أ. د. لطفي منصور - مِنْ جَمالِ الْعَرَبِيَّةِ

شَيْءٌ مِنْ شِعْرِ حاتِمٍ الطّائِيِّ يَرُدُّ فِيهِ عَلَى امْرَأتِهِ بَعْدَ أَنْ لامَتْهُ عَلَى إنْفاقِ مالِهِ فُي الْكَرمِ:
الْمصْدرُ: كِتابُ "الْأَخْبارُ الْمُوَفَّقِيّاتُ" لِلزُّبَيْرِ ابْنِ بَكّارٍ (ت ٢٥٦هج): مِنْ بَحْرِ الطَّويل
- وَعاذِلَةٍ هَبَّتْ بِلَيْلٍ تَلومُنِي
وَقَدْ غابَ عَيُّوقُ الثُّرَيّا فَعَرَّدا
الواوُ واوُ رُبَّ، العاذِلَةُ: اللَّائِمَةُ وَيَعْنِي بِها امْرَأَتَهُ، وَجَعَلَ اللَّوْمَ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ. الْعَيُّوقُ: نَجْمٌ وَراءَ الثُّرَيّا لا يَتَقَدَّمُها، عَرَّدَ: غَرَّبَ مُسْرِعًا.
- تَلُومُ عَلَى إعْطائِيَ الْمَالَ ضِلَّةً
إذا ضَنَّ بِالْمالِ الْبَخِيلُ وَصَرَّدا
ضِلَّةً: يُعْطِي مَنْ يَعْرِفُهُ وَمَنْ لا يَعْرِفُهُ. في أخْبارِ الْمُتَنَبِّي أنَّهُ عِنْدَما قَفَلَ من عندِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ في أَرَجان، وَقَدْ أَجْزَلَ لَهُ الْعَطاءَ دَسَّ لَهُ مَنْ يَسْأَلُهُ أَيْنَ هذا الْعَطاءُ مِنْ عَطاءِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَأجابَ: هذا الْعَطاءُ أجْزَلُ وَلَكِنَّ سَيْفَ الدَّوْلَةِ كانَ يُعْطي طَبْعًا.
صَرَّدَ الْعَطاءَ: قَلَّلَهُ.
- تَقولُ: ألا أَمْسِكْ عَلَيْكَ فَإنَّنِي
أَرَى الْمالَ عِنْدَ الْمُمْسِكينَ مُعَبَّدا
تَقولُ: أيْ امرَأتُهُ، ألا: أداةُ تنبيه. مُعَبَّدا: محفوظًا.
- ذَرينِي وَمالِي إِنَّ مالَكِ وافِرٌ
وَكُلُّ امْرِئٍ جارٍ عَلَى ما تَعَوَّدا
كانَ حاتِمٌ يُكْرِمُ مِنْ مالِهِ لا مِنْ مالِ زَوْجِهِ. عَجُزُ الْبيتِ مَثَلٌ، ما: اسمٌ مَوْصولٌ لِغَيْرِ العاقِلِ. وَمِثْلُهُ قالَ المتنبِّي:
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْ دَهْرِهِ ما تَعَوَّدا
وعاداتُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ الطَّعْنُ في الْعِدا
- وَإلّا فَكُفِّي بَعْضَ لَوْمِكِ وَاجْعَلٍي
إلَى رَأْيِ مَنْ تَلْحِينَ رَأْيَكِ مُسْنِدا
بَعْضٌ هُنا بِمَعْنَى الْكُلِّ، أيِ اِجْعَلِي رَأَيَكِ سَنَدًا لِرَأْيِ مَنْ تلومينَ، تَلْحِينَ: تَلومينَ، مِنْ لَحا أيْ لامَ.
- أَلَمْ تَعْلَمِي أَنِّي إذا الضَّيْفُ نابَنِي
وَعَزَّ الْقِرَى أَقْرِي السَّدِيفَ الْمُسَرْهَدا
نابَني: حَضَرَني، القِرَى: طعامُ الضَّيْفِ، أَقْرِي: أُ طْعِمُ الضَّيْفَ، السَّديفُ: شَحْمُ سَنامِ الْجَمَلِ
وهوَ أَطْيَبُ لَحْمِهِ شِواءً، الْمُسَرْهدُ: الْمُقَطَّعُ لِلشِّواءِ، عَزَّ القِرَى: قَلَّ وَنَدُرَ. وهذا قِمَّةُ الْكَرَمِ.
- وَأَنِّي لِأَعْراضِ الْعَشيرَةِ حافِظٌ
وَحَقِّهِمُ حَتَّى أكونَ مُسَوَّدا
الْعِرْضُ عندَ الْعَرَبِ هُوَ كُلُّ ما تَجِبُ حِمايَتُهُ حتّى بِالدَّمِ. المُسَوَّدُ: السَّيِّدُ. وَكَذا هو حاتِمٌ
- يَقولونَ لي أهْلَكْتَ مالَكَ فَاقْتَصِدْ
وَما كُنْتُ لَولا ما يَقولونَ سَيِّدا
لَمْ أُصْبِحْ سَيِّدًا لَوْلا هُلْكُ مالِي.
- كُلُوا الْيَوْمَ مِنْ رِزْقِ الْعِبادِ وَأَبْشِروا
فَإنَّ عَلَى الرَّحْمَنِ رِزْقَكُمْ غَدًا
لَمْ يُدْرِكْ حاتِمٌ الإسلامَ. ولكنَّهُ كانَ يَعْتَرِفُ بالرَّحْمانِ كَرُهير بنِ أبي سُلْمَى، وكثيرٍ مِنْ شُعراءِ الجاهليّّةِ، وللزِّيادةَ والتَّوضيحِ يُنْظَرُ كِتابُ “شُعَراءُ النَّصْرانِيَّةِ” لِلِويس شيخو.
- سَأذْخُرُ مِنْ مالي دِلاصًا وَسابِحًا
وَأَسْمَرَ خَطِّيًّا وَعَضْبًا مُهَنَّدا
الدِّلاصُ: الدِّرْعُ اللَّيِّنَةُ الْلمَلْساء، السّابِحُ: الْجَوادُ السَّريعُ. الأسْمَرُ الْخَطِّيُّ: الرُّمْحُ الْمُصَنّعُ في الْخَطِّ وهي قَرْيَةٌ في الْبَحْرَيْنِ، الْعَضْبُ: السَّيْفُ القاطِعُ، الْمُهَنَّدُ: الْمُصَنَّعُ في الْهِنْدِ.
حاتِمٌ الطّائِيُّ لا يَجُودُ بِسلاحِهِ لِأحَدٍ، بلْ هو ذَخيرَةٌ لَهُ.
- فَذَلِكَ يَكْفينِي مِنَ الْمالِ كُلِّهِ
مَصُونًا إذا ما كانَ عِنْدِي مُتْلِدا
المُتْلِدُ والتّالِدُ والتَّليدُ: الْقَديم. والطارِفُ، والطَّريفُ والطِّرافُ: الْحَديثُ.
الْمَصُونُ: الْمُحافظُ عليْهِ.
- الشَّرْحُ وَضَبْطُ اللُّغَةِ وَالتَّعليقُ لكاتِبِ هذه السُّطور وَمِنْ حِفْظِهِ.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...