صدور ترجمة إبراهيم محمود لكتاب جاك دريدا "فرويد ومشهد الكتابة" عن الفرنسية

عن الفرنسية، صدرت حديثاً عن "دار الحوار – اللاذقية" لعام 2021، الترجمة العربية لكتاب "فرويد ومشهد الكتابة FREUD ET LA SCÈNE DE L'ÉCRITURE " للمفكر الفرنسي جاك دريدا. وقد ترجم الكتاب وقدَّم له وعلَّق عليه الباحث ابراهيم محمود، وفي "224 ص" من القطع الوسط.
والكتاب في الأصل، فصل مستل من كتاب دريدا الذائع الصيت " الكتابة والاختلاف L'ÉCRITUR ET LA DIFFÉRENCE" والذي صدر سنة 1967.
في هذا الفصل يمتزج التحليل النفسي " ميزة فرويد "بالتحليل التفكيكي" ميزة دريدا " حيث يتعرض دريدا لمفهوم الكتابة الأقرب إلى نفسه أكثر من أي مفهوم آخر لديه، وصِلة الكتابة بالكلام، وبالتاريخ والسلطة...الخ. وبذلك يحتل هذا الفصل / النص المحوري في الكتاب مكانة استثنائية، ومرجعاً لدى المعنيين بالكتابة كقضية تاريخ وثقافة وجنسانية أيضاً، ومن هذه الزاوية كانت الترجمة إلى العربية، إلى جانب التقديم والتعليق.
وما يضفي على الكتاب اعتباراً فكرياً مضاعفاً، هو وجود نصوص أخرى لدريدا، تتقدم هذا البحث، إلى جانب الملحق الذي يضم مقالين يضيئان عالم دريدا التفكيكي ومن هذا الجانب المشار إليه.
أما عن فهرس الكتاب فهو:
أن نتكلم وأن نكتب " تقديم المترجم "

جاك دريدا، كشْف غطاء اللغة القديمة الجديدة
جاك دريدا : ورقة أو أنا ، أنت تعرف
جاك دريدا: اختبارات الكتابة
جاك دريدا: فرويد ومشهد الكتابة
ملحق
1-أنتوني مازير: في غياب الجماليات: الدعوة لتصميم الرسوم البيانية للمنشورات البحثية
2- راؤول معاطي: الانبثاق من الأثر والكتابة والتفكيك لدى دريدا
سيرة ذاتية للمترجم
ومما ورد في التقديم:
ربما أمكن اعتبار بحث " فرويد ومشهد الكتابة FREUD ET LA SCÈNE DE L'ÉCRITURE " من الأبحاث الأكثر شهرة لجاك دريدا ، ليس ضمن كتابه الريادي في تاريخه " الكتابة والاختلاف L'ÉCRITUR ET LA DIFFÉRENCE " فحسب، وإنما بالنسبة لمجمل أبحاثه الصغيرة، أيضاً، وذلك لحظة النظر في حجمه، مقارنة بالأبحاث الأخرى، وجرّاء كثافة الاهتمام به، والإحالة إليه، ليكون قاعدة انطلاق لافتة لدريدا، في محتواه، بصدد هذا المشكل/ المعضل الذي انهمَّ به، وأشغل أذهان الآخرين: من مستويات فكرية ونقدية وأدبية وحتى لسانية محضة كافة، أي ما يعنيه الاختلاف بالفرنسية، كتابةً، وما تنطوي عليه الكتابة من مفارقات الدلالة، في الآثار التي تترتب على عملية التفكيك لها، كما هو المثار بين حرفين: صوتي ومضعَّف " a " ضد " e " لحظة التركيز على علامة الكتابة، وتفجير الكامن في بنية اللغة التي لم يُنتبه إليها، كما ينبغي معرفياً، وما يجعل الكلام من جهته عرضة لأكثر من مساءلة في تاريخه الطويل " الغربي، يكون مقصوداًهنا " وزعم تمثيله وتفضيله على الكتابة، وتحميله مناقب شخصانية تماماً، لتتأتي خطورة بحث دريدا الذي أردناه ناطقاً بلسان عربي، وكيف يلعب التحليل النفسي في طمس مكوناتت مفهوم ما، في الوقت الذي يزعم أنه حفْر في الباطن، وإيلاء الكلام القيمة الكبرى في الحضور، بالدرجة الأولى، وهو إجراء يستغرق مجمل التاريخ الأوربي من الإغريق إلى زمن دريدا .
وهذا البحث " المعقد، والمكثف " الذي انشغلنا به، يشغل قرابة خمسين صفحة في مؤلف دريدا " الكتابة والاختلاف " الذي صدر بالفرنسية سنة 1967، ومن منشورات " Seuil " ولعل هذه المفردة ذاتها تسهم في منح العبارة معنى غير منتبَه إليه، كونها تعني " العتبة " وهو ما يتجاوب وتصور دريدا.
كما قلت، فإن بحث " فرويد ومشهد الكتابة " يقع ما بين صفحتي " 293- 341 "، وحيث الكتاب يقارب الـ" 450 صفحة، والذي يضم أبحاثاً أخرى، بحجمه" الكوجيتو وتاريخ الجنون " و" الهيجلية دون رصيد " تقريباً. طبعاً يكون بحث " بحث في فكر ليفيناس " الأطول في الكتاب، وبما لا يقاس " 112 صفحة ".
إن قراءة كلمة الغلاف تفصح عن خطورة رهان دريدا، وشرفة رؤيته إلى أفق كل من الكلام والكتابة:
(يؤخذ معنى الكتابة في تاريخ مجسَّد ثقافياُ. وتشارك المغامرة الغربية ، بكل أشكالها وفلـ:ـسفتها sa philo- sophie ومعرفتها ودينها وتقنياتها وفنونها ، وخاصة أدبها ، في سيستام التفسير الذي يربطها بالكتابة الخاصة بها، حدوداً ووظائف داعمة لها. باستثناء الكفاءة والجهل ، لا يمثل هذا التاريخ للعلامة المكتوبة فقط تاريخًا وثقافة: كل مفاهيم الغرب ، خاصة مفاهيم التاريخ والثقافة ، مُدرجة في نطاقها .
فيجب أن يكون الفكر الذي يشير إليه الإفراط في هذا التمثيل " النصف الأول من الكلام، يعني الأخْذ مجدداً. المترجم "عازماً على مفهوم جديد للاختلاف. حيث يمثل قمع الكتابة أو خفضها الرغبة في تقليل الاختلاف ، ومحو ما يحوز ويقسّم أصالة الوجود أو الوعي ، وهو اسم آخر للحضور الذاتي في الكلام الحي المزعوم . إن التفكير في أثر اليقظة، والذي ينبّه إلى ما يكون في الاختلاف ليس تأثيرًا مشتقًا أو أصلًا بسيطًا ، ولا غيابًا أو وجودًا. إن ما تتم كتابته هنا على أنه تأجيل/ إرجاء différance يمثل حركة غريبة ، لوحدة غير مختزلة، غير نقية مؤجلة لـ(الالتفاف ، التأخير ، التفويض ، القسمة ، عدم المساواة ، التفضية) التي يتجاوز اقتصادها الموارد المعلنة في الأروقة الكلاسيكية.
أينما ذهبت ، يجب تقييد هذا الفكر بطريقة معينة ، وتنظيم إقامته في النطاق الذي يتجاوزها. هذا يضفي على أكثر الخطب جرأة في عصرنا بنيةً، إذ يتم التشكيك هنا في ضرورة عامة له في بعض الأمثلة. سواء أكانوا يتساءلون عن الكتابة الأدبية - التي يسمّيها الامـ:ـتياز privi- lège " تعني الكلمة مجزأة هكذا: وصية خاصة . المترجم "- أو الدافع البنيوي (في مجالات النقد ، أو "علوم الإنسان" أو الفلسفة) ، حيث إنها من خلال القراءة التكوينية تدعو إلى نيتشه أو فرويد ، إلى هوسرل أو هيدجر ، إلى آرتو ، بارت ، بلانشو ، فوكو ، جابيس ، ليفيناس ، والمقالات المقيدة هنا لها مكان واحد فقط للإصرار: نقطة التعبير المفصولة بين الكتابة والاختلاف. وللتعبير عن هذا التعبير ، تجري محاولة إزاحة المصطلحيْن.).
موضوع الكلام/ الكتابة، كان الخميرةَ المستعملة، وبطرق شتى، في مجمل كتابات دريدا، بدءاً من " علم الكتابة " الذي صدر بالتزامن مع " الكلام والظاهرة " وهو عن ظواهرية هوسرل، إلى جانب " الكتابة والاختلاف "، الثالوث المعرفي، والمدشن للتفكيكية في زمانه، بل يمكنني القول، أن عملية التقابل بين المفردتين: الكتابة والاختلاف، تنطوي على ما لا يتناهى من المساءلات والمماحكات القولية بالمقابل، أكثر من أي كتاب آخر، إلى درجة اعتباره القانون التفكيكي الخاص لدريدا، ومفتاحه البحثي في كل عملية كتابة، لا تكون كتابة، إلا بوصفها اختلافاً، وأن الاختلاف لا يعطى أهمية، إلا من خلال النظر في حروفه المركَّبة، عبر الحرفين المشار إليها سالفاً، وما يكون حقيقة، وبالمقابل شبهة/ اشتباهاً " سيمولاكراً، بتعبيره. حيث يجري تجريد أي نص، موضوع من زعم تماسكه، لمكاشفة ثغراته !
ومن يمعن النظر في نصوص دريدا، في مقابلاته، وهواجسه الكتابية، يتلمس مدى رهانه على مسألة الكتابة، لجعْلها كتابة أخرى.
...الخ


تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...