كانت الساعة السابعة مساء 22 أكتوبر، مثل هذا اليوم 2003، حين اتجهت الأنظار إلى حفل ختام «ملتقى القاهرة الثانى للإبداع الروائى».. كان حدثا ثقافيا كبيرا استمر فى القاهرة أياما، بمشاركة روائيين ونقاد العرب، مما أعطى للقاهرة وجهها الطبيعى كرائدة وقبلة للإبداع والمبدعين العرب.
انعقد الملتقى الأول عام 1998 ومنح جائزته عن استحقاق إلى الروائى السعودى الكبير المقيم فى سوريا عبدالرحمن منيف، وقيمتها 100 ألف جنيه، «كان الدولار بـ340 قرشا»، وترقب الجميع اسم الفائز بهذه الدورة، التى انعقدت باسم المفكر الفلسطينى «إدوارد سعيد»، وحين تم الإعلان عن«صنع الله إبراهيم» فائزا، علا التصفيق، ولم يتوقع أحد قنبلته التى تطايرت شظايا فى اتجاهات شتى.
كانت المنطقة العربية تشهد تفاعلات هائلة، ففى إبريل من العام نفسه، احتلت أمريكا العراق، وتزايدت وحشية الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين وسط عجز عربى، بالإضافة إلى تزايد انتقادات المعارضة المصرية لسياسة النظام داخليا وخارجيا.
ووسط هذه الأجواء انعقد الملتقى، وحسب موقع «إيلاف الإلكترونى، 23 أكتوبر 2003»، والصحف المصرية والعربية أبرزها «الأهرام، الشرق الأوسط اللندنية، 24 أكتوبر 2003»، بدأ حفل ختامه بكلمة الدكتور جابر عصفور، رئيس المجلس الأعلى للثقافة والمشرف على الملتقى، ودعا وزير الثقافة فاروق حسنى إلى خشبة المسرح، ولجنة التحكيم، وكانت من أقطار عربية مختلفة وهم «دكتورة سيزا قاسم«مصر»، ودكتور عبدالله الغذامى «السعودية»، ودكتورة فريال غزول «العراق»، ودكتور فيصل دراج «فلسطين»، ودكتور محمد برادة «المغرب»، ودكتور محمد شاهين«الأردن»، ودكتور محمود أمين العالم «مصر»، والطيب صالح «السودان» رئيس اللجنة.
وتحدث الطيب صالح، مشيرا إلى صعوبة اختيار اللجنة للفائز، لتميز إنتاج الروائيين العرب، غير أنه قال:«الذى خفف العبء على أعضاء اللجنة هو أن الأول لن يكون الأول فى امتحان فيه الثانى والثالث، وإنما هو واحد من العدول المتماثلين، وأنها ليست المرة الأخيرة التى تمنح فيها، وسوف ينالها فى الدورات القادمة الآخرون، وأضاف:«اللجنة اختارت رائدا من رواد التجريب فى الرواية العربية، له لغة خاصة يقتصد فيها إلى درجة التقشف، تخدم كتابته التى كرسها لفضح القسوة والظلم وجفاف ينابيع الرحمة فى قلوب البشر، نذر نفسه للفن الروائى، ولم يحجم عن دفع الثمن الباهظ الذى يتقاضاه حراس معبد الفن، وهو كما تعلمون معبد مقدس لكنه أيضا معبد ملعون».
كانت هذه المقدمة تليق بالفائز الذى أعلنه وهو صنع الله إبراهيم، المولود عام 1937، والمعتقل ضمن حملة القبض على يساريين من 1959 إلى 1964، وحتى إعلان فوزه، كان رصيده الإبداعى يتزين بروايات «تلك الرائحة»، و«إنسان السد العالى»، و«نجمة أغسطس»، و«اللجنة»، و«بيروت، بيروت»، و«شرف» و«ذات» و «أمريكانلى، أمرى كان لى».
كان التصفيق حادا منذ إعلان اسم «صنع الله» وحتى صعوده إلى خشبة المسرح، وتسلمه الشهادة والتمثال من وزير الثقافة، ثم وقف أمام الميكروفون، وبدأ فى إلقاء كلمته، ووفقا لتقرير«إيلاف» بقلم الزميل ياسر عبدالحافظ، قال: «الحقيقة إنى لا أتمتع بقدرة على الارتجال مثل التى يملكها دكتور جابر عصفور، ولهذا سطرت بضع كلمات»، أضاف: «لم أتوقع هذا التكريم ولم أسع للحصول عليه، وكان يستحقها أكثر منى أمثال الراحلين غالب هلسا من الأردن، ومطيع دماج من اليمن، وعبدالعزيز مشرى من السعودية، وهانى الراهب السورى، ومن الموجودين بيننا، الطاهر وطار، إبراهيم الكونى، أهداف سويف، محمد البساطى، جمال الغيطانى، خيرى شلبى، إدوار الخراط، خيرى الذهبى من سوريا، وغيرهم كثيرون».
ثم شكر «صنع الله» لجنة التحكيم، واختص محمود أمين العالم:«زميلى فى السجن الذى تعلمت منه ومن رفاقه قيم العدالة»، أضاف:«هذا الاختيار يثبت أن العمل الجيد يجد التقدير المناسب دون الحاجة للعلاقات أو مداهنة السلطة»، ثم قال:«الإبداع لا يمكنه تجاهل ما يحدث حوله، وما تتعرض له الأمة العربية من عربدة أمريكية والتواطؤ المزرى للحكومات العربية فى كل مكان».
وأضاف:«فى هذه اللحظة تجتاح إسرائيل ما تبقى من الأراضى الفلسطينية، والحكومات العربية تستقبل المسؤولين الإسرائيليين، وعلى بعد خطوات يقيم السفير الإسرائيلى فى طمأنينة، ويحتل السفير الأمريكى حيا بأكمله «حى جاردن سيتى». إن حجم الكارثة المحيطة بنا رهيب، التهديد على حدودنا الشرقية، وسياسة الحكومة الخارجية عاجزة، وأضاف: «ليس لدينا سينما أومسرح أو بحث علمى، أوصحة، أوعدل، ومن يعترض منا يتعرض للامتهان، وانتزعت القلة المستغِلة منا الروح، فهل يستطيع الكاتب أن يغمض عينيه؟ لن أطالبكم بشىء، كل ما أستطيعه أن أشكر مرة أخرى أساتذتى الأجلاء لاختيارى، وأعلن اعتذارى عن عدم قبولها، لأنها صادرة من حكومة تفقد مصداقية منحها».
كيف تصرف وزير الثقافة.. وماذا كان تعليق الرئيس مبارك فى اليوم التالى؟
.........................................................................................................
سعيد الشحات_اليوم السابع
www.facebook.com
انعقد الملتقى الأول عام 1998 ومنح جائزته عن استحقاق إلى الروائى السعودى الكبير المقيم فى سوريا عبدالرحمن منيف، وقيمتها 100 ألف جنيه، «كان الدولار بـ340 قرشا»، وترقب الجميع اسم الفائز بهذه الدورة، التى انعقدت باسم المفكر الفلسطينى «إدوارد سعيد»، وحين تم الإعلان عن«صنع الله إبراهيم» فائزا، علا التصفيق، ولم يتوقع أحد قنبلته التى تطايرت شظايا فى اتجاهات شتى.
كانت المنطقة العربية تشهد تفاعلات هائلة، ففى إبريل من العام نفسه، احتلت أمريكا العراق، وتزايدت وحشية الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين وسط عجز عربى، بالإضافة إلى تزايد انتقادات المعارضة المصرية لسياسة النظام داخليا وخارجيا.
ووسط هذه الأجواء انعقد الملتقى، وحسب موقع «إيلاف الإلكترونى، 23 أكتوبر 2003»، والصحف المصرية والعربية أبرزها «الأهرام، الشرق الأوسط اللندنية، 24 أكتوبر 2003»، بدأ حفل ختامه بكلمة الدكتور جابر عصفور، رئيس المجلس الأعلى للثقافة والمشرف على الملتقى، ودعا وزير الثقافة فاروق حسنى إلى خشبة المسرح، ولجنة التحكيم، وكانت من أقطار عربية مختلفة وهم «دكتورة سيزا قاسم«مصر»، ودكتور عبدالله الغذامى «السعودية»، ودكتورة فريال غزول «العراق»، ودكتور فيصل دراج «فلسطين»، ودكتور محمد برادة «المغرب»، ودكتور محمد شاهين«الأردن»، ودكتور محمود أمين العالم «مصر»، والطيب صالح «السودان» رئيس اللجنة.
وتحدث الطيب صالح، مشيرا إلى صعوبة اختيار اللجنة للفائز، لتميز إنتاج الروائيين العرب، غير أنه قال:«الذى خفف العبء على أعضاء اللجنة هو أن الأول لن يكون الأول فى امتحان فيه الثانى والثالث، وإنما هو واحد من العدول المتماثلين، وأنها ليست المرة الأخيرة التى تمنح فيها، وسوف ينالها فى الدورات القادمة الآخرون، وأضاف:«اللجنة اختارت رائدا من رواد التجريب فى الرواية العربية، له لغة خاصة يقتصد فيها إلى درجة التقشف، تخدم كتابته التى كرسها لفضح القسوة والظلم وجفاف ينابيع الرحمة فى قلوب البشر، نذر نفسه للفن الروائى، ولم يحجم عن دفع الثمن الباهظ الذى يتقاضاه حراس معبد الفن، وهو كما تعلمون معبد مقدس لكنه أيضا معبد ملعون».
كانت هذه المقدمة تليق بالفائز الذى أعلنه وهو صنع الله إبراهيم، المولود عام 1937، والمعتقل ضمن حملة القبض على يساريين من 1959 إلى 1964، وحتى إعلان فوزه، كان رصيده الإبداعى يتزين بروايات «تلك الرائحة»، و«إنسان السد العالى»، و«نجمة أغسطس»، و«اللجنة»، و«بيروت، بيروت»، و«شرف» و«ذات» و «أمريكانلى، أمرى كان لى».
كان التصفيق حادا منذ إعلان اسم «صنع الله» وحتى صعوده إلى خشبة المسرح، وتسلمه الشهادة والتمثال من وزير الثقافة، ثم وقف أمام الميكروفون، وبدأ فى إلقاء كلمته، ووفقا لتقرير«إيلاف» بقلم الزميل ياسر عبدالحافظ، قال: «الحقيقة إنى لا أتمتع بقدرة على الارتجال مثل التى يملكها دكتور جابر عصفور، ولهذا سطرت بضع كلمات»، أضاف: «لم أتوقع هذا التكريم ولم أسع للحصول عليه، وكان يستحقها أكثر منى أمثال الراحلين غالب هلسا من الأردن، ومطيع دماج من اليمن، وعبدالعزيز مشرى من السعودية، وهانى الراهب السورى، ومن الموجودين بيننا، الطاهر وطار، إبراهيم الكونى، أهداف سويف، محمد البساطى، جمال الغيطانى، خيرى شلبى، إدوار الخراط، خيرى الذهبى من سوريا، وغيرهم كثيرون».
ثم شكر «صنع الله» لجنة التحكيم، واختص محمود أمين العالم:«زميلى فى السجن الذى تعلمت منه ومن رفاقه قيم العدالة»، أضاف:«هذا الاختيار يثبت أن العمل الجيد يجد التقدير المناسب دون الحاجة للعلاقات أو مداهنة السلطة»، ثم قال:«الإبداع لا يمكنه تجاهل ما يحدث حوله، وما تتعرض له الأمة العربية من عربدة أمريكية والتواطؤ المزرى للحكومات العربية فى كل مكان».
وأضاف:«فى هذه اللحظة تجتاح إسرائيل ما تبقى من الأراضى الفلسطينية، والحكومات العربية تستقبل المسؤولين الإسرائيليين، وعلى بعد خطوات يقيم السفير الإسرائيلى فى طمأنينة، ويحتل السفير الأمريكى حيا بأكمله «حى جاردن سيتى». إن حجم الكارثة المحيطة بنا رهيب، التهديد على حدودنا الشرقية، وسياسة الحكومة الخارجية عاجزة، وأضاف: «ليس لدينا سينما أومسرح أو بحث علمى، أوصحة، أوعدل، ومن يعترض منا يتعرض للامتهان، وانتزعت القلة المستغِلة منا الروح، فهل يستطيع الكاتب أن يغمض عينيه؟ لن أطالبكم بشىء، كل ما أستطيعه أن أشكر مرة أخرى أساتذتى الأجلاء لاختيارى، وأعلن اعتذارى عن عدم قبولها، لأنها صادرة من حكومة تفقد مصداقية منحها».
كيف تصرف وزير الثقافة.. وماذا كان تعليق الرئيس مبارك فى اليوم التالى؟
.........................................................................................................
سعيد الشحات_اليوم السابع
ذات يوم
ذات يوم. Gefällt 6.726 Mal · 822 Personen sprechen darüber. إبحار في التاريخ وتذكير بيومياته بسهولة في السرد وتكثيف في العرض