لازال الظن لدى الكثيرين من الأدباء والنقاد ، وبخاصة الجدد أن هناك
مميزات للفصحى على العامية ، وأن شاعر العامية هو شاعر من الدرجة
الثانية أو في طبقة أقل ، ويتناسون أن العامية حينما تجد كاتباً موهوباً ، أوكاتبة موهوبة تجد الصدى الأوسع والانتشار الأعم ، حيث إن جميع الأمم
تعتمد على العامية في تغيير الحياة كاملة ، وكانت العامية المصرية هي
الدافع الرئيس ضد الاستعمار التركي والاستعمار الإنجليزي والفرنسي
وهل ننسى سيد درويش وبيرم التونسي ومن بعدهما فؤاد حداد وصلاح
جاهين والأبنودي ، في ظني لا تمييز للغة على لهجة ،ولا للهجة على لغة
سوى في تحديد الهدف وطريقة الوصول إليه ، فإذا حدد الشاعر هدفه
ووصل إليه فهو المتميز ، سواء كتب بالعامية أو بالفصحى .
والليلة أقف في ظل ديوان يثبت لي صحة ما أتوجه به للقارئ ، وهو
ديوان ( ما حبتنيش ) للشاعرة المصرية / إلهام عفيفي ، حيث لاترى في
الديوان هدرا للكلمات ولا ضياعا للمعاني ، ولا تسلية مقصودة فقط لذاتها
إنما الأمر يختلف عند الشاعرة فهي تكتب مجتمعها في نصوصها ، فلا
تجد نصا إلا وهو يقدم فكرة أو يحض على سلوك صحيح أو يكسبك توجها
جديدا مهما أو ملاحظات على المجتمع ، فالنصوص جميعها لا يمكن أن
نستثني منها نصا ، وهذا يجعلني أرى أن الشاعرة تكتب الشعر ماهية
ووظيفة ، فترى أن الشعر يكسب المجتمع توجهات جديدة أكثر مما يكسبه
مفردات جديدة ، وأن الشعر ينقي المجتمع من الشوائب وليس صوتا
يصرخ في أذن السامعين فقط ، كما تنسج الشاعرة.
وفى قصيدتها : " محبتنيش " نرى الذات المأزومة / المنسحقة مقابل تَهَدَّم جدران الحب التي حسبتها صلبة ، فإذا هي تتهاوى أمام الخداع والزيف لمحب يماهى بالحب، فإذا به يطعن المحبوبة في كبريائها/ في عشقها الأنقى، وللأدعى والداعى للمرار أن نراه بعد الهجر يريد العودة والوصال ، لتدور عجلة الخداع بالحب إلى ما لانهاية، لكنه انكشف أمامها وتعرى،لذا رأيناها تنكر أفعاله، وتفضها كُلاً وجزءاً ،وكأنها تثأر لجراحها التي سالت دماؤها من قبل على حبه المهترىء، كما نلمحصدق المشاعر عبر اللغة المنسابة، والمثالة من جرح غائر في بؤبؤ القلب الواهن ، الذى ذاق مرار الحب، ووجع الحرمان ، تقول :
وراجع ليا من تاني
بتسألني صحيح فاكراك ؟
أنا فاكرة وكنت أتمنى لو أنسى
انا فاكرة
ف اول يوم
عجبني صدق تمثيلك
وصدقتك وطول الليل وانا باحلم
اكون ملكك وبادعيلك
وكنت اتمنى اكون الزيت ف قنديلك
وكان نفسي الم الكون ف منديلي وأديلك
رسمت حياتي ضلاية على رمشك
وكنت اتعشى من طيبتي وابلع لقمتي بغشك
وتهدمني وانا بابني حيطان عشك.
ولنلمح جماليات الصورة المنسابة بفيض المشاعر كنهر يغدق الحب في أرض بوار، عبر زيف وإيهام بالحب،لكنه حب لم يكتمل، فنراها تصبه عليه كل اللوم واللعنات، لكنها مع ذلك لم تستطع أن تنساه، رغم مرار البعاد، والخديعة، ولوعة العشق بقلبها الواهن الآسن الضعيف، تقول:
ما كنتش عارفة انك بحر بيغرّق
وانا عايشة
ودلوقتي عرفت الفرق
عرفت انك ما حبتنيش ولا لحظة
وباحلف صدق
باسم الحق
محبتنيش .
انها فقط تصرخ، تجوح، وتحلف، وكأنها رغم كل الجراح تشكوه إلى ذاتها، فنراها تلقى باللوم علىذاتها التي خدعت، فرغم كل ما كان لا تطاوعها الحروف على شتمه، وكأنها تعاتبه، مع قرارها بعدم العودة إليه، لكنه قرار الندم والخديعة والحب الذى لايمكن أن تنطفىء شمعته رغم كل ما حدث .
إن الشعر العامى ببساطة تعبيراته ، وعمقها هو نبض الشعب، ولغته التي تخاطب المجروحين، والمخدوعين في المحب الخائن، وكأنها ترسل رسالة تحذير، صرخة أخيرة للعشاق ليحذروا الغدر والخيانة في الحب، والتي هي أكثر إيلاماً من طعنات الخناجر والسيوف لتى تمزق اللحم ، وتُسيلُ الدماء .
لقد نجحت الشاعر عبر لغة غير إلغازية في رسالتها، ولم تستخدم مباشرة في الرسالة، بل دخلت إلى القلب دون استئذان، وهكذا العامية التي تقتضى ضرورة ما، وموضوعاً ،لتدخل إلى شراشف الذات، وتتوضأ بالصدق واليقين، عس أن يحذر المحبون الخداع في الحب، وآهٍ من وجع الحب !! .
حاتم عبدالهادى السيد
مميزات للفصحى على العامية ، وأن شاعر العامية هو شاعر من الدرجة
الثانية أو في طبقة أقل ، ويتناسون أن العامية حينما تجد كاتباً موهوباً ، أوكاتبة موهوبة تجد الصدى الأوسع والانتشار الأعم ، حيث إن جميع الأمم
تعتمد على العامية في تغيير الحياة كاملة ، وكانت العامية المصرية هي
الدافع الرئيس ضد الاستعمار التركي والاستعمار الإنجليزي والفرنسي
وهل ننسى سيد درويش وبيرم التونسي ومن بعدهما فؤاد حداد وصلاح
جاهين والأبنودي ، في ظني لا تمييز للغة على لهجة ،ولا للهجة على لغة
سوى في تحديد الهدف وطريقة الوصول إليه ، فإذا حدد الشاعر هدفه
ووصل إليه فهو المتميز ، سواء كتب بالعامية أو بالفصحى .
والليلة أقف في ظل ديوان يثبت لي صحة ما أتوجه به للقارئ ، وهو
ديوان ( ما حبتنيش ) للشاعرة المصرية / إلهام عفيفي ، حيث لاترى في
الديوان هدرا للكلمات ولا ضياعا للمعاني ، ولا تسلية مقصودة فقط لذاتها
إنما الأمر يختلف عند الشاعرة فهي تكتب مجتمعها في نصوصها ، فلا
تجد نصا إلا وهو يقدم فكرة أو يحض على سلوك صحيح أو يكسبك توجها
جديدا مهما أو ملاحظات على المجتمع ، فالنصوص جميعها لا يمكن أن
نستثني منها نصا ، وهذا يجعلني أرى أن الشاعرة تكتب الشعر ماهية
ووظيفة ، فترى أن الشعر يكسب المجتمع توجهات جديدة أكثر مما يكسبه
مفردات جديدة ، وأن الشعر ينقي المجتمع من الشوائب وليس صوتا
يصرخ في أذن السامعين فقط ، كما تنسج الشاعرة.
وفى قصيدتها : " محبتنيش " نرى الذات المأزومة / المنسحقة مقابل تَهَدَّم جدران الحب التي حسبتها صلبة ، فإذا هي تتهاوى أمام الخداع والزيف لمحب يماهى بالحب، فإذا به يطعن المحبوبة في كبريائها/ في عشقها الأنقى، وللأدعى والداعى للمرار أن نراه بعد الهجر يريد العودة والوصال ، لتدور عجلة الخداع بالحب إلى ما لانهاية، لكنه انكشف أمامها وتعرى،لذا رأيناها تنكر أفعاله، وتفضها كُلاً وجزءاً ،وكأنها تثأر لجراحها التي سالت دماؤها من قبل على حبه المهترىء، كما نلمحصدق المشاعر عبر اللغة المنسابة، والمثالة من جرح غائر في بؤبؤ القلب الواهن ، الذى ذاق مرار الحب، ووجع الحرمان ، تقول :
وراجع ليا من تاني
بتسألني صحيح فاكراك ؟
أنا فاكرة وكنت أتمنى لو أنسى
انا فاكرة
ف اول يوم
عجبني صدق تمثيلك
وصدقتك وطول الليل وانا باحلم
اكون ملكك وبادعيلك
وكنت اتمنى اكون الزيت ف قنديلك
وكان نفسي الم الكون ف منديلي وأديلك
رسمت حياتي ضلاية على رمشك
وكنت اتعشى من طيبتي وابلع لقمتي بغشك
وتهدمني وانا بابني حيطان عشك.
ولنلمح جماليات الصورة المنسابة بفيض المشاعر كنهر يغدق الحب في أرض بوار، عبر زيف وإيهام بالحب،لكنه حب لم يكتمل، فنراها تصبه عليه كل اللوم واللعنات، لكنها مع ذلك لم تستطع أن تنساه، رغم مرار البعاد، والخديعة، ولوعة العشق بقلبها الواهن الآسن الضعيف، تقول:
ما كنتش عارفة انك بحر بيغرّق
وانا عايشة
ودلوقتي عرفت الفرق
عرفت انك ما حبتنيش ولا لحظة
وباحلف صدق
باسم الحق
محبتنيش .
انها فقط تصرخ، تجوح، وتحلف، وكأنها رغم كل الجراح تشكوه إلى ذاتها، فنراها تلقى باللوم علىذاتها التي خدعت، فرغم كل ما كان لا تطاوعها الحروف على شتمه، وكأنها تعاتبه، مع قرارها بعدم العودة إليه، لكنه قرار الندم والخديعة والحب الذى لايمكن أن تنطفىء شمعته رغم كل ما حدث .
إن الشعر العامى ببساطة تعبيراته ، وعمقها هو نبض الشعب، ولغته التي تخاطب المجروحين، والمخدوعين في المحب الخائن، وكأنها ترسل رسالة تحذير، صرخة أخيرة للعشاق ليحذروا الغدر والخيانة في الحب، والتي هي أكثر إيلاماً من طعنات الخناجر والسيوف لتى تمزق اللحم ، وتُسيلُ الدماء .
لقد نجحت الشاعر عبر لغة غير إلغازية في رسالتها، ولم تستخدم مباشرة في الرسالة، بل دخلت إلى القلب دون استئذان، وهكذا العامية التي تقتضى ضرورة ما، وموضوعاً ،لتدخل إلى شراشف الذات، وتتوضأ بالصدق واليقين، عس أن يحذر المحبون الخداع في الحب، وآهٍ من وجع الحب !! .
حاتم عبدالهادى السيد