المحامي وليد محمد الشبيبي - هل يحق للاتحاد العراقي لكرة القدم فصل احد أعضائه او التعليق المؤقت لعضويتهم ولأي سببٍ كان؟ وما هو السند القانوني لذلك؟ وما

هل يحق للاتحاد العراقي لكرة القدم فصل احد أعضائه او التعليق المؤقت لعضويتهم ولأي سببٍ كان؟ وما هو السند القانوني لذلك؟ وما هي الجهة القضائية المختصة للبت في ذلك عند اعتراض العضو المفصول او المعلقة عضويته مؤقتاً ؟ حالة د. رشا طالب والسيد غالب الزاملي أنموذجاً


في اطار الثقافة القانونية للكيانات الرياضية تثار دوماً بعض ردود الأفعال عند صدور قرارات مثيرة للجدل فتضطرب الآراء وتختلف حد التقاطع وهذا طبيعي ومنطقي في ظل غياب الثقافة القانونية بشكل واضح وجلي تسبب به المسؤولين في تلك الكيانات الرياضية بالدرجة الأساس لأسباب كثيرة من بينها عدم التركيز على اللوائح القانونية بالإضافة إلى التلكؤ في تأسيس اللجان المستقلة ومنها الهيئات القضائية التي تعمل بمعزل عن هذا الكيان الرياضي ولا يمكن لرئيس هذا الكيان الرياضي التدخل في عملها أو التأثير على أعضائها ومن أهم هذه اللجان المؤثرة هي لجنة الأخلاقيات (Ethics Committee) وعلى حد علمنا المتواضع انه لا يوجد أي كيان رياضي بالعراق قد أسس لجنة أخلاقيات على الرغم من الأهمية القصوى لهذه اللجنة التي هي مسؤولة وحدها على مراقبة وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة (Good Governance) التي صارت من أهم المبادئ الأولمبية والدولية الرياضية ولا يمكن أن يصدر قانون وطني رياضي أو لائحة دولية رياضية تخالفها وان حصل فيتم معاقبة الكيان الرياضي او حتى الدولة العضو التي أصدرها وما قانون الاتحادات الرياضية رقم 24 لسنة 2021 (لاحظ المادتين 32 و33 بالأخص منه) الا مثال بسيط على احترام القوانين الوطنية لتلك المبادئ الأولمبية الدولية. ومن اهم مظاهر تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة هي:

1 – تضارب المصالح (conflict of interest)
2 – التلاعب بالمباريات او المنافسات (Match manipulation or competitions)
3 – عدم الحيادية السياسية (Political impartiality)
4 – التمييز والتشهير (Discrimination and defamation)
5 – إساءة استغلال المنصب (Abuse of position)
6 – التزوير والتزييف (Forgery and Falsification)
7 – التورط في المراهنات او القمار او الانشطة المماثلة (Involvement with betting, gambling, or similar activities)
8 – الرشوة والفساد واختلاس الأموال واساءة استخدامها (Bribery, and corruption, misappropriation and misuse of funds)
9 – الاختلاس وسوء استخدام الأموال (Misappropriation and misuse of funds)
وغيرها وكل تلك الخروقات والانتهاكات والمخالفات من اختصاصات لجنة الاخلاقيات في الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) ومن ضمن قانون او مدونة اخلاقيات الفيفا فلو لم تؤسس هكذا لجنة معناها لا توجد عقوبات (Sanctions) لتلك الخروقات الخطيرة فهي مثلا ليست لجنة انضباط او لجنة تأديبية (Disciplinary Committee) كما هو الحال في لجنة الانضباط في الاتحاد العراقي لكرة القدم فكل منهما تخصص مختلف تماما ولا يوجد تداخل بينهما بدليل ان مدونة او قانون الاخلاقيات (Code of Ethics) كلجنة وكقانون منفصل ومستقل تماما عن لجنة الانضباط او اللجنة التأديبية وقانونها (Disciplinary Code) في الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، لهذا كل ما يحصل من خروقات ذات صبغة أخلاقية في كل كيان رياضي عراقي هناك مأزق للأسباب التي مر ذكرها ومثال الاتحاد العراقي لكرة القدم في انظمته الأساسية قد نسج على منوال اتحاد القاري (AFC – Asian Football Confederation) من انه دمج لجنة الانضباط بلجنة الاخلاقيات فأطلق عليها تسمية (لجنة الانضباط والاخلاق Discipline and Ethics Committee) لكن عند الاطلاع على مهامها وقراراتها الاعتيادية الغالبة نجد انها محض لجنة انضباط او لجنة تأديبية لا اكثر ولا اقل ويهدد هذا النقص الخطير والجسيم بشرعية لتلك الكيانات الرياضية (لعدم تطبيقها مبادئ الحوكمة الرشيدة كما مر أعلاه) فضلا عن وجود معضلة في السند القانوني واللجنة المختصة في تطبيق تلك الخروقات وما حالة العضوين (د. رشا طالب ذياب التميمي والسيد غالب الزاملي) الا مثال بسيط على وجود اشكال في إيجاد الآلية القانونية السليمة بالتعامل معها لذا لا يمكن استبعاد التصرفات الارتجالية في اتخاذ هكذا قرارات لعدم أسباب أهمها:
1 – هل هما وحدهما من يخرقان مبدأ تضارب المصالح ؟
2 – ما هي اللجنة المختصة في نظر هذه الخروقات كي يحيلها اليها رئيس اللجنة التنفيذية بالاتحاد)
3 – ما هي الجهة الاستئنافية المختصة للنظر في هكذا قرارات خطيرة تحمل صبغة قضائية بحتة اتخذتها لجنة غير مختصة وهي هيئة إدارية بأمتياز ؟! ثم
(وهذا مهم جدا لا نعلم كيف تغافله رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية) ان السيدة د. رشا طالب لديها (كوتا نسوية Feminist quota) وهنا نحن إزاء حالتين مختلفتين بين وجوب اعمال (الكوتا) وبين وجوب تطبيق (عدم تضارب المصالح) وهنا تنبري الأهمية القصوى لوجود او إيجاد لجنة اخلاقيات بالاتحاد والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه ؟ ما هي صعوبات إيجاد هذه اللجنة في الاتحاد العراقي حاليا ؟ (لا توجد فقط فتح باب الترشيحات مع وضع شروط الترشيح ولمدة معينة ثم التصويت عليهم من الجمعية العمومية يعني فترة شهر كافية جدا لحسم الامر) وبالتالي تحيل اللجنة التنفيذية اية حالة فيها خرق للانتهاكات المذكورة أعلاه للجنة الاختصاص للبت بها لأنها ليست شأنا خاصة برئيس وأعضاء الاتحاد العراقي (اللجنة التنفيذية) (لأنها قرارات قانونية قضائية وليست قرارات إدارية تنفيذية) فهي خروقات تبت بها لجنة قضائية مختصة وليست هيئة إدارية(*) والان السؤال الذي يطرح نفسه :
ما هو السند القانوني لاستبعاد د. رشا طالب والسيد غالب الزاملي ؟
السند القانوني هو: الفقرة (ش) من المادة (39) الموسومة بـ(الصلاحيات) من النظام الأساسي للاتحاد العراقي لكرة القدم وكالآتي:
(تتمتع اللجنة التنفيذية بالصلاحيات التالية:
ش) فصل عضو ما من هيئة او تعليق عضو ما في الاتحاد العراقي لكرة القدم مؤقتاً حتى الجمعية العمومية التالية).
معناها الفصل او التعليق المؤقت يستمر حتى انعقاد الجمعية العمومية العادي السنوي (م 31 من النظام الأساسي لعام 2021) للبت بهذا الفصل او التعليق المؤقت او حتى الانعقاد الاستثنائي (غير العادي) لها. ثم البت بهذا القرار بشكل نهائي وحاسم بموجب (م 32/ 1 – ح) من هذا النظام الأساسي وكالآتي:
(ح) تعليق عضوية الأعضاء أو طردهم (إذا وجد).
والان ما هي الجهة القضائية الداخلية في الاتحاد او الخارجية (بالعراق او خارجه) للطعن بهكذا نوع من القرارات؟
ج: للأسف كان الامر سيكون يسيرا لو تم انشاء او تأسيس لجنة الاخلاقيات لأنه طريق الطعن على قراراتها مرسوم وواضح لا بل حتى رئيس الاتحاد والأعضاء معه كان امرهم سيكون يسيرا جدا بإحالة كل مخالف لتلك اللجنة (بضمنها البت حول الأفضلية والتقديم بين الكوتا النسوية ام مبدأ تضارب المصالح ! كحالة د. رشا المثيرة للجدل خصوصاً) لكن في ظل غياب هذه اللجنة المهمة بالاتحاد، صار هنا تداخل وتجاوز لصلاحيات هيئة إدارية (كاللجنة التنفيذية بالاتحاد) فصارت تتمتع بقرارات ذا صبغة قانونية وقضائية بحتة (كالفصل والتعليق المؤقت) وهذا خطير ويضرب مبدأ الحوكمة الرشيدة بالصميم بدليل عدم وجود طريق للطعن الداخلي على هكذا قرارات خطيرة وجسيمة بحق الأعضاء ! وهنا ليس امام العضو المتضرر الا اللجوء اما:
1 – محكمة المنازعات الرياضية في العراق بموجب قانون الاتحادات الرياضية رقم 24 لسنة 2021 لإزالة الضرر (وقد يدفع الاتحاد العراقي بحظر الطعن امام هذه المحكمة بداعي النظام الأساسي للفيفا والنظام الأساسي للاتحاد العراقي لكرة القدم الذي جعل الحق الحصري للتقاضي ضدها امام محكمة التحكيم الرياضية CAS في لوزان).
2 – محكمة التحكيم الرياضية CAS في لوزان بموجب المادة (66/ 3) من النظام الأساسي للاتحاد العراقي لكرة القدم لعام 2021 والنظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) وفق المادة (57) منه لكنه يلاحظ ان هذه المحكمة لا تنظر الدعاوى المقامة امامها بصفتها الأصلية او الابتدائية (First Instance) او حتى بصفتها الاستئنافية (Appeals Court) توجب استنفاد طرق الطعن الداخلية (Internal remedies) امام الهيئات القضائية الداخلية للاتحاد ثم إقامة الدعوى أمامها خلال فترة (21) يوما (وفق القاعدة 49 من القواعد الإجرائية procedural rules لمحكمة التحكيم الرياضية CAS) ومع ذلك للمتضرر في ظل وجود هذا النقص والغياب للنص التشريعي ممكن ان يقدم طعناً بهذا الاجراء ثم يتجه لهذه المحكمة ثم يدفع بغياب هذه الضمانة الشكلية المهمة التي انتهكت من هذا الكيان الرياضي ولا يد للمشتكي فيه فقط لحماية حقه بالتقاضي امام هذه المحكمة الدولية وستنظر المحكمة الأخيرة بهذه الدعوى وتمضي قدما فيها بصفتها الاستئنافية كمحكمة استئناف (Court of Appeals).


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) لعل هناك من يرد علينا بأن هذا الحق وتلك السلطة للجنة التنفيذية (او الهيئة الإدارية) مكفولة بموجب قوانين راسخة كقانون الأندية الرياضية رقم 18 لسنة 1986 المعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1988 وتحديداً بالبند (4) الفقرة (ثالثاً) المادة (15) منه، ونحن نرد بالقول هذا القانون شرع أصلاً قبل وجود مبادئ الحوكمة الرشيدة التي طغت على اللوائح الدولية والتشريعات الوطنية الرياضية بعد الألفية الثالثة تقريباً لأسباب كثيرة لذا لا يمكن الاحتجاج بهذه القوانين التي تنقصها تلك المبادئ المهمة وفيها نقص خطير فضلاً عن مخالفتها للعديد من المبادئ الأولمبية والدولية الرياضية وحاولت السلطة التشريعية بالعراق تشريع قانون جديد بدلا عنه غير انه لم يحصل الاتفاق داخل قبة البرلمان في الدورة المنتهية ولأسباب خارجة عن إرادة لجنة الشباب والرياضة البرلمانية.


المحامي وليد محمد الشبيبي
الخبير باللوائح والقوانين الرياضية الدولية والوطنية ولوائح مكافحة المنشطات والخبير بالمنازعات الرياضية
بغداد – الخميس الموافق ٢٣ كانون الأول / ديسمبر 2021

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...