شريف محيى: الآن صارت الأمور أكثر عملية ولكنها أقل تلقائية
قبل شهرين خصص الملحق الأدبي لصحيفة "لوفيجارو" ملفا تمثل في نشر نوعية من الكتب باتت تحظى باهتمام القراء مؤخرا، يتعلق الأمر بمخطوطات ومسودات بخط اليد، لدواوين شعرية وروايات شهيرة لكتّاب معروفين، تم طبعها في كتب، كما وصلت مخطوطا للناشر؛ هكذا يمنح المخطوط المسودة فرصة للقارئ لولوج العالم الإبداعي للمؤلف في حميمياته من خلال مسوداته الأولى، من خلال تنقيحاته وملاحظاته، وخطه وإمضائه، وأحيانا الرسومات التي يضعها على الهوامش. الآن لم يعد متاحا لكتّاب معاصرين هذا النوع من النشر، لم يعد هناك أحد يكتب أعماله بخط اليد، لم تعد هناك مسودات.
الــ"الدستور" استطلعت آراء الكتاب والمبدعين حول الأمر٬ وهل يوافق الكاتب علي هذه التجربة أي نشر مسودات ومخطوطات أعماله في صورتها الأولي بخط اليد دون تنقيح أو تدخل؟ وهل مازال هناك من يكتب بخط اليد أم بغيره؟ وغيرها.
قال القاص شريف محيي: منذ سنوات قلائل لم نكن نعرف الحاسوب أو التابلت، كنا نستخدم القلم لكتابة جميع إبداعاتنا، وكثيرا ما كان يتولد ثمة ارتباط خفي بين المبدع وقلم ما، قد يصل الأمر إلى عدم القدرة على الكتابة الابداعية إلا بصحبة هذا القلم وكأنه صديق حميمي للمبدع.
وكانت نوعية الورق نفسه وطبيعته من حيث الجودة، أو اللون، أو الملمس أو حتى درجة السمك، ذات أهمية كبرى. على المستوى الشخصي، لم أكن أكتب مسودات أعمالي في مرحلة ما، إلا بالقلم الرصاص وعلى ورق فلوسكاب مسطر.
كنت أحيانا أقوم برسم بعض المناظر المتتالية الحركة، مع رسم كروكي لملامح بعض شخصيات العمل الرئيسية، مبينا، بعض سماتهم الشخصية، التي قد تبدو غريبة أو عبثية بعض الشىء. لم تكن عملية الخلق الإبداعي منصبة فقط على الحروف والكلمات، وإنما فضاء الصفحة نفسها، كانت له خاصية غريبة.
وأردف موضحا: كل ورقة كانت تبدو وكأنها كائن حي منفصل له الذاتية والمشاعر المرتبطة به وحده، حيث تتوالد حالات متنوعة من الخيال في دوائر سرمدية من الحرية والانطلاق، في نزعات تجريبية المجنونة.
وكأن الورق نفسه يشارك المؤلف في صناعة النص، ويفرض عليه أحاسيسه الخاصة.
ثم في مرحلة أخرى تالية، صرت لا أكتب إلا بالقلم الحبر، مع استخدام القلم الرصاص في التظليل والرسم بين صفحة وأخرى، فكنت تجد القصة، أو المسرحية وكأنها معروضة في مجلة أو صحيفة ورقية، بتقسيماتها وأعمدتها، وقد تفاجأ ببعض الرسومات التوضيحية، وقد تدهش بكاريكاتير ساخر، أو بعض الملاحظات المكتوبة في الهامش، أو حتى التوصيات لكيفية استكمال العمل.
ثمة بعض المسودات بها أسهم توضيحية، ورسومات بيانية لدرجة الإيقاع ومستوى الحبكة ومراحل الصعود الدرامي، ونقطة التقاء جميع الخيوط، ولحظة الذروة، ومساحتها والتوازن السيمائي للنص، وكأنك تشاهد خريطة لموقع جغرافي.
بعض الأعمال كتبت بعدة أقلام مختلفة النوع واللون. في مرحلة أخرى كانت الكتابة تتم على ورق أبيض غير مسطر، وكنت أحيانا أبحث عن كشاكيل أو كراسات وأجندات ذات شكل وطبيعة معينة تتناسب مع نوعية النص الذي سيكتب.
الآن صار الأمر مختلفا تماما، فلم تعد هناك مسودة أو درافت، بل يتم التعامل مع مجموعة من الملفات على الحاسب الآلي. ربما صارت الأمور أكثر عملية، ولكننا فقدنا مساحة كبيرة من البوح والإحساس. الآن صارت الأمور أكثر عملية ولكنها أقل عفوية وتلقانية. وصارت كل الأعمال مجرد مجموعة من الحروف الجافة، على الحاسوب٬ لا يستمتع المؤلف بها إلا بعد طباعتها، وظهور العمل في صورته النهائية.
قبل شهرين خصص الملحق الأدبي لصحيفة "لوفيجارو" ملفا تمثل في نشر نوعية من الكتب باتت تحظى باهتمام القراء مؤخرا، يتعلق الأمر بمخطوطات ومسودات بخط اليد، لدواوين شعرية وروايات شهيرة لكتّاب معروفين، تم طبعها في كتب، كما وصلت مخطوطا للناشر؛ هكذا يمنح المخطوط المسودة فرصة للقارئ لولوج العالم الإبداعي للمؤلف في حميمياته من خلال مسوداته الأولى، من خلال تنقيحاته وملاحظاته، وخطه وإمضائه، وأحيانا الرسومات التي يضعها على الهوامش. الآن لم يعد متاحا لكتّاب معاصرين هذا النوع من النشر، لم يعد هناك أحد يكتب أعماله بخط اليد، لم تعد هناك مسودات.
الــ"الدستور" استطلعت آراء الكتاب والمبدعين حول الأمر٬ وهل يوافق الكاتب علي هذه التجربة أي نشر مسودات ومخطوطات أعماله في صورتها الأولي بخط اليد دون تنقيح أو تدخل؟ وهل مازال هناك من يكتب بخط اليد أم بغيره؟ وغيرها.
قال القاص شريف محيي: منذ سنوات قلائل لم نكن نعرف الحاسوب أو التابلت، كنا نستخدم القلم لكتابة جميع إبداعاتنا، وكثيرا ما كان يتولد ثمة ارتباط خفي بين المبدع وقلم ما، قد يصل الأمر إلى عدم القدرة على الكتابة الابداعية إلا بصحبة هذا القلم وكأنه صديق حميمي للمبدع.
وكانت نوعية الورق نفسه وطبيعته من حيث الجودة، أو اللون، أو الملمس أو حتى درجة السمك، ذات أهمية كبرى. على المستوى الشخصي، لم أكن أكتب مسودات أعمالي في مرحلة ما، إلا بالقلم الرصاص وعلى ورق فلوسكاب مسطر.
كنت أحيانا أقوم برسم بعض المناظر المتتالية الحركة، مع رسم كروكي لملامح بعض شخصيات العمل الرئيسية، مبينا، بعض سماتهم الشخصية، التي قد تبدو غريبة أو عبثية بعض الشىء. لم تكن عملية الخلق الإبداعي منصبة فقط على الحروف والكلمات، وإنما فضاء الصفحة نفسها، كانت له خاصية غريبة.
وأردف موضحا: كل ورقة كانت تبدو وكأنها كائن حي منفصل له الذاتية والمشاعر المرتبطة به وحده، حيث تتوالد حالات متنوعة من الخيال في دوائر سرمدية من الحرية والانطلاق، في نزعات تجريبية المجنونة.
وكأن الورق نفسه يشارك المؤلف في صناعة النص، ويفرض عليه أحاسيسه الخاصة.
ثم في مرحلة أخرى تالية، صرت لا أكتب إلا بالقلم الحبر، مع استخدام القلم الرصاص في التظليل والرسم بين صفحة وأخرى، فكنت تجد القصة، أو المسرحية وكأنها معروضة في مجلة أو صحيفة ورقية، بتقسيماتها وأعمدتها، وقد تفاجأ ببعض الرسومات التوضيحية، وقد تدهش بكاريكاتير ساخر، أو بعض الملاحظات المكتوبة في الهامش، أو حتى التوصيات لكيفية استكمال العمل.
ثمة بعض المسودات بها أسهم توضيحية، ورسومات بيانية لدرجة الإيقاع ومستوى الحبكة ومراحل الصعود الدرامي، ونقطة التقاء جميع الخيوط، ولحظة الذروة، ومساحتها والتوازن السيمائي للنص، وكأنك تشاهد خريطة لموقع جغرافي.
بعض الأعمال كتبت بعدة أقلام مختلفة النوع واللون. في مرحلة أخرى كانت الكتابة تتم على ورق أبيض غير مسطر، وكنت أحيانا أبحث عن كشاكيل أو كراسات وأجندات ذات شكل وطبيعة معينة تتناسب مع نوعية النص الذي سيكتب.
الآن صار الأمر مختلفا تماما، فلم تعد هناك مسودة أو درافت، بل يتم التعامل مع مجموعة من الملفات على الحاسب الآلي. ربما صارت الأمور أكثر عملية، ولكننا فقدنا مساحة كبيرة من البوح والإحساس. الآن صارت الأمور أكثر عملية ولكنها أقل عفوية وتلقانية. وصارت كل الأعمال مجرد مجموعة من الحروف الجافة، على الحاسوب٬ لا يستمتع المؤلف بها إلا بعد طباعتها، وظهور العمل في صورته النهائية.