المكان بأبعاده الجغرافية، وحدوده كما يرسمها مساحو الأراضي مكان ميت لا حياة فيه. أما المكان الحي فهو المكان الذي يمتاز بالقوة التي تجعل له تاريخًا يرتبط بالإنسان الذي عايشه، ودافع عنه أمام الغزاة والطامعين. تلك القوة التي تغنيه بالرموز التي تحمل معاني وأفكارًا لها وقعها وتأثيرها في الحياة وفي الناس.
لعل أبرز الأماكن الحية التي عرفها الإنسان منذ آلاف السنين هي مدينة القدس. هذه المدينة تمتاز بميزة القوة التي تمنحها الحياة، وهي ميزة قلما تتوافر في أي مدينة من مدن العالم سواء في الشرق أم في الغرب. وتتجسد قوتها في ارتباطها بالسماء، وموقعها، وتاريخها، وإنسانها العربي الذي تجذر فيها.
فالقدس ترتبط بالسماء، إذ ذكر مسجدها الأقصى في القرآن الكريم. قال تعالى: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..» لقد لامست السماء الأرض في القدس، وتركت آثاراً لها تترسخ في النفوس، كما تترسخ في الأرض، منها المسجد الأقصى ذاته، وقبة الصخرة، وكنيسة القيامة، والجلجلة، التلة التي قيل إن المسيح صلب عليها.
وتميزت القدس بموقعها في قلب فلسطين، وتجلت فيها أماكن كثيرة غنية بما احتوته من كنوز تاريخية ومناظر طبيعية. مثل مقبرة باميلا التي دفن فيها كثير من شهداء الفتوح الإسلامية، ومغارة سوريك أو مغارة الشموع التي تشبه مغارة جعيتا في لبنان، وتقع بالقرب من القدس وقد اكتشفت أخيرًا، ويعود تاريخها إلى آلاف السنين، وفيها تعبر الطبيعة عن إبداعاتها الخلابة.
وتاريخ القدس قليل من يجهله في الغرب أو الشرق؛ ويمتد من القرن الرابع قبل الميلاد حيث كان اسمها الكنعاني أورسالم أي حامي المدينة على اسم الإله الكنعاني، مرورًا بعمر بن الخطاب وعهدته العمرية، وصلاح الدين الأيوبي وتحريره بيت المقدس من الصليبيين، وانتهاء بهبة القدس هذه الأيام في وجه الصهاينة. لقد صمدت مدينة القدس أمام الغزاة والطامعين من الإغريق والرومان والفرس والصليبيين والإنجليز وقد انتصرت عليهم جميعًا، وفي طريقها إلى الانتصار على الغزاة الحاليين. ومن اللافت، أن الغزاة جاؤوا إلى القدس ليحتلوها، ويذلوا أهلها. لا شك حقق بعضهم ما أراد من احتلال للأرض، لكن دون أن يكسروا إرادة أهلها. فالمكان والإنسان يتبادلان سمات كل منهما فلا عجب أن تمنح القدس قوتها إلى أهلها، ويمنح أهل القدس قوتهم للمكان، وتصبح القوتان قوة لا تقهر. من المثير للدهشة والغرابة أنه لم يكن أمام أعداء القدس عبر التاريخ إلا الذوبان فيها، وتبني تراثها وثقافتها، والاندماج مع أهلها، أو الموت على أرضها، أو الرجوع من حيث أتوا. هذا ما تقوله الآثار التي تركها هؤلاء على أطراف المدينة المقدسة وفي فلسطين عامة. وقبل أشهر، انتصرت قوة القدس عندما هب أهلها في وجه العدو الإسرائيلي، وأجبروا قواته على إلغاء إجراءاتها في نصب بوابات إلكترونية عند بوابات المسجد الأقصى، والانصياع إلى دماء المقدسيين الزكية.
هذه هي القدس ليست مكاناً عادياً إنها مكان يتميز بالقوة النابعة من الارتباط بالسماء والتاريخ والجغرافيا، وفوق ذلك نابعة من الإنسان الذي امتزج بها وامتزجت به. لا شك كما يتكلم التاريخ القديم والحديث أن قوة القدس قد يتضاءل نورها، وتخبو نارها مدة قد تطول، ولكنها تعود من جديد عزيزة منتصرة. إنها القدس المدينة الغنية بالرموز التي تحمل معاني الصمود، والصبر، والمقاومة، وفي النهاية النصر. المدينة التي لا يهمها الوعود والبروق، وتظل في سعي نحو الفجر، وترصد المطر.
www.facebook.com
لعل أبرز الأماكن الحية التي عرفها الإنسان منذ آلاف السنين هي مدينة القدس. هذه المدينة تمتاز بميزة القوة التي تمنحها الحياة، وهي ميزة قلما تتوافر في أي مدينة من مدن العالم سواء في الشرق أم في الغرب. وتتجسد قوتها في ارتباطها بالسماء، وموقعها، وتاريخها، وإنسانها العربي الذي تجذر فيها.
فالقدس ترتبط بالسماء، إذ ذكر مسجدها الأقصى في القرآن الكريم. قال تعالى: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله..» لقد لامست السماء الأرض في القدس، وتركت آثاراً لها تترسخ في النفوس، كما تترسخ في الأرض، منها المسجد الأقصى ذاته، وقبة الصخرة، وكنيسة القيامة، والجلجلة، التلة التي قيل إن المسيح صلب عليها.
وتميزت القدس بموقعها في قلب فلسطين، وتجلت فيها أماكن كثيرة غنية بما احتوته من كنوز تاريخية ومناظر طبيعية. مثل مقبرة باميلا التي دفن فيها كثير من شهداء الفتوح الإسلامية، ومغارة سوريك أو مغارة الشموع التي تشبه مغارة جعيتا في لبنان، وتقع بالقرب من القدس وقد اكتشفت أخيرًا، ويعود تاريخها إلى آلاف السنين، وفيها تعبر الطبيعة عن إبداعاتها الخلابة.
وتاريخ القدس قليل من يجهله في الغرب أو الشرق؛ ويمتد من القرن الرابع قبل الميلاد حيث كان اسمها الكنعاني أورسالم أي حامي المدينة على اسم الإله الكنعاني، مرورًا بعمر بن الخطاب وعهدته العمرية، وصلاح الدين الأيوبي وتحريره بيت المقدس من الصليبيين، وانتهاء بهبة القدس هذه الأيام في وجه الصهاينة. لقد صمدت مدينة القدس أمام الغزاة والطامعين من الإغريق والرومان والفرس والصليبيين والإنجليز وقد انتصرت عليهم جميعًا، وفي طريقها إلى الانتصار على الغزاة الحاليين. ومن اللافت، أن الغزاة جاؤوا إلى القدس ليحتلوها، ويذلوا أهلها. لا شك حقق بعضهم ما أراد من احتلال للأرض، لكن دون أن يكسروا إرادة أهلها. فالمكان والإنسان يتبادلان سمات كل منهما فلا عجب أن تمنح القدس قوتها إلى أهلها، ويمنح أهل القدس قوتهم للمكان، وتصبح القوتان قوة لا تقهر. من المثير للدهشة والغرابة أنه لم يكن أمام أعداء القدس عبر التاريخ إلا الذوبان فيها، وتبني تراثها وثقافتها، والاندماج مع أهلها، أو الموت على أرضها، أو الرجوع من حيث أتوا. هذا ما تقوله الآثار التي تركها هؤلاء على أطراف المدينة المقدسة وفي فلسطين عامة. وقبل أشهر، انتصرت قوة القدس عندما هب أهلها في وجه العدو الإسرائيلي، وأجبروا قواته على إلغاء إجراءاتها في نصب بوابات إلكترونية عند بوابات المسجد الأقصى، والانصياع إلى دماء المقدسيين الزكية.
هذه هي القدس ليست مكاناً عادياً إنها مكان يتميز بالقوة النابعة من الارتباط بالسماء والتاريخ والجغرافيا، وفوق ذلك نابعة من الإنسان الذي امتزج بها وامتزجت به. لا شك كما يتكلم التاريخ القديم والحديث أن قوة القدس قد يتضاءل نورها، وتخبو نارها مدة قد تطول، ولكنها تعود من جديد عزيزة منتصرة. إنها القدس المدينة الغنية بالرموز التي تحمل معاني الصمود، والصبر، والمقاومة، وفي النهاية النصر. المدينة التي لا يهمها الوعود والبروق، وتظل في سعي نحو الفجر، وترصد المطر.
Bei Facebook anmelden
Melde dich bei Facebook an, um dich mit deinen Freunden, deiner Familie und Personen, die du kennst, zu verbinden und Inhalte zu teilen.