مجلة «أفكار» من المجلات الثقافية المهمة التي تصدرها وزارة الثقافة الأردنية، وقد حافظت على صدورها منذ عام 1966م، ولم تتوقف عن الصدور إلا مؤقتًا، بسبب الظروف السياسية التي جاءت بها هزيمة العرب عام 1967م بخلاف غيرها من المجلات التي كانت تصدر في تلك المرحلة مثل «القلم الجديد» و»الأفق الجديد»،مما جعلها من الوثائق المهمة للحياة الثقافية والأدبية وتطورها في الأردن منذ ستينيات القرن الماضي.وكما قال د. سمير قطامي في مقالة نشرها في المجلة نفسها بمناسبة مرور خمسين عامًا على صدورها بأنها قامت بدور مهم» في إضاءة جوانب عديدة في الحياة الثقافية والفكرية والأدبية في الأردن، وفي إطلاق حركة تنوير جيدة، وفي التعريف بالأديب الأردني وتسليط الضوء على إنجازات الأدباء والمفكرين الأردنيين».
لقد بدأت المجلة هويتها الثقافية واضحة يغلب عليها الطابع الأدبي؛ فكانت تقدم دراسات فكرية ونقدية ثم نصوصًا إبداعية من الشعر والقصة القصيرة والمراجعات النقدية، ثم طرأت عليها تغييرات في الشكل والحجم في بداية الألفية الثالثة لتتسع محتوياتها في تلك الأجناس الكتابية، ثم مع ظهور الأزمة الاقتصادية في السنوات القليلة الماضية، وقلة المخصصات المالية لوزارة الثقافة تقلص حجم المجلة، وتغيرت شروط النشر فيها؛ فتلاشت الدراسات المهمة، ودخلت إليها، بعد توقف مجلتي «الفنون» و»صوت الجيل»، موضوعات من الفنون المختلفة لم تكن من اهتمامها بل كانت من اهتمام تَينك المجلتين.
لا شك في أن هذا التحول في الشكل والموضوع قلل من أهمية المجلة، وعزف بعض الكتاب عن الكتابة فيها والإقبال على قراءتها، ومما زاد في أزمة هذه المجلة وأضر بهويتها الثقافية أنها في الأعداد الأخيرة أفسحت المجال كي يظهر في صفحاتها ملفات ودراسات سياسية وفنية، ونوافذ لعرض الكتب،والرسوم الكثيرة،والصور المتزاحمة مما يتناسب وصحيفة يومية، أو مجلة مدرسية لا مجلة ثقافية مثل «أفكار» سيدة المجلات على الساحة الأردنية. وقد لاحظنا في العدد الأخير (379) غلبة الطابع السياسي على الأدبي والإبداعي، وتجلى بورود ملف عن الانتخابات البرلمانية.
أرى من الضرورة أن تعود «أفكار»كما أراد لها رواد الثقافة الأوائل من المفكرين والأدباء الذين تولوا رئاسة تحريرها والذين تولوا الكتابة فيها، مثل: عبد الرحيم عمر، ومحمود سيف الدين الإيراني، وناصر الدين الأسد،وحسني فريز، وتيسير سبول وأحمد ماضي وغيرهم أن تلتزم بهويتها السابقة، مجلة ثقافية أدبية فكرية عامة، وتتخلص من الموضوعات الفنية والسياسية الخاصة، التي تسللت إليها في المرحلة المتأخرة، ولعلها تستطيع ذلك خاصة بعد قرار عودة المجلات المتوقفة إلى الصدور مثل «صوت الجيل» و»الفنون»، وأن تتجنب التوسع في الرسوم والصورالمرافقة للمقالات، وأن تتوخى الدقة في اختيار موضوعاتها؛ فلا تنشر المواد التي لا طائل منها وبخاصة تلك التي تغطيها الصحف اليومية والمواقع الإخبارية، وأن ترسم قائمة محتوياتها بدقة لتتجنب تكرار الكلمات وفوضى الترتيب مثلما ظهر في قائمة محتويات العدد المذكور سابقًا.
في الحقيقة، لن تستطيع المجلة أن تتمكن من تحقيق ما نتمناه لها من تقدم، وتطور، ونجاح في الشكل والمحتوى والإخراج إلا أن تقوم الأم وزارة الثقافة برصد ميزانية خاصة لها لتحافظ على بقائها،بعيدة عن الانكماش والتقلص والإهمال، ويعود إليها الكتاب والأدباء الذين هجروا الكتابة فيها، ولتبقى، كما تقول د. هند أبو الشعر: «ذاكرة الثقافة الأردنية بامتياز».
د. محمد عبدالله القواسمة
www.facebook.com
لقد بدأت المجلة هويتها الثقافية واضحة يغلب عليها الطابع الأدبي؛ فكانت تقدم دراسات فكرية ونقدية ثم نصوصًا إبداعية من الشعر والقصة القصيرة والمراجعات النقدية، ثم طرأت عليها تغييرات في الشكل والحجم في بداية الألفية الثالثة لتتسع محتوياتها في تلك الأجناس الكتابية، ثم مع ظهور الأزمة الاقتصادية في السنوات القليلة الماضية، وقلة المخصصات المالية لوزارة الثقافة تقلص حجم المجلة، وتغيرت شروط النشر فيها؛ فتلاشت الدراسات المهمة، ودخلت إليها، بعد توقف مجلتي «الفنون» و»صوت الجيل»، موضوعات من الفنون المختلفة لم تكن من اهتمامها بل كانت من اهتمام تَينك المجلتين.
لا شك في أن هذا التحول في الشكل والموضوع قلل من أهمية المجلة، وعزف بعض الكتاب عن الكتابة فيها والإقبال على قراءتها، ومما زاد في أزمة هذه المجلة وأضر بهويتها الثقافية أنها في الأعداد الأخيرة أفسحت المجال كي يظهر في صفحاتها ملفات ودراسات سياسية وفنية، ونوافذ لعرض الكتب،والرسوم الكثيرة،والصور المتزاحمة مما يتناسب وصحيفة يومية، أو مجلة مدرسية لا مجلة ثقافية مثل «أفكار» سيدة المجلات على الساحة الأردنية. وقد لاحظنا في العدد الأخير (379) غلبة الطابع السياسي على الأدبي والإبداعي، وتجلى بورود ملف عن الانتخابات البرلمانية.
أرى من الضرورة أن تعود «أفكار»كما أراد لها رواد الثقافة الأوائل من المفكرين والأدباء الذين تولوا رئاسة تحريرها والذين تولوا الكتابة فيها، مثل: عبد الرحيم عمر، ومحمود سيف الدين الإيراني، وناصر الدين الأسد،وحسني فريز، وتيسير سبول وأحمد ماضي وغيرهم أن تلتزم بهويتها السابقة، مجلة ثقافية أدبية فكرية عامة، وتتخلص من الموضوعات الفنية والسياسية الخاصة، التي تسللت إليها في المرحلة المتأخرة، ولعلها تستطيع ذلك خاصة بعد قرار عودة المجلات المتوقفة إلى الصدور مثل «صوت الجيل» و»الفنون»، وأن تتجنب التوسع في الرسوم والصورالمرافقة للمقالات، وأن تتوخى الدقة في اختيار موضوعاتها؛ فلا تنشر المواد التي لا طائل منها وبخاصة تلك التي تغطيها الصحف اليومية والمواقع الإخبارية، وأن ترسم قائمة محتوياتها بدقة لتتجنب تكرار الكلمات وفوضى الترتيب مثلما ظهر في قائمة محتويات العدد المذكور سابقًا.
في الحقيقة، لن تستطيع المجلة أن تتمكن من تحقيق ما نتمناه لها من تقدم، وتطور، ونجاح في الشكل والمحتوى والإخراج إلا أن تقوم الأم وزارة الثقافة برصد ميزانية خاصة لها لتحافظ على بقائها،بعيدة عن الانكماش والتقلص والإهمال، ويعود إليها الكتاب والأدباء الذين هجروا الكتابة فيها، ولتبقى، كما تقول د. هند أبو الشعر: «ذاكرة الثقافة الأردنية بامتياز».
د. محمد عبدالله القواسمة
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.