ملخص الدراسة:
(كانت الجفوة قوية وشديدة من قريش تجاه النبي الأعظم ولكنه كان مؤيدا من السماء فانتصر عليهم نصرا كبيرا حيث رفضت قريش أن يجتمع لبني هاشم السيادة والنبوة فحرص القوم علي المعارضة ورفض الإسلام. وجاءت الفرصة لقريش لكي تكفر عن موقفها السابق حين اجتمع أهل الشورى بعد موت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وكانت النتيجة أن رفضت قريش للمرة الثانية أن تجتمع النبوة والسيادة لبني هاشم في شخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقررت جفوته واختارت أمير المؤمنين عثمان بن عفان , وظلت قريش تحارب عليا بعد ذلك حتى شعر بالضيق والحزن الذي لم يفارقه طوال رحلته ، وتآمرت العرب في أغلبها على الرجل النبيل والبطل والفارس والجندي المجاهد منذ بدايته حتى نهايته وبعد قتله ندموا على ذلك فحاولوا التكفير اللاشعوري عن هذا القتل فحاولوا تأليهه أو تقديسه وأفضل ما يفسر لنا ذلك الموقف هي أسطورة أكلة لحم الأب المعروفة بالوليمة الطوطمية وما قدمته نظرية التحليل النفسي من الاستفادة منها في تفسير خلق المقدس والمحرم لدى الشعوب . وإن قتل الحسين - بعد قتل أبيه وأخيه -كان إزاحة نفسية لرغبة في التخلص من الإسلام نفسه ومن تعاليمه بعد فشل التخلص من البني الأعظم من قبل العرب الذين لم يحبوا الإسلام في أغلبهم ولذلك نراهم وقد ارتدوا في أواخر عهد النبي الأعظم بل وادعى بعضهم النبوة ، وعادوا بعد حروب كثيرة للإسلام كارهين مضطرين مغلوبين ولكن ظلت في نفوسهم جراح وكره للإسلام، فلم يكن الشعور بقادر على إعلان تلك الرغبة لان الإسلام هو الذي جعل لهم السيادة والملك والثراء ولكن لإلحاح الرغبة ولقبحها في آن حدثت الإزاحة من الإسلام إلى الحسين فكان يسيرا حينئذ رفع السيف في وجه الحسين وإنها لكبيرة وجريمة لا تمحوها التوبة وأي توبة تقابلها مهما كانت ، وكان المرتدون وأبناؤهم يملئون بلاد العرب وكان في إيمان هؤلاء ضعف واضح وجلي وأيضا كانت في نفوسهم ضغينة ضد الإسلام جعلتهم يشاركون إما فعلا أو تحريضا ضد الحسين كإزاحة أيضا لرغبتهم في التخلص من الإسلام علاوة علي الكثير من الفرس واليهود الذين تظاهروا بالإسلام وكادوا له منذ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وقتله لأسباب واهية لا تستقيم أمام النقد والتفنيد.. وحتى لا نتشعب كثيرا لقد كاد العرب يومئذ لاشعوريا للإسلام ولرسوله وجفوهم جفوة كبيرة تجلت منذ محاربة قريش لابنهم الرسول الأعظم ومن بعده جفته في ابن عمه علي ابن طالب أمير المؤمنين في لجنة أهل الشورى وخذلته يومها وحتى لحظة استشهاده بالكوفة بعد سنين من الجفوة والصدام. وورث الحسين هذا الموقف المناهض للإسلام باعتباره البقية الباقية التي لا شك في أنها تمثل الإسلام كونه ابن رسول الله . يرتدى لباسه وعمامته ويحمل سيفه في معركته ويذكرهم بذلك فما الذي جعل القوم لا يرتعدون لابد أنها الرغبة الأقوى والأكثر فحشا وهي محاربة الإسلام نفسه، والذي يتساوى في ذلك الجرم ما قام به المتخاذلون والذين نقضوا عهدهم مع الحسين ولم يخرجوا لنصرته ترى ما الذي منعهم وهم يعلمون الحق في شعورهم ووعيهم ومنهم من انضم لجيش المناهضين للحسين أيضا..إن الذي منعهم لابد وإنها رغبة أعمق من ذلك الوعي والشعور وهي التخلص من الإسلام ومحاربته . كان الأطفال والصبية في جيش الحسين يموتون دفاعا عن الحق والرجال الأشداء يخذلونه فما هو الذي يدفعهم لذلك ستقولون حب الدنيا وخشية السلطان وهم يومئذ قريبي عهد بالإسلام ... لابد و أن نفوسهم لم تتشرب روح الإسلام وعقيدته يتساوى في ذلك نفسيا القاتل المجرم والمتخاذل الذي يترك صاحبه في مواجهة الهلاك وحيدا ومن شجعه على الخروج ويعلم ضعف جيشه وقلة ناصريه ومن سكت وصمت من كل العرب – المسلمين -... و إني لأتصور الحسين يشعر بالأسى عليهم ومنهم جميعا الكل كانوا سببا في شعوره بالحزن والخزي ولابد أنه ذاكر ذلك كله يوم الحساب وسائلهم أيضا لماذا تقتلوني ولماذا خذلتموني . وتأسيسا على ذلك كان قتل الحسين لعنة أصابت الجميع كل حسب موقعه ومكانه ودوره ، لقد دفع العرب جميعا ثمن قتلهم للحسين ، فذهب ملك بني أمية ومات يزيد ميتة لا شرف فيها، وبقية الجند قتلوا وشردوا وانتهت حياتهم نهايات مأساوية إذ انتظمت جماعة من محبي الحسين بقتل كل من شارك في قتله، ودفع العرب المتخاذلون ثمن قتلهم للحسين بفرقة وهوان وضياع ساعد في تكالب كل الأمم والممالك عليها في أشكال مختلفة من استعمار واحتلال أجنبي إلى حروب دامية بينهم أزهقت فيها ملايين النفوس من يومها إلى يومنا ، وأما أنصاره الذين باعوه بثمن بخس فقاموا بتعذيب أنفسهم والندم الذي لا يفارقهم على فعلهم هذا وبعد ذلك ونتيجة لقلة عددهم اتجهوا للعمل السري ثم العمل السياسي المعارض، وأخيراً وضع أيديولوجيا فكرية ثم مبادئ فقهية لكي يتأصل ذلك العمل السياسي. وختاما .. لو صح ما قاله يزيد في مقابلته مع السيدة زينب بعد استشهاد الحسين "لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل" . لكان خارجا عن الإسلام لا محالة بفعل الشعور والوعي . وأرى القصة موضوعة لأن صلف وتكبر وغرور يزيد يمنعه من لقاء ما تبقى من آل بيت النبي وهم يومئذ بعض النساء والأطفال وعلي بن الحسين ... فليست بيزيد حاجة لمقابلتهم.. ولكني أتصور أن الرأس الكريم للحسين جاءته فعبث بها وأمر بدفنها في مكان سري حتى لا يعلمه أحد وظل الأمر على هذا النحو ليومنا هذا . وإن إنسانية الحسين وقضيته العامة والعادلة جعلت أهل بلدان كثيرة تدعي أن رأسه الكريم مدفون بها لتنال شرف وجودها في أرضها، ومات يزيد وتولى بعده ابنه معاوية الثاني ولم يقبل الخلافة وخطب في الناس كاشفة لحقيقة الخلاف منذ جده أبي سفيان حتى أبيه يزيد ، واعتزلهم بعد ذلك حتى مات ، وفي يقيننا أنه ليس كل من عاصر النبي الأعظم صحابيا ولكنه معاصر فقط للفترة الزمنية لأن من هؤلاء من ارتد عن الإسلام ومنهم من نافق الرسول ومنهم من لم يشارك في أي شيء ومنهم الطلقاء الذين آمنوا يوم الفتح ومنهم معاوية لم يكن لهم دور في خدمة الإسلام وكان عمر بن الخطاب يضعهم عندما دون الديوان في آخر القائمة وأما كتابة الوحي التي يتمسك بها كثير من الناس لكي لا نقدم قراءة لتلك الفترة ففيها أقوال كثيرة لا ترجح هذا الأمر ولم يعرف عن معاوية روايته للحديث مثلا ولا أنه شارك زيدا بن ثابت في نسخ القرءان ، وإنما نراها موضوعة أيضا لبيان أن لمعاوية فضل أو قيمة أيام النبي . ولكن الصحابة هم أولئك المسلمون الذين صحبوا النبي في كل المواقف وتحملوا الأذى في سبيل الدعوة وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأهليهم، وأظن أنهم المقصودون بقول النبي "اتقوا الله في أصحابي" أتصور أن هؤلاء هم الأحق بكلمة ومنزلة الصحابة ).
الموضوع:
هذه دراسة لا تهتم بالجانب التاريخي فكتب التاريخ القديمة والحديثة قد قتلته بحثاً وتمحيصاً، ولا الجانب الفقهي فكتب التفسير والفرق والمذاهب والفقه قد تناولته كثيراً وخلصوا إما إلى رأي قاطع أو إلى الإبقاء على الخلاف، ولكن الذي يعنينا هو عرض لرؤية نفسية تكونت لدينا بعد مطالعة مدققة لتراث هذه القضية ومعايشة لأصحابها ولمدارس ونظريات علم النفس، ويقيناً ندرك أننا نقدم تلك الرؤية النفسية التي لم يقترب منها أحد، وندرك في الآن نفسه حجم المخاطرة ومقدار الخطأ والصواب فكل فكرة جديدة لابد وأن يكون لها نصيب من الأعداء والأنصار وتلك هي طبيعة الأشياء، ولسوف يسعدنا تقويم تلك الرؤية خاصة وأن هدفنا هو الحق، دون الاعتبار لأي أمر آخر، فالعلم إنما يتقدم ضد أخطائه ولا يتقدم من صواب إلى صواب أو من حقيقة إلى أخرى، فلقد علمنا أن الكثيرين يؤثرون عدم الخوض في هذه القضية تحت مسمى جمع شمل الأمة وعدم تفريقها معتقدين أن ذلك الهدف متحقق بفعلهم هذا، ويجب ألا يكتفي القارئ الكريم برؤيتنا تلك ولكن عليه الرجوع لكل المصادر المتاحة والتي من شأنها أن تعمق رؤاه حتى يصبح لديه رأي ورؤية حينئذ ستكون مياه النهر قد أَبْعَدَتْ – بفعل قوتها الذاتية - العشب عن مجراها ، فيزداد أملنا في الولوج نحو المسكوت عنه حباً للحق والخير والجمال وهذه الأمة وهذا الوطن، ونحن لا نعرف مذهباً غير الإسلام الذي نزل به جبريل من الله تعالى على محمد رسول الله للناس كافة بالقرآن الكريم وحياة النبي وسنته، ولا نعرف ما يدعوه البعض مذهب السنة والجماعة في مقابل مذهب الشيعة والخوارج وغيرهما، ولكننا نعرف عن يقين لا يتزعزع الإسلام (الكتاب والسنة) دون تقسيمات أو فرق أو جماعات. ولكننا من حيث الفقه نعتقد بأن المذاهب الفقهية لابد وأن تنطلق من القرآن والسنة كما أن باب الاجتهاد مفتوح لكل مؤهل له وفق الضوابط الشرعية والضرورية له لكي تناسب قضايا العصر ومستجداته.
جاء الإسلام من أجل هداية الناس إلى عبادة الله وتوحيده ونبذ الشرك والكفر به، والالتزام بالأخلاق الفاضلة ومعاملة الناس معاملة حسنة، وأداء العبادات التي أمرنا الله بها. ثم تقدمت دعوة الإسلام وانتشرت وازدادت أعداد المسلمين، وأسس الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم) دولة الإسلام في المدينة وكان رسولاً وحاكماً لتلك الدولة، ولما خلد إلى الرفيق الأعلى تولى خلافته في تلك الدولة أبو بكر الصديق ومن بعده عمر ثم عثمان ثم علي، وكان هذا الترتيب منطقياً جداً لاعتبارات كثيرة – موجودة بكتب التاريخ يريد معرفتها - غير أن الحوادث عطلت مسيرة الدولة الإسلامية وحدثت الفتنة الكبرى في عهد عثمان الذي اجتمعت عليه فيما نرى خصاله الطيبة التي فطر عليها من الكرم والسماحة والجود وحب الخير والتيسير على نفسه والناس جنباً إلى جنب خصال بني قومه وأهله الراغبين في الدنيا والملك والمال فتقربوا منه وأفسدوا عليه سعيه النبيل وسيرته العطرة بدلاً من أن يقوموا بدفع أنفسهم عنهأو نصرته حين هاجت عليه أقوام ضعيفي النفوس والإيمان واحتلوا مدينة رسول الله لفترة طويلة من الزمن، فكان التمرد عليه من العديد من البلاد، وابتعاد كثير من الصحابة عن نصرته والدفاع عنه، حتى عماله على البلاد لم يجدوا في نصرته حين طلب منهم ذلك، وتركه الجميع ليواجه مصيراً بائساً على أيدي المتمردين الذين لم يعرف لهم صلاح ولا تقوى بل أوردوا الدولة الجديدة مورد الهلاك والفتنة منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا وربما لآماد بعيدة قادمة، وأكاد أجزم بأن الكل شارك في هذه الجريمة سواء بالتحريض والتنفيذ أو بالصمت والاعتزال ففي التحليل النفسي أن الرغبة تساوي الفعل، حتى الذين استغلوا دم عثمان للمطالبة به والتأليب على علي رضي الله عنه ماذا فعلوا بعد أن ظفروا بالحكم؟ اللهم لا دين أقاموا ولا عباداً رعوا وتركوا لنا ميراثاً من الأحقاد والمحن كنا في غنى عنه، وأحسبهم انطلقوا في هذا من رغبات نفسية للانتقام وحب الدنيا وعودة لما تربوا عليه في جاهليتهم وما ورثوه من أجدادهم.
ويأتي الحدث الجلل وهو استشهاد الحسين في كربلاء بصورة مأساوية لا أتصور أن الحسين حين خرج قاصداً الكوفة كان يتخيل أن أحداً يستطيع أن يقف معترضاً طريقه، ففي عقله ووجدانه أنه ابن رسول الله وأن له حظوة ومكانة أدبية ودينية في نفوس المسلمين لا يناظره فيها أحد – هذا حق لا مراء فيه، ولذلك كانت شجاعته البادية لكل ذي عينين فاستجاب لدعوة أهل الكوفة له بالخروج من مكة إليهم بالرغم من تحذير الناس له بعدم الخروج، يقال أن ابن عمه مسلم بن عقيل أخذ له البيعة والعهد من ثمانية عشر ألف من أهل الكوفة وكلهم أنكر ذلك وأثناء المعركة عرض الحسين الكتب التي جاءته من الكوفة على جيش يزيد وكان فيهم من كتبها فأنكروا جميعاً، ولكن هناك أيضاً من كان يرغب لاشعورياً – عبد الله بن الزبير في إبعاد الحسين عن مكة - في خروجه من مكة إلى الكوفة، ولكنه خرج وانتظر أن يلقوه لينصروه ولكنهم انصرفوا عنه وخذلوه وتركوه لمواجهة جيش يزيد بن معاوية وحيداً، وكان أن قتلوه مع أصحابه وأبنائه وداسوه بالخيول وسرقوا ملابسه وقطعوا رأسه الشريف وتجرع مرارة المحنة فلم يبق منها شيئاً – يا الله إن مجرد التخيل لهذا الحدث لأمر مرعب فما بال الذين فعلوا ذلك-، ومثلوا بجثثهم وحملوا رؤوسهم على أسنة الرماح وطافوا بها في شوارع الكوفة وخلفهم نساء آل بيت النبي الأعظم حسارى الرؤوس وسافري الوجوه يندبن على فقيدهن – إن تاريخ العرب في هذا الموقف لمخزٍ وإنه لعار لا أعرف هل تمحوه التوبة؟ فيا ليت أحد الفقهاء يفتينا في ذلك. – فما فعله يزيد وجيشه ليس قتلاً للحسين ولكنه يظهر وكأنه انتقام من رسول الله في أبنائه رداً على ثارات قديمة لبني أمية،أو رفضا لدين الله أصلا، فقد حارب أبو سفيان الرسول الأعظم محمد وقاتله قتالا شديدا دفاعا عن مكانته وموروثات قومه، وقاتل معاوية عليا لماذا؟ وقاتل يزيد حسينا لماذا؟ أليس من الجائز أنه قتال من أجل الموروث القبائلي القديم لجدهم أبي سفيان؟، وهكذا اتفق اللاشعور الجمعي بين يزيد وجيشه من ناحية ، والذين خذلوا الحسين وآله من ناحية أخرى في التخلص من البقية الباقية من آل بيت النبي - وأرسلت السبايا ورأس الحسين إلى يزيد ووضعت أمامه فجعل ينكث في ثغره بقضيب كان في يده وينشد:
يفلقن هاماً من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلما
وتمت بهذه الموقعة محنة لعلي في أبنائه فقد قتلوا جميعاً – سبعة من أبنائه في يوم واحد – وأحفاده، ثم كانت محنة للإسلام خولف فيها عما هو معروف من الأمر بالرفق والنصح وحقن الدماء، كل ذلك ولم يمض على خلود النبي إلى الرفيق الأعلى إلاَّ خمسون عاماً. وهنا بيت القصيد إذ شعر أنصار الحسين أنهم خذلوه وتسببوا في قتله حين تخلوا عنه، ومن ثم أصابهم الندم على ما فعلوا فما كان منهم إلا أن عاقبوا أنفسهم رغبة في التكفير عن الشعور بالذنب.
بدأت فكرة الدعوة لعلي بن أبي طالب لكي يكون خليفة لرسول الله من بعض أقاربه وأعمامه، وهم ينطلقون في ذلك من رغبة في ملك الدولة لأنه من المستحيل وراثة الرسول في رسالته لأنه لا نبي بعده، ولكن من المقبول وراثته في دولته فها هو العباس يطلب من علي أن يبايعه ولم يدفن رسول الله بعد، ويقال أن أبا سفيان طلب مثل ذلك ولكن عليَا رفض، ثم بدأ هذا الشعور يتنامى بدعم وتأثير قوي من عبد الله بن سبأ ويلقب بابن السوداء – هناك من ينكر وجود هذه الشخصية في التاريخ ويراه منحولاً على هذه الفتنة وأنا مع هذا الرأي – ولا مانع من ذكر ما يرى الكثيرون من أنه كان يهودياً ثم أسلم وطاف بالبلاد يقول إنه كان لكل نبي وصي وعليٌّ وصي محمد، فمن أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله وكان ممن ألبوا على عثمان حتى قُتِل، وهو أول من أله علياً، ووضع تعاليم لهدم الإسلام وألف جمعية سرية لبث تعاليمه واتخذ الإسلام ستاراً له يستر به نياته ونزل بالبصرة بعد أن أسلم ونشر فيها دعوته فطرده وإليها منها ثم أتى الكوفة ثم جاء لمصر، وأشهر تعاليمه الوصاية والرجعة فأما الوصاية فإن علياً وصى به الرسول، وأما الرجعة فقد بدأ قوله فيها بأن الرسول يرجع ثم تحول وقال أن علياً يرجع، وفكرة الرجعة هذه أخذها من يهوديته فعندهم أن النبي إلياس صعد إلى السماء وسيعود فيعيد الدين والقانون، كما وجدت الفكرة نفسها في النصرانية وتطورت هذه الفكرة عند مؤيدي علي بن أبي طالب فأخذت شكل العقيدة في اختفاء الأئمة وأن الإمام المختفي سيعود فيملأ الدنيا عدلاً ، حتى آلت الخلافة إلى علي بعد مقتل عثمان بن عفان، وحدثت بعد ذلك الفتنة الكبرى وانشق أنصاره عليه قسم كان معه وما زادوه إلا يئساً بكثرة اختلافهم عليه وعدم طاعتهم له حتى جعلوه يتمنى الموت للخلاص منهم في قوله الذي ردده في غير موضع " ما يؤخر أشقى هذه الأمة" يقصد أن من يقتله هو أشقاها، وكان كثيرًا ما كان يقول " سيخضب هذا من هذا" مشيراً إلى لحيته وجبينه، وقسم آخر خرجوا عليه بسبب التحكيم هم الخوارج (لأنهم خرجوا على علي بن أبي طالب" وحاربوه وقتل منهم عدداً كبيراً في النهروان، فضعفت همم من كانوا معه، وبعد ذلك دبر الخوارج لقتله وكان لهم ما تآمروا عليه بليل أسود حيث قتله عبد الرحمن بن ملجم وكانت زوجته قاطم ممن قُتِلَ معظم أهلها في معركة النهروان بين الخوارج وعلي واعتبر الشعراء أنه كان مهراً غالياً دُفِعَ لها وهو رأس علي، وهذا يشير إلى عقلية الخوارج وما بها من نزوع نحو الاستهواء والانقياد للآخرين، فها هي زوجة تحرض على قتل علي ويتحقق لها ما أرادت ، ولكن هل قتل أمير المؤمنين يومئذ بهذه البساطة يخرج له رجل فيقتله وهو ذاهب لصلاة الفجر ولا يقاومه علي بقوته وشجاعته وهو الفارس والجندي والبطل والنبيل في آن لابد أن في الأمر ما هو أعقد من هذا ويحتاج لتدبر وتأمل أكثر وأكثر، ولقد تآمروا على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص أيضا وفي ليلة واحدة على الرغم من تباعد المكان والأحداث والظروف أننا وكأننا أمام قصة روائية نسجها خيال مبدع، وبعد ذلك ندم الذين قتلوا عليا أو تمردوا عليه أو خذلوه أو اضعفوا من عزمه باختلافهم عليه - والكتب تحكي في هذا وقائع مؤلمة لهذا البطل النبيل حين هزمه أنصاره قبل أن يهزمه أعداؤه - ، على ما فعلوا وذهبوا إلى قبره ليبكوا عليه " وكانت تسميتهم بـ "البكائين" لكثرة بكائهم، وبدأ شعورهم بالندم يتزايد في أعماقهم. ولم يكتفوا بذلك البكاء والندم ولكنهم من سطوة الألم الداخلي ولكي تخف قسوة الأنا الأعلى – الضمير – لديهم اتجهوا لاشعوريا ليجعلوا منه مقدساً في داخل نفوسهم، وبدأوا في إطلاق الأساطير عليه ليصنعوا منه أسطورة مستندين لأحاديث نبوية ومواقف ماضية من أمثال "أنا مدينة العلم، وعلي بابها "، وأن به قوة خارقة وأن الله قد حلَّ فيه، وأنه كان عالماً وعبقرياً، وهو الذي أسس علم النحو، والفقه والتفسير وعلى حد قول أحمد أمين :" كأن العقول كلها أجدبت وأصيبت بالعقم إلا علي بن أبي طالب وذريته وعلي رضي الله عنه براء من ذلك كله – حتى أن كتاباً صدر حديثاً لكي يثبت العبقرية الحسابية له والحق انه غير محتاج لذلك كله فيكيفه سبقه في الإسلام وجهاده المتواصل وبطولاته النادرة وقربه من النبي الأعظم والتربية في كنفه وبيته ومصاحبته له طوال حياته وزواجه من فاطمة بنت النبي الكريم وحبيبته وأنه لم يسجد لصنم قط لم يشاركه في هذه الا النبي في تاريخ المسلمين الأوائل كله وحسن خلقه ومكارمه ونبله وزهده وارتفاعه عن الصغائر وتمسكه بقيم الخير والحق والفضيلة وشهامة الفرسان ، ووووو ، وبعد ذلك تنازل الحسن عن الخلافة ورفض الصراع من أجلها لمعاوية بن أبي سفيان وكان الحسن أحق بها ولا شك في ذلك، ونرى أن حصافته وتعلمه مما فعل أهل الكوفة مع أبيه جعله لا يثق فيهم ولا في بيعتهم له، ومات الحسن بن علي مسموماً وتشير أصابع الاتهام بضلوع زوجته في هذا القتل بتدبير من معاوية ونظن ذلك مقبولاً لاعتبارات كثيرة منها شيوع القتل بالسم في زمن معاوية وما عرف عن الحسن بأنه كان مزواجاً مطلاقاً – لرغبة الأقوام في تزويجه من بناتهم وأي شرف لهم خاصة لما يقال بأنه كان أقرب شبها بجده النبي الأعظم - ربما جعل إحدى زوجاته لا تفي له الوفاء الكامل فتشترى بالمال أو بالوعود أو ربما هي مكيدة من الخوارج انتقاماً لما حدث في النهروان، الخلاصة أنه مات أيضا في تلك الأحداث والفتنة.
ويمكن أن تفسر لنا عقدة الشعور بالذنب لدى أنصار علي والذين خذلوه وأولئك الذين قتلوه وهم كثير ومحاولة التكفير عنها بجعله مقدسا أسطورة القتل الأول (الوليمة الطوطمية) في استكشاف المنشأ الأول للأخلاق الإنسانية، وتفيد هذه الأسطورة أن جماعة من البدائيين في الغاب الأول، يحكمها أب ذكر قوي، كان قد استحوذ نساء القبيلة جميعهن وفرض نظاماً من التحريم الجنسي الصارم على أبنائه وأفراد العشيرة وتحت تأثير القمع المستمر، والكبت الشديد لدوافع الأبناء وميولهم الجنسية، غضب الأبناء وثاروا على أبيهم، فقتلوه والتهموه، وعلى الأثر، وقع الأبناء في صراع مميت على تركة الأب فدبت الفوضى بينهم، ونشب الصراع المميت، فاقتتل الأخوة وسفكت الدماء في ظل غياب سلطة الأب وهيبته وانهيار النظام الذي وضعه. ويتناول فرويد الطابع الرمزي لهذه الأسطورة، ويعمل على تفكيك عناصرها الرمزية على نحو سيكولوجي.
فالأبناء - كما يرى فرويد في هذه الأسطورة – كانوا يناصبون أباهم المتسلط الكراهية والعداء، نظراً للتحريم الجنسي الصارم الذي فرضه عليهم ولكنهم في الوقت نفسه كانوا يدينون له بالحب والولاء والتقدير والإعجاب، إذ كان الأب لهم نموذجاً وقدوة، يتماهون به، وينشدون صورته. وعندما وضعوا نهاية مأساوية لوجوده بقتله)، كابدهم الندم، وأشقاهم الألم،فأقاموا تحت تأثير هذا الندم والحزن طقوساً "طوطمية" تكريما للأب،وتكفيراً عن إثمهم العظيم، وتأسيساً على هذا الموقف التكفيري أسسوا نظام التحريم، ثم شيدوا نظاماً من المقدسات التي حظروا بموجبها على أنفسهم ما كان الأب قد حرّمه عليهم في سابق عهدهم فنشأ التحريم، وولد المقدس، وظهر القانون، وجرت العادات والتقاليد والأعراف على تأصيل هذه المبادئ التحريمية فنشأت القيم وظهرت الأنظمة الأخلاقية في المجتمع. وينطلق فرويد في تأكيده على هذا التصور الأسطوري من نتائج الأبحاث الأنثروبولوجية حول نظام التحريم في القبائل البدائية في استراليا، حيث عُرِفَ عن البدائيين عيشُهم في جماعات صغيرة، يسيطر عليها أب ذكر قوي، وقد أبانت هذه الدراسات أن هذه القبائل البدائية تعتمد نظام تحريم صارم، يُحظر بموجبه على أفراد القبيلة إقامة علاقات جنسية بين الجنسين في داخل القبيلة مع أبناء الطوطم الواحد، حيث تكون أي امرأة في القبيلة محرمة على أي رجل فيها وكذلك هو حال الرجل. ولكن هذا التقديس للطوطم ليس نهائياً ومطلقاً إذ تتخلله بعض الاستثناءات والخروقات، وهذا ما بينته بعض الدراسات الأنثروبولوجية إذ اتضح أن للعشيرة طقوساً إباحية، تجري في أوقات معينة، ولفترة معينة يستباح فيها "الطوطم" المقدّس بصورة احتفائية، في مناسبات معيّنة، وفي هذه الطقوس ينتهك الطوطم ويؤكل لحمه الذي سبق تحريمه. وتأتي هذه الاستباحة في سياق وظيفي تفرضه طبيعة الحياة وشروطها القاسية في هذه المجتمعات البدائية. وتشكل هذه الأسطورة (مقتل الأب وأكله) المادة الأساسية للتحليل الرمزي عند فرويد، حيث يتناول رموزها تناولاً وظيفياً لتفسير نشاة الأخلاق في المجتمعات الإنسانية البدائية القديمة. وفي مجرى هذا التحليل، يرى فرويد، أن قتل الأب وأكله قد أسس لحالة من التناقض الوجداني الهائل الذي تمثّل في الثورة على الأب والندم على قتله، فتحول إحساس الأبناء القتلة بالذنب إلى عذاب مرير ترجموه إلى طقوس "طوطمية"، اتخذت مع الزمن طابعاً دينياً مقدساً، وتحولت تدريجياً إلى أنظمة أخلاقية تحريمية تحوّل فيها الطوطم الأبوي إلى مقدس ديني وقد أسس هذا المقدس لاحقاً للعرف والقانون والأنا الأعلى الأخلاقي في المجتمع. ويحاول فرويد، عبر تحليله هذا، استكشاف الطاقة الرمزية المكتنزة في "الوليمة الطوطمية" فالوليمة (أكل الأب) تأخذ دلالة "الخطيئة الأصلية"، وهي الخطيئة الأزلية المتحولة إلى هاجس وجودي ما فتئ يقض مضاجع الإنسان في سعيه الدؤوب للتحرر من التبعات الأخلاقية للخطيئة الأزلية والتكفير عنها. لقد قرر الأبناء في هذه التراجيديا الإنسانية التنازل التدريجي والمنظم عن إشباع ميولهم البدائية الوحشية لصالح النظام الاجتماعي، وقد شكل هذا التنازل-كما يرى فرويد- أساس النظام والعدالة والقانون والقيم الأخلاقية في المجتمعات الإنسانية القديمة، وقد شكلت هذه الأنظمة – وفقا لهذه الرؤية - مهد الحضارة ومنطلقها الإنساني، وذلك لأن الحضارة لا تقوم إلا على مبدأ الإيثار ونكران الذات وتنظيم الإشاعات الغريزية تنظيماً اجتماعياً أخلاقياً يراعي مبادئ العدالة والحق والخير والجمال.
ويقدم فرويد إشارات واضحة إلى أهمية الأحلام ودورها في نشأة الدين والمحرم عند البدائيين، فكان تجلي الأموات في أحلام البدائيين عاملاً كافياً لترسيخ فكرة خلود الأرواح وقدرتها على التأثير. فعندما قُتل الأب ظهر لأبنائه في أحلامهم وقد أثار هذا الظهور خوفهم وفضولهم، فبدؤوا بالصلوات على روحه خوفاً من غضبه ونقمته عليهم، ويتجلى هذا الخوف من الأرواح بوضوح كبير وفقاً للملاحظات الأنثروبولوجية التي أجريت حول القبائل البدائية، إذ تُبين بعض الدراسات الأنثروبولوجية أن محاربي "جزر التيمور" العائدين من انتصاراتهم على العدو محملين برؤوس أعدائهم المقطوعة، يقومون بتقديم الأضاحي لتهدئة أرواح أعدائهم فيطلبون منها الغفران في طقوس غريبة، إذ يخاطبون فيها أرواح الضحايا قائلين: "لا تغضبوا منا يا أخوتنا، تلك هي مشيئة الحرب والقتال، إنه القدر الذي قضى بأن تكون رؤوسكم مقطوعة اليوم لا رؤوسنا، وهو القدر الذي شاء لنا أن ننتزع النصر،ولولا ذلك لكانت رؤوسنا اليوم في مكان رؤوسكم، وإننا نحتفي بكم اليوم ونقدم لكم هذه القرابين لتبقى أرواحكم في هدوء وسلام، فأقبلوا منا صلواتنا وأضاحينا، واجعلونا نعيش بهدوء وسلام". ثم يبدأ المحاربون بالبكاء على أعدائهم مرددين "لماذا كنتم أعداءنا؟ ألم يكن بإمكاننا البقاء أصدقاء؟ كي لا يُهدر دمكم ولا تــــُقطع رؤؤسكم؟".
وكان ندم أنصار الحسين على عدم الوقوف بجانبه وتركه فريسة سهلة التهمها في يسر جيش يزيد لم يكن كافيا لتهدئة الأنا الأعلى – الضمير – فما كان منهم إلا كونوا فرقة عسكرية قامت باغتيال وقتل كل الذين قتلوا الحسين ، ولم يكن ذلك كافيا أيضا بالنسبة لهم على المستوى اللاشعوري، فما كان منهم إلاَّ أن قدسوه، فبدأوا في إحياء ذكرى يوم استشهاده في يوم عاشوراء حيث إقامة المآتم ولبس السواد والعزاء والغياب من العمل ولطم الخدود وشق الملابس وضرب الجسد حتى يسيل منه الدم وكلما زاد تعذيب المرء لنفسه أحس بالرضا عن نفسه وبالتقرب إلى الحسين ، لقد أزاح لنا التحليل النفسي النقاب عن أن الحيوان الطوطمي يقوم في الواقع مقام الأب ، وهذا يفسر لن التناقض (القتل ثم الاحتفال بالعيد) علماً بأن العيد يسبقه تفجير للحزن، فعلاوة على حبهم لعلي ولأبنائه كانوا يكرهونهم أيضاً فبعد أن قضوا عليهم بتخليهم عنهم صدرت عنهم أمارات محبة مسرفة، قدستهم، وصار الميت في موته أقوى مما كان عليه في حياته.
ومن ثم بدأوا في التجمع و الانتظام والعمل السري خشية سلطان بني أمية،، لتتكون من هؤلاء الأنصار لعلي بن أبي طالب والحسين حزب سياسي يناهض الدولة الأموية، وبهذا نلاحظ أنهم كونوا حركة معارضة سياسية تضع الحكم والسياسة في منزلتها الأولى والأخيرة،، بعد أن كانت شعوراً بالذنب نتيجة قتل علي وأبنائه، وتقديسهم مثلما فعل الأبناء أكلة لحم الأب الذي حرم على أبنائه نساء القبيلة فما كان منهم إلا أن قتلوه وبعد ذلك شعروا بالذنب فأكلوه. وكهذا فعل اللاشعور الجمعي في أنصار علي وأبنائه، وتوارثوا هذا الإثم وذاك الذنب جيلاً بعد جيل وحاولوا تعذيب أنفسهم وكأن الحسين قتل فداءاً عنهم، ولم يكتفِ القوم بذلك بل نتيجة للعمل السري والشعور بأنهم أقلية مستضعفة كان من شأن ذلك أن يدعم تمسكهم بما اجتمعوا عليه شأنهم في ذلك شأن كل جماعة صغيرة تعتقد في مذهب فكري أو ديني أو عرقي يظهر لديهم ما نسميه التكوين المازوخي حيث الرغبة اللاشعورية في تلمس العقاب نتيجة العمل السري مثلما يقوم به المجرم بعد ارتكابه الجريمة من العودة لمكانها حيث رغبته اللاشعورية في العقاب حتى تهدأ الأنا وتقوى على التوفيق بين رغبات الانا الاعلى وهو الضمير في العقاب المطلق وبين الهو ذلك الجزء من الشخصية الذي يريد إشباع الرغبات والغرائز دون حساب للمعاير الأخلاقية والمجتمعية )، والذي يؤجج هذا التماسك ما قد ينالهم من تعذيب أو أضرار معنوية أو مادية، فيدفعهم نحو الاعتقاد بأنهم على الحق وبالتالي فإنهم يدفعون ثمن هذا الحق، ثم قامول مع مرور الزمن بوضع قواعد فكرية لهذا التنظيم السري المعارض.
وفي تلك الفترة الحالكة تستر بعض الفرس بحب الحسين وتجمعوا وحاربوا الدولة الأموية تحت هذه الراية وما في نفوسهم إلاَّ الكره للعرب (نلاحظ أن ذلك اتجاه نفسي سرعان ما تم التعبير عنه بالعمل السري والسياسي)، حيث كان الفرس يعتبرون أنفسهم سادة وكانوا ينظرون إلى العرب على أنهم أقل منهم شأناً فلما أزال العرب دولتهم كادوا لهم وأفسدوا عليهم دينهم وأخرجوهم عن الهدى وما يدل على ذلك أن العرب لا يعرفون الملك الذي عرفه الفرس ولا الوراثة لآل الملك ، ولقد اعتاد الفرس أن ينظروا إلى الحكم نظرة فيها معنى إلهي فنظروا هذا النظر إلى علي وأبنائه، وأن طاعة الأمام أول واجب وأن طاعته من طاعة الله. والأعجب من ذلك أن يكون الأئمة كلهم من أبناء الحسين من زوجته الفارسية حيث تزوج الحسين من شهربانو "سلافة" ابنة "يزدجرد" على أحسن التقديرات أيام خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولم تطل بها الحياة فقد ماتت في نفاسها بعد أن أنجبت علي زين العابدين في عام 38 هجرية ، ومن هنا فالفرس أخوال "علي هذا" ومحبة الفرس للحسين وأبنائه إنما ترجع في جانب كبير منها إلى العصبية السياسية الخالصة.
الختام والقول الفصل:
قال ابن حجر في كتابه الصواعق المحرقة: ومات ـ يعني يزيد بن معاوية ـ سنة أربع و ستّين لكن عن ولد شاب صالح عهد إليه فاستمرّ مريضاً إلى أن مات، و لم يخرج إلى الناس و لا صلّى بهم و لا أدخل نفسه في شيء من الأمور، و كانت مدّة خلافته أربعين يوماً، و قيل: شهرين، و قيل: ثلاثة أشهر، و مات عن إحدى و عشرين سنة، و قيل: عشرين.
قال: ومن صلاحه الظاهر أنّه لمّا ولي صعد المنبر فقال: إنّ هذه الخلافة حبل الله و أنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله ومَن هو أحقّ به منه عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام )، و ركب بكم ما تعلمون حتّى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ قلّد أبي الأمر و كان غير أهل له و نازع ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه ( و آله ) و سلّم، فقصف عمره، و انبتر عقبه، و صار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ بكى و قال: مِنْ أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه و بؤس منقلبه، و قد قتل عترة رسول الله صلّى الله عليه ( و آله ) و سلّم، و أباح الخمر و خرّب الكعبة، و لم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلّد مرارتها، فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدُّنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، و لئن كانت شرّاً فكفى ذرّية أبي سفيان ما أصابوا منها، ثمّ تغيّب في منزله حتّى مات بعد أربعين يوماً ـ كما مرّ ـ فرحمه الله أنصف من أبيه و عرف الأمر لأهله .
قائمة بالمراجع لمزيد من الاطلاع :
1. البلاذري ،احمد بن يحيى (ت: 279) ،انساب الأشراف، تحقيق: سهيل زكار، ورياض زركلي، دار الفكر: 1417، ص 102.
2. أبو جعفر البغدادي، محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي(ت: 245هـ) ،المنمق في اخبار قريش، تحقيق: خورشيد أحمد ،ط. بيروت: عالم الكتب، 1405 هــ / 1985 م ،ص436.
3. شمس الدين ابن طولون ،محمد(ت:953هـ/1546م) ، الأئمة الأثني عشر، تحقيق: صلاح الدين المنجد ،ط .بيروت :دار صادر،(د.ت)، ص 75.
4. الشبلنجي، مؤمن بن حسن مؤمن ،نور الأبصار في مناقب آل بیت النبي المختار تقديم :عبد العزيز سالمان، ط. المطبعة الميمنية، 1890م ،ص 126.
5. الكليني ،محمد بن يعقوب (ت:329هـ)، أصول الكافي، تحقيق: مكتب احياء التراث ،ط1، بيروت: دار المرتضى للطباعة والنشر والتوزيع،2005، 1 /466 .
6. ابن الجوزي ، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج(ت:597هـ)، صفة الصفوة، ط2، بيروت ، دار المعرفة - 1399 - 1979 تحقيق : محمود فاخوري ومحمد رواس قلعه جي 2/ 52 .
7. الشبراوي ،عبد الله بن محمد بن عامر ، الإتحاف بحب الأشراف، وثق اصوله وحققه: سامي الغريري، ط1، مؤسسة الكتاب الاسلامي ،2002م ، ص 49.
8. النيشابوري ،محمد بن الفتال، روضة الواعظين ،تحقيق: غلام محسن المجيدي و مجتبى الفرجي،ط1، منشورات دليل ما، 1423هـ ، 1 /237 .
9. ابن تغري بردي، يوسف جمال الدين أبو المحاسن(ت:874هـ)، النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، مصر: وزارة الثقافة ،1383 هـ/ 1963 ، 1 / 229.
10. المفيد ،محمد بن محمد بن النعمان البغدادي، الارشاد في معرفة حجج الله على العباد، تحقيق: مؤسسة ال البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1995 ،1/137.
11. الطبرسي ،الفضل بن الحسن(548هـ)، اعلام الورى بأعلام الهدى، تحقيق : علي اكبر الغفاري بيروت: دار المعرفة للطباعة و النشر ،1399 هـ / 1979 م ،ص 151
12. المازندراني ، أبي جعفر بن شهر آشوب ،مناقب آل أبي طالب ، تحقيق وفهرسة :يوسف البقاعي، بيروت :دار الاضواء ،(د.ت)، 4/176.
13. البستاني، بطرس، دائره المعارف العربية ، ط. بيروت سنه 1887م، 9 / 355
14. اليافعي، أبو محمد عفيف الدين عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان (ت: 768هـ) ،مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث ،وضع حواشيه: خليل المنصور ،ط. بيروت ،دار الكتب العلمية،1417 هــ /1997 م، 1/ 190.
15. إبن عنبة، جمال الدين أحمد بن علي الحسيني ( ت: 828 هـ )، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ، تصحيح :محمد حسن آل الطالقاني، ط2، النجف الاشرف: المطبعة الحيدرية، 1380هـ /1960، ص192.
16. ابن الجوزي ،صفة الصفوة 2/ 52 .اليوسفي الغروي، ص15.
17. الكنجي الشافعي، أبي عبد الله محمد بن يوسف القرشي (ت: 658 هــ)، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ،تحقيق وتصحيح وتعليق : الشيخ محمد هادي الأميني، دار إحياء تراث أهل البيت (عليه السلام)،ط. طهران (د.ت)، 2/ 454.
18. ابن خلكان، أحمد بن محمد بن أبي بكر(ت:681هـ)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ،المحقق: إحسان عباس ،بيروت دار صادر،1972م،2/ 429.
19. اليوسفي الغروي، محمد هادي ،موسوعة التاريخ الاسلامي، مجمع الفكر الاسلامي،ط1،1431هــ،، ص15.
20. المجلسي، محمد باقر (ت:1110هـ)، بحار الأنوار، الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ،ط. احياء الكتب الإسلامية،(د. ط) ،45/330.
21. الذهبي ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (ت: 748)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، بتحقيق وتعليق د. بشار عواد معروف ، ط1، دار الغرب الإسلامي ، 2003 م، 2/ 46 .
22. الحر العاملي ،محمد بن الحسن ، اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ،قدم له: السيد شهاب الدين المرعشي النجفي ،خرج احاديثه: علاء الدين الاعلمي، ط1، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات،(د.ت)،5/ 14.
23. المسعودي، ابي الحسن علي بن الحسين بن علي الهذلي ، اثبات الوصية للإمام علي بن ابي طالب عليه السلام ،ط. دار الاضواء للطباعة والنشر والتوزيع ،1988 ،ص 143.
24. المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد(ت: 285هـ) ، الكامل في اللغة والأدب ، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم ،ط. القاهرة: دار الفكر العربي ، 1417 هـ / 1997 م ،2/ 462. ابن طولون، الأئمة الاثنا عشر، ص 76.
25. عبدالوهاب، حسين ، عيون المعجزات ، تحقيق : السيد فلاح والشيخ عبدالكريم العقيلي ،ط. مؤسسة بنت الرسول ،(د .ط)، 5/ 14.
26. الصفار، ابو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ، بصائر الدرجات، ط1،منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات(د.ت)، ص 96 .
27. إبراهيم عوض: سورة النورين "دراسة تحليلية أسلوبية " . القاهرة . دار زهراء الشرق. 1997.
28. أحمد أمين: فجر الإسلام. القاهرة . الهيئة المصرية العامة للكتاب.1996.
29. الشريف الرضي: نهج البلاغةللإمام علي بن أبي طالب . مراجعة وتحقيق محمد عبده. القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.1983.
30. جاك لاكان: الأسس الرمزية والأسطورية لنشأة الأخلاق في سيكولوجيا فرويد. ب د. ب ت.
31. حسين مؤنس: دراسات في السيرة. القاهرة. مكتبة الزهراء.1995.
32. خالد محمد خالد: أبناء الرسول في كربلاء. القاهرة. مكتبة الشعب.
33. خالد محمد عبد الغني: الشيعة والوهابية "مذهب أم فكرة". مجلة تحديات ثقافية. عدد 40 .شتاء 2010.
34. خالد محمد عبد الغني: هوية مصر وما ينبغي لها. مجلة تحديات ثقافية. تصدر عن دار تحديات ثقافية. عدد 33 .صيف 2008.
35. دليب هيرو: الأصولية الإسلامية في العصر الحديث. ترجمة عبد الحميد فهمي الجمال. القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.1997.
36. سيجموند فرويد: الطوطم والحرام. ترجمة جورج طرابيشي. بيروت. دار الطليعة. 1980.
37. طه حسين : الفتنة الكبرى "عثمان". القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.2013.
38. طه حسين : الفتنة الكبرى "علي وبنوه". القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.2013.
39. عباس محمود العقاد: سيد الشهداء الحسين . القاهرة . دار المعارف.1980.
40. عباس محمود العقاد: عبقرية الإمام . القاهرة . دار المعارف.1987.
41. عبد الحميد جودة السحار: حياة الحسين. القاهرة. مكتبة مصر.
42. عبد الرحمن الشرقاوي: الحسين ثائراً. القاهرة . الهيئة المصرية العامة للكتاب.1998.
43. عبد الرحمن الشرقاوي: الحسين شهيداً. القاهرة . الهيئة المصرية العامة للكتاب.1998.
44. عدنان حب الله: مقابلة على هامش المؤتمر الثالث حول العنف والإرهاب. الجمعية المصرية للتحليل النفسي. القاهرة. 2008.
45. فرج طه وحسين عبد القادر وشاكر قنديل ومصطفى عبد الفتاح: موسوعة علم النفس والتحليل النفسي. الرياض. الزهراء للنشر والتوزيع.2010.
46. محاسن الوقاد: مصر الحضارة والتاريخ من الفتح الإسلامي حتى الدولة الفاطمية. ب د . 2013.
47. محمد الغزالي ومحمد مهدي شمس الدين و خليل عبد الكريم ورضوان السيد: "ملف حول التقريب بين المذهب السني والشيعي " مجلة الحوار – فصلية فكرية ثقافية- العدد 6 و 7 السنة الثانية صيف وخريف 1987.
48. محمد عبد المنعم البري: الجذور اليهودية للشيعة في كتاب علل الشرايع للصدوق الشيعي رئيس المحدثين "دراسة نقدية ". ب د . 1997.
49. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب. القاهرة . الدار المصرية اللبنانية. 1996.
50. يوليوس فلهاوزن: أحزاب المعارضة في الإسلام "الخوارج والشيعة" ترجمة عبد الرحمن بدوي. القاهرة. مكتبة مصر.
(كانت الجفوة قوية وشديدة من قريش تجاه النبي الأعظم ولكنه كان مؤيدا من السماء فانتصر عليهم نصرا كبيرا حيث رفضت قريش أن يجتمع لبني هاشم السيادة والنبوة فحرص القوم علي المعارضة ورفض الإسلام. وجاءت الفرصة لقريش لكي تكفر عن موقفها السابق حين اجتمع أهل الشورى بعد موت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وكانت النتيجة أن رفضت قريش للمرة الثانية أن تجتمع النبوة والسيادة لبني هاشم في شخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقررت جفوته واختارت أمير المؤمنين عثمان بن عفان , وظلت قريش تحارب عليا بعد ذلك حتى شعر بالضيق والحزن الذي لم يفارقه طوال رحلته ، وتآمرت العرب في أغلبها على الرجل النبيل والبطل والفارس والجندي المجاهد منذ بدايته حتى نهايته وبعد قتله ندموا على ذلك فحاولوا التكفير اللاشعوري عن هذا القتل فحاولوا تأليهه أو تقديسه وأفضل ما يفسر لنا ذلك الموقف هي أسطورة أكلة لحم الأب المعروفة بالوليمة الطوطمية وما قدمته نظرية التحليل النفسي من الاستفادة منها في تفسير خلق المقدس والمحرم لدى الشعوب . وإن قتل الحسين - بعد قتل أبيه وأخيه -كان إزاحة نفسية لرغبة في التخلص من الإسلام نفسه ومن تعاليمه بعد فشل التخلص من البني الأعظم من قبل العرب الذين لم يحبوا الإسلام في أغلبهم ولذلك نراهم وقد ارتدوا في أواخر عهد النبي الأعظم بل وادعى بعضهم النبوة ، وعادوا بعد حروب كثيرة للإسلام كارهين مضطرين مغلوبين ولكن ظلت في نفوسهم جراح وكره للإسلام، فلم يكن الشعور بقادر على إعلان تلك الرغبة لان الإسلام هو الذي جعل لهم السيادة والملك والثراء ولكن لإلحاح الرغبة ولقبحها في آن حدثت الإزاحة من الإسلام إلى الحسين فكان يسيرا حينئذ رفع السيف في وجه الحسين وإنها لكبيرة وجريمة لا تمحوها التوبة وأي توبة تقابلها مهما كانت ، وكان المرتدون وأبناؤهم يملئون بلاد العرب وكان في إيمان هؤلاء ضعف واضح وجلي وأيضا كانت في نفوسهم ضغينة ضد الإسلام جعلتهم يشاركون إما فعلا أو تحريضا ضد الحسين كإزاحة أيضا لرغبتهم في التخلص من الإسلام علاوة علي الكثير من الفرس واليهود الذين تظاهروا بالإسلام وكادوا له منذ الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وقتله لأسباب واهية لا تستقيم أمام النقد والتفنيد.. وحتى لا نتشعب كثيرا لقد كاد العرب يومئذ لاشعوريا للإسلام ولرسوله وجفوهم جفوة كبيرة تجلت منذ محاربة قريش لابنهم الرسول الأعظم ومن بعده جفته في ابن عمه علي ابن طالب أمير المؤمنين في لجنة أهل الشورى وخذلته يومها وحتى لحظة استشهاده بالكوفة بعد سنين من الجفوة والصدام. وورث الحسين هذا الموقف المناهض للإسلام باعتباره البقية الباقية التي لا شك في أنها تمثل الإسلام كونه ابن رسول الله . يرتدى لباسه وعمامته ويحمل سيفه في معركته ويذكرهم بذلك فما الذي جعل القوم لا يرتعدون لابد أنها الرغبة الأقوى والأكثر فحشا وهي محاربة الإسلام نفسه، والذي يتساوى في ذلك الجرم ما قام به المتخاذلون والذين نقضوا عهدهم مع الحسين ولم يخرجوا لنصرته ترى ما الذي منعهم وهم يعلمون الحق في شعورهم ووعيهم ومنهم من انضم لجيش المناهضين للحسين أيضا..إن الذي منعهم لابد وإنها رغبة أعمق من ذلك الوعي والشعور وهي التخلص من الإسلام ومحاربته . كان الأطفال والصبية في جيش الحسين يموتون دفاعا عن الحق والرجال الأشداء يخذلونه فما هو الذي يدفعهم لذلك ستقولون حب الدنيا وخشية السلطان وهم يومئذ قريبي عهد بالإسلام ... لابد و أن نفوسهم لم تتشرب روح الإسلام وعقيدته يتساوى في ذلك نفسيا القاتل المجرم والمتخاذل الذي يترك صاحبه في مواجهة الهلاك وحيدا ومن شجعه على الخروج ويعلم ضعف جيشه وقلة ناصريه ومن سكت وصمت من كل العرب – المسلمين -... و إني لأتصور الحسين يشعر بالأسى عليهم ومنهم جميعا الكل كانوا سببا في شعوره بالحزن والخزي ولابد أنه ذاكر ذلك كله يوم الحساب وسائلهم أيضا لماذا تقتلوني ولماذا خذلتموني . وتأسيسا على ذلك كان قتل الحسين لعنة أصابت الجميع كل حسب موقعه ومكانه ودوره ، لقد دفع العرب جميعا ثمن قتلهم للحسين ، فذهب ملك بني أمية ومات يزيد ميتة لا شرف فيها، وبقية الجند قتلوا وشردوا وانتهت حياتهم نهايات مأساوية إذ انتظمت جماعة من محبي الحسين بقتل كل من شارك في قتله، ودفع العرب المتخاذلون ثمن قتلهم للحسين بفرقة وهوان وضياع ساعد في تكالب كل الأمم والممالك عليها في أشكال مختلفة من استعمار واحتلال أجنبي إلى حروب دامية بينهم أزهقت فيها ملايين النفوس من يومها إلى يومنا ، وأما أنصاره الذين باعوه بثمن بخس فقاموا بتعذيب أنفسهم والندم الذي لا يفارقهم على فعلهم هذا وبعد ذلك ونتيجة لقلة عددهم اتجهوا للعمل السري ثم العمل السياسي المعارض، وأخيراً وضع أيديولوجيا فكرية ثم مبادئ فقهية لكي يتأصل ذلك العمل السياسي. وختاما .. لو صح ما قاله يزيد في مقابلته مع السيدة زينب بعد استشهاد الحسين "لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل" . لكان خارجا عن الإسلام لا محالة بفعل الشعور والوعي . وأرى القصة موضوعة لأن صلف وتكبر وغرور يزيد يمنعه من لقاء ما تبقى من آل بيت النبي وهم يومئذ بعض النساء والأطفال وعلي بن الحسين ... فليست بيزيد حاجة لمقابلتهم.. ولكني أتصور أن الرأس الكريم للحسين جاءته فعبث بها وأمر بدفنها في مكان سري حتى لا يعلمه أحد وظل الأمر على هذا النحو ليومنا هذا . وإن إنسانية الحسين وقضيته العامة والعادلة جعلت أهل بلدان كثيرة تدعي أن رأسه الكريم مدفون بها لتنال شرف وجودها في أرضها، ومات يزيد وتولى بعده ابنه معاوية الثاني ولم يقبل الخلافة وخطب في الناس كاشفة لحقيقة الخلاف منذ جده أبي سفيان حتى أبيه يزيد ، واعتزلهم بعد ذلك حتى مات ، وفي يقيننا أنه ليس كل من عاصر النبي الأعظم صحابيا ولكنه معاصر فقط للفترة الزمنية لأن من هؤلاء من ارتد عن الإسلام ومنهم من نافق الرسول ومنهم من لم يشارك في أي شيء ومنهم الطلقاء الذين آمنوا يوم الفتح ومنهم معاوية لم يكن لهم دور في خدمة الإسلام وكان عمر بن الخطاب يضعهم عندما دون الديوان في آخر القائمة وأما كتابة الوحي التي يتمسك بها كثير من الناس لكي لا نقدم قراءة لتلك الفترة ففيها أقوال كثيرة لا ترجح هذا الأمر ولم يعرف عن معاوية روايته للحديث مثلا ولا أنه شارك زيدا بن ثابت في نسخ القرءان ، وإنما نراها موضوعة أيضا لبيان أن لمعاوية فضل أو قيمة أيام النبي . ولكن الصحابة هم أولئك المسلمون الذين صحبوا النبي في كل المواقف وتحملوا الأذى في سبيل الدعوة وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأهليهم، وأظن أنهم المقصودون بقول النبي "اتقوا الله في أصحابي" أتصور أن هؤلاء هم الأحق بكلمة ومنزلة الصحابة ).
الموضوع:
هذه دراسة لا تهتم بالجانب التاريخي فكتب التاريخ القديمة والحديثة قد قتلته بحثاً وتمحيصاً، ولا الجانب الفقهي فكتب التفسير والفرق والمذاهب والفقه قد تناولته كثيراً وخلصوا إما إلى رأي قاطع أو إلى الإبقاء على الخلاف، ولكن الذي يعنينا هو عرض لرؤية نفسية تكونت لدينا بعد مطالعة مدققة لتراث هذه القضية ومعايشة لأصحابها ولمدارس ونظريات علم النفس، ويقيناً ندرك أننا نقدم تلك الرؤية النفسية التي لم يقترب منها أحد، وندرك في الآن نفسه حجم المخاطرة ومقدار الخطأ والصواب فكل فكرة جديدة لابد وأن يكون لها نصيب من الأعداء والأنصار وتلك هي طبيعة الأشياء، ولسوف يسعدنا تقويم تلك الرؤية خاصة وأن هدفنا هو الحق، دون الاعتبار لأي أمر آخر، فالعلم إنما يتقدم ضد أخطائه ولا يتقدم من صواب إلى صواب أو من حقيقة إلى أخرى، فلقد علمنا أن الكثيرين يؤثرون عدم الخوض في هذه القضية تحت مسمى جمع شمل الأمة وعدم تفريقها معتقدين أن ذلك الهدف متحقق بفعلهم هذا، ويجب ألا يكتفي القارئ الكريم برؤيتنا تلك ولكن عليه الرجوع لكل المصادر المتاحة والتي من شأنها أن تعمق رؤاه حتى يصبح لديه رأي ورؤية حينئذ ستكون مياه النهر قد أَبْعَدَتْ – بفعل قوتها الذاتية - العشب عن مجراها ، فيزداد أملنا في الولوج نحو المسكوت عنه حباً للحق والخير والجمال وهذه الأمة وهذا الوطن، ونحن لا نعرف مذهباً غير الإسلام الذي نزل به جبريل من الله تعالى على محمد رسول الله للناس كافة بالقرآن الكريم وحياة النبي وسنته، ولا نعرف ما يدعوه البعض مذهب السنة والجماعة في مقابل مذهب الشيعة والخوارج وغيرهما، ولكننا نعرف عن يقين لا يتزعزع الإسلام (الكتاب والسنة) دون تقسيمات أو فرق أو جماعات. ولكننا من حيث الفقه نعتقد بأن المذاهب الفقهية لابد وأن تنطلق من القرآن والسنة كما أن باب الاجتهاد مفتوح لكل مؤهل له وفق الضوابط الشرعية والضرورية له لكي تناسب قضايا العصر ومستجداته.
جاء الإسلام من أجل هداية الناس إلى عبادة الله وتوحيده ونبذ الشرك والكفر به، والالتزام بالأخلاق الفاضلة ومعاملة الناس معاملة حسنة، وأداء العبادات التي أمرنا الله بها. ثم تقدمت دعوة الإسلام وانتشرت وازدادت أعداد المسلمين، وأسس الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم) دولة الإسلام في المدينة وكان رسولاً وحاكماً لتلك الدولة، ولما خلد إلى الرفيق الأعلى تولى خلافته في تلك الدولة أبو بكر الصديق ومن بعده عمر ثم عثمان ثم علي، وكان هذا الترتيب منطقياً جداً لاعتبارات كثيرة – موجودة بكتب التاريخ يريد معرفتها - غير أن الحوادث عطلت مسيرة الدولة الإسلامية وحدثت الفتنة الكبرى في عهد عثمان الذي اجتمعت عليه فيما نرى خصاله الطيبة التي فطر عليها من الكرم والسماحة والجود وحب الخير والتيسير على نفسه والناس جنباً إلى جنب خصال بني قومه وأهله الراغبين في الدنيا والملك والمال فتقربوا منه وأفسدوا عليه سعيه النبيل وسيرته العطرة بدلاً من أن يقوموا بدفع أنفسهم عنهأو نصرته حين هاجت عليه أقوام ضعيفي النفوس والإيمان واحتلوا مدينة رسول الله لفترة طويلة من الزمن، فكان التمرد عليه من العديد من البلاد، وابتعاد كثير من الصحابة عن نصرته والدفاع عنه، حتى عماله على البلاد لم يجدوا في نصرته حين طلب منهم ذلك، وتركه الجميع ليواجه مصيراً بائساً على أيدي المتمردين الذين لم يعرف لهم صلاح ولا تقوى بل أوردوا الدولة الجديدة مورد الهلاك والفتنة منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا وربما لآماد بعيدة قادمة، وأكاد أجزم بأن الكل شارك في هذه الجريمة سواء بالتحريض والتنفيذ أو بالصمت والاعتزال ففي التحليل النفسي أن الرغبة تساوي الفعل، حتى الذين استغلوا دم عثمان للمطالبة به والتأليب على علي رضي الله عنه ماذا فعلوا بعد أن ظفروا بالحكم؟ اللهم لا دين أقاموا ولا عباداً رعوا وتركوا لنا ميراثاً من الأحقاد والمحن كنا في غنى عنه، وأحسبهم انطلقوا في هذا من رغبات نفسية للانتقام وحب الدنيا وعودة لما تربوا عليه في جاهليتهم وما ورثوه من أجدادهم.
ويأتي الحدث الجلل وهو استشهاد الحسين في كربلاء بصورة مأساوية لا أتصور أن الحسين حين خرج قاصداً الكوفة كان يتخيل أن أحداً يستطيع أن يقف معترضاً طريقه، ففي عقله ووجدانه أنه ابن رسول الله وأن له حظوة ومكانة أدبية ودينية في نفوس المسلمين لا يناظره فيها أحد – هذا حق لا مراء فيه، ولذلك كانت شجاعته البادية لكل ذي عينين فاستجاب لدعوة أهل الكوفة له بالخروج من مكة إليهم بالرغم من تحذير الناس له بعدم الخروج، يقال أن ابن عمه مسلم بن عقيل أخذ له البيعة والعهد من ثمانية عشر ألف من أهل الكوفة وكلهم أنكر ذلك وأثناء المعركة عرض الحسين الكتب التي جاءته من الكوفة على جيش يزيد وكان فيهم من كتبها فأنكروا جميعاً، ولكن هناك أيضاً من كان يرغب لاشعورياً – عبد الله بن الزبير في إبعاد الحسين عن مكة - في خروجه من مكة إلى الكوفة، ولكنه خرج وانتظر أن يلقوه لينصروه ولكنهم انصرفوا عنه وخذلوه وتركوه لمواجهة جيش يزيد بن معاوية وحيداً، وكان أن قتلوه مع أصحابه وأبنائه وداسوه بالخيول وسرقوا ملابسه وقطعوا رأسه الشريف وتجرع مرارة المحنة فلم يبق منها شيئاً – يا الله إن مجرد التخيل لهذا الحدث لأمر مرعب فما بال الذين فعلوا ذلك-، ومثلوا بجثثهم وحملوا رؤوسهم على أسنة الرماح وطافوا بها في شوارع الكوفة وخلفهم نساء آل بيت النبي الأعظم حسارى الرؤوس وسافري الوجوه يندبن على فقيدهن – إن تاريخ العرب في هذا الموقف لمخزٍ وإنه لعار لا أعرف هل تمحوه التوبة؟ فيا ليت أحد الفقهاء يفتينا في ذلك. – فما فعله يزيد وجيشه ليس قتلاً للحسين ولكنه يظهر وكأنه انتقام من رسول الله في أبنائه رداً على ثارات قديمة لبني أمية،أو رفضا لدين الله أصلا، فقد حارب أبو سفيان الرسول الأعظم محمد وقاتله قتالا شديدا دفاعا عن مكانته وموروثات قومه، وقاتل معاوية عليا لماذا؟ وقاتل يزيد حسينا لماذا؟ أليس من الجائز أنه قتال من أجل الموروث القبائلي القديم لجدهم أبي سفيان؟، وهكذا اتفق اللاشعور الجمعي بين يزيد وجيشه من ناحية ، والذين خذلوا الحسين وآله من ناحية أخرى في التخلص من البقية الباقية من آل بيت النبي - وأرسلت السبايا ورأس الحسين إلى يزيد ووضعت أمامه فجعل ينكث في ثغره بقضيب كان في يده وينشد:
يفلقن هاماً من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلما
وتمت بهذه الموقعة محنة لعلي في أبنائه فقد قتلوا جميعاً – سبعة من أبنائه في يوم واحد – وأحفاده، ثم كانت محنة للإسلام خولف فيها عما هو معروف من الأمر بالرفق والنصح وحقن الدماء، كل ذلك ولم يمض على خلود النبي إلى الرفيق الأعلى إلاَّ خمسون عاماً. وهنا بيت القصيد إذ شعر أنصار الحسين أنهم خذلوه وتسببوا في قتله حين تخلوا عنه، ومن ثم أصابهم الندم على ما فعلوا فما كان منهم إلا أن عاقبوا أنفسهم رغبة في التكفير عن الشعور بالذنب.
بدأت فكرة الدعوة لعلي بن أبي طالب لكي يكون خليفة لرسول الله من بعض أقاربه وأعمامه، وهم ينطلقون في ذلك من رغبة في ملك الدولة لأنه من المستحيل وراثة الرسول في رسالته لأنه لا نبي بعده، ولكن من المقبول وراثته في دولته فها هو العباس يطلب من علي أن يبايعه ولم يدفن رسول الله بعد، ويقال أن أبا سفيان طلب مثل ذلك ولكن عليَا رفض، ثم بدأ هذا الشعور يتنامى بدعم وتأثير قوي من عبد الله بن سبأ ويلقب بابن السوداء – هناك من ينكر وجود هذه الشخصية في التاريخ ويراه منحولاً على هذه الفتنة وأنا مع هذا الرأي – ولا مانع من ذكر ما يرى الكثيرون من أنه كان يهودياً ثم أسلم وطاف بالبلاد يقول إنه كان لكل نبي وصي وعليٌّ وصي محمد، فمن أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله وكان ممن ألبوا على عثمان حتى قُتِل، وهو أول من أله علياً، ووضع تعاليم لهدم الإسلام وألف جمعية سرية لبث تعاليمه واتخذ الإسلام ستاراً له يستر به نياته ونزل بالبصرة بعد أن أسلم ونشر فيها دعوته فطرده وإليها منها ثم أتى الكوفة ثم جاء لمصر، وأشهر تعاليمه الوصاية والرجعة فأما الوصاية فإن علياً وصى به الرسول، وأما الرجعة فقد بدأ قوله فيها بأن الرسول يرجع ثم تحول وقال أن علياً يرجع، وفكرة الرجعة هذه أخذها من يهوديته فعندهم أن النبي إلياس صعد إلى السماء وسيعود فيعيد الدين والقانون، كما وجدت الفكرة نفسها في النصرانية وتطورت هذه الفكرة عند مؤيدي علي بن أبي طالب فأخذت شكل العقيدة في اختفاء الأئمة وأن الإمام المختفي سيعود فيملأ الدنيا عدلاً ، حتى آلت الخلافة إلى علي بعد مقتل عثمان بن عفان، وحدثت بعد ذلك الفتنة الكبرى وانشق أنصاره عليه قسم كان معه وما زادوه إلا يئساً بكثرة اختلافهم عليه وعدم طاعتهم له حتى جعلوه يتمنى الموت للخلاص منهم في قوله الذي ردده في غير موضع " ما يؤخر أشقى هذه الأمة" يقصد أن من يقتله هو أشقاها، وكان كثيرًا ما كان يقول " سيخضب هذا من هذا" مشيراً إلى لحيته وجبينه، وقسم آخر خرجوا عليه بسبب التحكيم هم الخوارج (لأنهم خرجوا على علي بن أبي طالب" وحاربوه وقتل منهم عدداً كبيراً في النهروان، فضعفت همم من كانوا معه، وبعد ذلك دبر الخوارج لقتله وكان لهم ما تآمروا عليه بليل أسود حيث قتله عبد الرحمن بن ملجم وكانت زوجته قاطم ممن قُتِلَ معظم أهلها في معركة النهروان بين الخوارج وعلي واعتبر الشعراء أنه كان مهراً غالياً دُفِعَ لها وهو رأس علي، وهذا يشير إلى عقلية الخوارج وما بها من نزوع نحو الاستهواء والانقياد للآخرين، فها هي زوجة تحرض على قتل علي ويتحقق لها ما أرادت ، ولكن هل قتل أمير المؤمنين يومئذ بهذه البساطة يخرج له رجل فيقتله وهو ذاهب لصلاة الفجر ولا يقاومه علي بقوته وشجاعته وهو الفارس والجندي والبطل والنبيل في آن لابد أن في الأمر ما هو أعقد من هذا ويحتاج لتدبر وتأمل أكثر وأكثر، ولقد تآمروا على قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص أيضا وفي ليلة واحدة على الرغم من تباعد المكان والأحداث والظروف أننا وكأننا أمام قصة روائية نسجها خيال مبدع، وبعد ذلك ندم الذين قتلوا عليا أو تمردوا عليه أو خذلوه أو اضعفوا من عزمه باختلافهم عليه - والكتب تحكي في هذا وقائع مؤلمة لهذا البطل النبيل حين هزمه أنصاره قبل أن يهزمه أعداؤه - ، على ما فعلوا وذهبوا إلى قبره ليبكوا عليه " وكانت تسميتهم بـ "البكائين" لكثرة بكائهم، وبدأ شعورهم بالندم يتزايد في أعماقهم. ولم يكتفوا بذلك البكاء والندم ولكنهم من سطوة الألم الداخلي ولكي تخف قسوة الأنا الأعلى – الضمير – لديهم اتجهوا لاشعوريا ليجعلوا منه مقدساً في داخل نفوسهم، وبدأوا في إطلاق الأساطير عليه ليصنعوا منه أسطورة مستندين لأحاديث نبوية ومواقف ماضية من أمثال "أنا مدينة العلم، وعلي بابها "، وأن به قوة خارقة وأن الله قد حلَّ فيه، وأنه كان عالماً وعبقرياً، وهو الذي أسس علم النحو، والفقه والتفسير وعلى حد قول أحمد أمين :" كأن العقول كلها أجدبت وأصيبت بالعقم إلا علي بن أبي طالب وذريته وعلي رضي الله عنه براء من ذلك كله – حتى أن كتاباً صدر حديثاً لكي يثبت العبقرية الحسابية له والحق انه غير محتاج لذلك كله فيكيفه سبقه في الإسلام وجهاده المتواصل وبطولاته النادرة وقربه من النبي الأعظم والتربية في كنفه وبيته ومصاحبته له طوال حياته وزواجه من فاطمة بنت النبي الكريم وحبيبته وأنه لم يسجد لصنم قط لم يشاركه في هذه الا النبي في تاريخ المسلمين الأوائل كله وحسن خلقه ومكارمه ونبله وزهده وارتفاعه عن الصغائر وتمسكه بقيم الخير والحق والفضيلة وشهامة الفرسان ، ووووو ، وبعد ذلك تنازل الحسن عن الخلافة ورفض الصراع من أجلها لمعاوية بن أبي سفيان وكان الحسن أحق بها ولا شك في ذلك، ونرى أن حصافته وتعلمه مما فعل أهل الكوفة مع أبيه جعله لا يثق فيهم ولا في بيعتهم له، ومات الحسن بن علي مسموماً وتشير أصابع الاتهام بضلوع زوجته في هذا القتل بتدبير من معاوية ونظن ذلك مقبولاً لاعتبارات كثيرة منها شيوع القتل بالسم في زمن معاوية وما عرف عن الحسن بأنه كان مزواجاً مطلاقاً – لرغبة الأقوام في تزويجه من بناتهم وأي شرف لهم خاصة لما يقال بأنه كان أقرب شبها بجده النبي الأعظم - ربما جعل إحدى زوجاته لا تفي له الوفاء الكامل فتشترى بالمال أو بالوعود أو ربما هي مكيدة من الخوارج انتقاماً لما حدث في النهروان، الخلاصة أنه مات أيضا في تلك الأحداث والفتنة.
ويمكن أن تفسر لنا عقدة الشعور بالذنب لدى أنصار علي والذين خذلوه وأولئك الذين قتلوه وهم كثير ومحاولة التكفير عنها بجعله مقدسا أسطورة القتل الأول (الوليمة الطوطمية) في استكشاف المنشأ الأول للأخلاق الإنسانية، وتفيد هذه الأسطورة أن جماعة من البدائيين في الغاب الأول، يحكمها أب ذكر قوي، كان قد استحوذ نساء القبيلة جميعهن وفرض نظاماً من التحريم الجنسي الصارم على أبنائه وأفراد العشيرة وتحت تأثير القمع المستمر، والكبت الشديد لدوافع الأبناء وميولهم الجنسية، غضب الأبناء وثاروا على أبيهم، فقتلوه والتهموه، وعلى الأثر، وقع الأبناء في صراع مميت على تركة الأب فدبت الفوضى بينهم، ونشب الصراع المميت، فاقتتل الأخوة وسفكت الدماء في ظل غياب سلطة الأب وهيبته وانهيار النظام الذي وضعه. ويتناول فرويد الطابع الرمزي لهذه الأسطورة، ويعمل على تفكيك عناصرها الرمزية على نحو سيكولوجي.
فالأبناء - كما يرى فرويد في هذه الأسطورة – كانوا يناصبون أباهم المتسلط الكراهية والعداء، نظراً للتحريم الجنسي الصارم الذي فرضه عليهم ولكنهم في الوقت نفسه كانوا يدينون له بالحب والولاء والتقدير والإعجاب، إذ كان الأب لهم نموذجاً وقدوة، يتماهون به، وينشدون صورته. وعندما وضعوا نهاية مأساوية لوجوده بقتله)، كابدهم الندم، وأشقاهم الألم،فأقاموا تحت تأثير هذا الندم والحزن طقوساً "طوطمية" تكريما للأب،وتكفيراً عن إثمهم العظيم، وتأسيساً على هذا الموقف التكفيري أسسوا نظام التحريم، ثم شيدوا نظاماً من المقدسات التي حظروا بموجبها على أنفسهم ما كان الأب قد حرّمه عليهم في سابق عهدهم فنشأ التحريم، وولد المقدس، وظهر القانون، وجرت العادات والتقاليد والأعراف على تأصيل هذه المبادئ التحريمية فنشأت القيم وظهرت الأنظمة الأخلاقية في المجتمع. وينطلق فرويد في تأكيده على هذا التصور الأسطوري من نتائج الأبحاث الأنثروبولوجية حول نظام التحريم في القبائل البدائية في استراليا، حيث عُرِفَ عن البدائيين عيشُهم في جماعات صغيرة، يسيطر عليها أب ذكر قوي، وقد أبانت هذه الدراسات أن هذه القبائل البدائية تعتمد نظام تحريم صارم، يُحظر بموجبه على أفراد القبيلة إقامة علاقات جنسية بين الجنسين في داخل القبيلة مع أبناء الطوطم الواحد، حيث تكون أي امرأة في القبيلة محرمة على أي رجل فيها وكذلك هو حال الرجل. ولكن هذا التقديس للطوطم ليس نهائياً ومطلقاً إذ تتخلله بعض الاستثناءات والخروقات، وهذا ما بينته بعض الدراسات الأنثروبولوجية إذ اتضح أن للعشيرة طقوساً إباحية، تجري في أوقات معينة، ولفترة معينة يستباح فيها "الطوطم" المقدّس بصورة احتفائية، في مناسبات معيّنة، وفي هذه الطقوس ينتهك الطوطم ويؤكل لحمه الذي سبق تحريمه. وتأتي هذه الاستباحة في سياق وظيفي تفرضه طبيعة الحياة وشروطها القاسية في هذه المجتمعات البدائية. وتشكل هذه الأسطورة (مقتل الأب وأكله) المادة الأساسية للتحليل الرمزي عند فرويد، حيث يتناول رموزها تناولاً وظيفياً لتفسير نشاة الأخلاق في المجتمعات الإنسانية البدائية القديمة. وفي مجرى هذا التحليل، يرى فرويد، أن قتل الأب وأكله قد أسس لحالة من التناقض الوجداني الهائل الذي تمثّل في الثورة على الأب والندم على قتله، فتحول إحساس الأبناء القتلة بالذنب إلى عذاب مرير ترجموه إلى طقوس "طوطمية"، اتخذت مع الزمن طابعاً دينياً مقدساً، وتحولت تدريجياً إلى أنظمة أخلاقية تحريمية تحوّل فيها الطوطم الأبوي إلى مقدس ديني وقد أسس هذا المقدس لاحقاً للعرف والقانون والأنا الأعلى الأخلاقي في المجتمع. ويحاول فرويد، عبر تحليله هذا، استكشاف الطاقة الرمزية المكتنزة في "الوليمة الطوطمية" فالوليمة (أكل الأب) تأخذ دلالة "الخطيئة الأصلية"، وهي الخطيئة الأزلية المتحولة إلى هاجس وجودي ما فتئ يقض مضاجع الإنسان في سعيه الدؤوب للتحرر من التبعات الأخلاقية للخطيئة الأزلية والتكفير عنها. لقد قرر الأبناء في هذه التراجيديا الإنسانية التنازل التدريجي والمنظم عن إشباع ميولهم البدائية الوحشية لصالح النظام الاجتماعي، وقد شكل هذا التنازل-كما يرى فرويد- أساس النظام والعدالة والقانون والقيم الأخلاقية في المجتمعات الإنسانية القديمة، وقد شكلت هذه الأنظمة – وفقا لهذه الرؤية - مهد الحضارة ومنطلقها الإنساني، وذلك لأن الحضارة لا تقوم إلا على مبدأ الإيثار ونكران الذات وتنظيم الإشاعات الغريزية تنظيماً اجتماعياً أخلاقياً يراعي مبادئ العدالة والحق والخير والجمال.
ويقدم فرويد إشارات واضحة إلى أهمية الأحلام ودورها في نشأة الدين والمحرم عند البدائيين، فكان تجلي الأموات في أحلام البدائيين عاملاً كافياً لترسيخ فكرة خلود الأرواح وقدرتها على التأثير. فعندما قُتل الأب ظهر لأبنائه في أحلامهم وقد أثار هذا الظهور خوفهم وفضولهم، فبدؤوا بالصلوات على روحه خوفاً من غضبه ونقمته عليهم، ويتجلى هذا الخوف من الأرواح بوضوح كبير وفقاً للملاحظات الأنثروبولوجية التي أجريت حول القبائل البدائية، إذ تُبين بعض الدراسات الأنثروبولوجية أن محاربي "جزر التيمور" العائدين من انتصاراتهم على العدو محملين برؤوس أعدائهم المقطوعة، يقومون بتقديم الأضاحي لتهدئة أرواح أعدائهم فيطلبون منها الغفران في طقوس غريبة، إذ يخاطبون فيها أرواح الضحايا قائلين: "لا تغضبوا منا يا أخوتنا، تلك هي مشيئة الحرب والقتال، إنه القدر الذي قضى بأن تكون رؤوسكم مقطوعة اليوم لا رؤوسنا، وهو القدر الذي شاء لنا أن ننتزع النصر،ولولا ذلك لكانت رؤوسنا اليوم في مكان رؤوسكم، وإننا نحتفي بكم اليوم ونقدم لكم هذه القرابين لتبقى أرواحكم في هدوء وسلام، فأقبلوا منا صلواتنا وأضاحينا، واجعلونا نعيش بهدوء وسلام". ثم يبدأ المحاربون بالبكاء على أعدائهم مرددين "لماذا كنتم أعداءنا؟ ألم يكن بإمكاننا البقاء أصدقاء؟ كي لا يُهدر دمكم ولا تــــُقطع رؤؤسكم؟".
وكان ندم أنصار الحسين على عدم الوقوف بجانبه وتركه فريسة سهلة التهمها في يسر جيش يزيد لم يكن كافيا لتهدئة الأنا الأعلى – الضمير – فما كان منهم إلا كونوا فرقة عسكرية قامت باغتيال وقتل كل الذين قتلوا الحسين ، ولم يكن ذلك كافيا أيضا بالنسبة لهم على المستوى اللاشعوري، فما كان منهم إلاَّ أن قدسوه، فبدأوا في إحياء ذكرى يوم استشهاده في يوم عاشوراء حيث إقامة المآتم ولبس السواد والعزاء والغياب من العمل ولطم الخدود وشق الملابس وضرب الجسد حتى يسيل منه الدم وكلما زاد تعذيب المرء لنفسه أحس بالرضا عن نفسه وبالتقرب إلى الحسين ، لقد أزاح لنا التحليل النفسي النقاب عن أن الحيوان الطوطمي يقوم في الواقع مقام الأب ، وهذا يفسر لن التناقض (القتل ثم الاحتفال بالعيد) علماً بأن العيد يسبقه تفجير للحزن، فعلاوة على حبهم لعلي ولأبنائه كانوا يكرهونهم أيضاً فبعد أن قضوا عليهم بتخليهم عنهم صدرت عنهم أمارات محبة مسرفة، قدستهم، وصار الميت في موته أقوى مما كان عليه في حياته.
ومن ثم بدأوا في التجمع و الانتظام والعمل السري خشية سلطان بني أمية،، لتتكون من هؤلاء الأنصار لعلي بن أبي طالب والحسين حزب سياسي يناهض الدولة الأموية، وبهذا نلاحظ أنهم كونوا حركة معارضة سياسية تضع الحكم والسياسة في منزلتها الأولى والأخيرة،، بعد أن كانت شعوراً بالذنب نتيجة قتل علي وأبنائه، وتقديسهم مثلما فعل الأبناء أكلة لحم الأب الذي حرم على أبنائه نساء القبيلة فما كان منهم إلا أن قتلوه وبعد ذلك شعروا بالذنب فأكلوه. وكهذا فعل اللاشعور الجمعي في أنصار علي وأبنائه، وتوارثوا هذا الإثم وذاك الذنب جيلاً بعد جيل وحاولوا تعذيب أنفسهم وكأن الحسين قتل فداءاً عنهم، ولم يكتفِ القوم بذلك بل نتيجة للعمل السري والشعور بأنهم أقلية مستضعفة كان من شأن ذلك أن يدعم تمسكهم بما اجتمعوا عليه شأنهم في ذلك شأن كل جماعة صغيرة تعتقد في مذهب فكري أو ديني أو عرقي يظهر لديهم ما نسميه التكوين المازوخي حيث الرغبة اللاشعورية في تلمس العقاب نتيجة العمل السري مثلما يقوم به المجرم بعد ارتكابه الجريمة من العودة لمكانها حيث رغبته اللاشعورية في العقاب حتى تهدأ الأنا وتقوى على التوفيق بين رغبات الانا الاعلى وهو الضمير في العقاب المطلق وبين الهو ذلك الجزء من الشخصية الذي يريد إشباع الرغبات والغرائز دون حساب للمعاير الأخلاقية والمجتمعية )، والذي يؤجج هذا التماسك ما قد ينالهم من تعذيب أو أضرار معنوية أو مادية، فيدفعهم نحو الاعتقاد بأنهم على الحق وبالتالي فإنهم يدفعون ثمن هذا الحق، ثم قامول مع مرور الزمن بوضع قواعد فكرية لهذا التنظيم السري المعارض.
وفي تلك الفترة الحالكة تستر بعض الفرس بحب الحسين وتجمعوا وحاربوا الدولة الأموية تحت هذه الراية وما في نفوسهم إلاَّ الكره للعرب (نلاحظ أن ذلك اتجاه نفسي سرعان ما تم التعبير عنه بالعمل السري والسياسي)، حيث كان الفرس يعتبرون أنفسهم سادة وكانوا ينظرون إلى العرب على أنهم أقل منهم شأناً فلما أزال العرب دولتهم كادوا لهم وأفسدوا عليهم دينهم وأخرجوهم عن الهدى وما يدل على ذلك أن العرب لا يعرفون الملك الذي عرفه الفرس ولا الوراثة لآل الملك ، ولقد اعتاد الفرس أن ينظروا إلى الحكم نظرة فيها معنى إلهي فنظروا هذا النظر إلى علي وأبنائه، وأن طاعة الأمام أول واجب وأن طاعته من طاعة الله. والأعجب من ذلك أن يكون الأئمة كلهم من أبناء الحسين من زوجته الفارسية حيث تزوج الحسين من شهربانو "سلافة" ابنة "يزدجرد" على أحسن التقديرات أيام خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولم تطل بها الحياة فقد ماتت في نفاسها بعد أن أنجبت علي زين العابدين في عام 38 هجرية ، ومن هنا فالفرس أخوال "علي هذا" ومحبة الفرس للحسين وأبنائه إنما ترجع في جانب كبير منها إلى العصبية السياسية الخالصة.
الختام والقول الفصل:
قال ابن حجر في كتابه الصواعق المحرقة: ومات ـ يعني يزيد بن معاوية ـ سنة أربع و ستّين لكن عن ولد شاب صالح عهد إليه فاستمرّ مريضاً إلى أن مات، و لم يخرج إلى الناس و لا صلّى بهم و لا أدخل نفسه في شيء من الأمور، و كانت مدّة خلافته أربعين يوماً، و قيل: شهرين، و قيل: ثلاثة أشهر، و مات عن إحدى و عشرين سنة، و قيل: عشرين.
قال: ومن صلاحه الظاهر أنّه لمّا ولي صعد المنبر فقال: إنّ هذه الخلافة حبل الله و أنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله ومَن هو أحقّ به منه عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام )، و ركب بكم ما تعلمون حتّى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ قلّد أبي الأمر و كان غير أهل له و نازع ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه ( و آله ) و سلّم، فقصف عمره، و انبتر عقبه، و صار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ بكى و قال: مِنْ أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه و بؤس منقلبه، و قد قتل عترة رسول الله صلّى الله عليه ( و آله ) و سلّم، و أباح الخمر و خرّب الكعبة، و لم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلّد مرارتها، فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدُّنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، و لئن كانت شرّاً فكفى ذرّية أبي سفيان ما أصابوا منها، ثمّ تغيّب في منزله حتّى مات بعد أربعين يوماً ـ كما مرّ ـ فرحمه الله أنصف من أبيه و عرف الأمر لأهله .
قائمة بالمراجع لمزيد من الاطلاع :
1. البلاذري ،احمد بن يحيى (ت: 279) ،انساب الأشراف، تحقيق: سهيل زكار، ورياض زركلي، دار الفكر: 1417، ص 102.
2. أبو جعفر البغدادي، محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي(ت: 245هـ) ،المنمق في اخبار قريش، تحقيق: خورشيد أحمد ،ط. بيروت: عالم الكتب، 1405 هــ / 1985 م ،ص436.
3. شمس الدين ابن طولون ،محمد(ت:953هـ/1546م) ، الأئمة الأثني عشر، تحقيق: صلاح الدين المنجد ،ط .بيروت :دار صادر،(د.ت)، ص 75.
4. الشبلنجي، مؤمن بن حسن مؤمن ،نور الأبصار في مناقب آل بیت النبي المختار تقديم :عبد العزيز سالمان، ط. المطبعة الميمنية، 1890م ،ص 126.
5. الكليني ،محمد بن يعقوب (ت:329هـ)، أصول الكافي، تحقيق: مكتب احياء التراث ،ط1، بيروت: دار المرتضى للطباعة والنشر والتوزيع،2005، 1 /466 .
6. ابن الجوزي ، عبد الرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج(ت:597هـ)، صفة الصفوة، ط2، بيروت ، دار المعرفة - 1399 - 1979 تحقيق : محمود فاخوري ومحمد رواس قلعه جي 2/ 52 .
7. الشبراوي ،عبد الله بن محمد بن عامر ، الإتحاف بحب الأشراف، وثق اصوله وحققه: سامي الغريري، ط1، مؤسسة الكتاب الاسلامي ،2002م ، ص 49.
8. النيشابوري ،محمد بن الفتال، روضة الواعظين ،تحقيق: غلام محسن المجيدي و مجتبى الفرجي،ط1، منشورات دليل ما، 1423هـ ، 1 /237 .
9. ابن تغري بردي، يوسف جمال الدين أبو المحاسن(ت:874هـ)، النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، مصر: وزارة الثقافة ،1383 هـ/ 1963 ، 1 / 229.
10. المفيد ،محمد بن محمد بن النعمان البغدادي، الارشاد في معرفة حجج الله على العباد، تحقيق: مؤسسة ال البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1995 ،1/137.
11. الطبرسي ،الفضل بن الحسن(548هـ)، اعلام الورى بأعلام الهدى، تحقيق : علي اكبر الغفاري بيروت: دار المعرفة للطباعة و النشر ،1399 هـ / 1979 م ،ص 151
12. المازندراني ، أبي جعفر بن شهر آشوب ،مناقب آل أبي طالب ، تحقيق وفهرسة :يوسف البقاعي، بيروت :دار الاضواء ،(د.ت)، 4/176.
13. البستاني، بطرس، دائره المعارف العربية ، ط. بيروت سنه 1887م، 9 / 355
14. اليافعي، أبو محمد عفيف الدين عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان (ت: 768هـ) ،مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث ،وضع حواشيه: خليل المنصور ،ط. بيروت ،دار الكتب العلمية،1417 هــ /1997 م، 1/ 190.
15. إبن عنبة، جمال الدين أحمد بن علي الحسيني ( ت: 828 هـ )، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ، تصحيح :محمد حسن آل الطالقاني، ط2، النجف الاشرف: المطبعة الحيدرية، 1380هـ /1960، ص192.
16. ابن الجوزي ،صفة الصفوة 2/ 52 .اليوسفي الغروي، ص15.
17. الكنجي الشافعي، أبي عبد الله محمد بن يوسف القرشي (ت: 658 هــ)، كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ،تحقيق وتصحيح وتعليق : الشيخ محمد هادي الأميني، دار إحياء تراث أهل البيت (عليه السلام)،ط. طهران (د.ت)، 2/ 454.
18. ابن خلكان، أحمد بن محمد بن أبي بكر(ت:681هـ)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ،المحقق: إحسان عباس ،بيروت دار صادر،1972م،2/ 429.
19. اليوسفي الغروي، محمد هادي ،موسوعة التاريخ الاسلامي، مجمع الفكر الاسلامي،ط1،1431هــ،، ص15.
20. المجلسي، محمد باقر (ت:1110هـ)، بحار الأنوار، الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ،ط. احياء الكتب الإسلامية،(د. ط) ،45/330.
21. الذهبي ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (ت: 748)، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، بتحقيق وتعليق د. بشار عواد معروف ، ط1، دار الغرب الإسلامي ، 2003 م، 2/ 46 .
22. الحر العاملي ،محمد بن الحسن ، اثبات الهداة بالنصوص والمعجزات ،قدم له: السيد شهاب الدين المرعشي النجفي ،خرج احاديثه: علاء الدين الاعلمي، ط1، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات،(د.ت)،5/ 14.
23. المسعودي، ابي الحسن علي بن الحسين بن علي الهذلي ، اثبات الوصية للإمام علي بن ابي طالب عليه السلام ،ط. دار الاضواء للطباعة والنشر والتوزيع ،1988 ،ص 143.
24. المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد(ت: 285هـ) ، الكامل في اللغة والأدب ، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم ،ط. القاهرة: دار الفكر العربي ، 1417 هـ / 1997 م ،2/ 462. ابن طولون، الأئمة الاثنا عشر، ص 76.
25. عبدالوهاب، حسين ، عيون المعجزات ، تحقيق : السيد فلاح والشيخ عبدالكريم العقيلي ،ط. مؤسسة بنت الرسول ،(د .ط)، 5/ 14.
26. الصفار، ابو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ، بصائر الدرجات، ط1،منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات(د.ت)، ص 96 .
27. إبراهيم عوض: سورة النورين "دراسة تحليلية أسلوبية " . القاهرة . دار زهراء الشرق. 1997.
28. أحمد أمين: فجر الإسلام. القاهرة . الهيئة المصرية العامة للكتاب.1996.
29. الشريف الرضي: نهج البلاغةللإمام علي بن أبي طالب . مراجعة وتحقيق محمد عبده. القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.1983.
30. جاك لاكان: الأسس الرمزية والأسطورية لنشأة الأخلاق في سيكولوجيا فرويد. ب د. ب ت.
31. حسين مؤنس: دراسات في السيرة. القاهرة. مكتبة الزهراء.1995.
32. خالد محمد خالد: أبناء الرسول في كربلاء. القاهرة. مكتبة الشعب.
33. خالد محمد عبد الغني: الشيعة والوهابية "مذهب أم فكرة". مجلة تحديات ثقافية. عدد 40 .شتاء 2010.
34. خالد محمد عبد الغني: هوية مصر وما ينبغي لها. مجلة تحديات ثقافية. تصدر عن دار تحديات ثقافية. عدد 33 .صيف 2008.
35. دليب هيرو: الأصولية الإسلامية في العصر الحديث. ترجمة عبد الحميد فهمي الجمال. القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.1997.
36. سيجموند فرويد: الطوطم والحرام. ترجمة جورج طرابيشي. بيروت. دار الطليعة. 1980.
37. طه حسين : الفتنة الكبرى "عثمان". القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.2013.
38. طه حسين : الفتنة الكبرى "علي وبنوه". القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.2013.
39. عباس محمود العقاد: سيد الشهداء الحسين . القاهرة . دار المعارف.1980.
40. عباس محمود العقاد: عبقرية الإمام . القاهرة . دار المعارف.1987.
41. عبد الحميد جودة السحار: حياة الحسين. القاهرة. مكتبة مصر.
42. عبد الرحمن الشرقاوي: الحسين ثائراً. القاهرة . الهيئة المصرية العامة للكتاب.1998.
43. عبد الرحمن الشرقاوي: الحسين شهيداً. القاهرة . الهيئة المصرية العامة للكتاب.1998.
44. عدنان حب الله: مقابلة على هامش المؤتمر الثالث حول العنف والإرهاب. الجمعية المصرية للتحليل النفسي. القاهرة. 2008.
45. فرج طه وحسين عبد القادر وشاكر قنديل ومصطفى عبد الفتاح: موسوعة علم النفس والتحليل النفسي. الرياض. الزهراء للنشر والتوزيع.2010.
46. محاسن الوقاد: مصر الحضارة والتاريخ من الفتح الإسلامي حتى الدولة الفاطمية. ب د . 2013.
47. محمد الغزالي ومحمد مهدي شمس الدين و خليل عبد الكريم ورضوان السيد: "ملف حول التقريب بين المذهب السني والشيعي " مجلة الحوار – فصلية فكرية ثقافية- العدد 6 و 7 السنة الثانية صيف وخريف 1987.
48. محمد عبد المنعم البري: الجذور اليهودية للشيعة في كتاب علل الشرايع للصدوق الشيعي رئيس المحدثين "دراسة نقدية ". ب د . 1997.
49. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب. القاهرة . الدار المصرية اللبنانية. 1996.
50. يوليوس فلهاوزن: أحزاب المعارضة في الإسلام "الخوارج والشيعة" ترجمة عبد الرحمن بدوي. القاهرة. مكتبة مصر.