ذات يوم..16سبتمبر
تحول ليل «صبرا وشاتيلا» إلى نهار نتيجة الإنارة الإسرائيلية المتواصلة بالمدفعية والطائرات، كما تحول مخيمها وأحياؤها الشعبية إلى جزيرة مستباحة لميليشيات القوات اللبنانية، وغيرها من الأحزاب والميليشيات المؤازرة لها، وأحاط بهذه «الجزيرة» جيش الدفاع الإسرائيلى، غير أن عناصر هذا الجيش تصرفت وكأنها أشبه بعناصر فرقة مسرحية، تقوم بتنفيذ التعليمات التى تتلقاها صراحة أو ضمنا من المخرج أرييل شارون، وزير الدفاع ومساعده رفائيل إيتان، وملخص التعليمات أن عليها أن تحيط بمسرح شاتيلا، من كل جانب وكل منفذ، وعلى سطوح كل بناء مرتفع، وأنه مهما حصل، فهى لا يجدر بها أن ترى، أو تسمع أو تشهد.
هكذا تلخص الكاتبة اللبنانية، الدكتورة بيان نويهض الحوت، بدايات مأساة مجزرة صبرا و شاتيلا، فى مقال لها بعنوان «صبرا وشاتيلا بعد خمسة وعشرين عاما»، المنشور فى جريدة «السفير» بيروت - 12 سبتمبر 2007.
عايشت «الحوت» المأساة فترة طويلة، كان حصيلتها كتابها «صبرا وشاتيلا.. أيلول 1982»، الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وتذكر فيه: «كانت ساعة البداية مع غروب يوم الخميس 16 سبتمبر، مثل هذا اليوم، عام 1882، وكانت النهاية فى الساعة الواحدة عز ظهيرة يوم السبت الثامن عشر، وبلغة الساعات، فالمجزرة امتدت ثلاثا وأربعين ساعة متواصلة»، تؤكد «الحوت» أن «هذه المجزرة ليست واحدة من أبشع مجازر القرن العشرين فحسب، وليست مجرد رقم على لائحة المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والعرب، سرها فى أنها مأساة لم يسدل الستار عليها بعد، وهو لن يسدل ما دام الأحياء من أبنائها يعيشون كوابيسها».
كانت المجزرة عنوانا كبيرا للعجز العربى أمام غزو إسرائيل للبنان فى 6 يونيو 1982، وفى يوميات الغزو المرتبطة بالمذبحة: «حلقت طائرات سلاح الجو الإسرائيلى على ارتفاعات منخفضة فى سماء بيروت الغربية، وأعلنت إسرائيل دخولها المنطقة وإحكام السيطرة عليها، ومن التاسعة صباحا تواجد شارون لإدارة العملية، وكان متمركزا فى المنطقة العسكرية فى الطابق السادس من عمارة مطلة على مخيمى صبرا وشاتيلا، وعند منتصف النهار كان المخيمان محاصرين تماما من القوات الإسرائيلية، التى وضعت الحواجز لمراقبة كل من يدخل ويخرج، وفى 16 سبتمبر أعلن الجيش الإسرائيلى سيطرته على بيروت الغربية، وفى منتصف النهار سمح لما يقرب من 150 مسلحا من حزب الكتائب بالدخول إلى مخيم شاتيلا من الجنوب والجنوب الغربى، وعندما دخل هؤلاء اتصل الجنرال درورى بـ«شارون»: قائلا: «أصدقاؤنا يتقدمون فى المخيمات، بعدما رتبنا لهم دخولهم»، رد شارون: «مبروك عملية أصدقائنا موافق عليها».سعاد المرعى، الناجية من المذبحة، وصاحبة الدعوى القضائية أمام القضاء البلجيكى ضد «شارون» وقت أن كان رئيسا للوزراء، تتذكر هول ومأساة ما حدث لجريدة «الشرق الأوسط - لندن - 24 يونيو 2001: «بدأت القصة معى فى 16 سبتمبر، عندما كنت مع أخى ماهر، وكان عمرى 14 عاما، متجهة إلى أحد الملاجئ، فرأيت على الطريق جثثا ممدة، ودما ينزف منها وسمعنا أنينا ونحيبا وأصواتا تقول: ذبحونا وقتلونا واغتصبوا البنات، وتتوسل الأصوات الجميع بالهرب من البيوت لأنهم سيعودون ويقتلون جميع من فى المخيم، فى اليوم التالى سمعنا باب بيتنا يطرق، فقال أبى: من الطارق؟ أجابوا: نحن إسرائيليون نريد أن نفتش البيت، رأينا عند فتح الباب 13 مسلحا دخل بعضهم وطوق البعض الآخر البيت، وبعد أخذ ورد أمرونا بالدخول إلى إحدى الغرف، وأن ندير وجوهنا إلى الحائط، وألا نلتفت إلى الخلف، وعندما رفعت أختى الصغرى «سنة ونصف السنة» يديها طالبة من أمى أن تحملها، بدأوا بإطلاق النار علينا، فأصيبت أختى برصاصة فى رأسها، وأصيب أبى فى صدره لكنه لم يمت، أما إخوتى شادى 3 سنوات، وفريد 8 سنوات، وبسام 11 سنة، وهاجر 7 سنوات، وشادية سنة ونصف، وكذلك جارتنا التى كانت معنا فى البيت فقد فارقوا الحياة، أختى نهاد 16 سنة وأمى أصيبتا إصابات غير قاتلة، ولم ينج سوى أخى ماهر 12 سنة، وإسماعيل 9 سنوات لأنهم اختبأوا، أما أنا فقد أصبت بالشلل فورا، ولم أعد قادرة على الحركة، وفى اليوم التالى فى الساعة العاشرة صباحا عاد ثلاثة مسلحين ممن أبادوا أسرتى، وأخذوا الأموال التى نسوها بالأمس فى البيت، وشاهدونى أتحرك وأحاول الاقتراب من والدى الذى ما زال على قيد الحياة، فاغتصبونى الواحد تلو الآخر».
تؤكد «الحوت»: «الحد الأدنى للضحايا هو 3500 ضحية، وليس بين 800 و900 كما ذهب تقرير لجنة كاهان، التى شكلتها إسرائيل للتحقيق فى المذبحة».
...................................................
سعيد الشحات_اليوم السابع
www.facebook.com
تحول ليل «صبرا وشاتيلا» إلى نهار نتيجة الإنارة الإسرائيلية المتواصلة بالمدفعية والطائرات، كما تحول مخيمها وأحياؤها الشعبية إلى جزيرة مستباحة لميليشيات القوات اللبنانية، وغيرها من الأحزاب والميليشيات المؤازرة لها، وأحاط بهذه «الجزيرة» جيش الدفاع الإسرائيلى، غير أن عناصر هذا الجيش تصرفت وكأنها أشبه بعناصر فرقة مسرحية، تقوم بتنفيذ التعليمات التى تتلقاها صراحة أو ضمنا من المخرج أرييل شارون، وزير الدفاع ومساعده رفائيل إيتان، وملخص التعليمات أن عليها أن تحيط بمسرح شاتيلا، من كل جانب وكل منفذ، وعلى سطوح كل بناء مرتفع، وأنه مهما حصل، فهى لا يجدر بها أن ترى، أو تسمع أو تشهد.
هكذا تلخص الكاتبة اللبنانية، الدكتورة بيان نويهض الحوت، بدايات مأساة مجزرة صبرا و شاتيلا، فى مقال لها بعنوان «صبرا وشاتيلا بعد خمسة وعشرين عاما»، المنشور فى جريدة «السفير» بيروت - 12 سبتمبر 2007.
عايشت «الحوت» المأساة فترة طويلة، كان حصيلتها كتابها «صبرا وشاتيلا.. أيلول 1982»، الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وتذكر فيه: «كانت ساعة البداية مع غروب يوم الخميس 16 سبتمبر، مثل هذا اليوم، عام 1882، وكانت النهاية فى الساعة الواحدة عز ظهيرة يوم السبت الثامن عشر، وبلغة الساعات، فالمجزرة امتدت ثلاثا وأربعين ساعة متواصلة»، تؤكد «الحوت» أن «هذه المجزرة ليست واحدة من أبشع مجازر القرن العشرين فحسب، وليست مجرد رقم على لائحة المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والعرب، سرها فى أنها مأساة لم يسدل الستار عليها بعد، وهو لن يسدل ما دام الأحياء من أبنائها يعيشون كوابيسها».
كانت المجزرة عنوانا كبيرا للعجز العربى أمام غزو إسرائيل للبنان فى 6 يونيو 1982، وفى يوميات الغزو المرتبطة بالمذبحة: «حلقت طائرات سلاح الجو الإسرائيلى على ارتفاعات منخفضة فى سماء بيروت الغربية، وأعلنت إسرائيل دخولها المنطقة وإحكام السيطرة عليها، ومن التاسعة صباحا تواجد شارون لإدارة العملية، وكان متمركزا فى المنطقة العسكرية فى الطابق السادس من عمارة مطلة على مخيمى صبرا وشاتيلا، وعند منتصف النهار كان المخيمان محاصرين تماما من القوات الإسرائيلية، التى وضعت الحواجز لمراقبة كل من يدخل ويخرج، وفى 16 سبتمبر أعلن الجيش الإسرائيلى سيطرته على بيروت الغربية، وفى منتصف النهار سمح لما يقرب من 150 مسلحا من حزب الكتائب بالدخول إلى مخيم شاتيلا من الجنوب والجنوب الغربى، وعندما دخل هؤلاء اتصل الجنرال درورى بـ«شارون»: قائلا: «أصدقاؤنا يتقدمون فى المخيمات، بعدما رتبنا لهم دخولهم»، رد شارون: «مبروك عملية أصدقائنا موافق عليها».سعاد المرعى، الناجية من المذبحة، وصاحبة الدعوى القضائية أمام القضاء البلجيكى ضد «شارون» وقت أن كان رئيسا للوزراء، تتذكر هول ومأساة ما حدث لجريدة «الشرق الأوسط - لندن - 24 يونيو 2001: «بدأت القصة معى فى 16 سبتمبر، عندما كنت مع أخى ماهر، وكان عمرى 14 عاما، متجهة إلى أحد الملاجئ، فرأيت على الطريق جثثا ممدة، ودما ينزف منها وسمعنا أنينا ونحيبا وأصواتا تقول: ذبحونا وقتلونا واغتصبوا البنات، وتتوسل الأصوات الجميع بالهرب من البيوت لأنهم سيعودون ويقتلون جميع من فى المخيم، فى اليوم التالى سمعنا باب بيتنا يطرق، فقال أبى: من الطارق؟ أجابوا: نحن إسرائيليون نريد أن نفتش البيت، رأينا عند فتح الباب 13 مسلحا دخل بعضهم وطوق البعض الآخر البيت، وبعد أخذ ورد أمرونا بالدخول إلى إحدى الغرف، وأن ندير وجوهنا إلى الحائط، وألا نلتفت إلى الخلف، وعندما رفعت أختى الصغرى «سنة ونصف السنة» يديها طالبة من أمى أن تحملها، بدأوا بإطلاق النار علينا، فأصيبت أختى برصاصة فى رأسها، وأصيب أبى فى صدره لكنه لم يمت، أما إخوتى شادى 3 سنوات، وفريد 8 سنوات، وبسام 11 سنة، وهاجر 7 سنوات، وشادية سنة ونصف، وكذلك جارتنا التى كانت معنا فى البيت فقد فارقوا الحياة، أختى نهاد 16 سنة وأمى أصيبتا إصابات غير قاتلة، ولم ينج سوى أخى ماهر 12 سنة، وإسماعيل 9 سنوات لأنهم اختبأوا، أما أنا فقد أصبت بالشلل فورا، ولم أعد قادرة على الحركة، وفى اليوم التالى فى الساعة العاشرة صباحا عاد ثلاثة مسلحين ممن أبادوا أسرتى، وأخذوا الأموال التى نسوها بالأمس فى البيت، وشاهدونى أتحرك وأحاول الاقتراب من والدى الذى ما زال على قيد الحياة، فاغتصبونى الواحد تلو الآخر».
تؤكد «الحوت»: «الحد الأدنى للضحايا هو 3500 ضحية، وليس بين 800 و900 كما ذهب تقرير لجنة كاهان، التى شكلتها إسرائيل للتحقيق فى المذبحة».
...................................................
سعيد الشحات_اليوم السابع
ذات يوم
ذات يوم. 10,410 likes · 6,325 talking about this. إبحار في يوميات التاريخ بسهولة السرد، وتكثيف في العرض