إيمان فجر السيد
ﺯﻭﺑﻌﺔ
ﻭﻗﻒَ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﻓﻲ ﻣﻬﺐِّ ﺍﻟﺮِّﻳﺢ.
ﻟﻮّﺡَ ﺑﻘﺒّﻌﺘﻪ، ﻋﺮﻓﺘُﻪ !
ﺻﺮﺧﺖُ : ﻋﺎﺩَ ﺍﻟﺼَّﺪﻯ ﺷﺎحباً بعد أنْ ارتطمَ بلسان عرّافة.
**
فاذا اتفقنا على أن النص القصصي القصير جداً يجب أن يتمتّع كقصة أولا بالحدث والشخصية، ثم بالتكثيف، فان ذلك سيكون مدخلاً لمتابعة قراءة أي نص، وهذه العناصر تتطلّب وجود حدث واضح، مكملاً بأفعالا تحدِّد سماته، وبوجود شخصية محددة أو أكثر، وغالبا ما تكون الشخصية الثانية السارد نفسه، على تتطور الشخصية الأساسية بفعلها إلى مستوى من الحركية والحدثية، ومن هذه الرُّؤية يمكننا الدخول إلى نص زوبعة للكاتبة :
إيمان السيد
فزوبعة: لها مدلولات كثيرة لكنها هنا لا تحدد الحثّ بذاته، وسأحاول الدخول باختصار إلى بنيته السرديّة دون التعمّق في الدّلالات التي نتركها لتفسيرات المتلقّي، فالتحرّك ضمن النص أتى حكائياً عندما بدأت بفعل وقف، فهناك شخصية تقف بين الجموع، ثم تقوم بفعل التلويح كحدثٍ تتابعيّ، دون صخبٍ حركيٍّ شديد، إنّما بحركة سرديّة منطقية.
التلويح يأتي عادةً لعدة أسباب، ومنها إمّا أن يكون لاستقبال أحد ما، أو لتوديعِ أحدٍ ما، أو للدلالة على وجود الشخص نفسه، وبالتّالي فان التلويح بالقبعة علامة على أن يتعرّف الشخص الآخر عليه، أو لتوديعه، ولماذا القبعة؟ لأنّ الجموع كبيرة وبالتالي يمكنها أن تكون علامة ليسهل على الشخصية الثانية التعرّف عليه، إذاً بعد التلويح بالقبعة نجد أنَّ الشخصية الثانية (السارد) تعرّفت على الشخصية الأساسية، وهنا يأتي مفعول فعل صرخت، فالصراخ يدل على حدث الفَقد ربّما، لأنّ الموكب تابع إلى جهته المختلفة عن مقصد السارد كشخصية ثانية، فهي عرفت كجواب للأحداث السابقة، أنَّ الذي تبحث عنه قد يكون غادر أو اُقتيد مثلاً رغماً عنه إلى جهةٍ ما، والصدى الذي عاد، كان نتيجة تنبّؤاتها الشخصيّة سابقاً بأنَّ حدثاً سيّئاً سيحدث، أو ربَّما العرافة هي التي تنبأت بالحدث، كما نرى حركية النص من خلال فعل التحوّل من السكون إلى الحركة الديناميكية التفاعلية، والتي تجلّت بالفعل صرخت، كردة فعلٍ حركية، وكواقعٍ سرديٍ مضمّر ناتج عن تفاعل مع عملية التلويح، بفهمٍ مُضمر لها كحالة فَقْدٍ مثلاً، أدّى إلى حالةٍ حركيّةٍ أخرى
ديناميكية غير محسوسة رؤيوياً، وهي (عاد الصدى)
ما أراه جميلاً في النص أيضاً الجانب التخيّلي المتمثّل في فعل (عاد الصدى)، فالعودة للظاهرة والانسان والحيوان، والعودة تتجلّى في كثيرٍ من المعاني، لكن الصدى يرتدُّ عادةً، إنّما العودة هي من قبيل إعطائه فعل منتظَر ومتنبَّأً به ربّما.. كما أنَّ المشهدية في النص كصورة قصصية واضحة، تتجلى في الوقوف بين الجموع، ثمّ بالتلويح بالقبعة كعلامة تأويلية مهمّة على فعل مضمر آخر..
(رحيل قسري او بإرادة ربما)
ثم الصراخ كردة فعل جوابية على السببية السابقة، لنستنتج أنّ : الشخصية الثانية المتمثلة بالسارد هنا، كان قد تلقّى تنبؤ بهذه الواقعة ربّما، أو كان هو الذي تنبّأ.
وهكذا نرى أن النصوص التي تعطي قدرة تأويلية متعددة، هي نصوصٌ حيّةٌ ....
تنمو باستمرار وتزهر في بيئات متعددّة، وأعتقد أن هذا النص بدا بشكل تأويلي إيحائي، فالوقوف بين الجموع والتلويح بالقبعة، خلق حالة من التّأويلات، للحدث الأول هل هي رجوع للإحتفال أم للهجرة؟ أم للسَوق إلى مقصلة التغييب القسري أو التعذيب مثلاً!
كل ذلك يقودنا إلى اعتبار النص (ققج) بتكثيفٍ عالٍ، مع بعض الملاحظات التي ذكرتها المتمثلة بكلمة (شاحب) الزائدة بنظرنا، وبأن القفلة ربما لو كانت بصياغة أخرى لأعطت قوة أكبر، لكنها أيضاً هنا كملت فكرة النص ولم تخرج عن هدفها، ولو أن الكاتبة وضعت نقطتيّ ترقّب بدل الفاصلة بعد كلمة شاحب، لزادت النص تشويقاً.
النص كما نرى يحتوي على عناصر القص الأساسية (الحدث والشخصية، والتكثيف، والوحدة)، والعناصر المهمة الأخرى المتمثلة بالإيحاء المرمز والاضمار والمفارقة، كل ذلك حقق للنص أجناسيته المنشودة.. طبعاً لم أتطرق هنا إلى تأويلات النص التي نتركها للمتلقي منعاً للإطالة ولأنها ليست موضوع المنشور.
كل ذلك يبقى رأي نقدي، ونحترم كل الآراء والمداخلات، والتي لا تفسد للود قضية، وبالنسبة إلى الراي القائل بان اللجنة تتبع مسار معين في التقييم (الرمزية) فهذا الموضوع تحدثنا فيه سابقاً. وبالنسبة لي اعتبر كلّ نص لا يحقّق بعض الإيحاء أو الرمزية، فهو خبري ويصلح ربما للخبر والتحقيق، فالأفكار المهمة لا تخلق نصوصا مهمة، لأنه بذلك لكانت المقالة قصة مهمة مثلاً، ومن هنا أقول :
= بأننا لا نهتم بالشاعرية على حساب التيمة أبداً، فالشاعرية المفرطة تُذهب بالنص كما ذكر الزملاء، بل إنّ الاستفادة من الشعرية بتقنية سردية تضفي على النص (قيمة جمالية) وهكذا عندما تتضافر التيمة مع التكثيف مع التقنية السردية الجميلة، يخلق النص الجميل، وهنا، اذا رأى أحد غير ذلك فهذه رؤيته ووجهة نظره التي نحترمها.
ﺯﻭﺑﻌﺔ
ﻭﻗﻒَ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﻉ ﻓﻲ ﻣﻬﺐِّ ﺍﻟﺮِّﻳﺢ.
ﻟﻮّﺡَ ﺑﻘﺒّﻌﺘﻪ، ﻋﺮﻓﺘُﻪ !
ﺻﺮﺧﺖُ : ﻋﺎﺩَ ﺍﻟﺼَّﺪﻯ ﺷﺎحباً بعد أنْ ارتطمَ بلسان عرّافة.
**
فاذا اتفقنا على أن النص القصصي القصير جداً يجب أن يتمتّع كقصة أولا بالحدث والشخصية، ثم بالتكثيف، فان ذلك سيكون مدخلاً لمتابعة قراءة أي نص، وهذه العناصر تتطلّب وجود حدث واضح، مكملاً بأفعالا تحدِّد سماته، وبوجود شخصية محددة أو أكثر، وغالبا ما تكون الشخصية الثانية السارد نفسه، على تتطور الشخصية الأساسية بفعلها إلى مستوى من الحركية والحدثية، ومن هذه الرُّؤية يمكننا الدخول إلى نص زوبعة للكاتبة :
إيمان السيد
فزوبعة: لها مدلولات كثيرة لكنها هنا لا تحدد الحثّ بذاته، وسأحاول الدخول باختصار إلى بنيته السرديّة دون التعمّق في الدّلالات التي نتركها لتفسيرات المتلقّي، فالتحرّك ضمن النص أتى حكائياً عندما بدأت بفعل وقف، فهناك شخصية تقف بين الجموع، ثم تقوم بفعل التلويح كحدثٍ تتابعيّ، دون صخبٍ حركيٍّ شديد، إنّما بحركة سرديّة منطقية.
التلويح يأتي عادةً لعدة أسباب، ومنها إمّا أن يكون لاستقبال أحد ما، أو لتوديعِ أحدٍ ما، أو للدلالة على وجود الشخص نفسه، وبالتّالي فان التلويح بالقبعة علامة على أن يتعرّف الشخص الآخر عليه، أو لتوديعه، ولماذا القبعة؟ لأنّ الجموع كبيرة وبالتالي يمكنها أن تكون علامة ليسهل على الشخصية الثانية التعرّف عليه، إذاً بعد التلويح بالقبعة نجد أنَّ الشخصية الثانية (السارد) تعرّفت على الشخصية الأساسية، وهنا يأتي مفعول فعل صرخت، فالصراخ يدل على حدث الفَقد ربّما، لأنّ الموكب تابع إلى جهته المختلفة عن مقصد السارد كشخصية ثانية، فهي عرفت كجواب للأحداث السابقة، أنَّ الذي تبحث عنه قد يكون غادر أو اُقتيد مثلاً رغماً عنه إلى جهةٍ ما، والصدى الذي عاد، كان نتيجة تنبّؤاتها الشخصيّة سابقاً بأنَّ حدثاً سيّئاً سيحدث، أو ربَّما العرافة هي التي تنبأت بالحدث، كما نرى حركية النص من خلال فعل التحوّل من السكون إلى الحركة الديناميكية التفاعلية، والتي تجلّت بالفعل صرخت، كردة فعلٍ حركية، وكواقعٍ سرديٍ مضمّر ناتج عن تفاعل مع عملية التلويح، بفهمٍ مُضمر لها كحالة فَقْدٍ مثلاً، أدّى إلى حالةٍ حركيّةٍ أخرى
ديناميكية غير محسوسة رؤيوياً، وهي (عاد الصدى)
ما أراه جميلاً في النص أيضاً الجانب التخيّلي المتمثّل في فعل (عاد الصدى)، فالعودة للظاهرة والانسان والحيوان، والعودة تتجلّى في كثيرٍ من المعاني، لكن الصدى يرتدُّ عادةً، إنّما العودة هي من قبيل إعطائه فعل منتظَر ومتنبَّأً به ربّما.. كما أنَّ المشهدية في النص كصورة قصصية واضحة، تتجلى في الوقوف بين الجموع، ثمّ بالتلويح بالقبعة كعلامة تأويلية مهمّة على فعل مضمر آخر..
(رحيل قسري او بإرادة ربما)
ثم الصراخ كردة فعل جوابية على السببية السابقة، لنستنتج أنّ : الشخصية الثانية المتمثلة بالسارد هنا، كان قد تلقّى تنبؤ بهذه الواقعة ربّما، أو كان هو الذي تنبّأ.
وهكذا نرى أن النصوص التي تعطي قدرة تأويلية متعددة، هي نصوصٌ حيّةٌ ....
تنمو باستمرار وتزهر في بيئات متعددّة، وأعتقد أن هذا النص بدا بشكل تأويلي إيحائي، فالوقوف بين الجموع والتلويح بالقبعة، خلق حالة من التّأويلات، للحدث الأول هل هي رجوع للإحتفال أم للهجرة؟ أم للسَوق إلى مقصلة التغييب القسري أو التعذيب مثلاً!
كل ذلك يقودنا إلى اعتبار النص (ققج) بتكثيفٍ عالٍ، مع بعض الملاحظات التي ذكرتها المتمثلة بكلمة (شاحب) الزائدة بنظرنا، وبأن القفلة ربما لو كانت بصياغة أخرى لأعطت قوة أكبر، لكنها أيضاً هنا كملت فكرة النص ولم تخرج عن هدفها، ولو أن الكاتبة وضعت نقطتيّ ترقّب بدل الفاصلة بعد كلمة شاحب، لزادت النص تشويقاً.
النص كما نرى يحتوي على عناصر القص الأساسية (الحدث والشخصية، والتكثيف، والوحدة)، والعناصر المهمة الأخرى المتمثلة بالإيحاء المرمز والاضمار والمفارقة، كل ذلك حقق للنص أجناسيته المنشودة.. طبعاً لم أتطرق هنا إلى تأويلات النص التي نتركها للمتلقي منعاً للإطالة ولأنها ليست موضوع المنشور.
كل ذلك يبقى رأي نقدي، ونحترم كل الآراء والمداخلات، والتي لا تفسد للود قضية، وبالنسبة إلى الراي القائل بان اللجنة تتبع مسار معين في التقييم (الرمزية) فهذا الموضوع تحدثنا فيه سابقاً. وبالنسبة لي اعتبر كلّ نص لا يحقّق بعض الإيحاء أو الرمزية، فهو خبري ويصلح ربما للخبر والتحقيق، فالأفكار المهمة لا تخلق نصوصا مهمة، لأنه بذلك لكانت المقالة قصة مهمة مثلاً، ومن هنا أقول :
= بأننا لا نهتم بالشاعرية على حساب التيمة أبداً، فالشاعرية المفرطة تُذهب بالنص كما ذكر الزملاء، بل إنّ الاستفادة من الشعرية بتقنية سردية تضفي على النص (قيمة جمالية) وهكذا عندما تتضافر التيمة مع التكثيف مع التقنية السردية الجميلة، يخلق النص الجميل، وهنا، اذا رأى أحد غير ذلك فهذه رؤيته ووجهة نظره التي نحترمها.