ديوان الغائبين ديوان الغائبين : سعدالدين فوزي - السودان - 1921 - 1959

ولد سعد الدين إسماعيل فوزي في مدينة الخرطوم بحري، وتوفى في لندن، ودفن في الخرطوم.
عاش في السودان، وبريطانيا، وهولندا.
تخرج في كلية الآداب، كلية الخرطوم الجامعية العليا عام 1942.
التحق بكلية لندن للدراسات الاقتصادية بجامعة لندن، حيث حصل على درجة الدكتوراه عام 1955.
كان عضو الجمعية الفلسفية السودانية، ورئيسًا لاتحاد الاقتصاديين السودانيين.
كان مستشارًا وخبيرًا بمكتب العمل الدولي.

الإنتاج الشعري:
- له ديوان «من وادي عبقر» - دار الريحاني - بيروت 1961.

الأعمال الأخرى:
- صدرت له «الحركة العمالية في السودان» (1946 - 1955) أطروحته للدكتوراه بالإنجليزية - (1955) - نقلها إلى العربية محمد علي جادين - مركز الدراسات السودانية بالقاهرة 1998، وقضايا الإسكان في ضواحي الخرطوم - 1984.
تأثر بمدرسة الديوان وجماعة أبولو بمصر، وكذلك بالشعر المهجري، يعد شعره امتدادًا لمدرسة الفجر السودانية (الرومانسية) في ثلاثينيات القرن العشرين، وكان محبًا لشعر علي محمود طه مترسمًا خطاه في بعض قصائده، وهو في شعره سهل التناول، نافر من الغريب والحوشي. ولعل أبرز مميزات شعره: الرومانسية والغنائية مع نزعة صوفية. في ديوانه مساجلات كثيرة مع شعراء عصره، ويعد شعره حلقة وصل بين مدرسة الفجر ومدرسة الشعر الحديث منذ أوائل الخمسينيات.

مصادر الدراسة:
1 - إحسان عباس: مقدمة ديوان «من وادي عبقر».
2 - زينب الفاتح البدوي: التجديد في الشعر السوداني المعاصر - دار جامعة الخرطوم للنشر - الخرطوم 1985.
3 - صلاح الدين المليك: فصول في الأدب والنقد - مطبعة التمدن - الخرطوم 1978 .
4 - عبدالقدوس الخاتم: مقالات نقدية - دار النشر الثقافي - الخرطوم 1977.
5 - عون الشريف قاسم: موسوعة القبائل والأنساب في السودان - مطبعة آفروقراف - الخرطوم بحري 1996.
6 - محمد إبراهيم الشوش: الشعر الحديث في السودان - دار جامعة الخرطوم للنشر 1962.



الرحيل...

أمــــــــــــــــــــــل أَوَدِّعه بِلا = وعـلى شفـاهـي لــــــــوْعةُ القُبَلِ
حُرِمتْ لِقـاهُ وكـنـت أُودعهــــا = لهفَ الـمشـوق ونشــــــوة الثَّمِل!
وعِنـاقَ محـرومٍ رجعْتُ بــــــه = والصدرُ دامـي القـلــــــــب ذو شُعَل
ومُنًى حَيـيـتُ لهـا أُهدْهِدهــا = فَفَقَدْتهـا وفُجعْتُ فـي أمـلــــــــــي
ووقفت أرقب مـصرعَ القـمــــرِ = والفُلْكُ هـمَّ بنـا أخـا سحــــــــــــــرِ!
أتـراه لـمـا اهتزّ فـي قــــــــــــــلقٍ = بـمـا أزجـاه لـي قــــــــــــدري
فضممتُ كفّي فـــــــــــــوق= مضطربٍ بـيـن الضلـوع مـروَّعِ الصـــــور
ورنـوتُ للأمـواج ثـــــــــــائرةً = ومضت يـدي تـنسـاب فــــــــي شَعَري
وسَبَحْتُ فـي دُنـيـاي مُنطلِقـا = والريحُ يعْصـف والـدجى فَرِقــــــــــــــا
والسحــبُ دُكْنٌ والظلامِ أسً = يذكـي لَديَّ الهـمَّ والـحُرَقـــــــــــــــا
والرعـدُ يـزأر مـثلـمــــا زأرت =جِنُّ الجـبـال إذا الردى نطقـــــــــــــا
أأروحُ غـيرَ مـودِّعٍ ويـــــــدي = صِفْرٌ وقـلـبـي فـي الهـوى احتـرقــــــــا
هـذي الـمديـنةُ كـم رأت طربـي = والعـمـر طفلٌ والزمــــــــــــان صَبِي
كـم دلَّلَتـنـي فـي أصـائلهـــا = فـي ضَفّةٍ وَسْنـــــــــــــــــــانةِ العُشُبِ
ذهـبِيّةُ الأعطـافِ ضـــــاحكةٌ = تستقبـل الأمـواجَ فــــــــــــــــي طرَبِ
وأنـا أرفّ - فراشةً جـــــــــمحتْ = مفتـونةً بـاللهـــــــــــــــــو واللعبِ
ودنـا الرحـيل وفـي فمي نغمُ= بـاكٍ بـه الأشجـانُ تزدحــــــــــــــــمُ
واسـودَّ وجهُ الأفق والـتهمتْ = بـيضَ الـمـلاعب هـــــــــــــــذه الظُّلَم
وتـولّتِ الـمـيـنـاءَ واجـــــمةً = لهفى تلـوح كأنهـــــــــــــــــــا حُلُم
والريحُ تعزف فـي جـوانـبـهـا = مـجنـونةً والـمـــــــــــــــــوج يحتدم
فـنظرت آخرَ نظرةٍ وجــرى = دمعـي عـلى خدّيَّ مـنهـمــــــــــــــــرا
والـبرقُ يجلـو مـن مـنـاظرهـا = ويعـيـد لـي مـن حسنهـا صـــــــورا
فهـززتُ كفّي نحـوهـا قـــلقًا = مستـودعًا قـلـبًا بـهــــــــــــــا سَكرا
فرأيـتُهـا تهتزّ حـانــــــــــيةً = أفلـم تكـن محـرابَنـــــــــــــــا عُمُرا



***




ناسك الليل

نـام السنـا فـوق الجـداول مــــــرّةً = وأذاب فـي أمـواجهـا أحـــــــــــــلامَهُ
والشـاعـرُ العـربـيـد سـار بلا خُطًى = يُمـلـي عـــــلى سمع الظلام غرامه
واللـيل كـاهـن صـبـوةٍ مـجنـــــــونةٍ = يغري بنـا مــــــــــلء الكؤوس مُدامه
وكأن قـلـبـي حـيـن رقّ غمــــــامةٌ = شـردتْ وطـيفٌ لا يحـبّ مقـــــــــامه
يـهفـو إذا مـا اللـيلُ جنّ إلى هـــوًى = دامٍ يُذيب عـلى الربـا إلهــــــــــــامه
كأسٌ مـن الخمـر الـمقـدّسة الـتـي = ضنَّ الزمـانُ بـهـا فضلَّ مــــــــــرامه
مـا ضمّهـا قـدحٌ ولا طـافت بـهـــــــا = حسنـاءُ تُشعـل فـي النديـم هـيــامه
وكأننـي روحٌ مــــــــــــجنّحة الرؤى = أغرى بـهـا الـوادي الطروب يَمـــامه
فإذا هفت للعـشّ مـال بـهـا الأسى = عـن دفئه ورمـى لهـا أوهـــــــــامه
فـمضت بـهـا زادًا كحسـوة طـــائرٍ = مـن مـنهلٍ خَبَأ الظلامُ حَمـــــــــامه
يـا ويحَ نُسّاك الـدجى لـمـا سرى = قـلقَ الخطى واللـيلُ يسكب جــــامه
والظلـمةُ الهـوجـاء تـنسج فـي الثرى = شـتّى شُخـوصٍ لا تبـيـن أمـــامه
أفكـاره جُسِّمـنَ بـيـن حـزيـــــنةٍ = ثكلى وأخرى فَزّعت أقــــــدامه
وكأنه فـي معبـدٍ عصـفتْ بــــــه = ريحُ الـمـنـون وهدَّمت أصنـــامه
تتعذّب الأشبـاحُ فـي جنـبـــاته = لهفى وقـد بسط الهــــوانُ ظلامه
دنـيـا مـن الشجن الـمبرِّح والجوى = هدمتْ قـواه وشـرَّدت أنغامه
أو لـم يكـن بـالأمس سـاجعَ دوحةٍ = يـهدي إلى قـلـب الـوجـود بَغامه
وألـيفَ مـرجٍ كـم يصـافح فـــــوقه = بَهَجَ الصـبـاحِ وزهـره وغمــامه
جـوّابَ آفـاقٍ وروح خمـــــــــــيلةٍ = تهديـه فـي غرس الـحـيـــاة كلامه
فإذا بـه والريحُ تعصـف والــدجى = عـاتٍ يسدِّد فـي القـلـوب سهــــامه
شبحٌ مـن المـاضي البعـيـد مولّهٌ = مـلأتْ تبـاريحُ النـوى أيـــــــــــــامه
فسـرى وقـد تَخِذَ الـحنـيـنَ مطيّةً = ورمـى إلى اللـيل الـبـهـيـم ظلامه
فحـبتْه أمـواجُ الظلام قصـيــدةً = ضمـنـتْ له فـي الخـالـديـن مقـــامه
فلعـل أنـوار الصـبــــــــاح تزفّه = فـي مـوكبٍ غمـر السنـا أعـــلامه



تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...