الإحباط شعور مقيت، ويظل الإحساس بالعجز أشد مقتا منه. أن تحس بأن أمعاؤك تنهش كبدك في صمت وفي كل لحظة دون توقف، احساس يعجز اللسان عن التكلم عنه حيث تصبح الكلمات قاصرة عن التعبير وحتى عن احتواء كل هذا الألم الفظيع الذي لا حدود له. كلنا لنا نقاط ضعف هدف لكن واحدة فقط يجمع عليها العالم بأسره ويجزم بشكل قاطع على هذه النقطة والتي لا تشترك مع غيرها في وزنها القاسي و حدتها الدامية، ألمها الذي يقطع أوصال القلب وأوداج العنق . هذه النقطة التي نكافح ونجاهد ونبيع الغالي والترخيص من أجلها، ونسهر الليالي من أجل رعايتها إلى تصبح هذه النقطة بحجم هرم . هذا الهرم الذي نطمح لأن يحمي ظهورنا من الطعنات ونستظل به ايام الحر ويمنحنا الدفء أيام الصقيع. هذا الهرم الذي بنيناه بسعادة غامرة وبتقديم تضحيات جسام وتنازلات لا حصر لها تستمد قوتها من دموعنا . هذا الهرم كننا نرعاه وهو ينمو ويعلى يفتح علينا نافذة من نوافذ مخيلتنا ومن بين ظلال اهوائنا إنها هي احلامنا التي ترعرعت كطفل بريء يتعلم الحبو ثم المشي والوقوف على رجليه أمام أعيننا. وفجأة وقد نكون في قمة العطاء والصحة يحدث بركان يزعزع كيانك وينزلق اللثام ليتكشف لك وجه وحش ليس من عالمنا، ويصعب وصف تقاسيم هذا الوجه البارد الذي لا يحمل أية تعابير يمكن استشراق الواقع من ملامحه أولا صبر أغواره.
هكذا تقف أمام جثة نفسك ورجلاك لا تستطيع حملك والصراخ لا يستوعب حجم الألم الذي تحس به، بل إن صوتك يسجن داخل حنجرتك حتى ولو فتحت فمك إلى ما لا تستطيع ، إنه الإحساس بالخذيعة ومن داخلك وكأن العالم كله تواطئ ضدك و هب ليدوس على قلبك بشكل فظيع. الكل يسرع الخطى ليصل بالوقت المناسب ليتفرج على موتك البطيء بدون أن تمتد يد لاستئصال الورم من داخلك . وتظل تمشي وهذا الورم كعبوة ناسفة بين الأحشاء ولا تدري متى سينسفك لأنه مازال لديك امل في معجزة انتشالك من هذا الفراغ الزمني الذي يبلع كل ما قريب من محيطه بلا رحمة ولا شفقة، حيث تتمنى أن يكون حلمك مجرد كابوس ينغص عليك نومك الوديع ولو بلحظة القيلولة. هكذا تمشي وتقف لتؤدي صلاة جنازة على جثة لا يراها أحد غيرك بقبر بلا شاهد بمقبرة شاسعة ملء البصر، وأرواح معلقة بين السماء والأرض تراقب بوجل كل حركاتك وسكناتك من وراء سلك مشوك يدمي اليد التي تمسكت به حين تعبت الأرجل وعجزت عن حمل جسدها المثقل بالهموم والذي امطرته غيوم الضغينة وسهام الخديعة والعجز من كل حذب وصوب ،لأنها هي وحدها تعلم حجم خسارتك . هذه الأرواح فجأة ترفرف بالفضاء كفراشات الضوء لتحلق فوق رأسك وتصنع لك تاجا يضيء حواليك فتكشف لك عن غابة أجساد شبه محنطة تفوح منها رائحة نثنة تزكم الأنوف وتختبئ وراء أقنعة بلا ملامح.....ها هي ثمار الغدر والخذيعة تنمو وتينع بين أضلع الأحبة، ورياح المكر تلوح في الأفق لتعصف بكل أبراج الروح النقية. فكما يقولون إن ساد السكون فاعلم أن هناك عاصفة قادمة، وبعد ها يعود الجو الجميل. لا أحد يختار جلاده ولا قدره ولا مكان وساعة ولادته، لكنه قادر على تغيير الأحداث التي يعيشها حيث حكم القدر بساعة ومكان ولادته أكيد، وقدرنا أننا خلقنا بساعة البعث ولحظة الجحود بأرض المؤامرات، وغيرنا رحلة القدر بين أيدينا لتنساب أحداثها كما ينساب الرمل بين الأنامل.
هكذا هي الحياة برمتها فهي تظل أسلوب وليس تصيد وتصعيد عيوب . وكل خطوة لتحقيق الخلاص تظل حلقة في دوامة العبث، كلما قلنا انتهى النفق وها قد وصلنا لنقطة الهدف تنفتح دوامة جديدة تحملنا إلى مسار جديد حيت تفتح لك بوابات أزمنة موازية لزمنك لا تعرف عنها لا ماضيها ولا حاضرها والى ما ستفضي...
قال نيتشه: " على الفرد دائما ان يقاسي ليبقى حراً من هيمنة المجتمع ، ستكون وحيداً واحياناً خائفاً ، لكن الثمن ليس غالياً في مقابل ان تمتلك نفسك .." أحيانا تعيش عمرا طويلا تبحث عن حقيقة وهذه الحقيقة لا تكون إلا قصة ساذجة تتعثر بها رجليك يوميا وأنت لا تعيرها اي اهتمام لأنك تبحث عن حقيقة تظن أن قصتها محبوبة بدقة وتعقيد كبيرين وغالبا نحن لا تتعثر إلا بالعود الرقيق الذي نظنه ضعيف عن اسقاطنا . ونحن ببعض المواقف التي تفرض علينا كمن تم إغلاق مستودع عليه مليء بالألعاب النارية والمسروقات وكل مادة قابلة للاشتعال السريع، وفي خضم هذه الأحداث وتحسين مخرج للوضع وبهذه الظلمة حالكة نعثر على شمعة ملونة وجميلة وتبعث منها رائحة زكية ، نقلبها بين أيدينا لان نورها وهاج ويحمينا من الظلمة ونحس بالطمأنينة والسكينة، يخطر ببالنا انه لا مانع إن لعبنا بها قليلا ولا ندري أن هذا النور يحضن وسطه النار الذي قد تحرقنا في أية لحظة تهور أو انفلات، ومع ذلك تغرينا المغامرة لاقتناص لحظة متعة مليئة بالمجازفة ، هي ذي أنفسنا تعرفت أمام أعيننا ولعبت دور الغواية في أبهى صورها و ما كان من إبليس إلا أن قدم استقالته وترك لها خشبة المسرح لتلعب كما شاءت وعشقت.......... توسوس لنا النفس الأمارة بالسوء دائما بصيغة النصوح :" لنغني ونعزف لحنا لم يغنيه أحد من قبلنا ، لحن بصوت بلا كلمات ولا آلات موسيقية لكن بصوت بقامة أرواحنا يخرج من أعماق الجسد وتستدعي كل جيناته وبجميع مقامتها الصوتية لعلها تحرر ما بسلاسل ارادتنا لنطيرا عاليا ولا يربطنا بهذه الأرض إلا احساس الأمومة الرفيعة....." توهمنا باقتناص المتعة الآنية ولا يهم ما سيأتي من بعد بقدر ما مكتوب قبل أن نولد ....ولم تدرك أن القدر المكتوب نحن قد تخرجه بحذافيره في لحظة تهور ولكن قد نغير أحداثه بتدخل الضمير وبعد النظر وتخفف من وقع أحداثه القاهرة وقد نخرج بأقل الأضرار.
أحيانا تظن أن أقرب إنسان خدعك وتعاقبه على فعل أجمع الجميع على أنه قمة الإجرام وتحكم عليه حسب الأدلة التي بين يديك انه الجاني وتخرجه من حياتك بصفة عامة وتبصم على صك إعدامه بيدك وتخرجه من حياتك، ويمر الزمان وتتلاطم أمواج الأحداث ويعود الماضي كقطعة فلين لتطفو على السطح لتكتشف أن ذلك الشخص بريئا وإنما سوء طالعه ساقه القدر إلى ذلك المكان في اللحظة السيئة والتوقيت الغير المناسب، وانه كان ضحية مؤامرة كانت تحاك ضدك انت وسقط فيها هو بإلزام الصمت فقط ليحميك لانه كان يعلم أن جلدك هش وقد لا يتحمل سيرتك الجلد. ها قد تعرت الحقيقة أمامك ، ماذا ستفعل ؟ وهل ستعيش بقية عمرك وانت الجلد نفسك على انك ضحيت بشخص بريء زاره سوء الطالع في توقيت ومكان سيئين؟
الغابة البشرية شاسعة ملء البصر بتجري وراء من يمكنك قلبه ولا من يمنحك متعة فمن قدم لك اليوم مجانا قداحة و لفافة حشيش لتنتشي وتنسى همومك هو يعلم أنك ستعود غذا لتبحث عنه وقادر على أن تدفع إليه كل ما تملك لتحصل على نفس القدر الذي حصلت عليه بالأمس مجانا، لا أحد يمنحك شيئا مجانا إن لم يعلم أنه سيكبلك بسلاسله غذا لتصبح عبده المطيع..... أعلم فقط أن من اسكنك قلبه لا ثمن له بهذه الحياة فضلك أن لا تدخل لهذا القلب بنعليك وتدوس عليه بلا مبالاة. فلا تحكم على أحد بما سمعت قبل أن تكون بين يديك خيوط أدلة اي تهمة وجهت إليه، فكل حكم متسرع قد يجني على شيء جميل ونظيف لم تقدر قيمته من قبل، فلا تفريط الابتسامات العريضة والمظاهرة الخداعة فمن المخادعين من يملك مهارات عالية ليتهيء لك بالمظهر والصورة التي ترضي غرورك وتخدم مآربه هو .
العالم تفنن اليوم في صناعة اسلحة جديدة تفتك بالبشر وتقضي على إنسانيته لتجعل منه أداة عنف وقتل، وسوق بشكل ذكي لهذه الأسلحة وبشكل جيد بحيث تستعملها دون أن تدرك انك شجعت عصابة مجرمة تسوق إلى العالم بأسره بكل نذالة هذه الأسلحة التي هي عبارة عن الترويج لافكار قاتلة عن طريق الدعاية لها بجميع أشكال وأنواع التواصل الاجتماعية الحديثة فتصبح انت كمروج لها تمشي كعبوة ناسفة تنقل معها جميع انواع الفيروسات فإن لم تنفجر وتنسف محيطها فهي تلوث جميع مجالات تنقلاتها عبر العدوى المباشرة. ونحن نعلم انه ما أتفه الدنيا ..
إذا كانت القلوب تنقلب في غمضة عين ، وتقرر أفعالنا بترديد شعار: - من كان منكم بلا خطيئة فليرمي من يشاء بالحجر ، و لم نؤمن يوما بما قال البير كامبو " لا تمشي امامي فقد لا اتبعك ، ولا تمشي خلفي فقد لا اقودك ، ولكن امشي بجانبي وكن صديقي فقط " وانغمسنا كليا بالتفاهة كما قال أدوارد غاليانو:"نحنُ نعيش في عصر التفاهة ، حيثُ حفل الزفاف أهم مِن الحُب ومَراسم الدفن أهم من المَيِت واللباس أهم مِن الجسد والمعبد أهم مِن الله."
نعم نحن لغاية بني البشر حيث تلتقي جميع اللغات والأحلام وهنا تفترق الوسائل والأفكار والأهداف، هنا ملتقى من لا ملتقى له وهنا مفترق كل ما يمكن التفريق بينه. هنا كل الأصوات مسموعة ، صوت التاريخ مع صوت السياسة وصوت الأسطورة مع صوت الواقع وصوت المنطق مع اللامنطق وصوت القوة مع صوت الضعف .... وانت تصبح كائنا قزميا بأحلام عملاقة ولا شيء يستوعب أفكارك المطاطية التي كلما احتلت فراغا إمتدت لتحتل الفراغات المجاورة لها حتى تكتسح جميع الفضاءات. لا شيء بشع ولا شيء جميل وكل ما تحققه يصبح بنكهة الحلاوة المرة هكذا كعسل الزقوم كلما لعقت منه ملعقة يعطيك مذاقه الحلو، الذي ينتهي بمرارة قوية، الرغبة في اعادة لعقه فتعيد الكرة مرات متعددة.....هكذا هي حكايات الحياة بغابات بني البشر كل حكاية واحدة بها نسخ حكايات أخرى وكل حكاية نسخة اغرب من الأصل. وليس من الضروري أن تطير مع السرب لتكون سعيدا، والوحدة لا تعني دائما الحزن. كم نحتاج لنطير وحدنا ونجلس مع أنفسنا حتى نعلم قيمة ذواتنا لدى الآخر..... فقمة الوحدة و الاغتراب هو أن تعيش بين قوم لا يقدر قيمتك ، فطر خارج السرب وأصدح فوق السرو البعيد ولا تخسر نفسك فقمة الخسارة أن تفقد الثقة بنفسك وتنصاع لرغبات من يتظاهر بحبك وما هو في الواقع إلا جلادك الخفي الذي يتلذذ بنهشك كبد لاستنزاف عواطفك بمهل حتى تقرر انت الموت السريع عوض البطيء الذي اختاره هو لك .....خيرة جليل
هكذا تقف أمام جثة نفسك ورجلاك لا تستطيع حملك والصراخ لا يستوعب حجم الألم الذي تحس به، بل إن صوتك يسجن داخل حنجرتك حتى ولو فتحت فمك إلى ما لا تستطيع ، إنه الإحساس بالخذيعة ومن داخلك وكأن العالم كله تواطئ ضدك و هب ليدوس على قلبك بشكل فظيع. الكل يسرع الخطى ليصل بالوقت المناسب ليتفرج على موتك البطيء بدون أن تمتد يد لاستئصال الورم من داخلك . وتظل تمشي وهذا الورم كعبوة ناسفة بين الأحشاء ولا تدري متى سينسفك لأنه مازال لديك امل في معجزة انتشالك من هذا الفراغ الزمني الذي يبلع كل ما قريب من محيطه بلا رحمة ولا شفقة، حيث تتمنى أن يكون حلمك مجرد كابوس ينغص عليك نومك الوديع ولو بلحظة القيلولة. هكذا تمشي وتقف لتؤدي صلاة جنازة على جثة لا يراها أحد غيرك بقبر بلا شاهد بمقبرة شاسعة ملء البصر، وأرواح معلقة بين السماء والأرض تراقب بوجل كل حركاتك وسكناتك من وراء سلك مشوك يدمي اليد التي تمسكت به حين تعبت الأرجل وعجزت عن حمل جسدها المثقل بالهموم والذي امطرته غيوم الضغينة وسهام الخديعة والعجز من كل حذب وصوب ،لأنها هي وحدها تعلم حجم خسارتك . هذه الأرواح فجأة ترفرف بالفضاء كفراشات الضوء لتحلق فوق رأسك وتصنع لك تاجا يضيء حواليك فتكشف لك عن غابة أجساد شبه محنطة تفوح منها رائحة نثنة تزكم الأنوف وتختبئ وراء أقنعة بلا ملامح.....ها هي ثمار الغدر والخذيعة تنمو وتينع بين أضلع الأحبة، ورياح المكر تلوح في الأفق لتعصف بكل أبراج الروح النقية. فكما يقولون إن ساد السكون فاعلم أن هناك عاصفة قادمة، وبعد ها يعود الجو الجميل. لا أحد يختار جلاده ولا قدره ولا مكان وساعة ولادته، لكنه قادر على تغيير الأحداث التي يعيشها حيث حكم القدر بساعة ومكان ولادته أكيد، وقدرنا أننا خلقنا بساعة البعث ولحظة الجحود بأرض المؤامرات، وغيرنا رحلة القدر بين أيدينا لتنساب أحداثها كما ينساب الرمل بين الأنامل.
هكذا هي الحياة برمتها فهي تظل أسلوب وليس تصيد وتصعيد عيوب . وكل خطوة لتحقيق الخلاص تظل حلقة في دوامة العبث، كلما قلنا انتهى النفق وها قد وصلنا لنقطة الهدف تنفتح دوامة جديدة تحملنا إلى مسار جديد حيت تفتح لك بوابات أزمنة موازية لزمنك لا تعرف عنها لا ماضيها ولا حاضرها والى ما ستفضي...
قال نيتشه: " على الفرد دائما ان يقاسي ليبقى حراً من هيمنة المجتمع ، ستكون وحيداً واحياناً خائفاً ، لكن الثمن ليس غالياً في مقابل ان تمتلك نفسك .." أحيانا تعيش عمرا طويلا تبحث عن حقيقة وهذه الحقيقة لا تكون إلا قصة ساذجة تتعثر بها رجليك يوميا وأنت لا تعيرها اي اهتمام لأنك تبحث عن حقيقة تظن أن قصتها محبوبة بدقة وتعقيد كبيرين وغالبا نحن لا تتعثر إلا بالعود الرقيق الذي نظنه ضعيف عن اسقاطنا . ونحن ببعض المواقف التي تفرض علينا كمن تم إغلاق مستودع عليه مليء بالألعاب النارية والمسروقات وكل مادة قابلة للاشتعال السريع، وفي خضم هذه الأحداث وتحسين مخرج للوضع وبهذه الظلمة حالكة نعثر على شمعة ملونة وجميلة وتبعث منها رائحة زكية ، نقلبها بين أيدينا لان نورها وهاج ويحمينا من الظلمة ونحس بالطمأنينة والسكينة، يخطر ببالنا انه لا مانع إن لعبنا بها قليلا ولا ندري أن هذا النور يحضن وسطه النار الذي قد تحرقنا في أية لحظة تهور أو انفلات، ومع ذلك تغرينا المغامرة لاقتناص لحظة متعة مليئة بالمجازفة ، هي ذي أنفسنا تعرفت أمام أعيننا ولعبت دور الغواية في أبهى صورها و ما كان من إبليس إلا أن قدم استقالته وترك لها خشبة المسرح لتلعب كما شاءت وعشقت.......... توسوس لنا النفس الأمارة بالسوء دائما بصيغة النصوح :" لنغني ونعزف لحنا لم يغنيه أحد من قبلنا ، لحن بصوت بلا كلمات ولا آلات موسيقية لكن بصوت بقامة أرواحنا يخرج من أعماق الجسد وتستدعي كل جيناته وبجميع مقامتها الصوتية لعلها تحرر ما بسلاسل ارادتنا لنطيرا عاليا ولا يربطنا بهذه الأرض إلا احساس الأمومة الرفيعة....." توهمنا باقتناص المتعة الآنية ولا يهم ما سيأتي من بعد بقدر ما مكتوب قبل أن نولد ....ولم تدرك أن القدر المكتوب نحن قد تخرجه بحذافيره في لحظة تهور ولكن قد نغير أحداثه بتدخل الضمير وبعد النظر وتخفف من وقع أحداثه القاهرة وقد نخرج بأقل الأضرار.
أحيانا تظن أن أقرب إنسان خدعك وتعاقبه على فعل أجمع الجميع على أنه قمة الإجرام وتحكم عليه حسب الأدلة التي بين يديك انه الجاني وتخرجه من حياتك بصفة عامة وتبصم على صك إعدامه بيدك وتخرجه من حياتك، ويمر الزمان وتتلاطم أمواج الأحداث ويعود الماضي كقطعة فلين لتطفو على السطح لتكتشف أن ذلك الشخص بريئا وإنما سوء طالعه ساقه القدر إلى ذلك المكان في اللحظة السيئة والتوقيت الغير المناسب، وانه كان ضحية مؤامرة كانت تحاك ضدك انت وسقط فيها هو بإلزام الصمت فقط ليحميك لانه كان يعلم أن جلدك هش وقد لا يتحمل سيرتك الجلد. ها قد تعرت الحقيقة أمامك ، ماذا ستفعل ؟ وهل ستعيش بقية عمرك وانت الجلد نفسك على انك ضحيت بشخص بريء زاره سوء الطالع في توقيت ومكان سيئين؟
الغابة البشرية شاسعة ملء البصر بتجري وراء من يمكنك قلبه ولا من يمنحك متعة فمن قدم لك اليوم مجانا قداحة و لفافة حشيش لتنتشي وتنسى همومك هو يعلم أنك ستعود غذا لتبحث عنه وقادر على أن تدفع إليه كل ما تملك لتحصل على نفس القدر الذي حصلت عليه بالأمس مجانا، لا أحد يمنحك شيئا مجانا إن لم يعلم أنه سيكبلك بسلاسله غذا لتصبح عبده المطيع..... أعلم فقط أن من اسكنك قلبه لا ثمن له بهذه الحياة فضلك أن لا تدخل لهذا القلب بنعليك وتدوس عليه بلا مبالاة. فلا تحكم على أحد بما سمعت قبل أن تكون بين يديك خيوط أدلة اي تهمة وجهت إليه، فكل حكم متسرع قد يجني على شيء جميل ونظيف لم تقدر قيمته من قبل، فلا تفريط الابتسامات العريضة والمظاهرة الخداعة فمن المخادعين من يملك مهارات عالية ليتهيء لك بالمظهر والصورة التي ترضي غرورك وتخدم مآربه هو .
العالم تفنن اليوم في صناعة اسلحة جديدة تفتك بالبشر وتقضي على إنسانيته لتجعل منه أداة عنف وقتل، وسوق بشكل ذكي لهذه الأسلحة وبشكل جيد بحيث تستعملها دون أن تدرك انك شجعت عصابة مجرمة تسوق إلى العالم بأسره بكل نذالة هذه الأسلحة التي هي عبارة عن الترويج لافكار قاتلة عن طريق الدعاية لها بجميع أشكال وأنواع التواصل الاجتماعية الحديثة فتصبح انت كمروج لها تمشي كعبوة ناسفة تنقل معها جميع انواع الفيروسات فإن لم تنفجر وتنسف محيطها فهي تلوث جميع مجالات تنقلاتها عبر العدوى المباشرة. ونحن نعلم انه ما أتفه الدنيا ..
إذا كانت القلوب تنقلب في غمضة عين ، وتقرر أفعالنا بترديد شعار: - من كان منكم بلا خطيئة فليرمي من يشاء بالحجر ، و لم نؤمن يوما بما قال البير كامبو " لا تمشي امامي فقد لا اتبعك ، ولا تمشي خلفي فقد لا اقودك ، ولكن امشي بجانبي وكن صديقي فقط " وانغمسنا كليا بالتفاهة كما قال أدوارد غاليانو:"نحنُ نعيش في عصر التفاهة ، حيثُ حفل الزفاف أهم مِن الحُب ومَراسم الدفن أهم من المَيِت واللباس أهم مِن الجسد والمعبد أهم مِن الله."
نعم نحن لغاية بني البشر حيث تلتقي جميع اللغات والأحلام وهنا تفترق الوسائل والأفكار والأهداف، هنا ملتقى من لا ملتقى له وهنا مفترق كل ما يمكن التفريق بينه. هنا كل الأصوات مسموعة ، صوت التاريخ مع صوت السياسة وصوت الأسطورة مع صوت الواقع وصوت المنطق مع اللامنطق وصوت القوة مع صوت الضعف .... وانت تصبح كائنا قزميا بأحلام عملاقة ولا شيء يستوعب أفكارك المطاطية التي كلما احتلت فراغا إمتدت لتحتل الفراغات المجاورة لها حتى تكتسح جميع الفضاءات. لا شيء بشع ولا شيء جميل وكل ما تحققه يصبح بنكهة الحلاوة المرة هكذا كعسل الزقوم كلما لعقت منه ملعقة يعطيك مذاقه الحلو، الذي ينتهي بمرارة قوية، الرغبة في اعادة لعقه فتعيد الكرة مرات متعددة.....هكذا هي حكايات الحياة بغابات بني البشر كل حكاية واحدة بها نسخ حكايات أخرى وكل حكاية نسخة اغرب من الأصل. وليس من الضروري أن تطير مع السرب لتكون سعيدا، والوحدة لا تعني دائما الحزن. كم نحتاج لنطير وحدنا ونجلس مع أنفسنا حتى نعلم قيمة ذواتنا لدى الآخر..... فقمة الوحدة و الاغتراب هو أن تعيش بين قوم لا يقدر قيمتك ، فطر خارج السرب وأصدح فوق السرو البعيد ولا تخسر نفسك فقمة الخسارة أن تفقد الثقة بنفسك وتنصاع لرغبات من يتظاهر بحبك وما هو في الواقع إلا جلادك الخفي الذي يتلذذ بنهشك كبد لاستنزاف عواطفك بمهل حتى تقرر انت الموت السريع عوض البطيء الذي اختاره هو لك .....خيرة جليل