ديوان الغائبين السهروردي المقتول - 1154 - 1191 م

أبو الفتوح يحيى بن حبش الحكيم. شهاب الدين السهروردي.
(549-587 هـ / 1154 – 1191 م)..

والسهروردي نسبة لسهرورد بلده قريبة من زنجان.

لُقب بـ “الصوفي المقتول” نسبة إلى مقتله بأمر من صلاح الدين الأيوبي بعد أن اتهمه عدد من خصومه من علماء حلب بالكفر والخروج على السنة.. ويرى البعض أن خطأ السهروردي الوحيد كان هو محاولته الخوض في فلسفة الدين في عصر ليس لدى علمائه استعداد لذلك، كما كان تصوفه يختلف كثيراً عن أقرانه، مما قلبهم عليه، فعجلوا بالتخلص منه، وهو لم يتجاوز الثامنة والثلاثين من عمره.

ينسب إليه أشعار من ذلك ما قاله في النفس على مثال عينية ابن سينا:

خلعت هياكلها بجرعاع الحمى = وصبت لمغناها القديم تشوقا

(صاحب حكمة الإشراق) الذي شرح قطب الدين الشيرازي و (هياكل النور) و(التنقيحات والتلويحات) وغير ذلك.

أَرى قدمي أَراقَ دَمي

أَرى قدمي أَراقَ دَمي = وَهانَ دَمي فَها نَدَمي

***

[SIZE=6]وا رحمةً للعاشقين..[/SIZE]

أَبداً تَحنُّ إِلَيكُمُ الأَرواحُ = وَوِصالُكُم رَيحانُها وَالراحُ
وَقُلوبُ أَهلِ وِدادكم تَشتاقُكُم = وَإِلى لَذيذ لقائكم تَرتاحُ
وَا رَحمةً للعاشِقينَ تَكلّفوا = سرّ المَحبّةِ وَالهَوى فَضّاحُ
***
أهل الهوى قسمان: قسم منهمو = كتموا، وقسمٌ بالمحبة باحوا
فالباحئون بسرهم شربوا الهوى = صرفاً فهزهموا بالغرام فباحوا
والكاتمون لسرهم شربوا الهوى = ممزوجةً فحَمتْهمو الأقداحُ
***
بِالسرِّ إِن باحوا تُباحُ دِماؤُهم = وَكَذا دِماءُ العاشِقينَ تُباحُ
وَإِذا هُم كَتَموا تَحَدّث عَنهُم = عِندَ الوشاةِ المَدمعُ السَفّاحُ
أَحبابنا ماذا الَّذي أَفسدتمُ = بِجفائكم غَير الفَسادِ صَلاحُ
خَفضَ الجَناح لَكُم وَلَيسَ عَلَيكُم = لِلصَبّ في خَفضِ الجَناح جُناحُ
وَبَدَت شَواهِدُ للسّقامِ عَلَيهمُ = فيها لِمُشكل أمّهم إِيضاحُ
فَإِلى لِقاكم نَفسهُ مُرتاحةٌ = وَإِلى رِضاكُم طَرفه طَمّاحُ
عودوا بِنورِ الوَصلِ مِن غَسَق الدُّجى = فَالهَجرُ لَيلٌ وَالوصالُ صَباحُ
***
صافاهُمُ فَصَفوا لَهُ فَقُلوبهم = في نُورِها المِشكاةُ وَالمِصباحُ
وَتَمَتّعوا فَالوَقتُ طابَ لِقُربِكُم = راقَ الشّراب وَرَقّتِ الأَقداحُ
يا صاحِ لَيسَ عَلى المُحبِّ مَلامَةٌ = إِن لاحَ في أُفق الوِصالِ صَباحُ
لا ذَنبَ لِلعُشّاقِ إِن غَلَبَ الهَوى = كِتمانَهُم.. فَنما الغَرامُ فَباحوا
سَمَحوا بِأَنفُسِهم وَما بَخِلوا بِها = لَمّا دَروا أَنّ السَّماح رَباحُ
وَدعاهُمُ داعي الحَقائقِ دَعوة = فَغَدوا بِها مُستَأنسين وَراحوا
رَكِبوا عَلى سنَنِ الوَفا وَدُموعهُم = بَحرٌ وَشِدّة شَوقهم مَلّاحُ
وَاللَّهِ ما طَلَبوا الوُقوفَ بِبابِهِ = حَتّى دعوا فَأَتاهُم المفتاحُ
لا يَطربونَ بِغَيرِ ذِكر حَبيبِهم = أَبَداً فَكُلُّ زَمانِهم أَفراحُ
حَضَروا وَقَد غابَت شَواهِدُ ذاتِهم = فَتَهَتّكوا لَمّا رَأوه وَصاحوا
أَفناهُم عَنهُم وَقَد كشفَت لَهُم = حجبُ البقا فَتَلاشتِ الأَرواحُ
فَتَشَبّهوا إِن لَم تَكُونوا مِثلَهُم = إِنَّ التَّشَبّه بِالكِرامِ فَلاحُ
قُم يا نَديم إِلى المدامِ فَهاتها = في كَأسِها قَد دارَتِ الأَقداحُ
مِن كَرمِ أَكرام بدنّ ديانَةٍ = لا خَمرَة قَد داسَها الفَلّاحُ
هيَ خَمرةُ الحُبِّ القَديمِ وَمُنتَهى = غَرض النَديم فَنعم ذاكَ الراحُ
وَكَذاكَ نوحٌ في السَّفينة أَسكَرَت = وَلَهُ بِذَلِكَ رَنَّةً وَنِياحُ
وَصَبَت إِلى مَلَكوتِهِ الأَرواحُ = وَإِلى لِقاءِ سِواه ما يَرتاحُ
وَكَأَنَّما أَجسامهُم وَقُلوبهُم = في ضَوئِها المِشكاةُ وَالمِصباحُ
مَن باحَ بَينَهُم بِذِكرِ حَبيبِهِ = دَمهُ حلالٌ لِلسّيوفِ مُباحُ


***







***

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...