قامت كوادر أمانة عمان الكبرى ذات مساء بائس (الاثنين25/1) بمصادرة الكتب التي أمام كشك الثقافة العربية المعروف لصاحبه حسن "ابو علي"، واستخدمت الكوادر في عملية المصادرة ضاغطة نفايات. وفي تصرف حضاري جميل اعتذر أمين عمان لأبي علي معترفًا له بأن ما جرى كان خطأ، وأمر بإعادة الكتب المصادرة.
إن ما جرى لا يعكس وجهة نظر مسؤول أو موظف في أمانة عمان الكبرى بل يعكس وجهة نظر المجتمع وموقفه من الثقافة والمثقفين. فالثقافة، كما يرى ت. س إليوت في كتابه "ملاحظات نحو تعريف الثقافة"، وإليوت هو المفكر والشاعر والناقد الأمريكي المولد والبريطاني الجنسية والحائز على جائزة نوبل عام 1948، طريقة حياة الشعب الذي يعيش في مكان معين. وتتجلى في فنون هذا الشعب، وفى نظمه الاجتماعية والسياسية، وفى عاداته وتقاليده وديانته.
إن ما حدث لكشك أبي علي حصيلة الموقف العام من الثقافة، ويعكس الصراع بين ثقافتين في مجتمعنا: ثقافة يمثلها هذا المسؤول الذي قام بوضع الكتب في القمامة، وثقافة يمثلها هذا الموقف الحضاري النبيل المتمثل في أمين عمان. الثقافة الأولى لا ترى إلّا قمع المثقف، وعدم تقدير الفن الأصيل والثقافة الجادة، واللجوء إلى التسطيح والتهميش، وإفقار الكاتب والمثقف؛ وتكريس ما يشدنا إلى الخلف، وليس إلى المحافظة على الذاكرة الوطنية والفنية والاجتماعية. والثقافة الثانية تحاول المحافظة عل ثقافة البلد ومعالمها التاريخية والحضارية، وتدافع عن القيم الفكرية والإنسانية، وترى ضرورة المحافظة على الذاكرة الوطنية التي تقوي الروابط بين أفراد المجتمع، وتدعم صموده في مواجهة مصاعب الحياة، وتضيء له طريق المستقبل.
شهدنا في السابق مواقف من عدم الاهتمام بالثقافة والمعالم الثقافية مماثلة لما حدث لكشك أبي علي الذي يمثل جزءًا من ذاكرة عمان الثقافية. فما زال بيت غالب هلسا في ماعين ينتظر تحويله إلى متحف ومركز ثقافي، وهو المشروع الذي أطلقته عام 2010 رابطة الكتاب الأردنيين لترميم أطلال المنزل الذي ولد فيه الروائي المعروف. وذلك بعد أن تبرعت عائلته بالبيت وملحقاته ليكون وقفًا ثقافيًا للرابطة، كما قدّمتْ القيمة المالية لجائزة الدولة التقديرية التي نالها غالب هلسا في عام 2007 عن أعماله الروائية لتكون في دعم المشروع. لقد مرّ على هذا المشروع الذي بدأته الرابطة بعد توقيع اتفاقية خاصة مع عائلة غالب هلسا أكثر من عشر سنوات ولم ير النور.
ومن مواقف عدم اهتمام مجتمعنا بالثقافة إزالة بعض معالمنا الوطنية والتاريخية؛ فقد أزيل من وسط عمان مقهى حمدان ومقهى الجامعة العربية، والمكانان يشكلان الذاكرة الوطنية والثقافية للمدينة، وكان كلاهما ملتقى السياسيين والأدباء والرياضيين. فمقهى حمدان الذي أزيل في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، وأقيم مكانه مقهى كوكب الشرق الذي ما زال إلى الآن في سوق الذهب شهد عام 1928م انعقاد المؤتمر الوطني الأول برئاسة حسين باشا الطراونة، وصدر عن المؤتمر الميثاق الوطني. أما مقهى جامعة الدول العربية الذي افتتح عام 1947م فأزيل عن الوجود عام 2008 م وأقيمت مكانه محال تجارية بعد أن كان يحتل قلب المدينة أمام ساحة المسجد الحسيني الكبير، ويعبق بالذكريات الوطنية والإنسانية.
لعل ما هو مطلوب أن نغير من نظرة المجتمع إلى الثقافة، وننظر إلى مكوناتها حسب المفهوم الشامل للثقافة بأنها كل مترابط يتعالق بعضه ببعض. وأن نعيد الاعتبار للأدباء والكتاب، ونقدر مفكرينا وعلماءنا وفنانينا، ونحافظ على الذاكرة الوطنية وخاصة تلك التي تمثلها المعالم والأماكن الثقافية.
دون تغيير في نظرتنا العامة إلى الثقافة سيتكرر ما جرى لكشك أبي علي، ويتعرض كثير من رموزنا الفكرية والإبداعية ومعالمنا الثقافية إلى الإهمال والتدمير.
إن ما جرى لا يعكس وجهة نظر مسؤول أو موظف في أمانة عمان الكبرى بل يعكس وجهة نظر المجتمع وموقفه من الثقافة والمثقفين. فالثقافة، كما يرى ت. س إليوت في كتابه "ملاحظات نحو تعريف الثقافة"، وإليوت هو المفكر والشاعر والناقد الأمريكي المولد والبريطاني الجنسية والحائز على جائزة نوبل عام 1948، طريقة حياة الشعب الذي يعيش في مكان معين. وتتجلى في فنون هذا الشعب، وفى نظمه الاجتماعية والسياسية، وفى عاداته وتقاليده وديانته.
إن ما حدث لكشك أبي علي حصيلة الموقف العام من الثقافة، ويعكس الصراع بين ثقافتين في مجتمعنا: ثقافة يمثلها هذا المسؤول الذي قام بوضع الكتب في القمامة، وثقافة يمثلها هذا الموقف الحضاري النبيل المتمثل في أمين عمان. الثقافة الأولى لا ترى إلّا قمع المثقف، وعدم تقدير الفن الأصيل والثقافة الجادة، واللجوء إلى التسطيح والتهميش، وإفقار الكاتب والمثقف؛ وتكريس ما يشدنا إلى الخلف، وليس إلى المحافظة على الذاكرة الوطنية والفنية والاجتماعية. والثقافة الثانية تحاول المحافظة عل ثقافة البلد ومعالمها التاريخية والحضارية، وتدافع عن القيم الفكرية والإنسانية، وترى ضرورة المحافظة على الذاكرة الوطنية التي تقوي الروابط بين أفراد المجتمع، وتدعم صموده في مواجهة مصاعب الحياة، وتضيء له طريق المستقبل.
شهدنا في السابق مواقف من عدم الاهتمام بالثقافة والمعالم الثقافية مماثلة لما حدث لكشك أبي علي الذي يمثل جزءًا من ذاكرة عمان الثقافية. فما زال بيت غالب هلسا في ماعين ينتظر تحويله إلى متحف ومركز ثقافي، وهو المشروع الذي أطلقته عام 2010 رابطة الكتاب الأردنيين لترميم أطلال المنزل الذي ولد فيه الروائي المعروف. وذلك بعد أن تبرعت عائلته بالبيت وملحقاته ليكون وقفًا ثقافيًا للرابطة، كما قدّمتْ القيمة المالية لجائزة الدولة التقديرية التي نالها غالب هلسا في عام 2007 عن أعماله الروائية لتكون في دعم المشروع. لقد مرّ على هذا المشروع الذي بدأته الرابطة بعد توقيع اتفاقية خاصة مع عائلة غالب هلسا أكثر من عشر سنوات ولم ير النور.
ومن مواقف عدم اهتمام مجتمعنا بالثقافة إزالة بعض معالمنا الوطنية والتاريخية؛ فقد أزيل من وسط عمان مقهى حمدان ومقهى الجامعة العربية، والمكانان يشكلان الذاكرة الوطنية والثقافية للمدينة، وكان كلاهما ملتقى السياسيين والأدباء والرياضيين. فمقهى حمدان الذي أزيل في نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، وأقيم مكانه مقهى كوكب الشرق الذي ما زال إلى الآن في سوق الذهب شهد عام 1928م انعقاد المؤتمر الوطني الأول برئاسة حسين باشا الطراونة، وصدر عن المؤتمر الميثاق الوطني. أما مقهى جامعة الدول العربية الذي افتتح عام 1947م فأزيل عن الوجود عام 2008 م وأقيمت مكانه محال تجارية بعد أن كان يحتل قلب المدينة أمام ساحة المسجد الحسيني الكبير، ويعبق بالذكريات الوطنية والإنسانية.
لعل ما هو مطلوب أن نغير من نظرة المجتمع إلى الثقافة، وننظر إلى مكوناتها حسب المفهوم الشامل للثقافة بأنها كل مترابط يتعالق بعضه ببعض. وأن نعيد الاعتبار للأدباء والكتاب، ونقدر مفكرينا وعلماءنا وفنانينا، ونحافظ على الذاكرة الوطنية وخاصة تلك التي تمثلها المعالم والأماكن الثقافية.
دون تغيير في نظرتنا العامة إلى الثقافة سيتكرر ما جرى لكشك أبي علي، ويتعرض كثير من رموزنا الفكرية والإبداعية ومعالمنا الثقافية إلى الإهمال والتدمير.