جادل الصديق على جاد الله، بأن الهوية، لا تنبني على المُتخيل، والدليل على ذلك مفرزات الثقافة الغوية والأدبية والفنية..).
وأرى أن الخصوصيات الثقافيةمن بقايا الفقر.
سنلاحظ مثلاً، أن عواصم المدن تمتزج فيها الثقافات لتخلق ثقافة خاصة بها. غالباً ما تكون المدن الصناعية دورق انصهار للثقافات وتمييعها. وكذلك المدن التجارية. في حين تتسبك وتتصلد الثقافات في بيئة اقتصادية فقيرة. ففي البيئة الفقيرة، يحتاج الافراد إلى قوة التحيز الجماعي لمواجهة المخاطر. وفي البيئات الغنية تخف حدة تلك التحيزات، أو تتحول لمتخيل مقدس (بلا عمل حقيقي) تكون قيمته في حضوره فقط. هناك دول بها اكثر من لغة رسمية كسويسرا (فرنسية المانية، إيطالية). وهذا لا يمثل مشكلة في ظل الرفاه الإقتصادي. لكنه سيمثل مشكلة في دولة فقيرة في مجاهل أفريقيا. إذ تعبر اللغة هنا عن صراع اقتصادي سياسي.
سنعرف وهم الخصوصيات الثقافية عندما نلاحظ أن اليونسكو -على سبيل المثال- تعتبر منطقة ما ملكية عالمية، كجبانات مروي، وكالبتراء وكاهرامات الجيزة. فبمضي الزمن يتخلل التحيز، وتمتلك الثقافة (بمنتجاتها المادية والأدبية) إطارا أوسع للحضور، ولذلك قد تعمد (الإنسانية) بأسرها على حماية لغة تكاد أن تنقرض، كما تفعل ذات الشيء بالنسبة لحيوان وحيد القرن الأبيض. لن تمثل تلك اللغة المجموعة البشرية التي نشأت فيها، بل ستمثل حضورا للإنسان في امتدادي الزمان والمكان، أي الحضور التاريخي، وهو تمثل يشبه رائحة حبيب قديم.
لوتتبعنا الأدب الياباني الحديث، سنجد أنه تجاوز التجمد الثقافي. والأدب بشكل عام اضحى يستخدم البيئة العالمية، تلك الخليط من التداخلات الثقافية التي تنفصل وتتصل. في حين سنجد أن أغلب الأدب الأفريقي لا زال عالقا في توثيق ثقافته ومنحصراً فيها. إنه غير قادر على امتلاك جرأة أن يكون مشاركاً في روح العالم، ان يناقش قضايا إنسانية وليست أفريقية فقط.
دعوني أعزز هذا المنطق قليلاً بالموسيقى. فالإنحياز الموسيقي نفسه ينحصر في النظم الإجتماعية التقليدية. حيث لا تتقبل الجماعات اي تطوير موسيقي، وتعتبره أجنبياً عنها. ولكن فلننتقل إلى المجتمعات الاكثر انفتاحا، كالمجتمع القاهري في مصر، وامريكا والهند. سنجد هناك أن كل انواع الموسيقى والإيقاعات متواجدة ومقبولة ومستساغة. ولذلك ظلت هذه الدول محط تركيز للراغبين في ولوج عالم الفن الموسيقي والغنائي. اما في السودان، فإن كل تطوير يعد انحرافاً عن الذائقة العامة، ومرفوضاً قبل أن يبدأ.
إن السينما الهندية والمصرية والأمريكية ظلت مسيطرة بسبب ذلك التوسع في المد الثقافي العالمي. والسينما الهندية على وجه التحديد أضحت تتخلى عن تراثها السينمائي منطلقة نحو الحداثة كالسهم. حتى في الرقص والغناء، بل واللغة نفسها التي تقترب اندماجا في الإنجليزية يوماً بعد يوم..(اي عصرنة الفن)، والعصرنة تخلي متعمد عن الماضي والتوجه نحو العالمي باستمرار.
وأرى أن الخصوصيات الثقافيةمن بقايا الفقر.
سنلاحظ مثلاً، أن عواصم المدن تمتزج فيها الثقافات لتخلق ثقافة خاصة بها. غالباً ما تكون المدن الصناعية دورق انصهار للثقافات وتمييعها. وكذلك المدن التجارية. في حين تتسبك وتتصلد الثقافات في بيئة اقتصادية فقيرة. ففي البيئة الفقيرة، يحتاج الافراد إلى قوة التحيز الجماعي لمواجهة المخاطر. وفي البيئات الغنية تخف حدة تلك التحيزات، أو تتحول لمتخيل مقدس (بلا عمل حقيقي) تكون قيمته في حضوره فقط. هناك دول بها اكثر من لغة رسمية كسويسرا (فرنسية المانية، إيطالية). وهذا لا يمثل مشكلة في ظل الرفاه الإقتصادي. لكنه سيمثل مشكلة في دولة فقيرة في مجاهل أفريقيا. إذ تعبر اللغة هنا عن صراع اقتصادي سياسي.
سنعرف وهم الخصوصيات الثقافية عندما نلاحظ أن اليونسكو -على سبيل المثال- تعتبر منطقة ما ملكية عالمية، كجبانات مروي، وكالبتراء وكاهرامات الجيزة. فبمضي الزمن يتخلل التحيز، وتمتلك الثقافة (بمنتجاتها المادية والأدبية) إطارا أوسع للحضور، ولذلك قد تعمد (الإنسانية) بأسرها على حماية لغة تكاد أن تنقرض، كما تفعل ذات الشيء بالنسبة لحيوان وحيد القرن الأبيض. لن تمثل تلك اللغة المجموعة البشرية التي نشأت فيها، بل ستمثل حضورا للإنسان في امتدادي الزمان والمكان، أي الحضور التاريخي، وهو تمثل يشبه رائحة حبيب قديم.
لوتتبعنا الأدب الياباني الحديث، سنجد أنه تجاوز التجمد الثقافي. والأدب بشكل عام اضحى يستخدم البيئة العالمية، تلك الخليط من التداخلات الثقافية التي تنفصل وتتصل. في حين سنجد أن أغلب الأدب الأفريقي لا زال عالقا في توثيق ثقافته ومنحصراً فيها. إنه غير قادر على امتلاك جرأة أن يكون مشاركاً في روح العالم، ان يناقش قضايا إنسانية وليست أفريقية فقط.
دعوني أعزز هذا المنطق قليلاً بالموسيقى. فالإنحياز الموسيقي نفسه ينحصر في النظم الإجتماعية التقليدية. حيث لا تتقبل الجماعات اي تطوير موسيقي، وتعتبره أجنبياً عنها. ولكن فلننتقل إلى المجتمعات الاكثر انفتاحا، كالمجتمع القاهري في مصر، وامريكا والهند. سنجد هناك أن كل انواع الموسيقى والإيقاعات متواجدة ومقبولة ومستساغة. ولذلك ظلت هذه الدول محط تركيز للراغبين في ولوج عالم الفن الموسيقي والغنائي. اما في السودان، فإن كل تطوير يعد انحرافاً عن الذائقة العامة، ومرفوضاً قبل أن يبدأ.
إن السينما الهندية والمصرية والأمريكية ظلت مسيطرة بسبب ذلك التوسع في المد الثقافي العالمي. والسينما الهندية على وجه التحديد أضحت تتخلى عن تراثها السينمائي منطلقة نحو الحداثة كالسهم. حتى في الرقص والغناء، بل واللغة نفسها التي تقترب اندماجا في الإنجليزية يوماً بعد يوم..(اي عصرنة الفن)، والعصرنة تخلي متعمد عن الماضي والتوجه نحو العالمي باستمرار.