د. محمد الشرقاوي - مفارقة أفغانية وليدة عشرين عاما!

تتعثر حسابات الاستراتيجيا الأمريكية خلال تحليل الوضع الراهن في أفغانستان عندما تبسط طالبان سيطرتها على كابل ومطارها الدولي بعد الاستيلاء على أكثر من 20 ولاية في شتى أرجاء البلاد في الأسبوع المنصرم.
وبعد فرار الرئيس أشرف غني إلى خارج البلاد اليوم، تستعد طالبان التي كانت على قائمة الإرهاب الأمريكية لإعلان "إمارة أفغانستان الإسلامية"، وهي عبارة تشمل الكثير من الرمزية السياسية والدينية خاصة عند تأمل لفظ "إمارة"، ناهيك عن فرض وصايتها على الشعب الأفغاني، وأنها هي رأس الحربة في صد عمليات التدخل الأجنبي.





في المقابل، يقول وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن إن الجيش الأفغاني غير قادر على كبح طموحات طالبان، فيما ينتقد بعض قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس سياسة الرئيس بايدن إزاء أفغانستان، ويقولون إن مشهد كابل اليوم بمثابة تجسيد لمشهد سايغون والانسحاب الأمريكي من ڤييتنام عام 1975.
ومما يزيد في المفارقة تصريح الرئيس بايدن قبل ستة أسابيع عندما قال إن التدخل الأمريكي في أفغانستان "لم يهدف إلى بناء دولة هناك". وتظل حكومة بايدن مصممة على سحب جنودها من أفغانستان هذا الشهر، وإن قررت إرسال 4000 جندي أمريكي إلى أفغانستان مؤقتا أغلبهم من القاعدة العسكرية الأمريكية في الكويت، من أجل حماية #عملية_ترحيل الرعايا والدبلوماسيين الأمريكيين من كابل.
هو مشهد يختزل سوء تقدير استراتيجي خلال أربع حكومات أمريكية متعاقبة منذ قرار الرئيس جورج بوش الإبن التدخل في أفغانستان عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر ضمن مقولة "الحرب على الإرهاب"، قبل أن عدلها الرئيس أوباما إلى "مكافحة التطرف".
والخلاصة أن الولايات المتحدة قوة عظمى تحسن الدخول في الصراعات واستخدام القوة، ولكنها غير متمرسة ببناء السلام وبسط الاستقرار في المناطق التي تمتد إليها استراتيجيتها العسكرية. وكلما تأكدت حتمية الانسحاب الأمريكي، يبدو أن أفغانستان تظل مقبرة المشاريع الامبراطورية.







تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...