محمد عباس محمد عرابي - التشبيه التمثيلي في قصيدة التينة الحمقاء لإيليا أبو ماضي

تعد قصيدة التينة الحمقاء لإيليا أبو ماضي من أروع القصائد التي وظفت التشبيه التمثيلي في الحث على السخاء والكرم والخير والعطاء والبذل ، والتنفير من الشح والبخل، وخلاصة الحكمة في هذه القصيدة خاتمتها الذي يقول فيه :
مَن لَيسَ يَسخو بِما تَسخو الحَياةُ بِهِ**فَإِنَّهُ أَحمَقٌ بِالحِرصِ يَنتَحِر.
ويمكن سماع القصيدة على الرابط :( روائع الشعر الفصيح - بصوت الأستاذ /وهاج مصطفى) ويمكن سماعها أيضًا بصوت الأستاذ /خالد دلبح على الرابط :
وفي هذه القصيدة صور الشاعر الأحمق البخيل من خلال الشعر الرمزي بالتينة الحمقاء، وبرع في تجسيد المرء الأناني البخيل المقتر الذي يقصر ما وهبه الله من خبرات وهبات وعطايا ولا يعطي الآخرين ولا الحياة مما أعطته بالشجرة (التينة)التي بخلت وأبت أن تعطي الطير والحيوان والإنسان من خيراتها فكان مصيرها سوء العاقبة والسوء المحض وفي هذا يقول إيليا أبو ماضي :
وَتينَةٍ غَضَّةِ الأَفنانِ باسِقَةٍ
قالَت لِأَترابِها وَالصَيفُ يَحتَضِرُ
لَأَحبِسَنَّ عَلى نَفسي عَوارِفَها
فَلا يَبينُ لَها في غَيرِها أَثَرُ
كَم ذا أُكَلِّفُ نَفسي فَوقَ طاقَتِها
وَلَيسَ لي بَل لِغَيري الفَيء وَالثَمَرُ
لِذي الجَناح وَذي الأَظفارِ بي وَطَرٌ
لقد برع إيليا في تصويره وتشبيهه (التشبيه التمثيلي )لينفرنا من هذا المرض العضال والداء النفسي الخطير المتمثل في حب الذات وكراهية الخير والنفع للناس ،وكأن إيليا يستجوب مريضًا نفسيا لطبيب يحلل شخصيته ،وحيثيات مرضه النفسي ومظاهر هذا المرض ،والسلوكيات الناجمة عنه ،وذلك من خلال اعتراف التينة بدوافعها السلوكية ،فهي والعياذ بالله ساخطة على قضاء ربها حاسدة للخير الذي في يد غيرها ،وما أنعم الله عليهم به ،فهي تحقد على الآخرين وتود ألا يتمتعوا بظلها وثمارها مبررة ذلك الداء العضال أنها لا تنتفع هي ذاتها بهذا الظل وهذه الثمار ،كما أنها لا ترى شموخها وسموها وخضرتها وثمرها ،وترى أن الكل من ذوي الظفر والخف يود أن ينتفع بها ،بينما هي لا تنتفع بشيء وهكذا البخيل الشحيح ما أروعه من تشبيه تمثيلي بليغ وفي هذا يقول الشاعر إيليا :
وَلَيسَ في العَيشِ لي فيما أَرى وَطَرُ
إِنّي مُفَصِلَةٌ ظِلّي عَلى جَسَدي
فَلا يَكونُ بِهِ طول وَلا قِصَرُ
وَلَستُ مُثمِرَةً إِلّا عَلى ثِقَةٍ
إِن لَيسَ يَطرُقُني طَير وَلا بَشَرُ
عادَ الرَبيعُ إِلى الدُنيا بِمَوكِبِهِ
فَاِزَّينَت وَاِكتَسَت بِالسُندُس وَالشَجَرُ
وَظَلَّتِ التينَةُ الحَمقاءُ عارِيَةً
كَأَنَّها وَتَدٌ في الأَرضِ أَو حَجَرُ
وَلَم يُطِق صاحِبُ البُستانِ رُؤيَتَها
فَاِجتَثَّها فَهَوَت في النارِ تَستَعِرُ
ويمكن الاستماع للتحليل البلاغي للقصيدة للأستاذ محمد إسماعيل على الرابط التالي :
وللمزيد من الشرح يمكن الرجوع إلى :
الدكتور محمد سبيل :إيليا يهجو تينة أبت السخاء، صحيفة البيان ، 07 يونيو 2017

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...