ديوان الغائبين ديوان الغائبين : جورج تراكل Georges Trakl - النمسا - 1887 – 1914

ولد جورج تراكل في اليوم الثاني من شهر شباط عام 1887 في مدينة سالسبورغ ( Salzburg ) ومات منتحرا ، بعد أن تناول كمية كبيرة من الكوكايين على أثر انهيار عصبي نتيجة المعايشة اليومية لبشاعة الحرب العالمية الأولى أثناء الخدمة العسكرية، كصيدلي، بين الليلة الثالثة والرابعة من شهر تشرين الثاني من عام 1914 في كراكاو في مستشفى ( Garnison ) للأمراض العقلية.
جورج تراكل الذي لم يتمكن في الحصول على شهادة الثانوية وتركه أو بالأحرى فصله من المدرسة لعدم حصوله على درجات كافية تؤهله في الاستمرار في الدراسة، تمكن في هذه الفترة ( 1904ـ1906 )، عندما كان عضوا في حلقة أبولو ( Apollo ) الأدبية ثم حلقة مينرفا ( Minerva )، من كتابة أولى قصائد الشعر التعبيرية ( Expressionismus ).

عاش الحياة البوهيمية ، إذ كان يتردد على المقاهي ومحلات الخمر وبيوت الدعارة وتناوله المخدرات خصوصا " الأفيون " ثم استنشاقه للكلوروفورم. لقد كانت أحاديثه حول رغبته في " الانتحار " جعلت منه داخل الحلقات الشعرية شخصية غريبة ونادرة وبالتالي منعزلة على نفسها.

في الشتاء

الحقل يشع ضوءا
وبارد.
السماء وحيدة
ومرعبة.
الغربان تحوم حول بركة ماء.
والصيادون يتركون الغابة.

صمت يقطن في قمة شجرة معتمة.
أشعة ضوء تتسلل من الأكواخ.
وبين آونة وأخرى، من بعيد ،
تسمع
جلجلة زلاقة الثلج،
وببطء يبدأ القمر الرمادي بالطلوع.

حيوان بري، بهوادة، ينزف، عند حافة غابة،
وغربان تتراقص في بقع صغيرة من الدم.
حشائش طويلة نحيفة مصفرة،
صقيع... دخان....
خطوة في غابة صغيرة خالية.

***

ألحان إكليل الزهور

إلى الأخت

أينما تذهبين سيكون هناك خريف ومساء،
وحيوان بري أزرق، هذا الذي تحت الأشجار يدوي،
وبركة مياه مهجورة في المساء.

بصوت واطئ رحلة الطيور تدوي،
والحزن يعلو عبر حاجبيك المقوس
وابتسامتك الرقيقة تدوي.

ألله قد ثنى جفنك.
ونجوم تبحث ليلا، عن طفل الجمعة الحزينة،
على جبهة جبينك المقوس.

***

قرب الموت

آه... أيها المساء،
الذي في ظلام قرية الطفولة يحث خطاه.
البركة تحت أشجار الصفصاف
تملأ نفسها بتنهدات الكآبة الملوثة بالحزن.

آه... أيتها الغابة،
التي، بصمت، تغلق العيون العسلية،
هنالك من أيادي مهجورة
يخر الأرجوان ، في يومه الهائم، صريعا.

آه... أيها الموت،
الذي يجالسني، دعنا نصلي سوية.
في هذه الليلة يذوب على وسائد دافئة
اصفرار رائحة بخور في أوصال محبوبة
نحيفة.

آمين

عفونة تنزلق عبر غرفة متداعية،
ظلال على أوراق جدران،
في مرآة معتمة تبرز نفسها عظام أيدينا المنخورة حزينة ( كئيبة )

لؤلؤ اسمر ينساب من بين الأصابع الميتة.
في السكون
يفتح ملاك عيون الخشخاش الزرقاء.

أزرق هو الليل أيضا
ساعة موتنا، ظلال عزرائيل،
الذي يطفئ ضوء حديقة صغيرة.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...