لم أتتلمذ على يد الدكتور محمود السمرة في مرحلة البكالوريوس، وإن كنت أراه في كلية الآداب، حيث كان عميدها. كنت أراه رجلا صارما نادرا ما ابتسم ، وكان تجوله في مبنى الكلية يحسب له من الطلاب والمدرسين ألف حساب.
في مرحلة الماجستير حضرت محاضراته في مساق النقد الأدبي ، واتفقت معه على أن يكون مشرفا لي على الرسالة ، فقد راق له البحث الذي كتبته لمساق النقد واقترح علي أن أتوسع فيه ، لأكتب فيه رسالة الماجستير وهذا ما كان.
لم يرق خياري للدكتور عبد الرحمن ياغي الذي كان يتوقع أن أكتب الرسالة معه، وقد عاتبني بعد ذلك، لاعتقاده أنني أقرب إلى فكره من فكر الدكتور السمرة.
كنت أتتردد على مكتب الدكتور السمرة بين فترة وأخرى وكان يستقبلني استقبالا حسنا ، وقد فعل هذا مع طلابه كلهم،وكانت علاقته بهم ودية جدا ، لدرجة أنه دعاهم ، مرارا ، إلى منزله لتناول الطعام معه.
ما دفعني للكتابة حقيقة شيء آخر مختلف.
في الماجستير كنت موعودا بمنحة لم تأت ، وكان علي أن أتدبر الأقساط التي لم أكن أملكها ، وعرفت أن الدكتور أمين محمود-او محمود أمين ، فقد اختلط الاسم علي_مسؤول عن صندوق الطلبة الفلسطينيين في الكويت ، وقد راجعته في أمر منحة ما ، فأخبرني أن المنح تقتصر على طلبة درجة البكالوريوس . وأظنه هو الذي اقترح علي أن أراجع د.محمود السمرة ، أو أنه أحد زملائي ، فقد عرفت من احدهم ، ولعله د.مشهور حبازي ، حصل العام السابق على منحة محترمة.
ذهبت إلى الدكتور محمود أشرح له وضعي ، فقال لي:لو كنت أتيت الأسبوع المنصرم ،فقد كان بحوزتي ثلاثة آلاف دينار جاءتني من الكويت لاساعد بها الطلبة ، وقد وزعتها.
المهم انني اخبرته عن احوالي وعما جرى معي بخصوص منحة صندوق الطلبة الفلسطينيين في بيروت ، وقد سالني عن المسؤول عنه ، فأخبرته أنه الدكتور محمد يوسف نجم . ابتسم الدكتور وقال لي:
- إنه صديقي ،
وكتب له رسالة واعطاني اياها وطلب مني أن أرسلها أنا شخصيا ، ولم تمر فترة من الوقت حتى جاءني الرد بالإيجاب ، وقرر الصندوق منحي 1100دولار أميركي ، كقرض.
في تلك الأيام كان علي أن أذهب إلى الغرفة التجارية في عمان مصطحبا كفيلا ، وهذا ما لم أستطع توفيره . يومها كنت أعرف الشاعر محمد القيسي ، فطلبت منه أن يوقع على الطلب ، دون العودة إلى الغرفة التجارية ، وأرسلت الطلب وكلي اعتقاد أن المبلغ لن يرسل ، فالإجراءات لم تكتمل.
ذات صباح كنت أتابع رسائل الطلبة الواردة ، ولاحظت اسمي من بينها ، فلي رسالة مسجلة ، وإذا بها من صندوق الطلبة الفلسطينيين وقد حول لي الدفعة الأولى ، وأظن أن ثقة الدكتور نجم بالدكتور السمرة كانت عالية جدا ، وقد لاحظت هذا من خلال نص الرسالة التي كتبها د.السمرة إلى زميله وصديقه ، وكانت دون استخدام الألقاب ، كما لو أن د.السمرة يتحدث مع صديق عزيز جدا جدا.
هكذا أسعفني د.السمرة واستطعت أن أدفع رسوم الفصل ورسوم الرسالة.
غير أن ما لاحظته وأنا أتردد على مكتبه أن الرجل كان أكاديميا بالدرجة الأولى.
كانت الجامعة الأردنية تخصص مقاعد لأبناء القوات المسلحة ، وأخرى للمحافظات والألوية ، وثالثة ل...ورابعة ل.. وكان هذا يؤثر على مستواها العلمي والأكاديمي ، ولم يكن هذا يروق للدكتور السمرة ، وربما كان يتقبله على مضض ، ولأنه (مكره أخوك..).
وأنا في مكتبه ، ذات نهار ، وكانت أتته مكالمة بخصوص مقاعد كذا وكذا ، قال لي هامسا:
- إما جامعة وإما..
ولم يكمل ، وقد عرفت مقصده . وسأتذكر لاحقا ما كتبه د.فيصل دراج عن د .إحسان عباس وواقع الأكاديميين الفلسطينيين في العالم العربي.
يضطر الأكاديمي الفلسطيني أن يلتزم الصمت غالبا ، خوفا على مركزه ، ولأن البدائل أمامه محدودة.
ما ينبغي أن يذكر ، والمرء يكتب عن د.السمرة ، أنه واحد من الأساتذة الذين كانوا ينفقون سنة التفرغ العلمي حيث يجب أن تنفق.
لم يكن الرجل عبدا للمال ، فلم يكن يسعى لإنفاق هذه السنة للعمل في جامعة أخرى.
كان يجلس في البيت ويؤلف الكتب ، وقد لاحظته ، في سنوات التفرغ ، مرارا في مكتبة الجامعة الأردنية ، يبحث عن المصادر والمراجع ، وكان يخبرني أنه يعكف على إنهاء كتاب أو كتابين ، فالعمل الإداري لا يترك له مجالا للكتابة ، هو الذي كان نشيطا جدا ، يوم كان في الكويت ، فمن لا يعرف مقالاته في مجلة العربي.؟!
منح الله د.محمود السمرة الصحة والعافية ، وآخر مرة زرته فيها في بيته كانت في العام 2009 حيث شاركت في مؤتمر اللسانيات واللغة في الجامعة الأردنية ، واتفقنا أن أزوره ثانية ، وأحضر له بعض كتبي ، ولكني..
كم أنا كسول وعاق .
خربشات
في مرحلة الماجستير حضرت محاضراته في مساق النقد الأدبي ، واتفقت معه على أن يكون مشرفا لي على الرسالة ، فقد راق له البحث الذي كتبته لمساق النقد واقترح علي أن أتوسع فيه ، لأكتب فيه رسالة الماجستير وهذا ما كان.
لم يرق خياري للدكتور عبد الرحمن ياغي الذي كان يتوقع أن أكتب الرسالة معه، وقد عاتبني بعد ذلك، لاعتقاده أنني أقرب إلى فكره من فكر الدكتور السمرة.
كنت أتتردد على مكتب الدكتور السمرة بين فترة وأخرى وكان يستقبلني استقبالا حسنا ، وقد فعل هذا مع طلابه كلهم،وكانت علاقته بهم ودية جدا ، لدرجة أنه دعاهم ، مرارا ، إلى منزله لتناول الطعام معه.
ما دفعني للكتابة حقيقة شيء آخر مختلف.
في الماجستير كنت موعودا بمنحة لم تأت ، وكان علي أن أتدبر الأقساط التي لم أكن أملكها ، وعرفت أن الدكتور أمين محمود-او محمود أمين ، فقد اختلط الاسم علي_مسؤول عن صندوق الطلبة الفلسطينيين في الكويت ، وقد راجعته في أمر منحة ما ، فأخبرني أن المنح تقتصر على طلبة درجة البكالوريوس . وأظنه هو الذي اقترح علي أن أراجع د.محمود السمرة ، أو أنه أحد زملائي ، فقد عرفت من احدهم ، ولعله د.مشهور حبازي ، حصل العام السابق على منحة محترمة.
ذهبت إلى الدكتور محمود أشرح له وضعي ، فقال لي:لو كنت أتيت الأسبوع المنصرم ،فقد كان بحوزتي ثلاثة آلاف دينار جاءتني من الكويت لاساعد بها الطلبة ، وقد وزعتها.
المهم انني اخبرته عن احوالي وعما جرى معي بخصوص منحة صندوق الطلبة الفلسطينيين في بيروت ، وقد سالني عن المسؤول عنه ، فأخبرته أنه الدكتور محمد يوسف نجم . ابتسم الدكتور وقال لي:
- إنه صديقي ،
وكتب له رسالة واعطاني اياها وطلب مني أن أرسلها أنا شخصيا ، ولم تمر فترة من الوقت حتى جاءني الرد بالإيجاب ، وقرر الصندوق منحي 1100دولار أميركي ، كقرض.
في تلك الأيام كان علي أن أذهب إلى الغرفة التجارية في عمان مصطحبا كفيلا ، وهذا ما لم أستطع توفيره . يومها كنت أعرف الشاعر محمد القيسي ، فطلبت منه أن يوقع على الطلب ، دون العودة إلى الغرفة التجارية ، وأرسلت الطلب وكلي اعتقاد أن المبلغ لن يرسل ، فالإجراءات لم تكتمل.
ذات صباح كنت أتابع رسائل الطلبة الواردة ، ولاحظت اسمي من بينها ، فلي رسالة مسجلة ، وإذا بها من صندوق الطلبة الفلسطينيين وقد حول لي الدفعة الأولى ، وأظن أن ثقة الدكتور نجم بالدكتور السمرة كانت عالية جدا ، وقد لاحظت هذا من خلال نص الرسالة التي كتبها د.السمرة إلى زميله وصديقه ، وكانت دون استخدام الألقاب ، كما لو أن د.السمرة يتحدث مع صديق عزيز جدا جدا.
هكذا أسعفني د.السمرة واستطعت أن أدفع رسوم الفصل ورسوم الرسالة.
غير أن ما لاحظته وأنا أتردد على مكتبه أن الرجل كان أكاديميا بالدرجة الأولى.
كانت الجامعة الأردنية تخصص مقاعد لأبناء القوات المسلحة ، وأخرى للمحافظات والألوية ، وثالثة ل...ورابعة ل.. وكان هذا يؤثر على مستواها العلمي والأكاديمي ، ولم يكن هذا يروق للدكتور السمرة ، وربما كان يتقبله على مضض ، ولأنه (مكره أخوك..).
وأنا في مكتبه ، ذات نهار ، وكانت أتته مكالمة بخصوص مقاعد كذا وكذا ، قال لي هامسا:
- إما جامعة وإما..
ولم يكمل ، وقد عرفت مقصده . وسأتذكر لاحقا ما كتبه د.فيصل دراج عن د .إحسان عباس وواقع الأكاديميين الفلسطينيين في العالم العربي.
يضطر الأكاديمي الفلسطيني أن يلتزم الصمت غالبا ، خوفا على مركزه ، ولأن البدائل أمامه محدودة.
ما ينبغي أن يذكر ، والمرء يكتب عن د.السمرة ، أنه واحد من الأساتذة الذين كانوا ينفقون سنة التفرغ العلمي حيث يجب أن تنفق.
لم يكن الرجل عبدا للمال ، فلم يكن يسعى لإنفاق هذه السنة للعمل في جامعة أخرى.
كان يجلس في البيت ويؤلف الكتب ، وقد لاحظته ، في سنوات التفرغ ، مرارا في مكتبة الجامعة الأردنية ، يبحث عن المصادر والمراجع ، وكان يخبرني أنه يعكف على إنهاء كتاب أو كتابين ، فالعمل الإداري لا يترك له مجالا للكتابة ، هو الذي كان نشيطا جدا ، يوم كان في الكويت ، فمن لا يعرف مقالاته في مجلة العربي.؟!
منح الله د.محمود السمرة الصحة والعافية ، وآخر مرة زرته فيها في بيته كانت في العام 2009 حيث شاركت في مؤتمر اللسانيات واللغة في الجامعة الأردنية ، واتفقنا أن أزوره ثانية ، وأحضر له بعض كتبي ، ولكني..
كم أنا كسول وعاق .
خربشات