تاريخ مصر كغيرهم من الأمم القديمة، مستند من مصدرين أصليين: الأول ( و هو أوثقهما ) آثارهم القديمة و ما عليها من نقوش، و الثانى ما وصل إلينا مما كتبه الأقدمون فى تاريخهم.
فمن الأول يتيسر لنا أن نعرف كثيرا من حظهم من الحضارة و ميلغهم من العلم، فمثلا مبانيهم الهائلة و ما عليها من النقوش البديعة ، تدلنا على مقدار نبوغهم في فنى النحت و التصوير.
و جثث موتاهم المحنطة الخالدة منذ أزمان سحيقة و الاصباغ الثابتة الجميلة التى استعملوها فى تصاويرهم، تدل علي براعتهم في علم الكيماء العملى. على أنهم٣لم يقصروا فى تدوين بعض حوادثهم العظيمة و وقائعهم الجسيمة و قصصهم العجيبة ، مع بيان و أسماء الملوك القابضين على أزمة الملك فى إبانها.
فتراهم كتبوا هذه الحقائق على مبانيهم و آثارهم، و على قطع الزخرف و أوراق اليردى التى وصلت إلينا من تلك الأيام الغابرة.
و أما ثاني المصدرين، و هو ما كتبه قدماء مصريين أو معاصروهم ،
و أقدم الكتابات التى وصلت إلينا من تاريخ مصر، هو ما كتبه المؤرخ الأغريقى ( هيرودت ) فى سنة ٤٥٠ ق . م . ذلك يأنه حضر إلى مصر، و كتب تاريخا لها باللغة الإغريقية، فكان وصفه للبلاد جدير بالثقة، غير أن ما كتبه فى التاريخ ذاته، على ما به من الإمتاع و التشويق، غير موثوق به، إذ كان أكثره مستندا من الأقاصيص الشائعة على ألسنة الناس فى ذاك العصر.
و بعد ذلك بنحو مائتى سنة قام كاهن وطنى يدعى ( مانتيون ) بتأليف كتاب فى تاريخ مصر باللغة الإغريقية، و كان ذلك فى عصر ( بطليموس فيلادلف ) حوالى سنة ٢٦٣ ق م .
و مما يؤسف له أيضأ أن معظم هذا الكتاب قد ضاع، و لم يصل إلينا منه إلا ما عنى بنقله و حفظه مؤرخوا العصور الأولى بعد الميلاد، و أهم ما انتفعوا به منه حصره لملوك مصر، و كان يشك في ذلك أيضا، لولا أن الاسكتشافات الحديثة أثبتت صحته .
و عند كلامه على ذلك، بدأ بالملك ( مينا ) و قسم الملوك الذين من بعده إلى ٣١ أسرة حكمت مصر مدة ٣٥٥٥ سنة.
ثم كتب في تاريخ مصر فى أوائل ظهور المسيحية ( ديودور ) و ( إسترابون ) الإغريقان، و لكن كلاهما أيضأ جاء محتاجا إلى برهان.
و لو لم يعرف الناس بعد قراءة النقوش و الرسوم التى على الآثار، لبقيت أبد الدهر قليلة الجدوى فى إرشاد المؤرخين إلى الحقيقة، فقد كانت الهيروغليفية قد نسيت أيما نسيان، و لم يكن فى العالم أجمع من يستطيع طلاسمها و حل رموزها.
إلى أن جاء ( نابليون بونابرت ) إلى مصر فى غارته المشهورة، فعثر أحد ضباطه سنة ١٧٩٩ م على الحجر المشهور المسمى بحجر رشيد.
و يوجد الآن بين نفائس دار المتحف بمدينة لندن، و يحتوي على عبارة مكتوبة بثلاث لغات : أولاها بالهيروغليفية، و تحتها ترجمتها بالديموقيطية ( و هى اللغة المصرية القديمة الدارجة ) و تحتها ترجمتها باللغة الإغريقية، فتمكن الباحثون من مقارنة الفارق بين اللغات الثلاث، و من ذلك الحين أبتدأ المؤرخون و الأثريون فى أوروبا يشتغلون بحل رموز الكتابة المصرية القديمة.
و لكن الذى ينسب إليه التغلب النهائي على هذه الصعوبة هو ( فرانسوا شمبليون ) الفرنسى، و من ذلك الوقت إلى الآن ازدادت معرفة العالم بتاريخ مصر القديم .
فريدة شعراوي | باحثة في التاريخ وعلم المصريات
www.facebook.com
فمن الأول يتيسر لنا أن نعرف كثيرا من حظهم من الحضارة و ميلغهم من العلم، فمثلا مبانيهم الهائلة و ما عليها من النقوش البديعة ، تدلنا على مقدار نبوغهم في فنى النحت و التصوير.
و جثث موتاهم المحنطة الخالدة منذ أزمان سحيقة و الاصباغ الثابتة الجميلة التى استعملوها فى تصاويرهم، تدل علي براعتهم في علم الكيماء العملى. على أنهم٣لم يقصروا فى تدوين بعض حوادثهم العظيمة و وقائعهم الجسيمة و قصصهم العجيبة ، مع بيان و أسماء الملوك القابضين على أزمة الملك فى إبانها.
فتراهم كتبوا هذه الحقائق على مبانيهم و آثارهم، و على قطع الزخرف و أوراق اليردى التى وصلت إلينا من تلك الأيام الغابرة.
و أما ثاني المصدرين، و هو ما كتبه قدماء مصريين أو معاصروهم ،
و أقدم الكتابات التى وصلت إلينا من تاريخ مصر، هو ما كتبه المؤرخ الأغريقى ( هيرودت ) فى سنة ٤٥٠ ق . م . ذلك يأنه حضر إلى مصر، و كتب تاريخا لها باللغة الإغريقية، فكان وصفه للبلاد جدير بالثقة، غير أن ما كتبه فى التاريخ ذاته، على ما به من الإمتاع و التشويق، غير موثوق به، إذ كان أكثره مستندا من الأقاصيص الشائعة على ألسنة الناس فى ذاك العصر.
و بعد ذلك بنحو مائتى سنة قام كاهن وطنى يدعى ( مانتيون ) بتأليف كتاب فى تاريخ مصر باللغة الإغريقية، و كان ذلك فى عصر ( بطليموس فيلادلف ) حوالى سنة ٢٦٣ ق م .
و مما يؤسف له أيضأ أن معظم هذا الكتاب قد ضاع، و لم يصل إلينا منه إلا ما عنى بنقله و حفظه مؤرخوا العصور الأولى بعد الميلاد، و أهم ما انتفعوا به منه حصره لملوك مصر، و كان يشك في ذلك أيضا، لولا أن الاسكتشافات الحديثة أثبتت صحته .
و عند كلامه على ذلك، بدأ بالملك ( مينا ) و قسم الملوك الذين من بعده إلى ٣١ أسرة حكمت مصر مدة ٣٥٥٥ سنة.
ثم كتب في تاريخ مصر فى أوائل ظهور المسيحية ( ديودور ) و ( إسترابون ) الإغريقان، و لكن كلاهما أيضأ جاء محتاجا إلى برهان.
و لو لم يعرف الناس بعد قراءة النقوش و الرسوم التى على الآثار، لبقيت أبد الدهر قليلة الجدوى فى إرشاد المؤرخين إلى الحقيقة، فقد كانت الهيروغليفية قد نسيت أيما نسيان، و لم يكن فى العالم أجمع من يستطيع طلاسمها و حل رموزها.
إلى أن جاء ( نابليون بونابرت ) إلى مصر فى غارته المشهورة، فعثر أحد ضباطه سنة ١٧٩٩ م على الحجر المشهور المسمى بحجر رشيد.
و يوجد الآن بين نفائس دار المتحف بمدينة لندن، و يحتوي على عبارة مكتوبة بثلاث لغات : أولاها بالهيروغليفية، و تحتها ترجمتها بالديموقيطية ( و هى اللغة المصرية القديمة الدارجة ) و تحتها ترجمتها باللغة الإغريقية، فتمكن الباحثون من مقارنة الفارق بين اللغات الثلاث، و من ذلك الحين أبتدأ المؤرخون و الأثريون فى أوروبا يشتغلون بحل رموز الكتابة المصرية القديمة.
و لكن الذى ينسب إليه التغلب النهائي على هذه الصعوبة هو ( فرانسوا شمبليون ) الفرنسى، و من ذلك الوقت إلى الآن ازدادت معرفة العالم بتاريخ مصر القديم .
فريدة شعراوي | باحثة في التاريخ وعلم المصريات
Fareda Sharawy
Fareda Sharawy ist bei Facebook. Tritt Facebook bei, um dich mit Fareda Sharawy und anderen Nutzern, die du kennst, zu vernetzen. Facebook gibt Menschen die Möglichkeit, Inhalte zu teilen und die...