بلغ عبدالعال باشا حلمى، ثالث قيادات الثورة العرابية، خبر هزيمة الإنجليز لأحمد عرابى فى التل الكبير، يوم 13 سبتمبر 1882، والزحف إلى القاهرة لاحتلالها، لكنه رفض التسليم.. كان قومندان دمياط ومحافظها، وحسب عرابى فى مذكراته: «حاول أن يحمل الأهالى على الاعتقاد بأن عرابى باشا لم يزل بجيشه ثابتا أمام قوة الإنجليز وأنه لابد من القتال والدفاع عن الوطن إلى الفناء، وأخذ فى الاستعداد إلى 21 سبتمبر 1882».
ولد عبدالعال حلمى فى قرية «أبو مشهور» مركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، وكانت تتبع محافظة الغربية، وكان ممن رافقوا عرابى يوم 27 مايو 1882 مع محمد عبيد وعلى باشا فهمى وغيرهم من الضباط إلى منزل سلطان باشا رئيس مجلس النواب، الذى كان وقتها مؤيدا للثورة قبل أن ينقلب عليها ويخونها.
يذكر عرابى: «لما وصلنا إلى المنزل المذكور وجدناه غاصا بأعضاء مجلس النواب، ومعهم قاضى قضاة مصر الشيخ عبدالرحمن أفندى نافذ، والشيخ عبدالهادى الإبيارى إمام المعية، وتم الاتفاق على ملازمة الراحة والسكون، وأن يطلب من الخديو أن يأمر برجوعى إلى نظارة الجهادية والبحرية، أو يعزل عزلا».
لم يغادره الحلم الذى قامت من أجله الثورة وهو «مصر للمصريين» وكان ثالث قيادتها بعد «عرابى» و«على باشا فهمى»، حسبما يذكر الكاتب الصحفى صلاح عيسى، فى كتابه «الثورة العرابية»، مضيفا: «الوحيد الذى لم ييأس حتى النهاية، فظل بقلبه ينبض بالثورة حتى بعد سقوط القاهرة ومن موقعه فى دمياط أخذ يحشد الفلاحين، وتوافد عشرات الألوف من معذبى الأرض يعلنون استعدادهم للقتال، وحكومة الاحتلال تهدد بأن تجعلها مذبحة يشنق على رأسها عبدالعال نفسه، لكن كبار الآمال تخنقها الهزيمة السريعة المريرة».
يذكر «داود بركات» فى كتابه «الثورة العرابية بعد خمسين عاما، رؤية الأهرام»، أنه بعد أن استلم الإنجليز قلاع رشيد وأبوقير، ثم حامية طابية الجميل بين دمياط وبورسعيد، ولم يتبق إلا حامية دمياط بقيادة عبدالعال حلمى الذى صمم على المقاومة والقتال، وأخذ يحفر الخنادق ويقيم المتاريس، ولكن وصل إلى عسكره خبر استسلام عرابى وحاميات البلاد كلها، ففترت عزائمهم، وأخذ جماعات منهم بالفرار، وسار الجنرال «وود» بفرقة من الجيش الإنجليزى إلى دمياط فلما وصلوا إلى السنانية أرسل قائدهم إلى عبدالعال ليسلم، فلم يشأ أن يسلم، ولما رأى أن عسكره قد تشتت، وأن طابية الجميل سلمت فى 21 سبتمبر، للسفن الحربية التى وصلت إلى هناك فى 20 منه، ادعى المرض فعبر الجنرال «وود» النيل إليه، وأحاط بمنزله وأخذه وعبر به النيل إلى السنانية، ثم أرسلوه مخفورا إلى القاهرة، وسجنوه مع عرابى ورفاقه فى دار بجوار جامع أزيك».
وتؤكد الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «القوى الاجتماعية فى الثورة العرابية»، على أنه أصر على المقاومة حتى آخر نفس.. تذكر: «رفض عبدالعال حلمى الاستسلام، وأصر على المقاومة، وكان تحت قيادته ثلاثة آلاف من القوات، وترك دمياط، وتحصن فى قرية كفر البطيخ، وصمم على الحزم والتحصين وعدم اللين للعدو والمدافعة لآخر رمق».
خنقت هزيمة عرابى السريعة، أحلام وآمال عبدالعال حلمى الكبيرة، فاستسلم لما وجد الانهيار من حوله، ويذكر سليم النقاش فى الجزء السادس من كتابه «مصر للمصريين»، أنه بعد انقياد عبدالعال توارد الجند الذين كانوا بقيادته إلى طنطا لتسليم الأسلحة والذخائر فيها، وفى 20 سبتمبر 1882، ورد من مقدمة دمياط إلى شربين أربعة بلوكات من المشاة، وفى 22 سبتمبر وفد على طنطا نحو ثمانمائة رجل من المشاة ورجال المدافع مع اثنين وثلاثين ضابطا، وفى نفس اليوم «22 سبتمبر» وفد إلى شربين بمحافظة الدقهلية سبعمائة جندى من رجال عبدالعال بذخائرهم وأسلحتهم فساروا إلى طنطا فاستقبلهم مدير الغربية استقبال المسلم على المستلم ثم تلاهم قدوم ثلاثمائة رجل إليها «أى إلى طنطا»، وحتى 24 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1882 لم يبق فى دمياط إلا النزر اليسير من الجنود.
بكى «ياوره» المخلص «يوسف أبودية» الذى اتهموه بتدبير فتنة طنطا، حسبما يذكر صلاح عيسى، مضيفا: «أعدموه، وتحت المشنقة سأله إبراهيم أدهم المجرم الحقيقى ومدير فتنة طنطا: «هل تريد شيئا نحضره لك قبل القضاء عليك؟.. قال: «أريد لمصر الاستقلال الذى كان معقد الآمال.. أى شىء يرضينى وقد قطعتم آمالنا.. لكن اليوم لكم وغدا لنا».
قضت المحكمة بنفيه مع عرابى إلى سيلان، وتوفى ودفن فيها يوم 19 أبريل 1891.. يبكيه عرابى قائلا: «توفى شهيد الوطنية والغربة عبدالعال حلمى ودفن فى قرافة «مردانة» ومن كراماته ماشاهدناه من اجتماع أسراب الطير فوق نعشه تسير بسير الجنازة حتى واريناه التراب».
.......................................................
سعيد الشحات_اليوم السابع
www.facebook.com
ولد عبدالعال حلمى فى قرية «أبو مشهور» مركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، وكانت تتبع محافظة الغربية، وكان ممن رافقوا عرابى يوم 27 مايو 1882 مع محمد عبيد وعلى باشا فهمى وغيرهم من الضباط إلى منزل سلطان باشا رئيس مجلس النواب، الذى كان وقتها مؤيدا للثورة قبل أن ينقلب عليها ويخونها.
يذكر عرابى: «لما وصلنا إلى المنزل المذكور وجدناه غاصا بأعضاء مجلس النواب، ومعهم قاضى قضاة مصر الشيخ عبدالرحمن أفندى نافذ، والشيخ عبدالهادى الإبيارى إمام المعية، وتم الاتفاق على ملازمة الراحة والسكون، وأن يطلب من الخديو أن يأمر برجوعى إلى نظارة الجهادية والبحرية، أو يعزل عزلا».
لم يغادره الحلم الذى قامت من أجله الثورة وهو «مصر للمصريين» وكان ثالث قيادتها بعد «عرابى» و«على باشا فهمى»، حسبما يذكر الكاتب الصحفى صلاح عيسى، فى كتابه «الثورة العرابية»، مضيفا: «الوحيد الذى لم ييأس حتى النهاية، فظل بقلبه ينبض بالثورة حتى بعد سقوط القاهرة ومن موقعه فى دمياط أخذ يحشد الفلاحين، وتوافد عشرات الألوف من معذبى الأرض يعلنون استعدادهم للقتال، وحكومة الاحتلال تهدد بأن تجعلها مذبحة يشنق على رأسها عبدالعال نفسه، لكن كبار الآمال تخنقها الهزيمة السريعة المريرة».
يذكر «داود بركات» فى كتابه «الثورة العرابية بعد خمسين عاما، رؤية الأهرام»، أنه بعد أن استلم الإنجليز قلاع رشيد وأبوقير، ثم حامية طابية الجميل بين دمياط وبورسعيد، ولم يتبق إلا حامية دمياط بقيادة عبدالعال حلمى الذى صمم على المقاومة والقتال، وأخذ يحفر الخنادق ويقيم المتاريس، ولكن وصل إلى عسكره خبر استسلام عرابى وحاميات البلاد كلها، ففترت عزائمهم، وأخذ جماعات منهم بالفرار، وسار الجنرال «وود» بفرقة من الجيش الإنجليزى إلى دمياط فلما وصلوا إلى السنانية أرسل قائدهم إلى عبدالعال ليسلم، فلم يشأ أن يسلم، ولما رأى أن عسكره قد تشتت، وأن طابية الجميل سلمت فى 21 سبتمبر، للسفن الحربية التى وصلت إلى هناك فى 20 منه، ادعى المرض فعبر الجنرال «وود» النيل إليه، وأحاط بمنزله وأخذه وعبر به النيل إلى السنانية، ثم أرسلوه مخفورا إلى القاهرة، وسجنوه مع عرابى ورفاقه فى دار بجوار جامع أزيك».
وتؤكد الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «القوى الاجتماعية فى الثورة العرابية»، على أنه أصر على المقاومة حتى آخر نفس.. تذكر: «رفض عبدالعال حلمى الاستسلام، وأصر على المقاومة، وكان تحت قيادته ثلاثة آلاف من القوات، وترك دمياط، وتحصن فى قرية كفر البطيخ، وصمم على الحزم والتحصين وعدم اللين للعدو والمدافعة لآخر رمق».
خنقت هزيمة عرابى السريعة، أحلام وآمال عبدالعال حلمى الكبيرة، فاستسلم لما وجد الانهيار من حوله، ويذكر سليم النقاش فى الجزء السادس من كتابه «مصر للمصريين»، أنه بعد انقياد عبدالعال توارد الجند الذين كانوا بقيادته إلى طنطا لتسليم الأسلحة والذخائر فيها، وفى 20 سبتمبر 1882، ورد من مقدمة دمياط إلى شربين أربعة بلوكات من المشاة، وفى 22 سبتمبر وفد على طنطا نحو ثمانمائة رجل من المشاة ورجال المدافع مع اثنين وثلاثين ضابطا، وفى نفس اليوم «22 سبتمبر» وفد إلى شربين بمحافظة الدقهلية سبعمائة جندى من رجال عبدالعال بذخائرهم وأسلحتهم فساروا إلى طنطا فاستقبلهم مدير الغربية استقبال المسلم على المستلم ثم تلاهم قدوم ثلاثمائة رجل إليها «أى إلى طنطا»، وحتى 24 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1882 لم يبق فى دمياط إلا النزر اليسير من الجنود.
بكى «ياوره» المخلص «يوسف أبودية» الذى اتهموه بتدبير فتنة طنطا، حسبما يذكر صلاح عيسى، مضيفا: «أعدموه، وتحت المشنقة سأله إبراهيم أدهم المجرم الحقيقى ومدير فتنة طنطا: «هل تريد شيئا نحضره لك قبل القضاء عليك؟.. قال: «أريد لمصر الاستقلال الذى كان معقد الآمال.. أى شىء يرضينى وقد قطعتم آمالنا.. لكن اليوم لكم وغدا لنا».
قضت المحكمة بنفيه مع عرابى إلى سيلان، وتوفى ودفن فيها يوم 19 أبريل 1891.. يبكيه عرابى قائلا: «توفى شهيد الوطنية والغربة عبدالعال حلمى ودفن فى قرافة «مردانة» ومن كراماته ماشاهدناه من اجتماع أسراب الطير فوق نعشه تسير بسير الجنازة حتى واريناه التراب».
.......................................................
سعيد الشحات_اليوم السابع
ذات يوم
ذات يوم. 10,410 likes · 6,325 talking about this. إبحار في يوميات التاريخ بسهولة السرد، وتكثيف في العرض