كان ليافا عادة غريبة جدّاً، في الطفولة المبكّرة، وكلّما مرّت بها شاحنة تصرخ بشكل مدوٍّ، وتضحك ملء قلبها. استمرّت على هذه العادة، تتهيّأ وتشحذ مسنّنات حنجرتها ثم تبدأ بالصراخ حتى تغيب الشاحنة أو أي ناقلة كبيرة كالقطار مثلا، تبتسم كأن نصراً مؤزّراً قد حقّقته، وليس كالانتصارات المزيّفة التي غرقت بها البلاد آنذاك.
يافا ندر صراخها قرب الشاحنات العابرة في ذلك الوقت، لكنه لم يختفِ.
" في التسعينات كانت قد بلغت العشرين، وبينما هي تنتظر محاكمتها في سجن دوما المركزي للنساء، اجتمعت بباقي معتقلات الرأي هناك، كان للمعتقلات السياسيّات غرفة خاصة بهنّ، يُحتجزْنَ فيها أثناء المحاكمات في محكمة أمن الدولة العليا".
كانت تُغلَق عليهنّ الأبواب يوم الزيارات العامة، فتظهرْنَ كما الدجاجات في قفص، لا تعرفْنَ أيّ ساطور سيذهب بهنّ إلى حتْف محتوم، كما كان ممنوع عليهنّ الزيارة في أغلب الأوقات، و ممنوع عليهنّ أيضاً العمل في السجن، في حين كانت السجينات القضائيات يعملنَ في المطبخ والبيع وتصفيف الشعر ... إلخ
في أحد أيام الزيارة العامة اقتربتْ من باب غرفة السجينات فتاة لطيفة جداً مقيمة في مهجع الدعارة، وسألت عن يافا بالاسم، اقتربت منها يافا وسألتها عن طلبها، قالت أريد أن تكتبي لي رسالة لحبيبي وأنا جاهزة لأدفع أيّ مبلغ!!!
ضحكت من الفكرة وامتنعت، لكنّ الصبايا رفيقاتها أجبْنها بالموافقة، واتفقْنَ على الأجر أن يكون سجائر، ورضخت لمشيئتهنّ، وصارت حرفتها أن تكتب رسائل الغرام لبنات سجن دوما القضائيات، وتقبض الأجر سجائر شهيّة.
في السجن الكبير "الحياة" واظبت يافا على مراقبة الشاحنات العابرة بصمت، وحين يسألها أحد المقرّبين عن سبب امتناعها عن عادتها الغريبة بالصراخ، تجيب بأنها تصرخ الآن بشكل مختلف .. وتقدّم له قصّة من قصصها التي تصرخها حبْراً ..
يافا ندر صراخها قرب الشاحنات العابرة في ذلك الوقت، لكنه لم يختفِ.
" في التسعينات كانت قد بلغت العشرين، وبينما هي تنتظر محاكمتها في سجن دوما المركزي للنساء، اجتمعت بباقي معتقلات الرأي هناك، كان للمعتقلات السياسيّات غرفة خاصة بهنّ، يُحتجزْنَ فيها أثناء المحاكمات في محكمة أمن الدولة العليا".
كانت تُغلَق عليهنّ الأبواب يوم الزيارات العامة، فتظهرْنَ كما الدجاجات في قفص، لا تعرفْنَ أيّ ساطور سيذهب بهنّ إلى حتْف محتوم، كما كان ممنوع عليهنّ الزيارة في أغلب الأوقات، و ممنوع عليهنّ أيضاً العمل في السجن، في حين كانت السجينات القضائيات يعملنَ في المطبخ والبيع وتصفيف الشعر ... إلخ
في أحد أيام الزيارة العامة اقتربتْ من باب غرفة السجينات فتاة لطيفة جداً مقيمة في مهجع الدعارة، وسألت عن يافا بالاسم، اقتربت منها يافا وسألتها عن طلبها، قالت أريد أن تكتبي لي رسالة لحبيبي وأنا جاهزة لأدفع أيّ مبلغ!!!
ضحكت من الفكرة وامتنعت، لكنّ الصبايا رفيقاتها أجبْنها بالموافقة، واتفقْنَ على الأجر أن يكون سجائر، ورضخت لمشيئتهنّ، وصارت حرفتها أن تكتب رسائل الغرام لبنات سجن دوما القضائيات، وتقبض الأجر سجائر شهيّة.
في السجن الكبير "الحياة" واظبت يافا على مراقبة الشاحنات العابرة بصمت، وحين يسألها أحد المقرّبين عن سبب امتناعها عن عادتها الغريبة بالصراخ، تجيب بأنها تصرخ الآن بشكل مختلف .. وتقدّم له قصّة من قصصها التي تصرخها حبْراً ..