"استطيع أن أنظر لمتسول واستفيد منه"
ولست أبالغ حين أقول ذلك. بل أجد ذلك أمراً متواضعاً جداً، حين نقارنه بالقوة الجبارة للإنسان.
البشرية والتي من المفترض أنها أرقى من باقي الحيوانات، لم تستطع الإرتقاء بالفعل. لقد ظلت في انحطاط مستمر، جراء صراعاتها المزمنة حول السيطرة. رغم ما يشاع عن التنوير والحداثة وما بعدها، وما بعد بعدها، لكن التاريخ الماضي والراهن الحاضر يؤكدان بلادة هذا الكائن الإنساني، الذي زاد فيه البؤس، في حين استقرت فيه باقي الحيوانات في إطارها التصارعي المنطقي والمحدد بصرامة عبر احتياجاتها الغريزية. لم تكن الأديان أو الآيدولوجيات سببا بل مبرراً. فحرب المائة عام والثلاثين عام والحرب الباردة وحتى حروب ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، لم تستند على مصلحة إنسانية، بل تمت محاولات لتبريرها أخلاقياً. إذ تظل فئة صغيرة من اللصوص تدير دفة العالم لمصلحتها، كما يحدث الآن في السودان وسوريا والعراق وليبيا واليمن وأرمينيا..الخ. وكما يحدث في عمليات التهشيش والإفقار للدول، وإضعافها، من أجل الانقضاض عليها لاحقاً. هذا فضلاً عن صراعات الحدود، وحرب المياه، والحروب الاقتصادية، والتوجيه النفسي، والقمع، وحرب القانون، والحروب الثقافية الجارية الآن...الخ.
أصبح الحال مزرياً والبشرية إما عبيد أو أسياد.
فإن لم تك رأسمالياً فأنت حتماً عبد. وعبودية العصر لا تختلف عن عبودية العصور السابقة إن لم تك أشد قسوة. فمن لا يملك يهلك. وأقترن العمل بالقيمة المالية والإنسان بالعمل.
هذه مأساة، وبدلاً عن العصور السابقة، أي عصور الامبراطوريات الواسعة، تقزمت الدول وتحزمت في مواجهة مع الآخر. وارتفعت معدلات الجريمة الداخلية والدولية بشكل غير مسبوق خلال عشرين عاما فقط.
وأفضت التكنولوجيا لمزيد من الصراعات، وأضحت الدول تستخدم العلوم الإنسانية والطبيعية للسيطرة على الشعوب وتوجيهها لخدمة مصالح اقليات لا تتمتع بوازع أخلاقي. وتطور العنف ليس فقط لعمليات ذبح وحرق للبشر وهم أحياء بل باستخدام أسلحة فتاكة واسعة النطاق التدميري. ويتم الإنفاق على التسلح بترليونات الدولارات مقابل القليل من المال لتمويل الأبحاث العلمية في حقول الصحة الإنسانية..كالسرطان والفشل الكلوي..الخ ثم أخيراً أصبحت هناك حرباً بايولوجية سخيفة، تستخدم فيها الفيروسات، لمحاصرة البشر في نطاقات جغرافية وبالتالي المزيد من القدرة على التحكم فيهم، هذا فضلاً عن التمهيد للحكومة العالمية التي لا يمكن أن تنهض إلا بتفكيك الجماعات البشرية ووضعها في فقاعات تعزز العزلة والفردية، وتسحق روح الإرادة الجماعية.
لقد وقفت البرجوازية الأوروبية ضد قيم الارستقراطية كالإتيكيت والاحترام، ووقفت ضد القيم الروحية أيضاً، وعززت الروح الفردية عبر قيم الحداثة اي (مركزية الإنسان) التي أشار لها ماكرون في لقائه مع الرئيس المصري. لقد كان حديث ماكرون يعبر عن توجه غربي يستأصل القيمة الكلية للإنسان، في حين يعتقد خطأ انه يدعم تلك القيمة. وما أكد عليه الرئيس المصري هو "التوازن"، وكان ذلك في الواقع ضربة قوية لماكرون الذي أضطر لإنهاء اللقاء.
مع ذلك لا يغيب الكذب عن الطرفين، إذ أن المسألة -كما اسلفت- مبررات للقمع. قمع الروحانيات في فرنسا، وقمع الحريات في مصر. فكلٌ يلعب لصالح ورقه.
لقد كان ترامب هو الأكثر صدقاً ووضوحاً في تصريحاته، بالمقارنة مع جميع رؤساء العالم. لذلك وصمه الأوربيون بالشعبوية، وهذا تناقض أوروبي غريب (تسفيه الشعبوية، وترفيع مركزية الإنسان).
أما الدول البائسة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا، فهي التي تمثل الجيوراسيك بارك. أي التي لا زالت تقبع فيها الصراعات الكلاسيكية، عبر وكلاء وعملاء في الداخل للخارج. لذلك تنسحق شعوبهم انسحاقا يومياً، وبالرغم من ذلك فإن الموكلين الخارجيين يقمعون ذات تلك الشعوب من الفرار من الداخل للخارج. وبالتالي فعشرات الحبال يتم الرقص عليها في وقت واحد وهي مليئة بالأجراس المزعجة، التي تشتت انتباه تلك الشعوب المقهورة وغير القادرة على التملص من اغتصابها اليومي روحيا وعقلياً وجسدياً.
إن حياة الإنسان قصيرة للغاية، ومعقدة، وكان من المفترض، أن يحياها الإنسان كما يجب. لكن هذا لم يحدث. وسوف يستمر هذا الإنزلاق إلى حين بلوغ الضغط أشده، وهناك؛ سيكون حل الإنسان الوحيد هو الإرتداد إلى الطبيعة والبدائية. وربما سيقوم بتدمير كل منجزاته الصناعية والتكنولوجية وتقويض الحدود السياسية لكي يهنأ بالسلام المنشود.
ولست أبالغ حين أقول ذلك. بل أجد ذلك أمراً متواضعاً جداً، حين نقارنه بالقوة الجبارة للإنسان.
البشرية والتي من المفترض أنها أرقى من باقي الحيوانات، لم تستطع الإرتقاء بالفعل. لقد ظلت في انحطاط مستمر، جراء صراعاتها المزمنة حول السيطرة. رغم ما يشاع عن التنوير والحداثة وما بعدها، وما بعد بعدها، لكن التاريخ الماضي والراهن الحاضر يؤكدان بلادة هذا الكائن الإنساني، الذي زاد فيه البؤس، في حين استقرت فيه باقي الحيوانات في إطارها التصارعي المنطقي والمحدد بصرامة عبر احتياجاتها الغريزية. لم تكن الأديان أو الآيدولوجيات سببا بل مبرراً. فحرب المائة عام والثلاثين عام والحرب الباردة وحتى حروب ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، لم تستند على مصلحة إنسانية، بل تمت محاولات لتبريرها أخلاقياً. إذ تظل فئة صغيرة من اللصوص تدير دفة العالم لمصلحتها، كما يحدث الآن في السودان وسوريا والعراق وليبيا واليمن وأرمينيا..الخ. وكما يحدث في عمليات التهشيش والإفقار للدول، وإضعافها، من أجل الانقضاض عليها لاحقاً. هذا فضلاً عن صراعات الحدود، وحرب المياه، والحروب الاقتصادية، والتوجيه النفسي، والقمع، وحرب القانون، والحروب الثقافية الجارية الآن...الخ.
أصبح الحال مزرياً والبشرية إما عبيد أو أسياد.
فإن لم تك رأسمالياً فأنت حتماً عبد. وعبودية العصر لا تختلف عن عبودية العصور السابقة إن لم تك أشد قسوة. فمن لا يملك يهلك. وأقترن العمل بالقيمة المالية والإنسان بالعمل.
هذه مأساة، وبدلاً عن العصور السابقة، أي عصور الامبراطوريات الواسعة، تقزمت الدول وتحزمت في مواجهة مع الآخر. وارتفعت معدلات الجريمة الداخلية والدولية بشكل غير مسبوق خلال عشرين عاما فقط.
وأفضت التكنولوجيا لمزيد من الصراعات، وأضحت الدول تستخدم العلوم الإنسانية والطبيعية للسيطرة على الشعوب وتوجيهها لخدمة مصالح اقليات لا تتمتع بوازع أخلاقي. وتطور العنف ليس فقط لعمليات ذبح وحرق للبشر وهم أحياء بل باستخدام أسلحة فتاكة واسعة النطاق التدميري. ويتم الإنفاق على التسلح بترليونات الدولارات مقابل القليل من المال لتمويل الأبحاث العلمية في حقول الصحة الإنسانية..كالسرطان والفشل الكلوي..الخ ثم أخيراً أصبحت هناك حرباً بايولوجية سخيفة، تستخدم فيها الفيروسات، لمحاصرة البشر في نطاقات جغرافية وبالتالي المزيد من القدرة على التحكم فيهم، هذا فضلاً عن التمهيد للحكومة العالمية التي لا يمكن أن تنهض إلا بتفكيك الجماعات البشرية ووضعها في فقاعات تعزز العزلة والفردية، وتسحق روح الإرادة الجماعية.
لقد وقفت البرجوازية الأوروبية ضد قيم الارستقراطية كالإتيكيت والاحترام، ووقفت ضد القيم الروحية أيضاً، وعززت الروح الفردية عبر قيم الحداثة اي (مركزية الإنسان) التي أشار لها ماكرون في لقائه مع الرئيس المصري. لقد كان حديث ماكرون يعبر عن توجه غربي يستأصل القيمة الكلية للإنسان، في حين يعتقد خطأ انه يدعم تلك القيمة. وما أكد عليه الرئيس المصري هو "التوازن"، وكان ذلك في الواقع ضربة قوية لماكرون الذي أضطر لإنهاء اللقاء.
مع ذلك لا يغيب الكذب عن الطرفين، إذ أن المسألة -كما اسلفت- مبررات للقمع. قمع الروحانيات في فرنسا، وقمع الحريات في مصر. فكلٌ يلعب لصالح ورقه.
لقد كان ترامب هو الأكثر صدقاً ووضوحاً في تصريحاته، بالمقارنة مع جميع رؤساء العالم. لذلك وصمه الأوربيون بالشعبوية، وهذا تناقض أوروبي غريب (تسفيه الشعبوية، وترفيع مركزية الإنسان).
أما الدول البائسة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وشرق آسيا، فهي التي تمثل الجيوراسيك بارك. أي التي لا زالت تقبع فيها الصراعات الكلاسيكية، عبر وكلاء وعملاء في الداخل للخارج. لذلك تنسحق شعوبهم انسحاقا يومياً، وبالرغم من ذلك فإن الموكلين الخارجيين يقمعون ذات تلك الشعوب من الفرار من الداخل للخارج. وبالتالي فعشرات الحبال يتم الرقص عليها في وقت واحد وهي مليئة بالأجراس المزعجة، التي تشتت انتباه تلك الشعوب المقهورة وغير القادرة على التملص من اغتصابها اليومي روحيا وعقلياً وجسدياً.
إن حياة الإنسان قصيرة للغاية، ومعقدة، وكان من المفترض، أن يحياها الإنسان كما يجب. لكن هذا لم يحدث. وسوف يستمر هذا الإنزلاق إلى حين بلوغ الضغط أشده، وهناك؛ سيكون حل الإنسان الوحيد هو الإرتداد إلى الطبيعة والبدائية. وربما سيقوم بتدمير كل منجزاته الصناعية والتكنولوجية وتقويض الحدود السياسية لكي يهنأ بالسلام المنشود.