- لقاص حمدي معمار
(زبانية)
قابضاً على عنقِ سترته يشدُّه، تصحو، تراه يتخبَّط، تهزُّهُ مبسملةً، ينهضُ فَزِعاً، يفركُ عينيهِ، يمسحُ لحيتهُ و يزفرُ.. متنهّداً: يـُر..يد..ونَ قتـ..ـليي ..
لستُ .. الـر..ئيــ..س .. لستُ .. الـر..ئيـ..س…
*****
القراءة:النص ققج بامتياز
زَبانية مفرد زِبْنِيّ:
شُرَط حفَظة الأمن في البلاد وقع في أيدي الزّبانية ملائكة العذاب الغلاظ الشِّدادالموكَّلون بدفع أهل النار إليها{ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}
عنوان فيه من الإيحاء والترميز ما يرمي بنا على أعتاب التشويق والتحفيز
لمعرفة مرمى الكاتب منه ومقصده.
يبدأ الكاتب نصه بجملة حالية تصف مشهدية ذعر وهلع
قابضاً على عنق سترته يشدّه..تصحو/ من هو ذاك الشّخص الذي يعاقر النوم؟ فيعقر الخوف بطن حلمه ليحوّله إلى كابوس مُريع يضجّ بالفزع ويعيث بالجفون فساداً،ومن هي تلك التي تصحو؟أهي أمّ الميت، زوجته، ابنته، أخته؟
وأقول هنا ميّت لأنّ النائم كالميّت تماماً ولعلّ نائمنا مات ضميره قبله فأتته ملائكة العذاب لتقتصّ منه في الدّنيا قبل الآخرة ولتحاسبه على أفعاله النكراء التي اقترفها بحقّ نفسه قبل أيّ نفسٍ أخرى.
تراه يتخبّط تهزه مبسلمة/ هنا في هذا المشهدية تناص جميل من القرآن العظيم تنقلنا بسرعةٍ إلى رؤية ذلك الميت الذي وقع تحت سلطة (الزبانية) ملائكة العذاب وراحت تمارس عليه كلّ ألوان العذاب وتجرّعه إياه كأساً دهاقا وحميماً وغسّاقا
هنا يستخدم الكاتب محسّن بديعي من آي الذكر الحكيم فيستخدم تناص جميل{كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ} فراح يتخبط كمن مسه جنّ؛ فتُسارع لإيقاظه مبسملة علّها تنقذه من عذاباته التي يستقيها من مرارة كابوسه موقنة أنّ شياطين كابوسه لن يعتقون روحه المعذّبة إلا بالبسلمة امتثالاً لقول الله تعالى{وإما ينزغنّك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم }}36 فصّلت
أيضاً هنا نلمس تناصاً جميلاً من القرآن الكريم يستثمره الكاتب في موضعه المناسب
ينهض فزعاً/ هنا يستجيب بطل النص الرعديد لمحاولة أمّه أو زوجته أو أو تلك التي أخذت على عاتقها واجب إيقاظه لتنتشله من توجّساته وهلعه
* يفرك عينيه/ جملة تدلّل على عدم تصديقه أنّ ما مرّ به كانت مجرد أضغاث أحلام وقد خرج منها سليماً معافى لم يمسسه سوء! بدليل أنّه يقوم بفرك عينيه ليتأكّد من وجوده على قيد الحياة بعيداً عمّا كان يُمارَس عليه من تعذيب و ترهيب!
يمسح لحيته/ ترى مالذي يريده الكاتب من هذه الجملة؟هل يريد أن يُوصل لنا رسالةً ما عبر اللّحية التي أخذ بطل النّص المذعور يمسح عليها ولماذا يمسح عليها!
هل يرصد الكاتب المتأسلمين عندما يطلقون لحاهم كنايةً عن تشدّدهم في الإسلام فيأخذ من حولهم من الأغبياء بها لا برؤوسهم!
وهو إذ يقوم بالمسح عليها وهي عنده مقياس إسلامه وطولها و كثافتها مرتكز إيمانه كمن يربّتُ على معتقداته الزّائفة ويطمئنها أنها مازالت بخير فيهدّأ من روعها ويُسدي إليها الحب والرضى!
ويزفر متنهّداً/ يتنفّس بطل النّص هنا الصُّعداء كمن يفرّج عن صدره همّاً ويزيح عن عاتقه صخرة جثمتْ فوق أنفاسه حتى كادت أن تَزهق روحه.
يريدون قتلي/ يبدأ البطل هنا بالكشف عن دواعي خوفه، وتفسير ملامح ذعره، وتبرير تخبّطاته، وضيق أنفاسه يريدون قتلي،ترى من هم أولئك الذين يريدون قتله ولماذا؟
وكأنّ الكاتب هنا وقد قارب النّص على نهايته أراد أن يميط لنا اللّثام عن حقيقة أمره ويكشف لنا سرّ ذاك الكابوس المروِّع الذي أقضّ مضجعه، وعكّر صفو أحلامه؛ ليقودنا إلى انفراج الحدث بعد تأزّم عقدته وتوالي تكهّناته ليخبرنا برسمٍ متقطِّع الحروف كناية عن تهدّج صوت بطل النص الرعديد وأيّما بطل!
لست..الر..ئي..س لست..الر..ئي..س
رسمٌ ذكيٌّ وخلّاق للحروف ينقلنا برشاقة لسماع صوته الهديج و رؤيته وهو يرتجف خوفاً، متلعثماً فزعاً من أولئك الّذين انتهكوا حرمة نومه، وعكروا صفاءهاوسلبوه الرقاد بأمان.
لكن ترى أي رئيس يقصد؟
هل ذلك المذعور هو رئيس دولةٍ لشعبٍ مقهور مارس ضده كل صنوف القهر والتّعذيب؛ فأتوه في المنام على شاكلة زبانية تسومه سوء العذاب وتقتص منه!
أم هو رئيس تجمّعٍ إسلاميٍّ لحيته أخذتْ برأسه!
فقاده تطرُّفه إلى حتفه فرِغِم أنفه؟!
قفلة صادمة مدهشة تشرع باب التّأويل على الغارب لتضعنا أمام تساؤلات مشروعة فتصلح لكلّ التكهّنات و التّوقّعات!
برع الكاتب في رصد حالة الذُّعر الّتي يعيشها أي مسؤولٍ في ظلّ انتهاكاتٍ يمارسها ضميره الغافل عن الحقّ والمنتهِك لكلّ الشّرائع والدَّيانات جاهلاً قول حافظ إبراهيم :
إنّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ
فإن همُ- ذهبتْ أخلاقهم – ذهبوا
ومن لنا إلا الله بعد فساد الرّعيّة بفساد الرّاعي!
لغة النّص/ سهلة لكنّها محفّزة تنشّط ذهن المتلقّي وتأخذ بتلابيب أفكاره إلى ملاحقتها بشغف لمعرفة مؤدّاها ومرماها.
أفعال النص حركيّة خلّاقة
(يشدها. تصحو، ينهض،تراه، يتخبط، تهزه، يفرك،يمسح،يزفر، يريدون)
كلّها أفعال مضارعة ترصد أحداث الزّمن الحاضر عبر كابوس مرّوع صوّرته بل رسمته ريشة الكاتب الجميل بكلّ براعة كلّ الاحترام لهذا الفكر الخلّاق.
(زبانية)
قابضاً على عنقِ سترته يشدُّه، تصحو، تراه يتخبَّط، تهزُّهُ مبسملةً، ينهضُ فَزِعاً، يفركُ عينيهِ، يمسحُ لحيتهُ و يزفرُ.. متنهّداً: يـُر..يد..ونَ قتـ..ـليي ..
لستُ .. الـر..ئيــ..س .. لستُ .. الـر..ئيـ..س…
*****
القراءة:النص ققج بامتياز
زَبانية مفرد زِبْنِيّ:
شُرَط حفَظة الأمن في البلاد وقع في أيدي الزّبانية ملائكة العذاب الغلاظ الشِّدادالموكَّلون بدفع أهل النار إليها{ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}
عنوان فيه من الإيحاء والترميز ما يرمي بنا على أعتاب التشويق والتحفيز
لمعرفة مرمى الكاتب منه ومقصده.
يبدأ الكاتب نصه بجملة حالية تصف مشهدية ذعر وهلع
قابضاً على عنق سترته يشدّه..تصحو/ من هو ذاك الشّخص الذي يعاقر النوم؟ فيعقر الخوف بطن حلمه ليحوّله إلى كابوس مُريع يضجّ بالفزع ويعيث بالجفون فساداً،ومن هي تلك التي تصحو؟أهي أمّ الميت، زوجته، ابنته، أخته؟
وأقول هنا ميّت لأنّ النائم كالميّت تماماً ولعلّ نائمنا مات ضميره قبله فأتته ملائكة العذاب لتقتصّ منه في الدّنيا قبل الآخرة ولتحاسبه على أفعاله النكراء التي اقترفها بحقّ نفسه قبل أيّ نفسٍ أخرى.
تراه يتخبّط تهزه مبسلمة/ هنا في هذا المشهدية تناص جميل من القرآن العظيم تنقلنا بسرعةٍ إلى رؤية ذلك الميت الذي وقع تحت سلطة (الزبانية) ملائكة العذاب وراحت تمارس عليه كلّ ألوان العذاب وتجرّعه إياه كأساً دهاقا وحميماً وغسّاقا
هنا يستخدم الكاتب محسّن بديعي من آي الذكر الحكيم فيستخدم تناص جميل{كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ} فراح يتخبط كمن مسه جنّ؛ فتُسارع لإيقاظه مبسملة علّها تنقذه من عذاباته التي يستقيها من مرارة كابوسه موقنة أنّ شياطين كابوسه لن يعتقون روحه المعذّبة إلا بالبسلمة امتثالاً لقول الله تعالى{وإما ينزغنّك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم }}36 فصّلت
أيضاً هنا نلمس تناصاً جميلاً من القرآن الكريم يستثمره الكاتب في موضعه المناسب
ينهض فزعاً/ هنا يستجيب بطل النص الرعديد لمحاولة أمّه أو زوجته أو أو تلك التي أخذت على عاتقها واجب إيقاظه لتنتشله من توجّساته وهلعه
* يفرك عينيه/ جملة تدلّل على عدم تصديقه أنّ ما مرّ به كانت مجرد أضغاث أحلام وقد خرج منها سليماً معافى لم يمسسه سوء! بدليل أنّه يقوم بفرك عينيه ليتأكّد من وجوده على قيد الحياة بعيداً عمّا كان يُمارَس عليه من تعذيب و ترهيب!
يمسح لحيته/ ترى مالذي يريده الكاتب من هذه الجملة؟هل يريد أن يُوصل لنا رسالةً ما عبر اللّحية التي أخذ بطل النّص المذعور يمسح عليها ولماذا يمسح عليها!
هل يرصد الكاتب المتأسلمين عندما يطلقون لحاهم كنايةً عن تشدّدهم في الإسلام فيأخذ من حولهم من الأغبياء بها لا برؤوسهم!
وهو إذ يقوم بالمسح عليها وهي عنده مقياس إسلامه وطولها و كثافتها مرتكز إيمانه كمن يربّتُ على معتقداته الزّائفة ويطمئنها أنها مازالت بخير فيهدّأ من روعها ويُسدي إليها الحب والرضى!
ويزفر متنهّداً/ يتنفّس بطل النّص هنا الصُّعداء كمن يفرّج عن صدره همّاً ويزيح عن عاتقه صخرة جثمتْ فوق أنفاسه حتى كادت أن تَزهق روحه.
يريدون قتلي/ يبدأ البطل هنا بالكشف عن دواعي خوفه، وتفسير ملامح ذعره، وتبرير تخبّطاته، وضيق أنفاسه يريدون قتلي،ترى من هم أولئك الذين يريدون قتله ولماذا؟
وكأنّ الكاتب هنا وقد قارب النّص على نهايته أراد أن يميط لنا اللّثام عن حقيقة أمره ويكشف لنا سرّ ذاك الكابوس المروِّع الذي أقضّ مضجعه، وعكّر صفو أحلامه؛ ليقودنا إلى انفراج الحدث بعد تأزّم عقدته وتوالي تكهّناته ليخبرنا برسمٍ متقطِّع الحروف كناية عن تهدّج صوت بطل النص الرعديد وأيّما بطل!
لست..الر..ئي..س لست..الر..ئي..س
رسمٌ ذكيٌّ وخلّاق للحروف ينقلنا برشاقة لسماع صوته الهديج و رؤيته وهو يرتجف خوفاً، متلعثماً فزعاً من أولئك الّذين انتهكوا حرمة نومه، وعكروا صفاءهاوسلبوه الرقاد بأمان.
لكن ترى أي رئيس يقصد؟
هل ذلك المذعور هو رئيس دولةٍ لشعبٍ مقهور مارس ضده كل صنوف القهر والتّعذيب؛ فأتوه في المنام على شاكلة زبانية تسومه سوء العذاب وتقتص منه!
أم هو رئيس تجمّعٍ إسلاميٍّ لحيته أخذتْ برأسه!
فقاده تطرُّفه إلى حتفه فرِغِم أنفه؟!
قفلة صادمة مدهشة تشرع باب التّأويل على الغارب لتضعنا أمام تساؤلات مشروعة فتصلح لكلّ التكهّنات و التّوقّعات!
برع الكاتب في رصد حالة الذُّعر الّتي يعيشها أي مسؤولٍ في ظلّ انتهاكاتٍ يمارسها ضميره الغافل عن الحقّ والمنتهِك لكلّ الشّرائع والدَّيانات جاهلاً قول حافظ إبراهيم :
إنّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ
فإن همُ- ذهبتْ أخلاقهم – ذهبوا
ومن لنا إلا الله بعد فساد الرّعيّة بفساد الرّاعي!
لغة النّص/ سهلة لكنّها محفّزة تنشّط ذهن المتلقّي وتأخذ بتلابيب أفكاره إلى ملاحقتها بشغف لمعرفة مؤدّاها ومرماها.
أفعال النص حركيّة خلّاقة
(يشدها. تصحو، ينهض،تراه، يتخبط، تهزه، يفرك،يمسح،يزفر، يريدون)
كلّها أفعال مضارعة ترصد أحداث الزّمن الحاضر عبر كابوس مرّوع صوّرته بل رسمته ريشة الكاتب الجميل بكلّ براعة كلّ الاحترام لهذا الفكر الخلّاق.