اما عن الاستنتاج والخاتمة٬ عنهما نقول؛
وأخيرا٬ فإن الرؤية عند المفكر العراقي الزاهد هي رؤية برزخية٬ لأنها تمنح من ثقافة التنوع والأختلاف والأختيار٬ كثقافة متصلة ـ حوارية تؤمن بالمنظومة القيميية المعرفية والوجودية للأختلاف على تنوعها (لا) الإخلال بأختيارها٬ إذ بموجبها ينظر إلى ثقافة الفضيلة بأعتبارها أفلاك وكواكب تحيط مركزها "الذات"؛ أي "فيوضات" ذاتية متعددة في الأبعاد وجوهرها وهويتها. فهي مدرك عقل أو لا عقل أو تخيال٬ يستخرج منها شيء ينتفع به٬ النفيس الذي تتخذ منه الفصوص ونحوها الحر٬ ملكة الحكم٬ كما أنها نفس لها أهواؤها وأشواقها وأنفعالاتها٬ آمالها و ألامها٬ وأيضا جسد له فطرة قرائحه وسجية غرائزه. هذا إضافة إلى أنها جوهر ذات لها ماض وحاضر ومستقبل٬ فردية أحادية وجماعية مشاركة. ومن هنا يعتبر المفكر العلوي٬ في هذه الرؤية٬ بأن حل أزمة ثقافة الفضيلة في الذات العربية المعاصرة٬ ثقافة عضوية فاضلة٬ كأزمة متعززة السمات ومتعددة الأوجه٬ لا يمكن أن يكون إلا حلا "برزخيا" عماده تجنب أختزال الذات٬ أو٬ إخلال فاعلية أفلاكها في بعد من أبعادها المختلفة والمتعددة عن حمولاتها المتنوعة٬ وذلك بالنظر إليها نظرة قوامها بينية٬ بموجبها يصبح وجودها قائما على تخوم كل من فاعلية العقل وسكينة القلب وأنفعالات المتخيال٬ ومحتوى الروح وإطار الجسد٬ وتفاصيل قوة الأنا وتحديات فرص الآخر٬ والاستفراغ والأستكمال٬ والاجادة والأستمكان٬ والتراث والحداثة وما بعدها. وهذا من شأنه أن يضفي على هذه الذات مزيد أفلاك وكواكب وفيوضات ثقافية فاضلة لها من الرشاقة والإرادة التي بموجبها لا تتعدد أبعادها وتتصارع إلا لتتوحد مهامها وتتساكن غاياتها٬ والعكس. وهذه الرشاقة٬ السمة التي تؤمن ضمان سعة حريتها وتنوع وأختلاف وأختيار فعاليتها المتصلة والمتعددة في أبعادها وجوهرها وهويتها.
وعليه:
هكذا إذن٬ يمكننا الأن أن نترشق ونخلص أيضا مما سبق عن ما ورد في جميع الحلقات الماضية٬ إلى أننا أمام منهج الباحث العراقي الزاهد هادي العلوي٬ شكل قفزة نوعية في الفلسفة العضوية الزاهدة والثقافية البرزخية الفاضلة التي تؤطر منهجية عمله٬ وذلك للفوائض القيمية التالية:
أولا: فائض قيميي يتجلى في كوننا أمام رؤية لمنهج قد أنتقل بموجبه ـ صاحبنا ـ إلى تنقيب ونظر موضوعات ظلت في كتابات سابقة متشابكة٬ عويصة بتداخلاتها مع الإنشغالات النظرية٬ بل ومتسترة بزويها خلف هذه النشغالات٬ ألا وهي قضية العقل الوظيفي وأهمية عضوية ثقافته العملية٬ وما يحيل عليهما من رد الأعتبار لما كان يطلق عليه اليسار العربي بـ"حضور الغائب الضروري"٬ بما هو بحث في مهام ثقافة المجتمع والسياسة والأخلاق٬ وبالتالى في مهام ثقافة الفضيلة كأفلاك وكواكب جوهرها الذات في علاقتها بالمدينة. وهو رد أعتبار ملزم ارتباطه لدى مفكرنا العلوي٬ بإعادة النظر في مفهوم الدلالة الغنية والمهمة على العقل النظري/الاستقرائي٬ فهذه الأخيرة لا تتطوق ولا تضيق هنا فيما هو استقرائي٬ بل تتجاوز ذلك إلى ما هو ثقافة فضيلة وظيفية وسياسية واجتماعية وعلمية عامة. لذلك لم ينظر الاستاذ هادي العلوي٬ في مناقب قراءته هنا للفكر العربي الإسلامي٬ إلى مهمته في أنها تنطوي مقيدة حصرها في تحويل وتغيير الموجودات إلى مدركات معقولة٬ أو في التوظيف بتلقينات أو تقويلات يكسو عليها غطاء التجريد٬ بل ينظر ويتبئر إليها بكونها تتجاوز ذلك إلى تحويل هذه المدركات عن المعقولات أوالتقاويل (= الأخبار) إلى موجودات٬ كتحويل وتغيير بمثابة عتبة لمداخل نزوع هؤلاء إلى الإنغماس في تأثر معاني الوجود والتأثير العضوي الوظيفي فيه ثقافة سياسية وأجتماعية وأخلاقية عن طبيعة التحول والانتقال والتغيير.
ثانيا: فائض قيمي يتفتح في الأنتقال بمفكري التراث العربي الإسلامي إلى مفكروا الشرق ـ الفلسفة التاوية ـ من كونهم مجرد هوامش فكرية٬ أو مجرد مهتمين بأمور نظرية٬ إلى مفكرين ينجز توحدهم منطق "جدلي" في وظائفهم العملية في غوص عمقهم بقضايا متجددة عملياتيا هي مدارات وأفلاك ثقافة الفضيلة في الذات الإنسانية٬ من حيث تظافر جهودهم في حوامل حيطتها بمختلف أبعاد أفلاك وكواكب ثقافة الفضيلة وأبعاد مركزها ـ الذات ـ بآدوات وأساليب منهجية تمهد لتحررها وإثبات نجاعة فاعليتها وفق هذا النمط أو ذاك درجة.
ثالثا: فائض قيمي يستشرف مزيدا من الوضوح والشمولية على فكرة كثيرا ما أشار إليها المفكر الأستاذ العلوي في كتاباته الثقافية/اليسارية النقدية٬ وتتجلى في مساهمة مفكري التراث في الحداثة٬ وخاصة في بعدها الثقافي العضوي العملي؛ أي في آفاق ثقافة الفضيلة وآفاق عضوية ذاتها في المشاركة٬ ابان الحداثة وبعد تحولاتها الاجتماعية والسياسية والأخلاقية٬ وهي مشاركة لا ترقى إلى مستوى الرضى والقناعة في قيمة هذا التراث٬ أكثر مما تنحدر فيه إلى مستوى الأستضعاف والتهاون من قيمة ثقافته٬ والأستخاف من فضائل عطاءات جوهر ذاته.
رابعا: الفائض القيمي الرابع هو أننا أمام رؤية ومنهج يكشف بمزيد من التبئر والحرص بأن ـ صاحبنا ـ ملتزم بذلك العمق وشائج المتن الذي يربط تدخل الفلسفة بصنعة الحداثة٬ فالتدخل الفلسفي في رؤيته قد كشفت الزواء والتخفي أكثر عن كون مفكرنا العراقي المبدع لا يعتبرها مجرد تزين فكري مترف٬ بل إنها تاريخ وحاضر ومستقبل فلسفي إسلامي (مشترك عمقه عربيا)٬ فلسفيا عبر تاريخها٬ مازالت تكافح٬ رابطة جأشها عزوم ألتزام ضخامة تراثيها الثري شكيمة بالدفاع عن حداثة ثقافة فضيلة هذه الذات٬ والتي لن نجد إنجازات تتحققها مستكملة إلا في بيئة ثقافة فضائل عضويتها مدنية الدولة٬ وتنوع وتعدد واختلاف وآختيار أساوب تماسك منهجها الناجع.
وهنا٬ استتمنا أختتام جميع حلقات المقال٬ أنتهى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• المكان والتاريخ: أوكسفورد ـ 12.27.21
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة)
وأخيرا٬ فإن الرؤية عند المفكر العراقي الزاهد هي رؤية برزخية٬ لأنها تمنح من ثقافة التنوع والأختلاف والأختيار٬ كثقافة متصلة ـ حوارية تؤمن بالمنظومة القيميية المعرفية والوجودية للأختلاف على تنوعها (لا) الإخلال بأختيارها٬ إذ بموجبها ينظر إلى ثقافة الفضيلة بأعتبارها أفلاك وكواكب تحيط مركزها "الذات"؛ أي "فيوضات" ذاتية متعددة في الأبعاد وجوهرها وهويتها. فهي مدرك عقل أو لا عقل أو تخيال٬ يستخرج منها شيء ينتفع به٬ النفيس الذي تتخذ منه الفصوص ونحوها الحر٬ ملكة الحكم٬ كما أنها نفس لها أهواؤها وأشواقها وأنفعالاتها٬ آمالها و ألامها٬ وأيضا جسد له فطرة قرائحه وسجية غرائزه. هذا إضافة إلى أنها جوهر ذات لها ماض وحاضر ومستقبل٬ فردية أحادية وجماعية مشاركة. ومن هنا يعتبر المفكر العلوي٬ في هذه الرؤية٬ بأن حل أزمة ثقافة الفضيلة في الذات العربية المعاصرة٬ ثقافة عضوية فاضلة٬ كأزمة متعززة السمات ومتعددة الأوجه٬ لا يمكن أن يكون إلا حلا "برزخيا" عماده تجنب أختزال الذات٬ أو٬ إخلال فاعلية أفلاكها في بعد من أبعادها المختلفة والمتعددة عن حمولاتها المتنوعة٬ وذلك بالنظر إليها نظرة قوامها بينية٬ بموجبها يصبح وجودها قائما على تخوم كل من فاعلية العقل وسكينة القلب وأنفعالات المتخيال٬ ومحتوى الروح وإطار الجسد٬ وتفاصيل قوة الأنا وتحديات فرص الآخر٬ والاستفراغ والأستكمال٬ والاجادة والأستمكان٬ والتراث والحداثة وما بعدها. وهذا من شأنه أن يضفي على هذه الذات مزيد أفلاك وكواكب وفيوضات ثقافية فاضلة لها من الرشاقة والإرادة التي بموجبها لا تتعدد أبعادها وتتصارع إلا لتتوحد مهامها وتتساكن غاياتها٬ والعكس. وهذه الرشاقة٬ السمة التي تؤمن ضمان سعة حريتها وتنوع وأختلاف وأختيار فعاليتها المتصلة والمتعددة في أبعادها وجوهرها وهويتها.
وعليه:
هكذا إذن٬ يمكننا الأن أن نترشق ونخلص أيضا مما سبق عن ما ورد في جميع الحلقات الماضية٬ إلى أننا أمام منهج الباحث العراقي الزاهد هادي العلوي٬ شكل قفزة نوعية في الفلسفة العضوية الزاهدة والثقافية البرزخية الفاضلة التي تؤطر منهجية عمله٬ وذلك للفوائض القيمية التالية:
أولا: فائض قيميي يتجلى في كوننا أمام رؤية لمنهج قد أنتقل بموجبه ـ صاحبنا ـ إلى تنقيب ونظر موضوعات ظلت في كتابات سابقة متشابكة٬ عويصة بتداخلاتها مع الإنشغالات النظرية٬ بل ومتسترة بزويها خلف هذه النشغالات٬ ألا وهي قضية العقل الوظيفي وأهمية عضوية ثقافته العملية٬ وما يحيل عليهما من رد الأعتبار لما كان يطلق عليه اليسار العربي بـ"حضور الغائب الضروري"٬ بما هو بحث في مهام ثقافة المجتمع والسياسة والأخلاق٬ وبالتالى في مهام ثقافة الفضيلة كأفلاك وكواكب جوهرها الذات في علاقتها بالمدينة. وهو رد أعتبار ملزم ارتباطه لدى مفكرنا العلوي٬ بإعادة النظر في مفهوم الدلالة الغنية والمهمة على العقل النظري/الاستقرائي٬ فهذه الأخيرة لا تتطوق ولا تضيق هنا فيما هو استقرائي٬ بل تتجاوز ذلك إلى ما هو ثقافة فضيلة وظيفية وسياسية واجتماعية وعلمية عامة. لذلك لم ينظر الاستاذ هادي العلوي٬ في مناقب قراءته هنا للفكر العربي الإسلامي٬ إلى مهمته في أنها تنطوي مقيدة حصرها في تحويل وتغيير الموجودات إلى مدركات معقولة٬ أو في التوظيف بتلقينات أو تقويلات يكسو عليها غطاء التجريد٬ بل ينظر ويتبئر إليها بكونها تتجاوز ذلك إلى تحويل هذه المدركات عن المعقولات أوالتقاويل (= الأخبار) إلى موجودات٬ كتحويل وتغيير بمثابة عتبة لمداخل نزوع هؤلاء إلى الإنغماس في تأثر معاني الوجود والتأثير العضوي الوظيفي فيه ثقافة سياسية وأجتماعية وأخلاقية عن طبيعة التحول والانتقال والتغيير.
ثانيا: فائض قيمي يتفتح في الأنتقال بمفكري التراث العربي الإسلامي إلى مفكروا الشرق ـ الفلسفة التاوية ـ من كونهم مجرد هوامش فكرية٬ أو مجرد مهتمين بأمور نظرية٬ إلى مفكرين ينجز توحدهم منطق "جدلي" في وظائفهم العملية في غوص عمقهم بقضايا متجددة عملياتيا هي مدارات وأفلاك ثقافة الفضيلة في الذات الإنسانية٬ من حيث تظافر جهودهم في حوامل حيطتها بمختلف أبعاد أفلاك وكواكب ثقافة الفضيلة وأبعاد مركزها ـ الذات ـ بآدوات وأساليب منهجية تمهد لتحررها وإثبات نجاعة فاعليتها وفق هذا النمط أو ذاك درجة.
ثالثا: فائض قيمي يستشرف مزيدا من الوضوح والشمولية على فكرة كثيرا ما أشار إليها المفكر الأستاذ العلوي في كتاباته الثقافية/اليسارية النقدية٬ وتتجلى في مساهمة مفكري التراث في الحداثة٬ وخاصة في بعدها الثقافي العضوي العملي؛ أي في آفاق ثقافة الفضيلة وآفاق عضوية ذاتها في المشاركة٬ ابان الحداثة وبعد تحولاتها الاجتماعية والسياسية والأخلاقية٬ وهي مشاركة لا ترقى إلى مستوى الرضى والقناعة في قيمة هذا التراث٬ أكثر مما تنحدر فيه إلى مستوى الأستضعاف والتهاون من قيمة ثقافته٬ والأستخاف من فضائل عطاءات جوهر ذاته.
رابعا: الفائض القيمي الرابع هو أننا أمام رؤية ومنهج يكشف بمزيد من التبئر والحرص بأن ـ صاحبنا ـ ملتزم بذلك العمق وشائج المتن الذي يربط تدخل الفلسفة بصنعة الحداثة٬ فالتدخل الفلسفي في رؤيته قد كشفت الزواء والتخفي أكثر عن كون مفكرنا العراقي المبدع لا يعتبرها مجرد تزين فكري مترف٬ بل إنها تاريخ وحاضر ومستقبل فلسفي إسلامي (مشترك عمقه عربيا)٬ فلسفيا عبر تاريخها٬ مازالت تكافح٬ رابطة جأشها عزوم ألتزام ضخامة تراثيها الثري شكيمة بالدفاع عن حداثة ثقافة فضيلة هذه الذات٬ والتي لن نجد إنجازات تتحققها مستكملة إلا في بيئة ثقافة فضائل عضويتها مدنية الدولة٬ وتنوع وتعدد واختلاف وآختيار أساوب تماسك منهجها الناجع.
وهنا٬ استتمنا أختتام جميع حلقات المقال٬ أنتهى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• المكان والتاريخ: أوكسفورد ـ 12.27.21
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة)