ديوان الغائبين أحمد عبيدة - مصر - 1940 - 1974م

أحمد محمد أحمد عبيدة.
ولد في قرية العمار الكبرى (مركز طوخ - محافظة القليوبية)، وتوفي في القاهرة منتحرًا وهو في ذروة شبابه.
تلقى تعليمه الأولي في مدارس قريته، التحق بعدها بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة وتخرج فيها (1964)، ثم درس اللغة الروسية والفرنسية.
عمل مترجمًا فوريًا في وزارة الاقتصاد حتى وفاته.
كان له نشاط سياسي ملحوظ إبان دراسته الجامعية، كما كافح في قريته ضد الإقطاع العائلي في ملكية الأرض.
انتسب إلى جمعية كتاب الغد (1972).
بسبب من أفكاره اليسارية تعرض للاعتقال والتعذيب والإيداع في مستشفى الأمراض العقلية مما دفعه إلى الانتحار.

الإنتاج الشعري:

- صدر له مختارات من أشعار أحمد عبيدة - جمعية كتاب الغد - القاهرة 1974، وله عدد من الأعمال المخطوطة: الطمي، والنيل والصيد والقمر، وفدائي، وله عدد من المسرحيات الشعرية القصيرة.
شاعر متمرد، اتسعت رؤيته الشعرية لتتجاوز الذاتية منطلقة إلى آفاق تستوعب الشقاء البشري والانحياز لقضايا الإنسان المقهور، تحركت تجربته بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، واقتربت لغته من اللغة المتداولة في الواقع اليومي، واتسع مدى الصورة الكلية ليكتنز تفاصيل الحياة في بعض دقائقها إلى جانب قضايا الوجود والموت والتمرد، يختار عناوينه من كلمة واحدة، وتشف بعض صوره عن معان ميثولوجية وأنثروبولوجية.

شهيــــــــد

وزَيَّنَ الأولاد بالجريدْ
شواهدَ الجبّانه
ويومَ موتي بيّضوا المقابرْ
فُرشاةُ نقّاشٍ رخيصه
تُخربش المغفور له
- الاسم واسم الشهره
تخربش الميلادْ
أنصاف آياتٍ من القرآن
ودوَّنوا تاريخ الاستشهادْ
وحَسَبي ونَسَبي
وبعدها ولّوا وجوههم إلى البيوتْ
ونفضوا نعالهم على جوانب المقبرة البارزة الأحجارْ
وفي طريق العودهْ
وفي دروب البلدهْ
فاتوا على العطّارْ
ودهنوا الدموع بالأصباغْ
ولفلفوا في الورق القزّازْ
توليفةَ المساحيق الجديده
والخلطة المستحدثه
رنّت قروشُهمٍ على الرخامه
فلتعطنا توليفة مفعولها أكيدْ
تمسح لونَ الدم في الخلايا
ما جاع من بعد الفطور ذلك الرضيع ما ما كان أن يجوعْ
الدم ما زال طريًا مطرحَ الوقوعْ
فات نهارٌ واحدٌ فات نهارْ
ثم تناسوني
تجاهلوا عنواني
ونفضوا الغبارْ
عن الملابس المكويّه
- «فلتعطنا توليفةً تمسح لونَ الدم في الخلايا»
- «وثمَّ ماذا؟ ثم ما؟!
وغرقوا في زحمة القضايا
وفي سجلات العقارات وفي كتابة الوصايا
واختتموا بالفرق الأكبر فيما بين ياما بين!! أحضان البغايا
والدمُ ما زال طرّيًا مطرحَ الوقوعْ
تحسبه الطيور ماءً أحمرا
عطش الصغار العائداتُ
تذوقه تغمس طرفه في المنقارْ
تستغفر الإله والأنهارْ
فات نهارٌ واحدٌ فات نهارْ
والدمُ ما زال طريّاً مطرحَ الوقوعْ!!

***
أنـــــــا

العالمُ بيتي
كلّ مكانٍ مسقط رأسي
من سور الصين الأعظمِ
حتى أعمق أعماق مناجم أمريكا اللاتينيّه
من أكواخٍ طمييّهْ
في أعلى أنهار جبال الشمسْ
حتى معمل تكرير الزنكْ
أو مصنع تفحيم المازوتْ
والزنجيّ الضخم المثقوب الأذنينْ
وأبي هذا الفلاّحُ الأشيب فوق حقول القوقازْ
والسرّيحُ بعربة يد
بين براري ومزارع أمريكا الرحبه
أمي
رحمُ الأرض الطمييْ

***
عندمـــــــا

عندما تكفّ أنفاسي عن النشيج
عندما تنسج خيوط الأنوال
من النسيج
عندما أموت كالحطابين
في الغابات المتشابكة
أحرقوني بأحطاب أشجار الجمّيز
واطحنوا فحم عظامي
وانثروها على ضفاف النيل
فربما يستيقظ
النهر

***

يستطيعــــــون

يستطيعون
أن يكمّموا فمي بالجمر
وأن يرشقوا الأسياخ الحديدية في أضلاعي
وفي شباك الزنزانة
ولكنهم
لن يستطيعوا
أن يوقفوا زقزقةَ
العصافيرِ على الأشجارْ
ولا تدفّقَ المياه في النَّهَرْ
ولا صياحَ الديكة في الفجر
حين تبشّر بميلاد صباحٍ جديدْ

***

هــــوشي منه

أنا أسمي عطوه عوده عوضين
وأنت أسمك هوشي منه
وأنا منك وأنت منا
غيرشي بس الداية غلطت في الأسامي

وأحنا من يوم ما أتقابلنا
في سكة الغيط الفوقاني
وع الزقاق
والقنطرة
وسكة السوق الوسيعة
أتلاقينا
اتلاقينا

ولما سيدك نشفه الجوع ...
...... زي بوصه مشرخة ماشفتش ميه
مد أيده قطع خيار
من بساتين الوسيه
طلعوا سيدك حرامي

ولما سيدي كان بيحبي صغير
يامادوبه شبر واقرط
جاب لزيقة مشمشاية
ورشقها ف مصطبة ف طرف الجنينه
وهي كبرت قبل منه
وعرشت فوق حد غيره
ولما شاور بالرموش ع المشمشاية والجنينه
خلعوا رمشه بعينه
خلعوا دراعه وصابعه

احنا من يومها اتلقينا
أنا شايل بلطه حمرا
وأنت شايل عش نحله
وبين صوابعي برتقانه قنبلايه
والفتيل مابين سنانك

أنا عطوه هوشي منه
وأنت هوشي عطوه عوده
فتك المرادي واليوم ده بعوده
وكل عاركه وانت طيب !
رحمة الله عليك يا عمي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...