسلك طريق المعارضة باعتبارها هي الطليعة يكون لها الدور الأول من حيث التوجيه في نطاق النشاط السياسي حتى لا يطغى نموذج الزعيم السياسي على القائد الثوري و إلا، لا معنى للعقيدة و لمفاصلها الفكرية.
والحديث عن جريس الهامس يقود إلى الحديث عن الحركة الشيوعية التي تبنت منذ الأساس منطقا مخالفا تماما لطبيعة المرحلة الحضارية التي تمر بها الأمة العربية و تشبثت بفلسفتها ، حيث ادّعت ثورية جديدة حاولت الإنتصار لأفكارها أمام الحركات الثورية الأخرى كحركة القوميين السوريين و الإخوان المسلمين و الجمعيات التبشيرية و الطائفية الأخرى، مما جعلها منعزلة عن الجماهير، فرغم ما قامت به من نشاط تاريخي، لم تستطع هذه الحركة أن تتحرر في فترة الإحتلال الأجنبي و هذا ما كشفت عنه تجربة الشيوعية في سوريا و لبنان خلال الإحتلال الفرنسي كما كشفت عنه أيضا الثورة الجزائرية الأخيرة عندما وقف الشيوعيون الجزائريون موقفا اتصف بالتعارض في أغلب الأحيان مع أهداف الثورة الجزائرية، و ذلك لإرتباطه مع مواقف الحزب الشيوعي الفرنسي الذي لم يستطع أن يوضح موقفه من الثورة الجزائرية، حتى أنه ناقض نفسه و إيديولوجيته، لقد رفعت الحركة الشيوعية في العالم العربي شعار أن القومية هي مرحلة و أن المرحلة التالية هي الماركسية حتما، و قد تحدثت أقلام كيف عانت الثورة العربية في سوريا على غرار دول أخرى في المشرق العربي و في المغرب العربي من كثير من الأمراض التنظيمية بين صفوفها بعدما عاثت الإنتهازية فسادا داخل الحركة الثورية و فصلت بين القمة و القاعدة خاصة في مرحلة البعث التي كانت تتحرك من أجل أن تنفض عن ذاتها صفة البروليتاريا القومية.
الصراع كان على أساس جدلية الإنبعاث ذاتها، في كل الأحوال كانت هناك ازدواجية في الفكر و الطرح و كل طرف كان يتصور أن نموذجه في العمل النضال هو الأفضل، وقف التيار الشيوعي في أقصى المعارضة ضد اليمين الذي اعتصم بشعار المحافظة على الروح العقيدية عكس الأول الذي مجد المغامرة، حسبما اشار إليه الدكتور مطاع صفوي في كتابه "الثورة في التجربة " ، و لا ريب في ان النتيجة كانت وقوع حروب أهلية دموية التي أدت إلى سقوط أنظمة و القضاء على الإزدواجية في القيادة و التوجيه ، كما أن الحديث عن هذا اليساري يطرح كذلك إشكالية النضال السّْرِّي و العلني من أجل الحفاظ على حركة كل طرف و استمرار عمله، حسب محللون، فقد طرح الفكر النضالي أسئلة كثيرة تتعلق بمستقبل الديمقراطية و مع من يمكنها ان تنسجم في ظل غياب الحلول الإيديولوجية المباشرة.
و لعل جريس الهامس واحد من اليساريين السوريين الذين وقفوا ضد نظام بعثي و واجهوا إيديولوجيته و واجهوا كذلك كل الدكتاتوريات العسكرية في القطر السوري و التي تبناها الرئيس السوري الأسبق أديب الشيشكلي خلال فترة الجلاء و فترة الإنقلاب العسكري الأول على يد حسني الزعيم عام 1949 و بسبب مواقفه تعرض الكاتب جريس الهامس للإعتقال أكثر من عشر مرات في مختلف العهود الديكتاتورية و مختلف السجون السورية ، كان آخرها بين عامي 1974 و 1978، و بعد تعرضه لمحاولة إغتيال مرتين في سجن تدمر عام 1975 أرغم على مغادرة الوطن عام 1980 فكانت هولندا ملجأ له، من أهم ما أصدره جريس الهامس كتاب: الوحدة العربية بين الشعار والتطبيق، السرطان الصهيوني من القبيلة الى دولة الإغتصاب و كتاب "من يحاكم من في نظام العسكرتاريا ؟؟" و "مملكة الإستبداد المقنن في سوريا" و غيرها من الكتب و المقالات المنشورة في الصحف و المجلات و المواقع الإلكترونية.
علجية عيش