منال هاني - وهم المثالية في عالم افتراضي

لاريب أن كل فرد منا أصبح بشكل أو بآخر جزءا من عالم افتراضي رديف لعالمه الواقعي ( او يفترض ان يكون رديفا) انخرط بتشعبات العلاقات فيه واصبح جزءا لايتجزأ من عاداته ونمط حياته بغير وعي او إدراك لمجريات بروتوكولات نمطية مصطنعة وقوالب تواصلية مسبقة الصنع، وبدل أن بث فيه روحية الانسان وقيمه ومبادئه اصبح مصبوغا به سائرا في تياراته فأصبح متأثرا بعد جدلية التأثير التي ظن أنه يتقنها، من هنا نشأ وهم جديد اصبح فيه الفرد بيدقا افتراضيا وليس لاعبا ، إنه وهم المثالية في عالم افتراضي حيث نجد بشكل جدلي يتناقض مع سيكولوجية السلوك البشري القائم على جملة من النواقص والايجابيات التي تكون في مجملها شخصية الفرد وتميزه عمن سواه ،فهنا في هذا العالم الافتراضي يمارس الافراد عموما نظرية الكمال والمثالية ويتبنونها بشكل متشابه فنرى الجميع يتقمص الحالة الايجابية المنفتحة والواعية ويبرزها في نشاطاته وتفاعله مع الاخرين ويبالغ في لباقته ليكون محط اهتمام في تسابق مربك لنيل رضا الاخرين الذين هم في اغلبيتهم مجرد شخوص وهميين لابيانات واضحة تصنف توجهاتهم او حقيقتهم ولذلك فالرضا الناتج عنهم هو وهمي بالتالي.
هنا يتبادر إلى الذهن تساؤل يطرحه كل عقل سليم وفكر ناضج واعي ؛ أين الجانب الآخر من شخصية وطبيعة الفرد في هذا العالم؟
اين العامل الذي يحقق التوازن ويميزنا كبشر عن الملائكة؟ إذا كان العالم مليئا بالصالحين الخيرين ،فمن أين اتى كل هؤلاء الأشرار في الارض وكل هذه الشرور ؟
ولكن السؤال الأكثر إرباكا هو إذا كنا نستطيع تبني الأفكار الجيدة ونطبق السلوكيات السليمة في جزء من تعاملاتنا (هذا الجزء الافتراضي ) فلماذا لانطبقه في واقعنا ونجعله نمط حياة حقيقي ؟
إن تبني المثالية الافتراضية يمنح صورة لامعة للفرد ويجعله محبوبا في هذا العالم ممايمنحه شعورا بالرضا عن الذات وانما هذا الشعور افتراضي في جذوره ومصدره ومؤقت في صيرورته، فلماذا لانبحث عن الرضا عن الذات وقيمة الجمالية السلوكية في واقعنا الخلاق والفاعل؟
يمكن ببساطة تحويل الافتراض الى حقيقة ونتائج ملموسة كما نحول فكرة خرافية الى اختراع او لوحة او قصيدة محلقة مؤثرة وخالدة في أذهان الآخرين من خلال التأمل السليم والوعي والادراك لماهية الجمال في انفسنا وليس في انعكاساته الوهمية ، ربما هذه الانتفاضة ستعيد استقامة الوجود وتشفي جراحات العالم وانتكاسات النفوس في ظل الضياع بين الواقع والوهم..



التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...