كان المشوار لمستشفى السلاح الطبي مرة أو أكثر، جيئة وذهاباً في شهر رمضان صعب جداً.
كل خطوة وكل إشارة مرور تقرب المسافة وتقرب الأمل،سيعود معنا للمنزل في مشوار العودة قبل العيد، وكيف لا يعود؟
والإفطار في فناء المستشفي وقت عصيب، لم أكن أصدق أنه قد يحدث لنا في ذاك الشهر.
والطريق من البوابة حتى ذلك المبنى الذي يضم غرفته،
وجوه المرافقين الذين ألفناهم، زوار وأقارب كرام، يدوم لهم شكري، لم يمنعهم عناء الصيام والمشوار عن القدوم للاطمئنان عليه، صارت جميعها ذكريات تجدد حزني.
لم يكن به شيء، كان يتعافى من تأثير "الجلطة" يوماً بعد يوم.
هكذا عرفت أبي، شجاع عنيد، دقيق رقيق، حازم ومرهف، وطني نبيل، وسوداني أصيل، يحب الإنسانية والجنوب والأغنيات الكبيرة.
كانت أشرطة الكاسيت وما زالت تملأ دولابه وحقائبه، وتقف كبنيان شاهق أعلى (الريكوردر) القديم، حسن عطية وأبو داؤود وعثمان حسين ووردي وإبراهيم عوض ومصطفى سيد أحمد، وآخرون.
وحتى هاتفه الصغير، كان يحمل ذاكرة معبأة بالأغنيات الجميلة، ننام ونصحو على صوتها وتكرارها، ولعل آخر أغنية ظل يعيدها ويكررها حتى خروجه الأخير من المنزل كانت (يا نورة) لعثمان حسين، كان يحبها كثيراً ويرددها بصوت خفيض.
حدثني ذات يوم أنه مندهش جداً لأغنية (الحزن النبيل)، وأنها أغنية عظيمة، لن تجد لإظهار معانيها أصلح من صوت مصطفى سيد احمد عليه الرحمة.
كان مغرماً بالعود والكمان، والكمان بنكهة الراحل محمدية، يستخرج من فمه عبارات الإعجاب يا الله ويا سلام.
رحل كما رحل أحبابه من عمالقة الأغنية السودانية شعراء ومغنيين وعازفين.
ترك كل شيء وذهب لفحص روتيني في أيام رمضان ولم يعد أبدا، كان وحتى التاسع من رمضان يجالسنا وقت الإفطار لمشاهدة البرامج والتعليق الطريف الساخر الذي كان يمد البيت بالحياة والضحك.
أتى اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان المعظم ومضى، يجدد ذكرى رحيله، وينثر الملح على جرحي، كما يفعل صباح العيد، الذي عاد بعده بلا زهور ولا حلوى.
أبي، الذي لم يطاوعني قلمي بعد على رثائه، وهو ينتظر معي استيعاب فكرة رحيله.
ذهب طيباً عفيفاً أنيقاً ، في شهر الكرم لأنه كان للكرم وجه و دار.
أتوقف هنا لأترحم عليه واسال الله له حسن المؤانسة وكريم الفضل، وكل ما أظنه به من جميل هو أهله.
وعلى الجرح السلام.
كل خطوة وكل إشارة مرور تقرب المسافة وتقرب الأمل،سيعود معنا للمنزل في مشوار العودة قبل العيد، وكيف لا يعود؟
والإفطار في فناء المستشفي وقت عصيب، لم أكن أصدق أنه قد يحدث لنا في ذاك الشهر.
والطريق من البوابة حتى ذلك المبنى الذي يضم غرفته،
وجوه المرافقين الذين ألفناهم، زوار وأقارب كرام، يدوم لهم شكري، لم يمنعهم عناء الصيام والمشوار عن القدوم للاطمئنان عليه، صارت جميعها ذكريات تجدد حزني.
لم يكن به شيء، كان يتعافى من تأثير "الجلطة" يوماً بعد يوم.
هكذا عرفت أبي، شجاع عنيد، دقيق رقيق، حازم ومرهف، وطني نبيل، وسوداني أصيل، يحب الإنسانية والجنوب والأغنيات الكبيرة.
كانت أشرطة الكاسيت وما زالت تملأ دولابه وحقائبه، وتقف كبنيان شاهق أعلى (الريكوردر) القديم، حسن عطية وأبو داؤود وعثمان حسين ووردي وإبراهيم عوض ومصطفى سيد أحمد، وآخرون.
وحتى هاتفه الصغير، كان يحمل ذاكرة معبأة بالأغنيات الجميلة، ننام ونصحو على صوتها وتكرارها، ولعل آخر أغنية ظل يعيدها ويكررها حتى خروجه الأخير من المنزل كانت (يا نورة) لعثمان حسين، كان يحبها كثيراً ويرددها بصوت خفيض.
حدثني ذات يوم أنه مندهش جداً لأغنية (الحزن النبيل)، وأنها أغنية عظيمة، لن تجد لإظهار معانيها أصلح من صوت مصطفى سيد احمد عليه الرحمة.
كان مغرماً بالعود والكمان، والكمان بنكهة الراحل محمدية، يستخرج من فمه عبارات الإعجاب يا الله ويا سلام.
رحل كما رحل أحبابه من عمالقة الأغنية السودانية شعراء ومغنيين وعازفين.
ترك كل شيء وذهب لفحص روتيني في أيام رمضان ولم يعد أبدا، كان وحتى التاسع من رمضان يجالسنا وقت الإفطار لمشاهدة البرامج والتعليق الطريف الساخر الذي كان يمد البيت بالحياة والضحك.
أتى اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان المعظم ومضى، يجدد ذكرى رحيله، وينثر الملح على جرحي، كما يفعل صباح العيد، الذي عاد بعده بلا زهور ولا حلوى.
أبي، الذي لم يطاوعني قلمي بعد على رثائه، وهو ينتظر معي استيعاب فكرة رحيله.
ذهب طيباً عفيفاً أنيقاً ، في شهر الكرم لأنه كان للكرم وجه و دار.
أتوقف هنا لأترحم عليه واسال الله له حسن المؤانسة وكريم الفضل، وكل ما أظنه به من جميل هو أهله.
وعلى الجرح السلام.