عقل الإنسان بكل قدراته وملكاته واستعداداته واستيعاباته لَأكبر دليلٍ على عظمة الله وقدرته، ولا شك أن عقل الإنسان بقدرته على التفكير إنما يكون له قدرٌ هائل على إنتاج الجديد من الفكر الذي ينتج عنه كل تطور بشرى وذلك منذ بداية الخلق الأول ( إنسان ماقبل التاريخ) ، إن التطور الفكري الذي أنتج هذا التقدم العلمي والتقني والأدبي والإجتماعي لايُشكل إلا النزر اليسير من إنتاج العقل البشري المُفكر، حيث أن الله سبحانه وتعالى أوضح ذلك في قوله تعالى ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) سورة الإسراء... والآية الكريمة من الآيات التي لايحدها زمانٌ البته ولا تستقر في مكان حيث أنها تُعبر عن قصور العقل في وقت إنتاجه للفكر المُطوِّر والمنتج من الإنسان نفسه في زمنه الآني وليس القادم، إذ لابد أن ستأتي عقولٌ تكون أكثر قدرة على التطوير وإنتاج الجديد من العلوم والمعارف... إننا مع عظيم الأسف لانلحظ ذلك ولانلحظ حاجاتنا إلى مثل هذه العقول التي قدمت لنا مانحن فيه.... إنني أظن سبب ذلك وقوف عقول غير قادرة على الإنتاج بأي من أفرعه أمام العقول المنتجة خوفاً من سقوطها وتلاشيها أمام هذا الكم المتطور.... إن ذلك أحدث صراعاً بين عقلٍ منتج وعقل خامل وذلك منذ بداية اكتشاف العلوم والمعارف وإنتاجها ابتداءً من الآلات المتحركة إلى غيرها، حيث قامت حروب وصراعات فكرية عنيفة... هذا الصراع مع الأسف بدأه الذين لايحسنون استخدام عقولهم لا بإنتاج فكري ولا بمعرفي ولاغير ذلك ومع عظيم الأسف أن من قاد الصراع ضد العقل المنتج هم المتدينون في كل الديانات وبالذات المسيحيين وكذلك المسلمين.... إن أول صراع بين المسلمين حدث بين مدرسة عبدالله بن العباس وبين مدرسة عبدالله بن عمر حيث امتد إلى مابعد ذلك في نهاية القرن الثاني بين الأشاعرة والمعتزلة.... هاتان المدرستان مازالتا في صراع عنيف وباسمين مختلفين، إذ يحدث الآن بين مدرسة التجديد والمعاصرة وبين المدرسة التراثية.... حيث مازال بعض رجال الدين من جميع المذاهب يشنون حملات مسعورة ضد كل فكر يخالفهم حيث مازالوا يُصدرون فتاوى أحكامٍ بالردة وهي أعلى مراتب فتاواهم التي يستبيحون بها دماء مخالفيهم ليُقتلوا على أثرها وذلك كما حصل من علماء الأزهر بتأييد من الشيخ محمد الغزالي و يوسف القرضاوي ضد الكاتب فرج فوده رحمه الله... إن تقدم العقل البشري يُشكل هاجساً يضني ويقض مضاجع المتدينين المتزمتين المتنطعين، وسبب ذلك كله في عدم قدرة عقولهم على التفكير في السنن الكونية التي من ضمنها التطور البشري المتحرك بسرعة البرق، إن المتزمتين مازالوا يعيشون في زمن ماقبل التاريخ وقبل تأنسن الإنسان وبداية إطلاق قدراته العقلية حسب حاجياته اللحظية ثم المستقبليه، إن عقول المتنطعين المتزمتين مازالت تفكر بنمط لايسمح لها بالتأمل الحقيقي حتى في الكون ولا بتحليل ولابتفكيك كلَّ مايتصل بالعلاقة بين الخالق والمخلوق ولا حتى في الرسالات السماوية للوصول إلى أهدافها السامية التي أهمها إعمار الكون من أجل ديمومته ومن أجل خلق السلم والسلام في النفس البشرية لتسود العالم كلِّه ولكي تتجلى عظمة الخالق في تكوين العقل البشري.... إن سبب تخلفنا هو وقوفنا على تراث بشرى قابل للخطأ أو الصواب صدر من أناس لهم مالنا وعليهم ما علينا يرتكبون الخطأ ويمارسون الخطيئة إلا أننا رأينا فيهم القداسة والطهارة والنزاهة واعتقدنا انهم أعلم العلماء وأفقه الفقهاء قولهم الحق إذا لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم... كل ذلك صوره لنا ورثتهم حماة الهيكل وسدنة الروضات والمعممون الذين وجدوا مصالحهم تنموا وسط تعميم الجهل وزيادة الجهلة الذين ينظرون لهم على أنهم المنقذون من غضب الله وبطشه، إن تعمية العقل وطوال قرون كان دأباً لهؤلاء الذين استمرؤا التخلف الذي صنع المتخلفين الذين ارتقوا بهم إلى السماء السابعة ورأوا أنفسهم محدقين بعرش الرحمن، ولذلك فُهمت أحكام الله عبر رؤيتهم وتأويلاتهم على رغم معرفة كبارهم بحلال الله الصريح وحرامه في كثير من الآيات الشريفة، وهم كذلك خالفوا القاعدة الدينية في التوسع في الحرام سواء بالتحوط أو بالظن حتى كادوا أن يحرموا ما أحل الله من الطيبات..
عبدالله محمد بوخمسين في ٢٠٢١/٩/١٦
عبدالله محمد بوخمسين في ٢٠٢١/٩/١٦