استمتعت بقراءة "صحوة قلب" وهي مجموعة قصصية للقاصة السودانية بثينة خضر مكي والصادرة عن دار مجاز بالقاهرة.
عتبة المجموعة تبدأ بالعنوان "صحوة"، والمعنى هنا مقطوع الفحوى، عن مجالس الإسناد العشائرية "المليشياوية" التي ظهرت في العراق عام 2006.
الصحوة في قصة بثينة خضر مكي جاءت بمعنى "الإحياء /الإفاقة" واستعادة اللوحة الإنسانية للسودان التي أخفت تضاريسها وقسمات وجهها المسكون بنسمات الفطرة والعفوية والجمال، والعطاء الروحي، طلاء صدًر صورة مخيفة عن بلد قديم يجلس على خزينة من التاريخ ينطق بلسان شاعر النيل حافظ إبراهيم (1872 ـ 1932):
أنا البحرُ فى أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ.. فَهَلْ سَأَلُـوا الغَـوَّاصَ عَـنْ صَدَفَاتـى؟
لفت انتباهي خروج "مكي" من إسار ووصاية السلطة الأبوية لـ"الكبار" وصنعت لنفسها رؤية تقاوم تيار الإبهار وثقل قبضته الغليظة على المبدعين الجدد.. وهي ظاهرة تخنق بخيط من حرير عنق نزعات الخيال التي ما انفكت تتلمس أولى خطواتها الغضة على درج عالم الرواية.
يتجلى ذلك في قصتها "الخواجاية" والتي تحررت فيها من قبضة الإبهار بابن بلدها السوداني الطيب صالح. فعلى الرغم من أنه ليس بوسع الناقد أن ينكر وجود "تناص/تعالق نصي" مع روايته الشهيرة "موسم الهجرة إلى الشمال" إلا أنها أدانت الأخيرة من خلال سردية مغايرة، فبدلا من الاستسلام لمشاعر "الدونية" أمام الاستعمار القديم "انجلترا" واستسهال استدعاء أساطير وخرافة تفوق فحولة الرجل الشرقي على فحولة الرجل الغربي، وتوظيفها في الاقتصاص من المستعمر القديم، بمضاجعة نسائه على فراش الرذيلة، ارتقت "مكي" بالسودان وجعلته "قبلة" يمم الغربيون وجوههم شطره بحثا عن الاستشفاء من أمراض، بما يملكه من "طب بديل" وطاقة روحية يدلف إليها الباحثون عن دفء يتدثرون به ويقيهم وجع ميكنة الحداثة الفظة والباردة.
مكي .. في قصصها اعتمدت بنية نص تقريرية، وانعطفت به بعيدا عن زحمة المجاز وتشظيه، وهي مهارة استشرفت "مزاج" القارئ وقدرته على الصبر. فتزاحم المجاز يجعل النص بيئة مكتظة بالجلبة المزعجة وغير مرحبة بطبيعة الحال بالقارئ كطرف أصيل يشعر بالمتعة وهو يشارك في صناعة النص وانفتاحه على فضاء تأويلي بلا نهاية
عتبة المجموعة تبدأ بالعنوان "صحوة"، والمعنى هنا مقطوع الفحوى، عن مجالس الإسناد العشائرية "المليشياوية" التي ظهرت في العراق عام 2006.
الصحوة في قصة بثينة خضر مكي جاءت بمعنى "الإحياء /الإفاقة" واستعادة اللوحة الإنسانية للسودان التي أخفت تضاريسها وقسمات وجهها المسكون بنسمات الفطرة والعفوية والجمال، والعطاء الروحي، طلاء صدًر صورة مخيفة عن بلد قديم يجلس على خزينة من التاريخ ينطق بلسان شاعر النيل حافظ إبراهيم (1872 ـ 1932):
أنا البحرُ فى أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ.. فَهَلْ سَأَلُـوا الغَـوَّاصَ عَـنْ صَدَفَاتـى؟
لفت انتباهي خروج "مكي" من إسار ووصاية السلطة الأبوية لـ"الكبار" وصنعت لنفسها رؤية تقاوم تيار الإبهار وثقل قبضته الغليظة على المبدعين الجدد.. وهي ظاهرة تخنق بخيط من حرير عنق نزعات الخيال التي ما انفكت تتلمس أولى خطواتها الغضة على درج عالم الرواية.
يتجلى ذلك في قصتها "الخواجاية" والتي تحررت فيها من قبضة الإبهار بابن بلدها السوداني الطيب صالح. فعلى الرغم من أنه ليس بوسع الناقد أن ينكر وجود "تناص/تعالق نصي" مع روايته الشهيرة "موسم الهجرة إلى الشمال" إلا أنها أدانت الأخيرة من خلال سردية مغايرة، فبدلا من الاستسلام لمشاعر "الدونية" أمام الاستعمار القديم "انجلترا" واستسهال استدعاء أساطير وخرافة تفوق فحولة الرجل الشرقي على فحولة الرجل الغربي، وتوظيفها في الاقتصاص من المستعمر القديم، بمضاجعة نسائه على فراش الرذيلة، ارتقت "مكي" بالسودان وجعلته "قبلة" يمم الغربيون وجوههم شطره بحثا عن الاستشفاء من أمراض، بما يملكه من "طب بديل" وطاقة روحية يدلف إليها الباحثون عن دفء يتدثرون به ويقيهم وجع ميكنة الحداثة الفظة والباردة.
مكي .. في قصصها اعتمدت بنية نص تقريرية، وانعطفت به بعيدا عن زحمة المجاز وتشظيه، وهي مهارة استشرفت "مزاج" القارئ وقدرته على الصبر. فتزاحم المجاز يجعل النص بيئة مكتظة بالجلبة المزعجة وغير مرحبة بطبيعة الحال بالقارئ كطرف أصيل يشعر بالمتعة وهو يشارك في صناعة النص وانفتاحه على فضاء تأويلي بلا نهاية