د. محمد الشرقاوي - كيف يُنقذ الملك المرحلة؟.. التطبيع والاعتراف وحُجَّابُ الحقيقة! دراسة تفصيلية في سبعة أجزاء (الجزء 3)

# كيف يُنقذ الملك المرحلة؟.. الجزء 3


في أواخر 2020، شهدت الدبلوماسية المغربية أهمّ اختبار لها في إدارة #قضية_الصحراء، منذ عام 1991 على الأقل،ّ في ظلّ تعثّر مساعي الأمم المتحدة في إيجاد حلّ سلمي متوافق عليه بين كافة الأطراف. وشهدت المفاوضات الثلاثية على مقايضة #التطبيع بمقاييس معينة مع نتنياهو مقابل #اعتراف_ترمب بسيادة المغرب على الصحراء جولات عسيرة بين الرباط وواشنطن وتل أبيب بين 2018 و2020.
كان الملك يباشر المفاوضات باحتراس وتريّث قبل وبعد زيارتيْ جاريد كوشنير للرباط مرّتين خلال ثلاثة أشهر في ربيع وصيف 2019. واتّسم موقف الرّباط بالتماسك بعدم الاستجابة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية والترغيب الإماراتي إلى حدّ #تأجيل_زيارة وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو للمغرب أربع مرات خلال 2019. وكانت رسالة الملك واضحة برفض استقبال بومبيو ونتنياهو اللذين التقيا في لشبونة عشية سفر بومبيو إلى الرباط في أوائل ديسمبر 2019.
بحلول ديسمبر 2020، بدأت الفترة المتبقية لدونالد ترمب في البيت الأبيض تتقلّص إلى أربعين يوما فقط، وبدأت بعض الأصوات في حاشية الملك تلوّح بمقولة أنه "إذا لم نحصل على الاعتراف من ترمب، فلن نحصل عليه لا من بادين ولا من غيره من الروساء في المستقبل"، وتحمّسوا بشكل غير موضوعي أيضا لدور اللّوبي اليهودي الأمريكي في واشنطن الذي اعتقدوا أنّه "قادر" على تغيير #ميزان_القوة وبعثرة أوراق "الخصوم"، وتسهيل إتمام صفقة الطائرات المسيرة الأربع وأجهزة التدقيق في إصابة الأهداف العسكرية في ظلّ أحداث الكركرات وتحلّل جبهة البوليساريو من اتّفاق وقف إطلاق النّار.
لم تكن لحظة تدقيق استراتيجي بارد في الرباط للسؤال: لماذا لم يساعد هذا اللوبي اليهودي في #إعادة_انتخاب_ترمب لأربع سنوات أخرى، وهو الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل بعد نقل السفارة الأمريكية إليها، وأيضا بسيادة إسرائيل على الجولان، ونجح في توسيع نطاق التطبيع من خلال اتفاقات أبراهام بين إسرائيل وأربع دول عربية؟


تباينت غاياتُ الدّاعين في القصر في الرباط لإبرام صفقة التطبيع مقابل الاعتراف إلى فئتيْن: #فئة_تحمّست من فرط طول الانتظار، منذ خمسة وأربعين عاما، لتحقيق نصر دبلوماسي وازن يأتي من "دولة عظمى" بمقام الولايات المتحدة، و #فئة_ذات_حسابات خاصة ورؤية نفعية عندما تعززت فكرة المقايضة باستثمارات أمريكية وخليجية وإسرائيلية بقيمة سبعة ملايير دولار.
وفي المقابل، تمسكت شخصيات أخرى في دائرة الملك بحرصها على #عدم_الانزلاق في مجازفة سياسية غير مضمونة لا باتجاه واشنطن ولا باتجاه تل أبيب. لكن دعاة التطبيع كانوا مصمّمين على الثقة بوعود ترمب ونتنياهو دون تدقيق أو ما أسمتيها ضرورة "#التّحفيظ_السياسي" بمعاهدة جديدة يصدّق عليها مجلس الشيوخ على غرار #التّحفيظ_العقاري.
في نفس اليوم الذي نشر الرئيس ترمب إعلانه الرئاسي بشأن اعترافه بسيادة المغرب على الصحراء، نبّهتُ إلى الحاجة للاحتراس وطلب #ضمانات_حقيقية باعتبار أن للإعلان الرئاسي "دلالة ضعيفة من الناحية القانونية والسياسية في السياق الأمريكي، لسهولة إلغائه، وأنه "أداة عملية" في السياسة العامة، ويعدّ أمرًا رمزيا أو احتفاليا، ولا يرقى إلى مستوى #معاهدة_أو_صيغة_قانونية_ملزمة يقرّها مجلس الشيوخ في الكونغرس،" وختمتُ مقالتي بعبارة "#لا_تدعوا_لُعابكم_يسيل_بانتظار_القنصلية، #فينسيكم_سموما_أخرى_في_هدية_ترمب."
غلب على جلّ أهل الرباط سوءُ التقدير والاعتدادُ بقوّة ترمب المتخيّلة على حساب استحضار سيناريوهات مفترضة وخطط بديلة بعقل هادئ. وحضر #منطقُ_التهافت و #منحى_النفعية لدى دعاة التطبيع بترقّب الاستثمارات، ووعود تطوير ميناء الداخلة، أكثر من الالتزام الوطني ومراعاة تضحيات المغاربة من أجل الصحراء لقرابة خمسين عاما. فجاءت الصفقة تنبني على خدمة مصالح فئة معينة، وليس بالضّرورة الوازع الإنساني أو "وخز الضمير" لغياب رحلات جوية مباشرة أمام اليهود المغاربة وكأنهم يتضوّرون من فرط اشتياقهم لنوستالجيا الماضي البعيد.
لم تكن فكرة تشييد خط جوي بين تل أبيب والدار البيضاء في أصلها لتسهيل "صلة الرحم" مع من يودّ زيارة المغرب من مجموع سبعمائة ألف إسرائيلي من أصل مغربي، بقدر ما تخدم المصالح التجارية لعرّابيْ الصفقة الأوّليْن رام بن باراك وياريف الباز. فكما لكلّ حرب أثرياء، لكلّ صفقة عمولاتٌ ووسطاءُ وأثرياءٌ حريصون على ساعة الدفع!


يليه الجزء 4: #وطنيون_ونفعيون_في_دائرة_الملك





تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...