ربما، لا ينكر أحد أهمية النقد الأدبي في الارتقاء بالأدب شعره ونثره، وتوجيه الأدباء نحو تجويد أعمالهم، وتنمية الذوق والإحساس الجمالي لدى المتلقي، وتعريفة بفنون القول وأساليبه، والمساهمة في تقدم المجتمع وتطوره، ودفعه نحو التسلح بقيم الحق والخير والجمال، وبثّ روح التسامح والتفاؤل بين أفراده، ومساعدتهم على تغيير الواقع نحو الأجمل والأرقى.
مع هذه الأهمية للنقد الأدبي المتلازمة للأدب فإننا نجد في حياتنا الثقافية ضعف فاعلية النقد، وقصوره عن غربلة ما يصدر من إبداعات أدبيّة، وركاكة ما ينتج من أعمال نقدية، وكثرة شكوى الأدباء من عدم انتباه النقاد إليهم، وندرة المؤلفات النقدية، وهي في أغلبها أبحاث ينهض بها أكاديميون في الجامعات والكليات الإنسانية، كما أنها، وفي أرقى حالاتها، تكرار لتطبيقات المناهج والنظريات النقدية الغربية بطريقة ليس فيها إبداع أو إضافة. ومما زاد الوضع النقدي سوءًا بفضل التقدم الهائل في التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي دخول ساحة النقد عدد كبير من الجهلة والدعاة بمعرفة النصوص وتحليلها والحكم عليها.
لا غرابة والحالة هذه أن تلاشى النقد الأدبي الجاد، وأصبح على هامش حياتنا الثقافية والإبداعية، وحل مكانه النقد التأثري الذي يطغى عليه طابع المجاملات. وغدا النقاد الذين يمتهنون النقد، وهم قلة على كل حال، لا يستطيعون مواكبة ما يصدر وينشر من إبداعات، وحالهم كما يقول الشاعر:
تكاثرت الظباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد
كما بتنا نسمع عزوف الأدباء والمثقفين عن الاهتمام بما يصدر من أعمال نقدية، ومنهم من تجرأ على القول بموت النقد.
إن هذه الحالة المتردية للنقد الأدبي تعود إلى أسباب ليست منفصلة عن الوضع العام لمجتمعنا في رؤياه الفلسفية، وبنياته الثقافية والفكرية والتربوية والسياسية. فنحن لم نعتد في حياتنا الاجتماعية على تقبل النقد إلا إذا كان مدحًا وتزلفًا، أو مسترضيًا ما في الواقع من قيم ثابتة وتقاليد بالية، ولم تكن مدارسنا وجامعاتنا يومًا ساحات لممارسة النقد بحرية وانفتاح على مختلف الآراء والمذاهب والمدارس النقدية، كذلك الأسر لم تدرب أبناءها على التفكير الناقد، الذي يعد النقد الأدبي جزءًا منه، وتقبل التنوع في الفكر والحياة، وجاءت التكنولوجيا الإلكترونية وما تناسخ منها من وسائل التواصل الاجتماعي: الفيسبوك والواتس والإنستغرام وغيرها لتُستخدَم ليس في تقدم النقد وتطوره، بل لبث روح التكاسل الثقافي، وتغييب العقل النقدي، وإشاعة المجاملات، وطباعة الكتب المتهافتة الفكر، والخالية من جمال الفن، فاختلط الحابل بالنابل حتى كثر الأدباء والمتأدبون الذين أصبح لهم دور في تقييم الأعمال الأدبية وانتشارها، بل وفي نيلها الجوائز أيضًا؛ فيكفي أن ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وإعلانات عن مؤلف ما حتى يحظى باهتمام المؤسسات المانحة الجوائز، وصرنا نلاحظ اندفاع بعض النقاد المرموقين للكتابة المادحة عن روايات بعد نيلها الجوائز.
لا شك في أن تقدم النقد مرهون بتقدم المجتمع في جوانب الحياة كلها، ومرهون بتطور العلم وتقدم الفكر، وتوافر أجواء الحرية، ورقي الوعي؛ فالنقد يتميز بلغة واضحة جذرية لها دلالة واحدة بخلاف الأدب الذي يتميز بلغته المواربة، ودلالاته المتعددة التي تتيح للأديب أن ينجو من سيف الرقيب. لهذا لا بد لمعالجة حالة الجمود التي عليها النقد الأدبي، أن نغير من مناهجنا التعليمية، ونعيد النظر في طرقنا التربوية، والانتباه إلى ضرورة أن يأخذ الناقد حريته في التعبير والحكم على الأعمال الأدبية بموضوعية ودون تحزّب أو ضيق أفق، أو الخضوع لمسلمات أو يقينيات بعينها. بغير هذا السبيل لن يصلح حال النقد الأدبي ولا حال الأدب الذي تأسس عليه، ونبقى نرتع في واقع متخلف في المجالات كافة.
مع هذه الأهمية للنقد الأدبي المتلازمة للأدب فإننا نجد في حياتنا الثقافية ضعف فاعلية النقد، وقصوره عن غربلة ما يصدر من إبداعات أدبيّة، وركاكة ما ينتج من أعمال نقدية، وكثرة شكوى الأدباء من عدم انتباه النقاد إليهم، وندرة المؤلفات النقدية، وهي في أغلبها أبحاث ينهض بها أكاديميون في الجامعات والكليات الإنسانية، كما أنها، وفي أرقى حالاتها، تكرار لتطبيقات المناهج والنظريات النقدية الغربية بطريقة ليس فيها إبداع أو إضافة. ومما زاد الوضع النقدي سوءًا بفضل التقدم الهائل في التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي دخول ساحة النقد عدد كبير من الجهلة والدعاة بمعرفة النصوص وتحليلها والحكم عليها.
لا غرابة والحالة هذه أن تلاشى النقد الأدبي الجاد، وأصبح على هامش حياتنا الثقافية والإبداعية، وحل مكانه النقد التأثري الذي يطغى عليه طابع المجاملات. وغدا النقاد الذين يمتهنون النقد، وهم قلة على كل حال، لا يستطيعون مواكبة ما يصدر وينشر من إبداعات، وحالهم كما يقول الشاعر:
تكاثرت الظباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد
كما بتنا نسمع عزوف الأدباء والمثقفين عن الاهتمام بما يصدر من أعمال نقدية، ومنهم من تجرأ على القول بموت النقد.
إن هذه الحالة المتردية للنقد الأدبي تعود إلى أسباب ليست منفصلة عن الوضع العام لمجتمعنا في رؤياه الفلسفية، وبنياته الثقافية والفكرية والتربوية والسياسية. فنحن لم نعتد في حياتنا الاجتماعية على تقبل النقد إلا إذا كان مدحًا وتزلفًا، أو مسترضيًا ما في الواقع من قيم ثابتة وتقاليد بالية، ولم تكن مدارسنا وجامعاتنا يومًا ساحات لممارسة النقد بحرية وانفتاح على مختلف الآراء والمذاهب والمدارس النقدية، كذلك الأسر لم تدرب أبناءها على التفكير الناقد، الذي يعد النقد الأدبي جزءًا منه، وتقبل التنوع في الفكر والحياة، وجاءت التكنولوجيا الإلكترونية وما تناسخ منها من وسائل التواصل الاجتماعي: الفيسبوك والواتس والإنستغرام وغيرها لتُستخدَم ليس في تقدم النقد وتطوره، بل لبث روح التكاسل الثقافي، وتغييب العقل النقدي، وإشاعة المجاملات، وطباعة الكتب المتهافتة الفكر، والخالية من جمال الفن، فاختلط الحابل بالنابل حتى كثر الأدباء والمتأدبون الذين أصبح لهم دور في تقييم الأعمال الأدبية وانتشارها، بل وفي نيلها الجوائز أيضًا؛ فيكفي أن ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وإعلانات عن مؤلف ما حتى يحظى باهتمام المؤسسات المانحة الجوائز، وصرنا نلاحظ اندفاع بعض النقاد المرموقين للكتابة المادحة عن روايات بعد نيلها الجوائز.
لا شك في أن تقدم النقد مرهون بتقدم المجتمع في جوانب الحياة كلها، ومرهون بتطور العلم وتقدم الفكر، وتوافر أجواء الحرية، ورقي الوعي؛ فالنقد يتميز بلغة واضحة جذرية لها دلالة واحدة بخلاف الأدب الذي يتميز بلغته المواربة، ودلالاته المتعددة التي تتيح للأديب أن ينجو من سيف الرقيب. لهذا لا بد لمعالجة حالة الجمود التي عليها النقد الأدبي، أن نغير من مناهجنا التعليمية، ونعيد النظر في طرقنا التربوية، والانتباه إلى ضرورة أن يأخذ الناقد حريته في التعبير والحكم على الأعمال الأدبية بموضوعية ودون تحزّب أو ضيق أفق، أو الخضوع لمسلمات أو يقينيات بعينها. بغير هذا السبيل لن يصلح حال النقد الأدبي ولا حال الأدب الذي تأسس عليه، ونبقى نرتع في واقع متخلف في المجالات كافة.