كما حال النبيّ العربيّ، الذي قال عنه النبيّ العربيّ الكريم، إنّه نبي ضيعه قومه، فإن الراحل محمد نفّاع، كاتب ضيعه قومه.
خالد بن سنان هو النبيّ الذي ضيعه قومه، حسب وصف خاتم الأنبياء العرب والعجم، طلب من قومه، أن يأتوا إلى قبره، وينبشوه، وعلامة ذلك رؤيتهم لأتان تنبش بجانب القبر، وحينها، سيخرج ويخبرهم تفاصيل ما بعد الموت، ولكن القوم، خشوا من العار والشنار، ومعايرتهم، بأنّهم نبشوا قبر والدهم وسيّدهم، فأضاعوه، وأضاعوا علينا، وللأبد، ضياعنا لجهلنا ما سيحدث لنا العالم الآخر.
أوّل مجموعة قصصية قرأتها لنفّاع، هي أوّل مجموعاته، وأشهرها، التي نشرت باسم الأصيلة، حصلت عليها، هديةً، بعد إجابتي على أسئلة مجلة حائط في مركز شباب الدهيشة، وتكفّل بالهدية، الصحفي المعروف حسن عبد الجواد (أبو غسان)، والقائد المعروف المحسوب على الجبهة الشعبية، حينذاك، وربما الآن، أن يكون المرء أبًا لغسّان، فهذا يعني أنّه من الجبهة الشعبيّة، مثل من يكنى بأبي أياد أو بأبي جهاد، فهو من فتح، وأراح رفاق الرفيق نايف حواتمة، أنفسهم وأراحونا، فلم يتسموا بأبي نايف، أو بأبي حاتم.
في صيف 1979م، ذهبت ومجموعة صغيرة جدًا، إلى مخيم العمل التطوعي في الناصرة؛ محتلون من مناطق 1967م، يلتقون، محتلين أقدم منهم في تحت الاحتلال في مناطق 1948م. سنسهر بين الخيام؛ مسرحية، ستصبح سريعًا، نَجمة التلفزيون الأردنيّ، وسيقول نبيل المشيني وهو يبتسم: صنعنا منها نَجمة، وموسيقيٌّ ما زال في رام الله مغمورًا، ووفد صغير من اثنين أو ثلاثة محسوبين على الجبهة الديمقراطية، التي كان من أبرز ناشطيها آل اللبدي الكرام. ومحمد مناصرة الخارج من السجن، متممًا فروضه الماركسية، ومتشيًا بها.
كانت فرصة لاقتناء مجموعة نفّاع الصادرة حديثا آنذاك ريح الشمال. اختفت الأصيلة من مكتبتي، ولكن ريح الشمال ما زالت صامدة وعليها كلمات حماسية عن "عرس الناصرة الرابع" إشارة إلى مخيم العمل التطوعي.
بحثت وزكي العيلة، وكان قاصًا قد تحقق، عن محمد نفّاع، ولكننا عُثرنا، بمحمدٍ آخر، رئيس الطلبة العرب في جامعة تل أبيب، متحمس، وهو بالشورت، يعمل في جبلة باطون، سيصبح لاحقًا مختارًا للشيوعيين في الداخل، متمثلاً مخترته، إلى درجة أنه ذهب ليعزي بجنديين من قوات الاحتلال، قتلا في ساحات المسجد الأقصى، المحتل وفقا للمختار الشيوعيّ، ولمخاتير الأمم المتحدة.
كان زكي، كتب في صحيفة الاتحاد الحيفاوية، عدة مقالات وتقارير باسم مستعار أظنه (مراقب)، عن الأحداث المأساوية (كل الأحدث الفلسطينية مأساوية) في غزة بين الأخوان المسلمين والشيوعيين، أو ما يعرف بالهجوم على الهلال الأحمر برئاسة الدكتور حيدر عبد الشافي، الذي ربّما لم يكن شيوعيًا. لاحقًا، سيقول الشيّخ الشهيد أحمد ياسين، مؤسسة حركة حماس، أن من حرض وهجم على الهلال الأحمر عناصر فتح برئاسة أسعد الصفتاوي. وهو شخص متدين. ولا أعرف لماذا لم تؤخذ شهادة ياسين، على محمل التحقق.
سيجلس الصفتاوي، عشية تأسيس السلطة الفلسطينيّة في عزاء قائد آخر من فتح هو محمد أبو شعبان الذي قضى اغتيالاً، ويتحدث عن ما حدث، بحسرةٍ، للتلفزيون الإسرائيليّ عن مقتل زميله، ولم يكن يدري، بأنه سيغتال أيضًا بعد أيام، بطريقة بشعة وفي وضح النهار أمام طلبة المدارس (هل كان الأمر سيختلف لو كان الاغتيال وقع في ظلمة الليل؟).
النّاس في حينه، وجهوا الاتهام لمحمد دحلان الذي لم يكن قد عاد إلى غزة، ومؤخرًا، وبعد الخلاف بين دحلان والرئيس أبو مازن، قال الأخير إنَّ دحلان هو من اغتال أبو شعبان والصفتاوي.
في مثل أوطاننا، يُنتظر من الكاتب، أن يكون مناضلاً، وناشطًا سياسيًا، وعالم اجتماع، ومؤرخًا، ومجاملاً حاضرًا الندوات والمهرجانات، ومهديًا كتبه، مهنئا بأعياد الميلاد على الفيس بوك، ودستة وظائف أخرى، وهو ما كانه محمد نفّاع، وعادة ما يكون النشاط الكتابي هو على هامش كل ذلك.
لم أقرا لنفّاع، قصصًا بعد ريح الشمال، ربما قصة هنا وأخرى هناك، وآمل أن يكون فعلاً واصل الكتابة. رأيته في مناسبة عن النكبة في ساحة المهد قبل سنوات قليلة، وسمعته يخطب في النّاس، وبدا شعاراتيًا يدغدغ حواس النّاس، التي توقفت عن استجابتها، من التجربة، عن الدغدغة، يقلد خطب إميل حبيبي، وتوفيق زيّأد.
لاحقًا، سيكون إزدواجيا، فمن وقف صلبًا ومبدئيًا، ضد القمع الاحتلالي، والقمع في العالم، سيكون الأمر مختلفًا مع قامعٍ قومي، يغتصب واحدة من الشامات، بل الشامة الكبرى.
الأدب يؤدي إلى التضامن وربما التماهي مع الضحية، أمّا الشعارات فطريق معبدة للتصفيق للقامع.
في رحيل نفّاع، المبدع، والفلّاح عاشق الأرض، والسياسيّ غير الفاسد، تصدر المؤسسات الثقافية بيانات نعي ساخنة. مثل رموز الدولة الوطنيّة العربيّة، كالنشيد، والسجّاد الأحمر، والعلم، والمخابرات، تصبح بيانات النعي، رموزا للمؤسسات الثقافية، ودليلاً على أن موتَ مبدع، هو دليل على أنها حيَّة، حيَّة قرْناء.
من الجيد أن يخط الكاتب في وصيته، إذا إتيح له شرف خطها، محذرًا المقرّنين من نعيه.
أين كان الناعون لنفّاع، عندما كان حيّا، ربّما ينتظر أحدًا، ليهتم بإصدار طبعات من قصصه، أو إصدار ما في جعبة مكتبه. ستقام مهرجانات تأبين، وستصدر المؤسسات كلمات المؤبنين في كراسات، احتفاءً بأنفسهم. بين دهر وآخر، تنبت فلسطين مبدعًا، إن لم يكن قسطاس نفسه، يضيعه قوم، رئموا للغفلة، مقصقصين غير مقسطسين.
www.facebook.com
خالد بن سنان هو النبيّ الذي ضيعه قومه، حسب وصف خاتم الأنبياء العرب والعجم، طلب من قومه، أن يأتوا إلى قبره، وينبشوه، وعلامة ذلك رؤيتهم لأتان تنبش بجانب القبر، وحينها، سيخرج ويخبرهم تفاصيل ما بعد الموت، ولكن القوم، خشوا من العار والشنار، ومعايرتهم، بأنّهم نبشوا قبر والدهم وسيّدهم، فأضاعوه، وأضاعوا علينا، وللأبد، ضياعنا لجهلنا ما سيحدث لنا العالم الآخر.
أوّل مجموعة قصصية قرأتها لنفّاع، هي أوّل مجموعاته، وأشهرها، التي نشرت باسم الأصيلة، حصلت عليها، هديةً، بعد إجابتي على أسئلة مجلة حائط في مركز شباب الدهيشة، وتكفّل بالهدية، الصحفي المعروف حسن عبد الجواد (أبو غسان)، والقائد المعروف المحسوب على الجبهة الشعبية، حينذاك، وربما الآن، أن يكون المرء أبًا لغسّان، فهذا يعني أنّه من الجبهة الشعبيّة، مثل من يكنى بأبي أياد أو بأبي جهاد، فهو من فتح، وأراح رفاق الرفيق نايف حواتمة، أنفسهم وأراحونا، فلم يتسموا بأبي نايف، أو بأبي حاتم.
في صيف 1979م، ذهبت ومجموعة صغيرة جدًا، إلى مخيم العمل التطوعي في الناصرة؛ محتلون من مناطق 1967م، يلتقون، محتلين أقدم منهم في تحت الاحتلال في مناطق 1948م. سنسهر بين الخيام؛ مسرحية، ستصبح سريعًا، نَجمة التلفزيون الأردنيّ، وسيقول نبيل المشيني وهو يبتسم: صنعنا منها نَجمة، وموسيقيٌّ ما زال في رام الله مغمورًا، ووفد صغير من اثنين أو ثلاثة محسوبين على الجبهة الديمقراطية، التي كان من أبرز ناشطيها آل اللبدي الكرام. ومحمد مناصرة الخارج من السجن، متممًا فروضه الماركسية، ومتشيًا بها.
كانت فرصة لاقتناء مجموعة نفّاع الصادرة حديثا آنذاك ريح الشمال. اختفت الأصيلة من مكتبتي، ولكن ريح الشمال ما زالت صامدة وعليها كلمات حماسية عن "عرس الناصرة الرابع" إشارة إلى مخيم العمل التطوعي.
بحثت وزكي العيلة، وكان قاصًا قد تحقق، عن محمد نفّاع، ولكننا عُثرنا، بمحمدٍ آخر، رئيس الطلبة العرب في جامعة تل أبيب، متحمس، وهو بالشورت، يعمل في جبلة باطون، سيصبح لاحقًا مختارًا للشيوعيين في الداخل، متمثلاً مخترته، إلى درجة أنه ذهب ليعزي بجنديين من قوات الاحتلال، قتلا في ساحات المسجد الأقصى، المحتل وفقا للمختار الشيوعيّ، ولمخاتير الأمم المتحدة.
كان زكي، كتب في صحيفة الاتحاد الحيفاوية، عدة مقالات وتقارير باسم مستعار أظنه (مراقب)، عن الأحداث المأساوية (كل الأحدث الفلسطينية مأساوية) في غزة بين الأخوان المسلمين والشيوعيين، أو ما يعرف بالهجوم على الهلال الأحمر برئاسة الدكتور حيدر عبد الشافي، الذي ربّما لم يكن شيوعيًا. لاحقًا، سيقول الشيّخ الشهيد أحمد ياسين، مؤسسة حركة حماس، أن من حرض وهجم على الهلال الأحمر عناصر فتح برئاسة أسعد الصفتاوي. وهو شخص متدين. ولا أعرف لماذا لم تؤخذ شهادة ياسين، على محمل التحقق.
سيجلس الصفتاوي، عشية تأسيس السلطة الفلسطينيّة في عزاء قائد آخر من فتح هو محمد أبو شعبان الذي قضى اغتيالاً، ويتحدث عن ما حدث، بحسرةٍ، للتلفزيون الإسرائيليّ عن مقتل زميله، ولم يكن يدري، بأنه سيغتال أيضًا بعد أيام، بطريقة بشعة وفي وضح النهار أمام طلبة المدارس (هل كان الأمر سيختلف لو كان الاغتيال وقع في ظلمة الليل؟).
النّاس في حينه، وجهوا الاتهام لمحمد دحلان الذي لم يكن قد عاد إلى غزة، ومؤخرًا، وبعد الخلاف بين دحلان والرئيس أبو مازن، قال الأخير إنَّ دحلان هو من اغتال أبو شعبان والصفتاوي.
في مثل أوطاننا، يُنتظر من الكاتب، أن يكون مناضلاً، وناشطًا سياسيًا، وعالم اجتماع، ومؤرخًا، ومجاملاً حاضرًا الندوات والمهرجانات، ومهديًا كتبه، مهنئا بأعياد الميلاد على الفيس بوك، ودستة وظائف أخرى، وهو ما كانه محمد نفّاع، وعادة ما يكون النشاط الكتابي هو على هامش كل ذلك.
لم أقرا لنفّاع، قصصًا بعد ريح الشمال، ربما قصة هنا وأخرى هناك، وآمل أن يكون فعلاً واصل الكتابة. رأيته في مناسبة عن النكبة في ساحة المهد قبل سنوات قليلة، وسمعته يخطب في النّاس، وبدا شعاراتيًا يدغدغ حواس النّاس، التي توقفت عن استجابتها، من التجربة، عن الدغدغة، يقلد خطب إميل حبيبي، وتوفيق زيّأد.
لاحقًا، سيكون إزدواجيا، فمن وقف صلبًا ومبدئيًا، ضد القمع الاحتلالي، والقمع في العالم، سيكون الأمر مختلفًا مع قامعٍ قومي، يغتصب واحدة من الشامات، بل الشامة الكبرى.
الأدب يؤدي إلى التضامن وربما التماهي مع الضحية، أمّا الشعارات فطريق معبدة للتصفيق للقامع.
في رحيل نفّاع، المبدع، والفلّاح عاشق الأرض، والسياسيّ غير الفاسد، تصدر المؤسسات الثقافية بيانات نعي ساخنة. مثل رموز الدولة الوطنيّة العربيّة، كالنشيد، والسجّاد الأحمر، والعلم، والمخابرات، تصبح بيانات النعي، رموزا للمؤسسات الثقافية، ودليلاً على أن موتَ مبدع، هو دليل على أنها حيَّة، حيَّة قرْناء.
من الجيد أن يخط الكاتب في وصيته، إذا إتيح له شرف خطها، محذرًا المقرّنين من نعيه.
أين كان الناعون لنفّاع، عندما كان حيّا، ربّما ينتظر أحدًا، ليهتم بإصدار طبعات من قصصه، أو إصدار ما في جعبة مكتبه. ستقام مهرجانات تأبين، وستصدر المؤسسات كلمات المؤبنين في كراسات، احتفاءً بأنفسهم. بين دهر وآخر، تنبت فلسطين مبدعًا، إن لم يكن قسطاس نفسه، يضيعه قوم، رئموا للغفلة، مقصقصين غير مقسطسين.
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.