كان يوم 5 يونيو 1987 يوافق الذكرى العشرين لهزيمة 5 يونيو 1967، فتناولت جريدة الوفد تلك المناسبة بطريقتها الخاصة، كانت جريد الوفد يومية تعبر عن لسان حال حزب «الوفد الجديد» بزعامة فؤاد سراج الدين، وكان هناك ثأر تاريخى بين «الوفد» وثورة 23 يوليو 1952، وتوافق ذلك مع قوى سياسية أخرى ناصبت الثورة العداء، وأهمها جماعة الإخوان، وبدأ هؤلاء فى حملة هجوم ضد ثورة يوليو، وقائدها جمال عبدالناصر، منذ عام 1974، وكانت جريدتا «أخبار اليوم» و«الأخبار» رأسىّ الحربة فى ذلك بعد قرار الرئيس السادات بالإفراج عن الكاتب الصحفى مصطفى أمين، بالإضافة إلى المجلات والصحف التى كانت توظفها جماعة الإخوان من الباطن، وانضمت إليها جريدة الوفد، بعد عودة حزب الوفد إلى نشاطه الحزبى عام 1984.
بمناسبة مرور 20 عاما على النكسة، بدأت «الوفد» منذ يوم 4 يونيو 1987 وحتى يوم 20 يونيو، فى الحديث عنها بتخصيص ما بين صفحة وصفحتين يوميا، بعنوان «عشرون سنة على هزيمة يونيو 1967»، كان العمود الفقرى لهذه الحملة نشر دراسة على حلقات يومية كتبها حمدى لطفى عن الهزيمة، استخدم فيها كل وسائل التشويه والهجوم ضد عبدالناصر والثورة، كتب فى إحدى الحلقات يقول: «طفولة وصبا عبدالناصر أثرتا كثيرا على أسلوب الحكم فى ستينيات مصر»، وفى حلقة أخرى راح يسأل: «ما هى علاقة عبدالناصر بأطفال اليهود فى الخرنفش؟ وكيف التقى ببعضهم فى حرب فلسطين عام 1948 يقاتلون تحت العلم الإسرائيلى؟».
بالإضافة إلى هذه الدراسة التى أعدها حمدى لطفى، نشرت «الوفد» موضوعات صحفية أخرى، وكتب أيضا الدكتور عبدالعظيم رمضان، ولمعى المطيعى، مقالات عن المناسبة نفسها وبالروح ذاتها، وجاء ذلك فى الوقت ذاته الذى كانت جماعة الإخوان «تحتفل» فيه هى الأخرى بالمناسبة بالطريقة عينها.
استفزت هذه الحالة الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين، فرد فى عموده اليومى الشهير «يوميات» بمقاله «موتوا بغظيكم»، يوم 26 يونيو، مثل هذا اليوم، 1967، وبالرغم من قصر المقال بالمقارنة بالصفحات التى خصصتها «الوفد»، وغيرها، إلا أن «بهاء الدين» بقدرته الفائقة المعهودة فى توصيل الفكرة بإيجاز وتركيز، بدا كمصارع تمكن من هزيمة خصومه بضربة واحدة فى حلبة المصارعة، بدليل أن هذا المقال ما زال حاضرا، ويتم استدعاؤه فى كل مناسبة ينشط فيها الهجوم على ثورة يوليو.
قال بهاء فى مقاله: «سنذهب جميعا إلى القبور، وسيأخذ كل رجل من رجال تاريخنا حجمه الطبيعى بعد أن تختفى أجيالنا التى تحركها الأهواء والأحقاد والميول المتباينة فى شتى الجهات، وسيبقى اسم جمال عبدالناصر علامة فى تاريخ مصر والأمة العربية وثلاث قارات من قارات العالم الخمس، علاقة لم يسبقه إليها مصرى ولا عربى منذ قرن، وستبقى ثورة 23 يوليو 1952 بخيرها وشرها، ككل ثورة، علامة ناصعة فى تاريخ كل المستضعفين فى الأرض، شعوبا ودولا، قولوا ألف مرة إن جمال عبدالناصر كافر، وإنه زنديق، وإنه عسكرى زنيم، وأن اليهود تولوا تربيته فى حى السكاكينى صبيًا، وأجروا له غسيل مخ فى الفالوجا 1948 ضابطا، وأن الأمريكان تسلموه من إسرائيل ليحكم مصر باسمهم، نعم هذا بنص التاريخ الذى يُكتب هذه الأيام، سنذهب جميعا ويأخذ كل واحد حجمه الحقيقى بعد سنة وبعد مائة سنة، إن الذين يكتبون عن 5 يونيو 1967 بابتهاج شديد يذرفون دموع التماسيح على القتلى والجرحى، ذلك أنهم شربوا شمبانيا يوم غزو الإنجليز لمصر سنة 1956، ثم خاب ظنهم حتى حققت 1967 لهم الأمل، وهم يعتبرونه انتصارا لهم، الذين يتاجرون بدم الشهداء ويكذبون على الأموات ويستعملون المجانين، إنهم لا يرون مأساة تناقضاتهم التى يسخر منها أبسط الناس، ساعة يقولون إن كل واحد بطل، وكان له فضل فى 23 يوليو 1952 ما عدا جمال عبدالناصر، وبعد سطور جمال عبدالناصر هو المسؤول عن كل شىء، فى نفس الصفحة هو جبان، وهو وحش كاسر!
عبدالناصر لم يترك لكم أهرامات، ومعابد تبقى بلا بشر، إنما ترك لكم سدا عاليا وكهرباء ومصانع، كلها كائنات حية، تحتاج إلى مجهود بشرى وتواصل ورعاية تُجدد وتُوسع، تركها لكم ومات منذ 17 سنة، فهو ليس مسؤولا عن الإهمال والهدم والتسيب بل والتدمير المتعمد الذى أوصلنا إلى هذا الحال.
ترك مصر فى حالة حرب، ولكنها تبنى مجمع الألومنيوم فى نفس الوقت وديونها أقل من ألف مليون دولار، بعد 17 سنة من وفاته وصلت الديون إلى أربعين ألف مليون دولار، أخذ من القادر، وأعطى غير القادر، الآن يأخد القادر ملايين الدولارات ويهرب مُكرما إلى أوروبا».
.....................................................................
سعيد الشحات -اليوم السابع
www.facebook.com
بمناسبة مرور 20 عاما على النكسة، بدأت «الوفد» منذ يوم 4 يونيو 1987 وحتى يوم 20 يونيو، فى الحديث عنها بتخصيص ما بين صفحة وصفحتين يوميا، بعنوان «عشرون سنة على هزيمة يونيو 1967»، كان العمود الفقرى لهذه الحملة نشر دراسة على حلقات يومية كتبها حمدى لطفى عن الهزيمة، استخدم فيها كل وسائل التشويه والهجوم ضد عبدالناصر والثورة، كتب فى إحدى الحلقات يقول: «طفولة وصبا عبدالناصر أثرتا كثيرا على أسلوب الحكم فى ستينيات مصر»، وفى حلقة أخرى راح يسأل: «ما هى علاقة عبدالناصر بأطفال اليهود فى الخرنفش؟ وكيف التقى ببعضهم فى حرب فلسطين عام 1948 يقاتلون تحت العلم الإسرائيلى؟».
بالإضافة إلى هذه الدراسة التى أعدها حمدى لطفى، نشرت «الوفد» موضوعات صحفية أخرى، وكتب أيضا الدكتور عبدالعظيم رمضان، ولمعى المطيعى، مقالات عن المناسبة نفسها وبالروح ذاتها، وجاء ذلك فى الوقت ذاته الذى كانت جماعة الإخوان «تحتفل» فيه هى الأخرى بالمناسبة بالطريقة عينها.
استفزت هذه الحالة الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين، فرد فى عموده اليومى الشهير «يوميات» بمقاله «موتوا بغظيكم»، يوم 26 يونيو، مثل هذا اليوم، 1967، وبالرغم من قصر المقال بالمقارنة بالصفحات التى خصصتها «الوفد»، وغيرها، إلا أن «بهاء الدين» بقدرته الفائقة المعهودة فى توصيل الفكرة بإيجاز وتركيز، بدا كمصارع تمكن من هزيمة خصومه بضربة واحدة فى حلبة المصارعة، بدليل أن هذا المقال ما زال حاضرا، ويتم استدعاؤه فى كل مناسبة ينشط فيها الهجوم على ثورة يوليو.
قال بهاء فى مقاله: «سنذهب جميعا إلى القبور، وسيأخذ كل رجل من رجال تاريخنا حجمه الطبيعى بعد أن تختفى أجيالنا التى تحركها الأهواء والأحقاد والميول المتباينة فى شتى الجهات، وسيبقى اسم جمال عبدالناصر علامة فى تاريخ مصر والأمة العربية وثلاث قارات من قارات العالم الخمس، علاقة لم يسبقه إليها مصرى ولا عربى منذ قرن، وستبقى ثورة 23 يوليو 1952 بخيرها وشرها، ككل ثورة، علامة ناصعة فى تاريخ كل المستضعفين فى الأرض، شعوبا ودولا، قولوا ألف مرة إن جمال عبدالناصر كافر، وإنه زنديق، وإنه عسكرى زنيم، وأن اليهود تولوا تربيته فى حى السكاكينى صبيًا، وأجروا له غسيل مخ فى الفالوجا 1948 ضابطا، وأن الأمريكان تسلموه من إسرائيل ليحكم مصر باسمهم، نعم هذا بنص التاريخ الذى يُكتب هذه الأيام، سنذهب جميعا ويأخذ كل واحد حجمه الحقيقى بعد سنة وبعد مائة سنة، إن الذين يكتبون عن 5 يونيو 1967 بابتهاج شديد يذرفون دموع التماسيح على القتلى والجرحى، ذلك أنهم شربوا شمبانيا يوم غزو الإنجليز لمصر سنة 1956، ثم خاب ظنهم حتى حققت 1967 لهم الأمل، وهم يعتبرونه انتصارا لهم، الذين يتاجرون بدم الشهداء ويكذبون على الأموات ويستعملون المجانين، إنهم لا يرون مأساة تناقضاتهم التى يسخر منها أبسط الناس، ساعة يقولون إن كل واحد بطل، وكان له فضل فى 23 يوليو 1952 ما عدا جمال عبدالناصر، وبعد سطور جمال عبدالناصر هو المسؤول عن كل شىء، فى نفس الصفحة هو جبان، وهو وحش كاسر!
عبدالناصر لم يترك لكم أهرامات، ومعابد تبقى بلا بشر، إنما ترك لكم سدا عاليا وكهرباء ومصانع، كلها كائنات حية، تحتاج إلى مجهود بشرى وتواصل ورعاية تُجدد وتُوسع، تركها لكم ومات منذ 17 سنة، فهو ليس مسؤولا عن الإهمال والهدم والتسيب بل والتدمير المتعمد الذى أوصلنا إلى هذا الحال.
ترك مصر فى حالة حرب، ولكنها تبنى مجمع الألومنيوم فى نفس الوقت وديونها أقل من ألف مليون دولار، بعد 17 سنة من وفاته وصلت الديون إلى أربعين ألف مليون دولار، أخذ من القادر، وأعطى غير القادر، الآن يأخد القادر ملايين الدولارات ويهرب مُكرما إلى أوروبا».
.....................................................................
سعيد الشحات -اليوم السابع
ذات يوم
ذات يوم. 10,410 likes · 6,325 talking about this. إبحار في يوميات التاريخ بسهولة السرد، وتكثيف في العرض