تابع
الدراسة الرابعة :دراسة حول : ( الظواهر والعادات والتقاليد الشعبية والاجتماعية التراثية "الفلكلور الشعبي" والمعاصرة ) في قصص الأديب خالد همام
كنت في مقال سابق دار حول قصص الأديب خالد همام قد وعدت بإعداد دراسة عن الظواهر الاجتماعية والنفسية في قصص الأديب خالد همام ، وها هو الوعد يتم الوفاء به – بفضل الله وتوفيقه- فها هي هذه الدراسة تدور حول الشق الأول من الوعد حيث يتناول الظواهر والعادات الاجتماعية التراثية "الفلكلور الشعبي" والمعاصرة ) في قصص الأديب خالد (الجزء الأول )، وندعو الله أن يوفقنا لإعداد أجزاء هذه الدراسة ،وإعداد الشق الثاني من الوعد " الظواهر النفسية في قصص الأديب خالد همام "، ونقول في استهلال هذا المقال وبالله التوفيق :
إنه ببراعة ومهارة كاتب مثقف اجتماعيا وملم بالعادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية القديمة والعصرية استطاع الأديب خالد همام أن يضمن قصصه العديد من العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية التي شاهدها الكثير منا الايجابي منها على أرض الواقع في الكثير من أريافنا ومدننا وسكانها الطيبين، وكذا العادات ،والظواهر الغريبة التي طفت على السطح مؤخرا ،وهي غريبة كل الغرابة عن طبيعة مجتمعاتنا ما كنا لنسمع بها قط، ولما كان الأديب خالد همام كاتب ارتبط بالحدث فور حدوثه (1)وحرص قلمه على الحديث عنه من خلال الفن القصصي رأيناه يرصد بعدسته يصور لنا كل ما يحدث على أرض الواقع ،فمن أبرز ما يميز قصص الأديب خالد همام التي تدور حول شخصيتين رئيستين (مسعود وباتعة )التي تظهر القصص مدى العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية التي تظهر من خلال سلوكيتهما وتصرفاتهم وأفعالهم .
أسئلة الدراسة :
تحاول هذه الدراسة بيان أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية التي تضمنتها قصص الأديب خالد همام من خلال الإجابة عن السؤال الرئيس التالي :
ما أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام؟ وما شواهدها في هذا القصص؟
ويتفرع من هذا السؤال السؤالان التاليان :
المحور الأول : أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام.
المحور الثاني : ما شواهد العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام؟
وفيما يلي البيان والتفصيل :
المحور الأول : أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام:
من خلال القراءة والتحليل لقصص الأديب خالد همام يتضح لنا أن الأديب خالد همام أورد في قصصه العديد من العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية من أبرزها :
غلي الكمون لعلاج المغص، دلك الأقدام لتخفيف آلام العظام، زيارة الموتى، تعانق الأصدقاء(بالأحضان ) بعد طول غياب، عرض الحفلات وأفلام الحرب الوطنية يوم السادس من أكتوبر، الإكثار من أكل العدس في فصل الشتاء، ربط الرأس بقطعة قماش سوداء عند الحزن، عادات الأكل والشرب لدى بعض الشعوب، عادة وظاهرة التأخر في الزواج بحجة عدم القدرة المالية، التفاعل الاجتماعي مع ما يبث في التلفاز ووسائط التواصل الاجتماعي، الأعصاب ،عادة التنقل بين القنوات الفضائية ،عادة وظاهرة الحلف بالنبي(صلى الله عليه وسلم ) ظاهرة التعصب في التشجيع الرياضي وما يصاحبها من خلاف ونزاع ، عادة طبق البيض المقلي بجانب طبق الفول عند الإفطار في الصباح ،عادة ذبح الفراخ التي لا تبيض ، عمل الشباب ذوي المؤهلات العليا في أي عمل شريف متاح ، عادة زيارة الجيران وعيادة المريض والحزن عليهم لمرضهم،
عادة التلاقي وجها لوجه في موسم التصحيح، عادة :التشاور في حل مشكلات الجيران ، عادة :التشاور في حل مشكلات الجيران ،حب مشاهدة مباريات كرة القدم
المحور الثاني : شواهد العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام :
فيما يلي عرض لأبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية وشواهدها في قصص الأديب خالد همام يتم عرضها على النحو التالي :
غلي الكمون لعلاج المغص :
وفي هذا يقول الأديب خالد همام في مطلع قصة :"مسعود في رحاب المدرسة ... ":" فجر الخميس شعر مسعود بمغص شديد وتردد على الحمام عدة مرات دون جدوى ...
شعرت باتعة بآلام زوجها فقامت على الفور بغلي الكمون وبمجرد شربه لذاك المشروب السحري زال عنه الوجع ".
دلك الأقدام لتخفيف آلام العظام :
وعن وعادة دلك الأقدام لتخفيف آلام العظام وعادة عمل التقلية كل يوم خميس ، :يقول الأديب خالد همام أيضًا في قصة مسعود في حالة رضا ...... :"الليلة ستكون رائعة... فكل مكوناتها جميلة ... مرتب الشهر في جيبي ... وعلبة البسبوسة في يدي ... وتقلية باتعة بالبصل الأحمر والفلفل الحار تنتظرني ... والنكت ستجعل أولادي يضحكون من أعماق قلوبهم ... وسوف أدلك أقدام أمي حتى اخفف من آلام عظامها ...
زيارة الموتى:
وفي هذا يقول الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في اليابان ... ":"
قفزت الفرحة إلى قلب باتعة فاتسعت عيناها الضيقتان مندهشة ومتساءلة :
بجد يا سي مسعود ؟! ممكن نسافر ... طيب إزاي وبكام وأمتى ؟! أحنا يدوب بنروح نزور الميتين كل أول شهر والحمد لله بنرجع تاني بخير وسلامة.
ويقول الأديب خالد همام أيضًا في قصة مسعود في شرطة الآثار ... :"
أشرقت شمس الجمعة الثانية من نوفمبر ومسعود يطوي الأرض في طريقه للمقابر لزيارة والده المتوفي منذ 30 عاما مصطحبا زوجته باتعة"
تعانق الأصدقاء(بالأحضان ) بعد طول غياب :
فمن العادات عادة تعانق الأصدقاء بعد طول غياب، وعادة التعلق الشديد بالأفلام والمسلسلات التي تناقش قضايا اجتماعية ،وظاهرة التبرك ببعض الأشياء التي لا تضر ولا تنفع ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في الصالة ":"مال عامل الزاوية على مسعود قائلا :
يا استاذ مسعود فيه حجر هناك بركة جبناه من مسجد سيدي بهلول ... اتيمم عليه ... وانجز علشان نلحق مسلسل ( ابوالبنات ) على أم بي سي مصر ... الليلة مصطفى شعبان هيتجوز صفيناز على سنة الله ورسوله .
تبسم مسعود من كلمات وامنيات عامل الزاوية الأعزب وخرج دون صلاة ...
عند خروجه من الزاوية سمع صوتا يناديه من على المقهى ...
التفت لصاحب الصوت فإذا به صديقه اللدود الأستاذ ( مجدي ) معلم التاريخ بالمرحلة الثانوية ..."
تعانق الصديقان طويلا رغم أنف الإجراءات الاحترازية وسأل مسعود صديقه عن أخباره وحاله فمنذ زمن طويل لم يتقابلا"
عرض الحفلات وأفلام الحرب الوطنية يوم السادس من أكتوبر
وعن عرض الحفلات وأفلام الحرب الوطنية يوم السادس من أكتوبر يقول الأديب خالد همام في قصة :"مسعود في العبور ... "
حل الخميس الأول من أكتوبر العظيم وحلت معه كل ذكريات التضحية والعطاء ...
في المساء اجتمعت أسرة مسعود الطيب حول الشاشة الفضية يتابعون حفلات وأفلام حرب السادس من أكتوبر العاشر من رمضان سنة ١٩٧٣ ...
باتعة تعشق فيلم ( أغنية على الممر ) فظلت تبحث عنه حتى عثرت عليه في قناة تعيش على الذكريات ...
شخصية الشاويش محمد ذاك الفلاح الذي نهض يحارب المحتل منذ ١٩٥٦ وترك داره وأرضه ليحرر وطنه تعجب باتعة كثيرا ...
ملامح الفنان ( محمود مرسي ) والتي جمعت بين الصرامة الشديدة والحب الغير محدود لجنوده الشباب وحرصه على قهر هجمات العدو الغادر بعزيمة أشد صلابة من الجبال ...
كل هذه الصفات جعلت باتعة تتمنى لو أن كل الرجال يتحلون بتلك السمات ...
لاحظ مسعود مدى اندماج زوجته مع سياق الدراما الواقعية فمازحها قائلا :الخميس ده باين عليه كله مشاعر وطنية يا باتعة !"
الإكثار من أكل العدس في فصل الشتاء :
وعادة الإكثار من أكل العدس في فصل الشتاء ومداومة أكله طوال الأسبوع عند بعض الناس ولبس الكستور وخياطة الملابس القديمة وحياكتها لمواصلة استخدامها عادة تدل على حكمة المرأة المصرية وحسن تدبيرها في إدارة المنزل اقتصاديا ، يقول الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في الستر "
هل سيعجبها طبق العدس وهو يتغول ويسود طوال الأسبوع؟!
بل هل يرضيها منظر الحارة وقد شاخت وسقطت أخر أشجارها منذ يناير ...
هل ستحتشم في حارة وتقدر عواطف أهلها ونصف سكانها من المتسربين والمدمنين والمتحرشين والعاطلين ؟!
أم أنها ستكون كالسيجارة التي ستشعل ما بقي من أعواد جافة في الحارة ؟!
فكر مسعود ثم فكر ...
ثم خلع نظارته واستغفر ...
ثم نادى :
إنتي فين يا باتعة ؟!
فردت باتعة بسرعة البرق :
أنا هنا يا سي مسعود ... بحاول أدبر هدوم شتوي للعيال و أعدل شنط المدرسة القديمة وبالمرة أخيط بيجامتك الكاستور"
ربط الرأس بقطعة قماش سوداء عند الحزن:
ومن العادات المنتشرة في بعض القرى : ربط الرأس بقطعة قماش سوداء عند الحزن، ومن العادات الحميدة المشاركة الوجدانية لأصحاب الأفضال علينا ،وعن هذه العادة يقول الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في الستر " :
تسلل إلى غرفة النوم ليستطلع الخبر فوجد باتعة وقد ربطت رأسها بقمطة سوداء والدموع تملأ عينيها الضيقتين وأنفها منتفخة حمراء ... شعر مسعود بالخوف على أمه العجوز فقال :
خير يا باتعة ... فيه إيه؟ ... أمي حصلها حاجة ؟
ردت باتعة في حزن :
أمك بخير يا سي مسعود .
تابع مسعود بغرابة :
طيب فيه إيه ؟
أجابت باتعة :
الست هالة ياسي مسعود تعبت من كتر الحمل اللي عليها ووقعت في مكتبها ونقلوها لمستشفى خاصة ... يا عيني عليها وعلى شبابها ... هلكت نفسها علشان تنقذنا من الكورونا وسافرت الصين في عز الأزمة وجابتلنا المصل "
عادات الأكل والشرب لدى بعض الشعوب :
استطاع الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في الستر " أن يسرد العديد من عادات الأكل لدى بعض الشعوب، حيث يقول :
في خضم تلك الغابة من الحسناوات راح يراجع حساباته الأولية في حارته المنسية ...
نعم قد أعد للعروسة غرفة مناسبة بالبيت ولكن هل تلك الغرفة ترضي أحلام شابة قادمة من بيروت ؟!
وهل ستأكل من طعامهم وتشرب من شرابهم وترضى بكل طوارئهم ؟!
هل ستستبدل سلطة الفواكه بحبة برتقال ؟!
هل سترضى أن يحل الماكريل محل الكافيار ؟!
هل سيعجبها طبق العدس وهو يتغول ويسود طوال الأسبوع؟!
بل هل يرضيها منظر الحارة وقد شاخت وسقطت أخر أشجارها منذ يناير ...
هل ستحتشم في حارة وتقدر عواطف أهلها ونصف سكانها من المتسربين والمدمنين والمتحرشين والعاطلين ؟!
أم أنها ستكون كالسيجارة التي ستشعل ما بقي من أعواد جافة في الحارة ؟!
فكر مسعود ثم فكر ...
ثم خلع نظارته واستغفر"
عادة طبق البيض المقلي بجانب طبق الفول في الصباح
فقد تحدث الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في العشَة .... " عن عادة طبق البيض المقلي بجانب طبق الفول في الصباح
اعتاد مسعود صباح كل خميس فقط أن يجد طبق البيض المقلي بجانب طبق الفول اليومي على طبلية الفطار لسبب لا يعلمه إلا الله ومسعود وزوجته ...
عادة ذبح الفراخ التي لا تبيض :
تحدث الأديب خالد همام عن عادة ذبح الفراخ التي لا تبيض في قصة :" مسعود في العشَة .... "
ولكنه هذا الخميس لم يجد طبق البيض وأخبرته زوجته ( باتعة ) بأنَ الفراخ لا تبيض منذ الخميس الماضي ...
انزعج مسعود من الخبر وهاج وماج وحمل سكينة المطبخ وصعد سلالم البيت العتيق ووصل السطح عاقدا العزم على ذبح كل الفراخ تطبيقا لقانون الطبيعة السرمدي ( الفرخة التي لا تبيض ليس لها إلا الذبح
عادة وظاهرة التأخر في الزواج بحجة عدم القدرة المالية :
تحدث الأديب خالد همام عن عادة وظاهرة التأخر في الزواج بحجة عدم القدرة المالية، كما تحدث عن الظاهرة الاجتماعية التي ظهرت مؤخرا في ظل التطور التقني وكترة ما تنشره وسائط التواصل الاجتماعي ،والتفاعل المجتمعي معها ، حيث يقول في قصة : مسعود في الهشتاج:"
انتصف ظهر الخميس ومازال مسعود قابعا على مكتبه القديم ينجز أعمال مصلحته الحكومية الروتينية من كل شهر إفرنجي ...
يحاول المسعود إنهاء كومة الأوراق الجاثمة على صدره ومكتبه بينما زميله الأستاذ ( منسي ) أشهر الموظفين العزاب بالمصلحة والتي تجاوز عامه الخامس والأربعين دون نكاح شرعي ( زواج ) منهمك في تليفونه الصيني يحملق بعينيه الجاحظتين في شقروات لبنان باحثا عن زوجة المستقبل البعيد ...
لأول مرة يشعل الغيظ أوتار قلب مسعود الرقيقة فيصرخ في زميله المنسي طالبا منه ترك التليفون ومساعدته لإنجاز الأوراق التي صارت في ذمة مسعود رغم أنها تخص الجميع ...
أعصاب منسي المحروم قسرا لا تتحمل الصراخ وها هو يسرع معتذرا لزميله المحترم الأستاذ مسعود قائلا :
أنا آسف يا صاحبي ... بس انت مش عارف ... الدنيا مقلوبة في لبنان ... والبنات عاملة حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للزواج بدون مهر ... والهشتاج مولع المنطقة كلها بعنوان ( لبنانيات بدون مهر ) ... وأنت عارف ظروفي ونفسي أدخل دنيا قبل ما أطلع معاش وأنزل الملعب تعبت من دكة العزاب وشدة الأعصاب .
كلمات المنسي الحزينة نزلت على أوتار قلب مسعود بالرحمة والإشفاق فنزعت منه الغضب وقام إلى زميله واحتضنه طالبا منه أن يطلعه على دقائق هذه الحملة الإنسانية"
التفاعل الاجتماعي مع ما يبث في التلفاز ووسائط التواصل الاجتماعي :
وظهر لنا التفاعل الاجتماعي مع ما يبث في التلفازفيما ذكره الأديب خالد همام في قصة "مسعود في أفغانستان " امبارح يا سي مسعود كنت بتفرج على التلفزيون وشفت رجالة طوال أوي و أكتافهم عريضة وليهم دقون كبييييييرة وتحس إني الواحد فيهم زي الأسد والمذيعة المدلعة بتاعتنا بتقول عنهم رجال طالبان... مين دول يا سي مسعود ؟"
وقوله في قصة : مسعود في الهشتاج:" أنا آسف يا صاحبي ... بس انت مش عارف ... الدنيا مقلوبة في لبنان ... والبنات عاملة حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للزواج بدون مهر ... والهشتاج مولع المنطقة كلها بعنوان ( لبنانيات بدون مهر ) ... وأنت عارف ظروفي ونفسي أدخل دنيا قبل ما أطلع معاش وأنزل الملعب تعبت من دكة العزاب وشدة الأعصاب
عادة التنقل بين القنوات الفضائية :
ظهرت لنا عادة التنقل بين القنوات الفضائية التلفازفيما ذكره الأديب خالد همام في قصة "مسعود في أفغانستان " وأمسك مسعود بريموت التلفاز وأخذ يقلب في قنواته حتى وصل لإحدى القنوات الغربية الناطقة بالعربية.... ؟"
عادة وظاهرة الحلف بالنبي(صلى الله عليه وسلم ):
ذكر الأديب خالد همام عادة وظاهرة الحلف بالنبي(صلى الله عليه وسلم )في قصة "مسعود في أفغانستان "
سكت مسعود واغرورقت عيناه بالدموع .
اقتربت باتعة من مسعودها ومسحت على صلعته قائلة:
ولا يهمك يا سي مسعود .... والنبي الغالي هتفرج ويمكن ربنا يكرمنا الليلة بعيل شديد يعوض اللي فات.
ظاهرة التعصب في التشجيع الرياضي وما يصاحبها من خلاف ونزاع :
تحدث الأديب خالد همام في قصة " مسعود في النادي" عن ظاهرة التعصب في التشجيع الرياضي وما يصاحبها من خلاف ونزاع حيث يقول :"استيقظ مسعود صباح الخميس من أبريل العجيب على صوت زوجته ( باتعة ) وهي تتشاجر مع جارتها ( أم طارق ) بسبب هزيمة نادي الزمالك من نادي بيراميدز ...
باتعة زملكاوية حتى النخاع و لاترضى أبدا بهزيمة الزمالك العريق وخاصة من ناد حديث على تاريخ الكرة المصرية العظيم !
تملل مسعود في فراشه وهو يردد :
( اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ؛ اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا"
ثم يقول في نفس القصة : مال مسعود على أذن زوجته باتعة هامسا :
طبعا يا باتعة أنتي زملكاوية أصيلة والست أم طارق أهلوية صميمة صح ولا أنا غلطان يا روحي ؟
ردت باتعة في حماس :
ودي عايزة سؤال يا سي مسعود ! طبعا صح واللي ملوش خير في ناديه الكل يشمت فيه ..."
عادة الزغاريد عند الفرحة والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)
وعن عادة الزغاريد عند الفرحة والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول الأديب خالد همام "مسعود في الرئاسة " حيث يقول :
"استيقظ مسعود من نومه المتقطع على صوت ثلاث زغاريد انطلقت من فم باتعة الواسع وكأنها طلقات مدافع يوم العبور العظيم ...
فرك عينيه ليطرد بقايا النعاس ويستفسر عن السبب ...
فردت باتعة والفرحة تغمر وجهها البريء :
اللهم صل ع النبي ... شفت ف الحلم يا سي مسعود إنك داخل من بوابة قصر كبير وماشي على سجادة حمرا و ناس كتير واقفة ع الصفين لحد ما وصلت لكرسي كبيييييييير ....."
وعن كثرة الزغاريد يقول الأديب خالد همام في نفس قصة "مسعود في الرئاسة " :"سمعت باتعة قرارات مسعود المصيرية فانطلقت منها زغرودة أخرى غير شعورية وكأنها رسالة تأييد قائلة :
تسلم دماغك يا سي مسعود ويسلم قلبك اللي شايل هم الغلابة وعيالهم... بس أنا زعلانة منك يا سي مسعود !
رد مسعود :
خير يا باتعة زعلانة ليه داحنا لسه في أول الأحلام ؟"
وظهرت عادة الزغاريد عند سماع نبأ مفرح في قصة مسعود في قلب ماما ... وفيها يقول الأديب / خالد همام :"
في صباح الخميس الأول من يوليو العجيب حمل مسعود بشكيره الأزرق وتوجه للحمام ليبدأ خميسه بنشاط وحماس وفرحة ...
ودوما فرحته مبتورة فالماء غائب عن الحارة بأكملها وسرعان ما أدركته زوجته ( باتعة ) بجركن من الماء المركون للزوم الطبيخ والشاي ...
بلل المسعود جسده المحروم بقليل من الماء في دولة يجري فيها النيل السلسبيل من الجنوب إلى أقصى الشمال ...
وصل مصلحته الحكومية وبدأ يمارس عمله اليومي وإذا برئيس الحي التابعة له الحارة يصل المصلحة لقضاء مصلحة !
تذكر مسعود مشكلة المياه التي تعاني منها الحارة وغيرها من المشاكل المتنوعة ففكر في عرضها على السيد رئيس الحي وقبل انطلاق مسعود في عرض المشاكل اليومية للحارة ابتسم رئيس الحي ورفع نظارته وقال له :
أنا كمسئول بحب أسمع المشاكل من داخل الحدث
واليوم - بإذن الله - هجيلكم الحارة بعد المغرب وأسمع منكم كلكم يا أهل الحارة الطيبين .
فرح مسعود وكاد أن يطير من الفرح بزيارة معاليه للحارة المنسية ومع غروب الشمس جمع كل رجال الحارة في انتظار الزيارة الكريمة ...
وصل موكب سيادته للحارة الضيقة التي عبَرت عن فرحتها النساء بالزغاريد الهادرة التي انطلقت من فم باتعة وكل نساء الحارة ...
فرح سيادته بالاستقبال الشعبي الرائع من الحارة الوطنية الأصيلة وكادت الدموع تنهمر من عينيه الزرقاويتين ووقف يخطب أمام جمهور الحارة قائلا :
يا أهل الحارة الكرام أنتم لستم عقل مصر فقط بل أنتم قلبها ومصر هي الأم الكبرى وأنتم في قلب ماما الكبير وأنتم نور عينيها الواسعتين ..."
عمل الشباب ذوي المؤهلات العليا في أي عمل شريف متاح
تحدث الأديب خالد همام في قصة "مسعود في التموين .." عن الظاهرة الحميدة عمل الشباب ذوي المؤهلات العليا في أي عمل شريف متاح يقول الأديب خالد همام "مسعود في التموين " حيث يقول :
أشرقت شمس الخميس ومسعود يقف في طابور مهيب يحمل بطاقته التموينية الخضراء ليحصل بها على حصته المقررة من الخبز الأسمر الجميل المصنوع من القمح الروسي المبارك ...
بعد وقت لا يعلمه إلا الله وأصحاب الطابور وصل المسعود إلى دوره فسلم البطاقة لشاب وسيم يحمل بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة ويعمل عند صاحب المخبز على ماكينة صرف الخبز ويتقاضى ثلاثين جنيها وعشرين رغيفا طازجا!!
عادة زيارة الجيران وعيادة المريض :
تحدث الأديب خالد همام في قصة "مسعود في الحبشة .." عن عادة زيارة الجيران وعيادة المريض والحزن عليهم لمرضهم حيث يقول :"حل ظلام الخميس الثالث من يوليو العميق وها هو مسعود يتفقد أفراد أسرته الصغيرة وأحوالهم ...
غابت عن المشهد زوجته المخلصة ( باتعة ) فهي تقوم بزيارة لجارتها الست ( فاتن ) المريضة منذ فترة والتي لم تتحسن حالتها الغامضة فهي تعاني من نوبات عصبية تنتابها مساء كل خميس ...
عادت باتعة من زيارتها وكأنما عادت الروح إلى البيت الدافىء الجميل ...
خلعت باتعة عباءتها السوداء ومكثت بحجرتها طويلا حتى بدأ القلق عليها يسيطر على وجدان مسعود ...
دخل مسعود الغرفة فوجد زوجته باكية حزينة على جارتها الشابة ...
تسأل مسعود عن حالة فاتن فردت باتعة :
ربنا يلطف بيها يا سي مسعود !"
عادة التلاقي وجها لوجه في موسم التصحيح
تحدث الأديب/ خالد همام في قصة " مسعود في التصحيح ..." عن
عادة التلاقي وجها لوجه في موسم التصحيح :" أشرقت شمس القاهرة ومسعود يسعى للوصول لإحدى مدارس التعليم الفني للقاء ابن خالته الأستاذ ( سيد بلوظه ) والذي جاء من الدلتا للمشاركة في تصحيح امتحانات شهادات التعليم الفني بالقاهرة"
عادة :التشاور في حل مشكلات الجيران :
ويقول الأديب / خالد همام في قصة :"مسعود في التطعيم ..."
أذنت شمس الخميس على المغيب وها هي المخلصة ( باتعة ) تجلس بين نساء الحارة في مباحثات خاصة للوصول لحل نهائي لمشكلة جارتهم الست ( انشراح ) زوجة الأستاذ ( سيد بطلان ) ناظر إحدى مدارس القاهرة العتيقة ...
والذي جمع زملاءه بالمدرسة وذهب بهم لأحد المراكز الصحية لتلقي تطعيم الوقاية من أحد الفيروسات القاتلة ...
عند هذا الحد وكل المعطيات طيبة وحضارية وتبشر بخير كثير لأهل الحارة الطيبين ...
ولكن الأزمة بدأت تلوح في الأفق عندما صرحت الست انشراح لباتعة بأن زوجها حضرة الناظر منذ أن تلقى التطعيم وهو خارج كل مراكز الخدمة الزوجية!
عندها صرخت باتعة وجمعت كل نساء الحارة للتشاور ..."
الظاهرة الغريبة قتل
عادة اختيار البطيخة وشقها :
فقد تحدث الأديب / خالد همام عن عادة اختيار البطيخة وشقها حيث يقول في قصة" مسعود في البقعة الحمراء ...": جاء الخميس الأوسط من يوليو الساخن وها هو مسعود يجلس مع نفسه منفردا بورقة بيضاء وراتبه الهزيل بين يديه المرتعشتين يحاول مستميتا أن يضبط قواعد الصرف الشهرية جيدا ...
بعد ساعتين من العناء وتسكين الديون المعتادة للبقال والإيجار وفواتير الماء والكهرباء والعلاج و .....
قرر مسعود أن يشتري بالمبلغ المتبقي بطيخة ليدخل على أمه وأبنائه وزوجته الباتعة فرحة الخميس والقبض السعيد ...
دخل مسعود السوق فإذا بأكوام البطيخ كثيرة وممتدة ؛ فرح مسعود بكثرة المعروض من البطيخ مختلف الأحجام ..
همس في أذن أحد الباعة متسائلا :
ما شاء الله رقعتنا الزراعية من البطيخ زادت ولا َ إيه ؟
فأجابه البائع ووجهه يعتصر من الألم :
لا يا أفندي ... كل الحكاية إني مفيش بيع وسوق البطيخ نايم .
طلب مسعود من البائع أن يختار له بطيخة على ضمانته الشخصية فحظه في اختيار البطيخ كحظه في الحياة قليل ؛ اختار البائع بطيخة لمسعود وأراد شقها بسكينه ولكنَ مسعود رفض حتى تكون باتعة أول من يغرس فيها السكين"
عادة تخزين الماء للضرورة :
من العادة الضرورية للتغلب على طوارئ انقطاع الماء فجأة (عادة تخزين الماء للضرورة) وقد تحدث الأديب / خالد همام عنها في قصة " مسعود في قلب ماما" حيث يقول :"في صباح الخميس الأول من يوليو العجيب حمل مسعود بشكيره الأزرق وتوجه للحمام ليبدأ خميسه بنشاط وحماس وفرحة ...
ودوما فرحته مبتورة فالماء غائب عن الحارة بأكملها وسرعان ما أدركته زوجته ( باتعة ) بجركن من الماء المركون للزوم الطبيخ والشاي ..."
ظاهرة قتل الأزواج والزوجات !!
تحدث الأديب / خالد همام عنها في قصة " مسعود في الكيس " عن ظاهرة غريبة عجيبة على مجتمعاتنا، ألا وهي ظاهرة قتل الأزواج والزوجات !!- وهي ظاهرة جديرة بالبحث والدراسة لوضع الإجراءات العملية للحد منها والقضاء عليه - حيث يقول :"استيقظ أهل الحارة من نومهم على صوت سيارة الإسعاف وخلفها سيارة الشرطة ...
فرك مسعود عينيه ووضع نظارته وفتح شباك غرفته ليعلم الخبر ...
الكل يهرول في الحارة ويردد عبارة واحدة :
عفاف قتلت جوزها ... عفاف قتلت جوزها .
وقع الخبر على مسامع مسعود فزلزل كيانه السرمدي وسرعان ما أيقظ مخبره الخاص ليأخذ منه مؤشرات الجريمة الغامضة قائلا :
باتعة .... باتعة ... قومي يا غالية ... بيقولوا عفاف قتلت جوزها... معندكيش تفاصيل عن المصيبة دي ؟.......!
حب مشاهدة مباريات كرة القدم
تحدث الأديب / خالد همام عنها عن عادة حب مشاهدة مباريات كرة القدم في قصة قصة "مسعود في كأس العرب" حيث يقول : جلس مسعود وزوجته الباتعة يشاهدان عن كثب مباراة كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر في بطولة كأس العرب ٢٠٢١ والمقامة بدولة قطر الشقيقة ...
الدراسة الخامسة : تشكيل البداية السردية في قصص الأديب خالد همام
عتبة الاستهلال" بالسؤال والاستفسار" أنموذجًا
امتاز الأديب خالد همام بمهارة فائقة في براعة الاستهلال القصصي لقصصه الأسبوعي الذي يدول حول شخصيتين محوريتين هما (مسعود وباتعة )،والاستهلال هنا بداية الكلام وبدء التأسيس والمطلع في القصة ،وهو من أهم أسباب نجاح القصة لما له من دور كبير في جذب وتشويق المتلقي لأحداث القصة ،وله دور كبير في تماسك القصة وتكاملها .
والاستهلال في القصة هو العتبة الثانية بعد عتبة العنوان ،وهو المدخل لمتن القصة ونصها ،لذا فهو من أبرز عنصر من عناصر البناء الفني التي يقف عليها نجاح القصة .
ولقد برع الأديب خالد همام في استهلال قصصه بالسؤال والاستفسار ومن نماذج قصصه التي وظف فيها السؤال القصص التالية على سبيل المثال : مسعود في الرئاسة ، مسعود في الكيس، مسعود في الدوحة ...، مسعود في الممر ، مسعود في القصر ... ، مسعود في علم التفسير ، مسعود في كوريا الشمالية ... ، مسعود في دائرة الذات ... ، مسعود في مكتب التنسيق ... ، مسعود في الجبلاية ... ،"مسعود في وادي الملوك ... " ، مسعود في مدينة الحظ ... ، مسعود في الفالنتاين ... ،مسعود في الحديقة ...، مسعود في منتهى العشق ... ، مسعود يقابل رانيا يوسف ... ، مسعود في السوق ... ، مسعود في تجارة الدين ...
وفيما يلي نتعرف على كيفية استهلال كل قصة من القصص المذكورة بالسؤال والاستفسار على النحو التالي :
في قصة "مسعود في الرئاسة " نجد أن الأديب خالد همام يستهلها بالاستفسار عن سبب الفرحة العارمة المصحوبة بالزغاريد ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:" استيقظ مسعود من نومه المتقطع على صوت ثلاث زغاريد انطلقت من فم باتعة الواسع وكأنها طلقات مدافع يوم العبور العظيم ...فرك عينيه ليطرد بقايا النعاس ويستفسر عن السبب ..."
وفي "قصة مسعود في الكيس" نجد استهلالها بالرغبة في معرفة سبب تواجد صوت سيارة الإسعاف وخلفها سيارة الشرطة بالحارة ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"استيقظ أهل الحارة من نومهم على صوت سيارة الإسعاف وخلفها سيارة الشرطة ...
فرك مسعود عينيه ووضع نظارته وفتح شباك غرفته ليعلم الخبر ...
الكل يهرول في الحارة ويردد عبارة واحدة :
عفاف قتلت جوزها ... عفاف قتلت جوزها" .
وقع الخبر على مسامع مسعود فزلزل كيانه السرمدي وسرعان ما أيقظ مخبره الخاص ليأخذ منه مؤشرات الجريمة الغامضة قائلا..." :
باتعة .... باتعة ... قومي يا غالية ... بيقولوا عفاف قتلت جوزها... معندكيش تفاصيل عن المصيبة دي ؟!
وأخذ مسعود يهمهم بصوت خفي :
مسكين يا أسطى حسن كنت أحسن سباك في المنطقة ودايما محافظ على صلواتك في الزاوية ... يا ترى الست عفاف مراتك قتلتك ليه ؟!"
وأما في " مسعود في الدوحة ..." نجد استهلالها بالسؤال عن معنى كلمة ( الدوحة )،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"أشرقت شمس الخميس الأخير من مايو ٢٠٢١ ومازال مسعود يغط في نوم عميق ...
ابنته الصغيرة ( سعاد ) تمرر أصابعها الرقيقة على صلعته الواسعة بحب وحنان لا يعرفهما إلا البنات ...
استيقظ المسعود فرحا بابنته الرقيقة في دنيا غلبت عليها أعمال البلطجة والشذوذ ...
تبسمت سعاد قائلة :
أنا آسفة يا بابا لأني صحيتك من النوم وعندك اجازة من الشغل بس فيه كلمة عايزة اعرف معناها لو سمحت .
تبسم مسعود في وجه ابنته المهذبة ثم حضنها قائلا :
فعلا يا حبيبة بابا زي ما قالوا .... اللي معندوش بنات محروم من الهنا لحد الممات ... خير يا سعاد كلمة إيه اللي شغلاكي دي ؟
ردت سعاد :
كلمة ( الدوحة ) معناها إيه يا بابا ؟"
ويستهل الأديب خالد همام قصة "مسعود في الممر" بالاستفهام الاستنكاري :" كل ده حصل لأولادنا - يا كبدي - واحنا واكلين ونايمين ومتغطَيين باللحاف الستان يا سي مسعود ؟!"
،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"أقبل مساء الخميس الثاني من أكتوبر الكرامة وجلس الزوجان ( مسعود وباتعة ) أمام تليفزيونهما القديم ( تليمصر ) يشاهدان عن كثب فيلم الممر ...
وهو عمل سينمائي يحكي عن حجم التضحيات التي قدمها رجال القوات المسلحة بعد نكسة حزيران ( يونيو ) .
المشاهد الدامية والتي أزهقت فيها روح الأبطال من الضباط والجنود جعلت باتعة تذرف دموعها حتى أحمرَت عيناها الضيقتان ...
ثمَ تنهدت قائلة :
كل ده حصل لأولادنا - يا كبدي - واحنا واكلين ونايمين ومتغطَيين باللحاف الستان يا سي مسعود ؟!"
ويستهل الأديب خالد همام قصة " مسعود في القصر ... بالسؤال التالي على لسان باتعة :" خير يا سي مسعود ... لحقت تحلم ؟ أنا سبتك من 5 دقايق يدوب دخلت أعملك شاي العصاري اللى أنت متعود عليه ! قلي شفت إيه ؟؟؟
بعد عصر الخميس الثالث من سبتمبر الخير وضع مسعود جنبه على أريكته الزرقاء فأخذته سِنة من نوم ...
فاق من نومته الخفيفة على وقع أقدام زوجته ( باتعة ) وهي تحمل له صنيتها الصفراء وعليها كوب الشاي المحلى بالسكر والنعناع الأخضر ...
ابتسم مسعود في وجه زوجته مرددا :
يارب يتحقق الحلم يا باتعة !
ردت باتعة :
خير يا سي مسعود ... لحقت تحلم ؟ أنا سبتك من 5 دقايق يدوب دخلت أعملك شاي العصاري اللي أنت متعود عليه ! قلي شفت إيه؟؟؟"
وفي قصة مسعود في علم التفسير نجد الاستفسار عن الحل لإدراك ما تبقى من الليل ؟ وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
هبط الخميس قبل الأخير من أغسطس العريض وها هو مسعود غارق بين كتب تفسير الأحلام قديمها وحديثها ...
يبحث عن تفسير يشفي صدره لذاك الحلم الذي طاف به الخميس الفائت ...
زوجته ( باتعة ) تراقب عقارب الساعة عن كثب فالليلة الكبيرة تكاد تنقضي ومسعودها منكب بين كومة الكتب فما الحل لإدراك ما تبقى من الليل ؟
وفي قصة "مسعود في كوريا الشمالية ... " نجد أن الأديب خالد همام يستهلها بالسؤال التالي على لسان باتعة : مين الشاب الوسيم ده يا سي مسعود ؟
وفي هذا يقول :"في مساء الخميس الثاني من أغسطس العريض جلس مسعود يتصفح جريدة الأهرام والتي تفضلها الأسرة المصرية في فرش الطبلية قبل الطعام ...
وها هو مسعود يبحث فيها عن أي تفسير يقبله العقل لظاهرتي ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع ثمن الذهب ...
ولكن كالعادة ... لم يجد شيئا فقد أصبحت الجرائد مجرد إعلانات مدفوعة أو حتى غير مدفوعة لمجرد التطبيل أو التشنيع !
خرجت زوجته ( باتعة ) من حمامها الخميسي وعلى رأسها البشكير الأخضر الذي تجاوز عمره العشرين عاما ؛ حملقت باتعة في الجريدة رغم عدم معرفتها بالقراءة فأعجبتها صورة فسألت :
مين الشاب الوسيم ده يا سي مسعود ؟"
وفي قصة " مسعود في دائرة الذات ... " نجد أن بدايتها السردية يستهلها الأديب خالد همام بالسؤال التالي :كيف كانت دنياكم ؟ وبم كنت تشعرون ؟ وكيف هي أخراكم ؟ وبم تنصحون ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"هبط الخميس الأول من أغسطس الغامض وها هو مسعود يجلس على أريكته الهالكة في صالة بيته القديم ينظر إلى صورة المرحوم أبيه المتربعة في أعلى الحائط ...
جلس وكأنه يناجي روحه في مكانها البعيد ويسأله :
كيف كانت دنياكم ؟ وبم كنت تشعرون ؟ وكيف هي أخراكم ؟ وبم تنصحون ؟"
وفي قصة "مسعود في مكتب التنسيق ... " كانت البداية السردية في سؤال السيدة العجوز :
هو فيه إيه هنا يا بني ؟ بيوزعوا زيت ولا سكر ؟ هي الانتخابات قربت والحاج أبوالفتوح بيوزع لحمة على أهل الدايرة ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
في صباح الخميس الثالث من يوليو الحارق شاهد مسعود مجموعة من الفتيان والفتيات يصطفون أمام مكتب تنسيق الجامعات ...
عاد مسعود بذاكرته لأكثر من ثلاثين عاما عندما وقف مثلهم ليقدم رغبته الأولى في كلية الحقوق ... تلك الكلية العظيمة التي يتكفل خريجوها بتحقيق العدالة المنشودة في أعرق دولة عرفت معنى القانون ...
ثم ابتسم بحنان عندما تذكر صديقته بالدفعة التي أحبها وكان يقدم لها خلاصة جهده في التلخيص الشاق للقانون الجنائي والدولي و...
ثم تزوجت من أحد الأساتذة لتضمن كرسيا داخل تلك الكلية العريقة في الحفاظ على العهود والوعود ...
أصبحت حبيبة الماضي نجمة من نجوم القانون تعج بها الفضائيات وتشارك في صياغة وتطريز كل التشريعات بينما يقبع مسعود في أرشيف أفقر الوزارت يحلم بقرب نسائم تطبيق الحد الأدنى في الأجور والمرتبات !
مسعود غارق في ماضيه وحاضره فإذا بسيدة عجوز تقترب منه متسائلة :
هو فيه إيه هنا يا بني ؟ بيوزعوا زيت ولا سكر ؟ هي الانتخابات قربت والحاج أبوالفتوح بيوزع لحمة على أهل الدايرة ؟
وفي قصة "مسعود في الجبلاية ... " كانت البداية السردية في سؤال باتعة :
ما لك يا سي مسعود ؟ أنت زعلان علشان اتهزمنا في الكورة ولاَ إيه ؟!
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
هبط الخميس الثاني من يوليو الملتهب وهاهي ( باتعة ) تلاحظ وتشعر بكم الحزن الذي يرتسم على وجه زوجها وحبيبها مسعود ...
فكرت ودبرت كيف تخرج بحبيبها من هذا الطقس القاتل فأعدت جلسة بسيطة وهادئة على سطوح منزلهما العتيق بالحارة الضيقة...
وأشعلت عودا من البخور لطرد الأرواح الشريرة من الإنس والجن واليأس والحزن ونثرت أعواد الريحان الأخضر التي طلبتها من القروية بائعة الجبن التي تحضر للحارة صباح كل خميس ...
وعند المساء صعدت بمسعودها إلى جنتها البسيطة لتمسح عنه كل آلم أو ضيق فهمست في وجدانه الممزق قائلة :
ما لك يا سي مسعود ؟ أنت زعلان علشان اتهزمنا في الكورة ولاَ إيه ؟!
وفي قصة "مسعود في وادي الملوك ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود : ... نفسك تروحي فين ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
صباح الخميس الثاني من أبريل العجيب استيقظ مسعود على يد زوجته ( باتعة ) وهي تداعب صلعته بحنان وتوعده بأجمل طبق ( تقليه ) بالرقاق مع اللحمة الضاني التي جاءتهم من الحاج ( مهاود ) والذي ذبح خمسة خراف لمناسبة تاريخية عظيمة ......
فرح مسعود برغبة باتعة في الحياة واهتمامها بما يحب مسعود وهمس في أذنها :
وأنا كمان مش هقصَر معاك يا بتعتع وهسهرك ليلة جميلة ... نفسك تروحي فين ؟
وفي قصة " مسعود في مدينة الحظ ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال الجميع : خير يا منسي ... المرتبات زادت ولاَ الأسعار رخصت ؟؟؟وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"في الخميس الثالث من فبراير القصير المكير جلس مسعود على مكتبه بالمصلحة الحكومية العتيقة يتأمل الوجوه من حوله ليبحث عن بسمة صافية ...
وفي لحظات تأمله دخل زميله ( المنسي ) مهللا :
الله أكبر ... الله أكبر .
قفز الجميع بصوت واحد :
خير يا منسي ... المرتبات زادت ولاَ الأسعار رخصت ؟؟؟"
وفي قصة " مسعود في الفالنتاين ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود لزملائه عن المنظر الذي شاهده ؟وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"في صباح الخميس الثاني من فبراير وعند دخول مسعود من باب المصلحة لاحظ أحد الشباب على الرصيف المقابل يفترش الأرض بمجموعة كبيرة من الدباديب الصينية الصنع المختلفة الحجم واللون ...
سأل مسعود زملاءه عن المنظر الذي شاهده ؟
ردت الآنسة ( عواطف ) صاحبة الأربعين عاما على مسعود بكل دهشة :
معقول يا أستاذ مسعود فيه حد ميعرفش إني النهارده عيد الفالنتاين ؟"
و البداية السردية في قصة " مسعود في الحديقة ... " تم استهلالها بسؤال مسعود لزوجته : ما الذي يعجبك في الفيل ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
في هذا الخميس قرر مسعود أن ينطلق بزوجته ( باتعة ) خارج حدود الحارة الضيقة فلم يعد يملك طاقة للإبداع فيها ...
دخل الزوجان حديقة الحيوان بالجيزة رمز الريادة المصرية منذ العهود الخديوية . وقف مسعود يتأمل الفيل في حجمه وصبره الكبيرين ...
ثم سأل زوجته :
ما الذي يعجبك في الفيل ؟
وفي قصة" مسعود في منتهى العشق ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال باتعة لمسعود : مين سعاد دي يا مسعود وعرفتها ميته ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
حلَ مساء الخميس وتزينت ( باتعة ) بكل ما قسم الله لها من وسائل الزينة لتسعد مسعود وقد اقتربت منه وهمست في أذنه اليسرى قائلة :
سمعتك وأنت نايم بتتكلم مع واحدة اسمها سعاد ... مين سعاد دي يا مسعود وعرفتها ميته ؟
وفي قصة" مسعود يقابل رانيا يوسف ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود لزملائه : عن أحدث أخبار أهل الفن أو الرياضة ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
مع شروق شمس هذا الخميس قرر مسعود أن يفرَغ رأسه من كل الهموم ويحاول البحث عن موضوع للتسلية والترفيه ؛ فسأل زملاءه بالمصلحة ...
عن أحدث أخبار أهل الفن أو الرياضة ؟
وفي قصة" مسعود في السوق ...
" نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود للبائعة الخبيرة : أريد ديكا يبث الحياة وينعشها في العشة ولكن لماذا تسألين ؟!
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
أشرقت شمس صباح الخميس ومسعود يخطو بنشاط وهمة تجاه سوق المدينة ليشتري ديكا قويا يصلح به حال دجاجات العشة ..
وصل مسعود لسوق الطيور ووقف أمام جماعة من الديوك فأعجبه ديكا سمينا يهتز القفص تحت أقدامه فطلب من البائعة القروية أن تخرج له الديك .
نظرت البائعة الخبيرة في وجه مسعود متسائلة :
تريد ديكا للذبح أم للقفز ؟
فرد مسعود مندهشا :
أريد ديكا يبث الحياة وينعشها في العشة ولكن لماذا تسألين ؟!
وفي قصة" مسعود في مواجهة الذات ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود ما دام هذا قد حدث في أحجار صماء فكيف بجسد وعقل الإنسان؟!
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
كأي مواطن في بقاع الدول النامية عاد مسعود من عمله الروتيني بين الملفات سيئة الورق والرائحة إلى بيته بحارة ( العيش والملح) ...
دخل الموظف بيته للراحة والسكن ولكنه هذه المرة دقق في حوائط منزله وقد شاخت وهرمت ودب الوهن في تفاصيلها القديمة ...
ردد في نفسه :
ما دام هذا قد حدث في أحجار صماء فكيف بجسد وعقل الإنسان؟!
وفي قصة" مسعود في تجارة الدين ...
" نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال باتعة معقولة يا سي مسعود الراجل ده من مواليد ١٩٤٢ و عنده ٧٩ سنة ويجري وينط كده ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
في المساء جلست باتعة تتابع لحظات دخول الرئيس الأمريكي المنتخب ( جوزيف بايدن ) للبيت الأبيض وهو الرئيس رقم ٤٦ في تاريخ أمريكا القليل ...
كانت باتعة ترتدي عبايتها القطيفة الخضراء موديل ١٩٩٩ والتي كانت أخر هدية تصل إليها من بلاد النفط العربي السعيد عندما أحضرها لها ابن عمها ( مرزوق ) من أسواق بغداد والتي كانت عامرة بكل جديد ...
دخل مسعود من الباب فوجدها في قمة التركيز وخاصة عندما جرى و قفز الرئيس برشاقة أمام كاميرات الصحافة وكأنه مواطن عربي في سن الثلاثين !
مصمصة الباتعة شفتيها الواسعتين على طريقة نساء مصر متعجبة متسائلة :معقولة يا سي مسعود الراجل ده من مواليد ١٩٤٢ و عنده ٧٩ سنة ويجري وينط كده ؟
الدراسة السادسة :توظيف التوابع النحوية (النعت أنموذجًا )لدى(القاص الحلمنتيشي) خالد همام
يمتاز (القاص الحلمنتيشي) ، والأديب الكبير، و الكاتب المميز، والقاص المبدع ،كاتب الحدث وأديبه، المربي الفاضل ،الأستاذ القدير (خالد همام )حفظه الله ووفقه –يمتاز بقصصه الفني ذي الأسلوب الفريد من نوعه ،فالأديب خالد همام يجيد فن الأقصوصة في التعليق على الأحداث المجتمعية باحترافية فنية لا يجيدها إلا كبار الأدباء مثله !!
وإنه مما يسعد تلقي كبار التربويين و المثقفين والأدباء والكتاب لأدب الأديب خالد همام وقصصه بتلهف وشوق وأريحية ..
وأقول :إن كان الأديب المصري الكبير الأستاذ الدكتور الجليل الدكتور /مصطفى رجب عميد كلية تربية سوهاج الأسبق شاعر مصر الأشهر في الشعر الحلمنتيشي ،فإنني يسعدني أن أطلق على الأديب المصرى خالد همام (القاص الحلمنتيشي)....
قاصنا الحلمنتيشي الأديب /خالد همام ... قرأت قصتكم الأخيرة ..ونشكر لكم براعتكم الفنية في صياغتها أدبيا ، ومما لفت انتباهي بشكل كبير حسن توظيف التوابع النحوية (النعت أنموذجًا ) في التوضيح والبيان وإظهار المعنى المراد للقارئ الكريم من خلال الوصف؛ فوصفكم جدير بأن يُدرس ؛ نذكر منه على سبيل المثال ما ورد قصة مسعود في الجونة الأخيرة :
بيتها البسيط الصغير-
بالمصابيح الموفرة للطاقة -
فسحة خارج الحارة الضيقة المكتظة بالمواطنين-.
استمع مسعود بهدوء شديد-
ثم بدأ يفكر في خروجة آمنة-
تضمن للأسرة العودة السالمة للبيت - .
بعد عمق تفكير استقر رأيه على مكان آمن وغير مكلف ... -
هتنسي آمال الدنيا الكدابة -
سكتت باتعة طويلا(نائب عن المفعول المطلق صفته) -
يا سي مسعود ... الناس بتروح حتة جديدة اسمها الجونة -
خدودهم حمرة ..... لامعة....
وضع مسعود يده الشاحبة حول عنق زوجته الحالمة قائلا -
-وكمان عيونهم الوارمة
..-. شرب الميه الصفرة .
ردت باتعة بسذاجة عالية -
بدل ما يشربوا ميه عكرة تنفخ عنيهم؟-
ضحك مسعود بصوت مرتفع قائلا -
يخرب بيت حنانك الجارف
ولما كان هذا الوصف له دلالته الفنية والأسلوبية والبلاغية-
لذا نوصي و ندعو الباحثين في مجال البلاغة و النحو العربي لدراسة التوابع في قصص الأديب خالد همام (دراسة بلاغية نحوية ) فهي جديرة بالدراسة والبحث
الدراسة السابعة :دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام، وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجا )(1)
بقلمه المميز يسعدنا الأديب المصري خالد همام في مطلع صباح كل خميس بقصته الأسبوعية مسعود وباتعة، وقد شرفت منذ أسابيع بكتابة مقالين عنها ،وكنت قد وعدت فيهما القراء الأفاضل المتابعين لقراءة هذه القصص بكتابة عدة مقالات حول فنيات هذه القصص الشيقة ،وبتوفيق الله وعونه أشرُفُ بأن أستهل هذه المقالات بهذا المقال الذي بين أيدينا وهو بعنوان دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجًا ) من خلال الاستشهاد بعشر قصص فقط ،على أن يتم معالجة بقية القصص في مقالات تالية تباعًا ، وفيما يلي المقال الأول حول هذا الموضوع :
العنوان جزء من مضمون النص:
بداية إن العنوان هو العمود الفقري ،والركن الرئيس الذي يميز النص الأدبي ،وهو جزء من مضمون النص ،وهو يمثل المفتاح الذي ندخل به إلى القصة لاستكشاف عالمها المثير ،وهو ما نلاحظه في عنوانين قصص الأديب خالد همام، فهو يحرص أسبوعيا على الكتابة حول الموضوع والحدث والفعاليات والمناسبات والوقائع التي هي موضوع حديث القطاعات العريضة من الأفراد محليا وإقليميا، ويأخذ منها منطلقا لموضوع قصته الأسبوعية ،ويجعل من أحد الشخصيتين الرئيستين في القصة (مسعود)في الحدث ،وببراعة الكاتب ينطلق من الفكرة الرئيسة لعنوان القصة إلى الأفكار والعناصر الجزئية لأحداث القصة حيث يستعرض الكاتب خالد همام ببراعة مناقشة القضايا المجتمعية والعادات والتقاليد الشعبية راصدا بعدسته أداق التفاصيل للحياة اليومية في القرية والمدينة بأسلوب فني جذاب وشيق درامي قائم على الحوار ،ولا يملك القارئ أمام هذه الدراما المؤثر إلا الضحك أحيانا والبكاء أحيانا أخرى في المواقف المختلفة كل بما يناسبه .
السمة الرئيسة لعنوان قصص الأديب خالد همام:
ونظرا لكون قصص الأديب خالد همام تندرج تحت القصة القصيرة و القصيرة جدا فهي تركز على فكرة رئيسة يمثلها عنوان القصة فقد اتسم عنوان القصص بالاقتصاد اللغوي، وكل قصة لها عنوان محدد حيث جاء في الغالب على نمط واحد جملة اسمية بسيطة في بنيتها النحوية : المبتدأ يليه الخبر فيها شبه جملة جار ومجرور، وتنوعت د لالة الخبر فمرة يكون الاسم المجرور (زمان – مكان - اسم ذات - اسم معنى وغير ذلك ) وحوله تدور أحداث القصة ببراعة فنية محكمة قائمة على الحوار ،و يتضمن هذا الحوار العديد على المعلومات والمعارف العلمية والدينية والثقافية بصفة عامة والعادات والتقاليد الاجتماعية بصفة خاصة ، حيث يعالجها الأديب خالد همام معالجة فنية مميزة ،وفيما يلي نبذة مختصرة حول الدلالة التي أرادها الأديب خالد همام من الاسم المجرور في عنوان كل قصة، وأثر ذلك على مضمون القص .
أولا : دلالة الاسم المجرور على الزمان:
جاءت العديد من القصص للأديب خالد همام تدل على الزمان، وأثر ذلك على مضمون القص ؛ كما في قصة( مسعود في رمضان)وهي قصة استعرض فيها الكاتب أبرز ما يميز الشهر الفضيل في القرية المصرية من عادات ومظاهر .
وقصة (مسعود في الإسراء والمعراج ...) وفيها بين الأديب خالد همام على لسان الشخصية الرئيسة في قصصه (مسعود )بين لباتعة ونساء الحارة بأسلوب بسيط جميل المقصود برحلة الإسراء والمعراج وأهدافها مصححا المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه الرحلة .
وقصة (مسعود في عيد الأم ...)ودارات أحداثها على العادة التي يحتفي بها العالم من تقديم هدايا لكل أم ،وإن كانت الأم جديرة بتقديم هدية لها في كل لحظة ودقيقة، ولكن قلم الأديب خالد همام استغل الحدث لمناقشة العديد من الموضوعات الاجتماعية والدولية .
ومنها قصة "مسعود في عشرين عشرين ..." وكما بين الكاتب دارات أحداثها في الخميس الأول من يناير الجميل لعام 2020 ....،وفيها وصف طبيعة برد الشتاء ،كما وصف الزوجة المصرية بأنها : الأصيلة بطبعها فهي بالنسبة للرجل شريكة العمر والروح ...،وهي البسيطة الطيبة المطيعة .. ذات القلب الكبير ... ،واستكمل هذا الوصف بقصيدة شعرية ،وفيها أيضا تحدث عن سيدة الجميلات مصر الغالية مبينا ما في شهر يناير من ذكريات وطنية ..
ثانيا : دلالة الاسم المجرور على المكان :
للمكان أهمية كبرى في قصص الكاتب خالد همام فهو عنصر محوري، وله أهمية كبرى في قصص (مسعود وتابعة )،وله العديد من الدلالات الفنية ،ويكتسب أهمية كبرى لتسمية القصص به ، ولذلك أثره على مضمون القص ،فقد جاءت العديد من القصص تدل على المكان كما في قصة ( مسعود في المتحف ...) وهي القصة التي دارات حول الحدث المصري المهيب الرائع الذي تم بما يناسب مكانة مصر الحضارية وتاريخها العريق وآثارها العظيمة حدث (إعادة حفل نقل المومياوات الفرعونية إلى المتحف الجديد ...)الذي كان محط أنظار العالم أجمع .
ومنها قصة مسعود في السويس ... التي تحدث فيها الأديب خالد همام عن وفاة حافظ سلامة(رحمه الله ) الذي أثنى عليه كبار قادة الجيش لقيادته المقاومة الشعبية في السويس إبان العدوان على مصر المسالمة ؛ولذا كرمه الرئيس السادات ومنحه نجمة سيناء وعرض عليه يبقى محافظ للسويس، وعرض الكاتب أمنية الست "باتعة "الشخصية المحورية في القصة هي وزوجها السيد مسعود بعمل مسلسل تلفزيوني يعرض جهود حافظ سلامة(رحمه الله ) في الدفاع عن خير الأوطان (مصر الغالية )أم الدنيا ؛لتعريف الأجيال به أسوة بما تم عمله من مسلسلات للرموز الوطنية في مجال الفن والثقافة والرياضة .
وقصة "مسعود في تشاد ..." فالاسم المجرور (تشاد )وكتبها الكاتب على حد تعبيره في" الخميس الثاني من الجميل المبارك رمضان 1442هـ" ، وتحدث فيها عن الدعاء بالرحمة لرئيس تشاد السابق ( إدريس ديبي) الذي انتقل إلى مثواه الأخير خلال شهر رمضان ،بالإضافة إلى بعض المعلومات الثقافية التاريخية والثقافية المتعلقة بدولة تشاد ورئيسها، وقد قصد مسعود من ذكرها تثقيف صويحبات باتعة بالأحداث الجارية وما يتعلق بها .
وقصة "مسعود في الصيدلية ..." الاسم المجرور (الصيدلية ) وهي قصة يصف فيه بعض محدودي الدخل وما يقومون به من حسابات لترشيد النفقات حسب المتاح ،وها هو مسعود "يراجع حساباته ورغباته ،والأهم من ذلك رغبات أولاده وبناته" وحرصه على تلبية أحلام باتعة في البلح الزغلول الذي كانت طلبته من فترة ليست بالقصيرة ،وحرصه على دخول صيدلية الدكتور حاتم ليبحث عن مرهمه المفقود لرخص ثمنه، وناقش القضايا الاجتماعية المرتبطة بضرورة إخبار الزوجة الأولى قبل الزواج بالثانية .
ثالثا: دلالة الاسم المجرور على اسم ذات أو معنى :
جاء الاسم المجرور في بعض القصص اسم ذات و معنى ، ولذلك أثره على مضمون القص فمن القصص التي ورد في عنوانها الاسم المجرور يدل على اسم ذات منها قصة "مسعود في الظلام ..." فالظلام اسم ذات، وفيها تحدث الكاتب عن بعض الظواهر الاجتماعية كالحديث عن اسم العقارات الفارهة وطبيعة سكن محدودي الدخل ،وتحدث عن ظاهرة كانت منتشرة قديما ،أم الآن فقد اندثرت – ولله الحمد - ألا وهي ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي عن بعض الأحياء غير الحيوية ،كما استعرض الكاتب للحلول العملية البسيطة لعلاج المشكلة لحين لعودة التيار الكهربائي ،وأحيانا تكون هذه الحلول إبداعية غير مألوفة ولكنها ناجعة وسريعة منها ما يناسب البعض وقد لا يناسب البعض الآخر .
ومنها قصة "مسعود في الحرب" فالحرب اسم ذات ودارات القصة حول حلم رأه بطل القصة والشخصية المحورية لها السيد مسعود، وحول هذا الحلم يقول الكاتب على لسان مسعود :" تخيلي يا باتعة حلمت إني دخلت الجيش وشاركت في حرب التحرير الحديث وحققنا النصر في معاركنا الخارجية" خاصة وأن مسعود كما يذكر الكاتب قد "خرج من حارته البسيطة صاحبة التاريخ العميق في الحروب والدفاع الشعبي عن مقدرات الوطن" وهو محق في هذا فالوطن جدير بذلك، فكلنا -كما يقول الأديب خالد همام في كتاباته (للوطن فداء )،وفي النهاية لا نملك إلا خالص الدعاء للوطن والمواطنين بدوام الأمن والأمان آمين .
الدراسة الثامنة: دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام، وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجا )
(الجزء الثاني من الدراسة)
أعزائي القراء والمتابعين لـ(قصص مسعود وباتعة ) للأديب خالد همام : أما قبل فكل عام أنتم بخير، ولا يفوتنا التقدم بخالص التعازي لعائلة الجعافرة العريقة بمصر في فقيدها الحاج ( عبدالهادي سيد حسانين ) (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .آمين )، وبعد ،فهذا هو الجزء الثاني من الدراسة المعنونة بـ" دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام، وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجا )"حيث يدرس الباحث فيه عشر قصص جديدة من المجموعة القصصية (قصص مسعود وباتعة) من خلال محورين :
المحور الأول :تعليق على التعليق(تعليق الأستاذ /محمد فكري أنموذجًا)
في البداية يتقدم الباحث بكل الشكر والتقدير للسادة القراء المتابعين والذين أطروا على الجزء الأول لهذه الدراسة (مدحًا وثناءً وشكرًا )،و بعد يسرني أن أنقل لكم تعليق الأستاذ /محمد فكري على المقال الأول من هذه الدراسة ،له منا كل شكر وتقدير على هذا التعليق الذي تناول فيه بالتحليل الموضوعي والفني بعض الجوانب الموضوعية والفنية في المجموعة القصصية الشيقة (مسعود وباتعة )؛حيث يقول :" خالص التحية للدكتور/ محمد أبو أحمد على هذا التحليل الرائع، وهذا العرض النقدي الشائق لقصص المبدع خالد همام ... الذي يمتعنا كل خميس بحكايا ونوادر مسعود ويجعلنا نعيش معه انتصاراته وانكساراته الخميسية حتى أحببناه وألفناه فصرنا إذا نزلنا للشارع أخذنا نبحث عن هذا المسعود في وجوه من نعرف ومن لا نعرف، فتارة نراه زميل العمل، وتارة، رئيس المصلحة، وتارة زميل دراسة قديم نلقاه مصادفة، وتارة سائق التاكسي أو الحافلة، نراه في وجوه الكثير والكثير من أولئك المعذبين في الأرض، للحد الذي يجعلنا أحيانا نخشى النظر في المرآة خشية أن تصدمنا حقيقة أننا - أنفسنا- مسعود . فعلًا كلنا مسعود- كلنا مسعود بأسماء مغايرة، وأشكال متباينة، وهزائم مشابهه وباتعة مختلفة.
وإن كانت البلاغة عرفت بأنها إجاعة اللفظ، وإشباع المعنى، فخالد همام بارع في إهلاك اللفظ جوعا وإتخام المعنى للحد الذي لو طلب تلخيص إحدى قصصه لكان الملخص ضعف النص كمًا ونصفه كيفًا .
شكرًا جزيلا لخالد همام الذي يضحكنا في كل خميس - ضحكًا كالبكاء- ولكنها طبيعة الاشياء وحقيقة واقعنا الذي نعيشه!!
في النهاية أكرر شكري للأستاذ الدكتور والكاتب والناقد الكبير/ محمد ابو احمد" .
ونحن بدورنا نكرر شكرنا للأستاذ /محمد فكري على هذه الرؤية الأدبية والنقدية الرائعة والتحليل المتميز لشخصية مسعود ،والبراعة في إظهار طبيعة المجموعة القصصية (مسعود وباتعة ) في ضوء قضية اللفظ والمعنى .
المحور الثاني: نبذة مختصرة حول دلالة الاسم المجرور في عنوان كل قصة من القصص محل الدراسة في هذا الجزء ، وأثر ذلك على مضمون القص .
أولا : دلالة الاسم المجرور على الزمان:
جاءت أيضا كما تعرفنا في المقال الأول العديد من القصص للأديب خالد همام تدل على الزمان، وأثَّر ذلك على مضمون القص ؛ كما في قصة "مسعود في ليلة القدر ..." حيث تتحدث القصة عن زمن شريف هو "ليلة" ا لتي هي من أفضل الليالي ،وشهر هو أفضل الشهور وتفصيلًا للزمان الذي تدور حوله القصة يقول القاص خالد همام :"مع شروق شمس الخميس الأخير من رمضان المعظم صعد مسعود السطح وبدأ يحملق في عنان السماء يتفحصها جيدا باحثا عن ليلته الصفيَة التي ينتظرها كل رمضان ...." وقد أثر هذا الاسم المجرور على الزمان (ليلة القدر) فجاءت أحداث القصة كلها حوله .
وكما في قصة" مسعود في أخر النهار ..." وقد حدد الكاتب خالد همام زمان القصة باليوم والشهر حيث يقول :"انتصف خميس الثالث عشر من رجب الثامن عشر من امشير ..." ولقد برع الكاتب في تسجيل عادات ريفية أصيلها في الطبخ، وإن كانت العادات تغير البعض منها بتغير الزمان ؛يقول الكاتب واصفًا هذه العادة :" وباتعة في قعر دارها تزرف الدمع الساخن من عينيها الضيقتين أثناء تقطيع بصل تقلية الخميس الحمراء ..." وكعادته يحرص الأديب خالد همام على أن يرصد قلمه الحدث الأكثر شهرة وانتشارًا وقت كتابة القصة صباح كل خميس حيث وصف الدراما القصصية في التعليق على زلة اللسان غير المقصودة من إعلامي شهير – حيث اعتذر فور وقوعه في خطأ لساني - يتعلق بأناس هم القيم ذاتها من أخلاقهم (رجالا ونساء )يرتشف العالم أجمع رحيق المبادئ والشهامة !!
ثانيا : دلالة الاسم المجرور على المكان :
جاءت أيضًا العديد من القصص تدل على المكان كما في "مسعود في الحرم ..." ، وكما يتضح من العنوان الاسم المجرور يطلق على أقدس بقعة على ظهر الأرض الحرم الشريف حيث الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في صلاتهم وقد أثر ذلك على القص حيث وظف الكاتب "الحلم "كمحور تنطلق من أحدث القصة والأمنية(أمنية العمر ) التي يحرص الجميع على تحقيقها ألا وهي أداء مناسك الحج والعمرة ولو بذل كل ما يملك في سبيل تحقيق ذلك وكم يحزن إن لم يتمكن من تحقيق ذلك ،وفي ذلك يقول الأديب خالد همام :" استيقظ مسعود في صباح الخميس الثاني من ديسمبر العريض ولكنَه هذا الصباح على غير عادته فقد شاهد نفسه في المنام ملفوفا برداء أبيض ...
فسَر المسعود منامه بأحد المسارين :
إمَا عمرة وحج لبيت الله العتيق بمكة المكرمة أو موت يخطفه للعالم الآخر ...
قص مسعود حلمه وتفسيره لزوجته باتعة التي وضعت يدها على فمه وهو ينطق لفظة الموت مرددة :
بعد الشرعليك يا نورعيني بإذن الله هتروح العمرة وتزور المصطفى وتحط إيدك على شبَاكه ...
ثم دخلت غرفتها وجلبت ما تبقى لها من ميراث والدتها ( حلق وخاتم من ذهب ) ودفعت بهما لزوجها الحبيب ليبيعهما ويحجز في رحلة عمرة ...
فعل المسعود ما أرادت الباتعة شوقا منه للرحلة المباركة ثم ذهب لإحدى شركات السياحة..."
وفي قصة "مسعود في غزة ..."والتي تدور الفكرة الرئيسة فيها حول الأحداث الأخيرة التي حدثت في مكان محل اهتمام العالم بأسره "دولة فلسطين الشقيقة" ،ومن خلال حوار مسعود مع نفسه في خلوته أمام التلفار ،وتحليله لواقع الأحداث في دولة فلسطين وصف لنا الواقع مبينًا ومشيرًا إلى أكبر سلاح للنصر ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام واصفًا ما أسفر عنه بحث مسعود :" بحث مسعود عن إجابات شافية كافية لأسئلة تدور في رأسه فلم يجد سوى كلمة واحدة ... ( العقيدة )
نعم إنها العقيدة ... العقيدة الراسخة التي تصنع المستحيل ..."
وكما في قصة "مسعود في البيت الأبيض ..." والتي دارت وقت كتابتها حول مكان محط أنظار العالم مكان تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد "جون بادين "،وقد أثر هذا العنوان على القص حيث دارات أحداث القصة حول هذا الموضوع ،ومناقشة اهتمام بادين بحقوق الإنسان في العالم .كما عالجت القصة بعض القضايا التي هي محل اهتمام الناس وقت كتابتها مثل قضية خضوع الراتب لإحدى الشرائح الضريبية الجديدة ...وقضية عمل وزارة جديدة اسمها وزارة السعادة.
وكما في قصة "مسعود في الكنيسة ..."والاسم المجرور هنا الكنسية، وقد أثر هذا على القص حيث استطاع الكاتب ببراعة تجسيد روح المحبة والإخوة والوحدة الوطنين بين مواطني الوطن الواحد مصر المحفوظة المترابطة (المسلمين والمسيحيين )وروح التآزر والتعاون بينهم خاصة في وقت الشدة ، حيث صور الكاتب البارع خالد همام كل ذلك في موقف وفاة الأسطى ( بطرس ) جار مسعود وفي هذا يقول الكاتب :" إنه الأسطى ( بطرس ) جار مسعود الذي قدم على الحارة من مدينة أبنوب بصعيد مصر ...وعمل مكوجيَا بالحارة، وتزوج وعاش بين أهلها المسلمين وكأنه واحد منهم ؛ هو الآن في ذمة الله !شعر الجميع بالحزن العميق وهبَ الكل للوقوف بجانب زوجته وأطفاله الصغار وبدأ أهل الحارة وعلى رأسهم مسعود يفكرون في مصير هذه الأسرة البسيطة والتي مات عائلها دون ميراث أو معاش ....
أصبحت الحارة كخلية نحل في تعاونها في الواجب حتى وصلت جثة المتوفي إلى الكنيسة للصلاة عليها ...
استقبل كهنة الكنيسة الجنازة ومشيعيها ذي الأغلبية المسلمة باحترام وهدوء"
كما صور الكاتب خالد همام الدور العظيم المشكور الإنساني الجليل الذي تقوم به الكنيسة المصرية العريقة من رعاية الأيتام وحرص واهتمام مسعود المسلم بأبناء جاره الأسطى ( بطرس )بعد موته وفي هذا يقول الأديب :" وكعادته مسعود من النبل والشهامة مال على أحد القساوسة وهمس في أذنه قائلا :
جاري بطرس فقير يسكن بالإيجار وزوجته بسيطة وأطفالها صغار ونخشى عليهم من الضياع ...
رد القسيس في وقار :
مشكور يا أستاذنا ... واطمئن ستقدم الكنيسة لأسرة بطرس كل ما يحتاجونه من الرعاية المادية والاجتماعية حتى يكمل الأطفال تعليمهم وتتفرغ الأم لتربيتهم ونحن نقدر لكم حسن مشاعركم ...
أحد الجيران كان يتابع في صمت حوار مسعود مع القسيس ... فقال لمسعود بعد نهاية حواره مع الأب ( إبرام ) :
متخفش يا أستاذ مسعود على عيال بطرس وزوجته ... الكنيسة فاهمة كل حاجة ومخططة تمام لرعاية الأيتام ...."
ثالثا: دلالة الاسم المجرور على اسم ذات أو معنى :
جاء الاسم المجرور أيضًا في بعض القصص اسم ذات و معنى ، و أثر بدوره على مضمون القص فمن القصص التي ورد في عنوانها الاسم المجرور يدل على اسم ذات منها قصة "مسعود في العدس ..." التي كان فيها الاسم المجرور اسم ذات وأثر ذلك في القص ووظف الكاتب الاسم (العدس ) في حبكة درامية قصصية استطاع الأديب خالد همام من خلالها أن يصور حنكة المرأة المصرية الحكيمة وتدبيرها في أكل ما قسمه الله ورزق به من رزق وفي هذا يقول الكاتب :" قاربت شمس الخميس الثالث من ديسمبر الطويل على الغروب ومسعود يكد ويكدح في طريقه إلى الحارة المنسية في قاهرة المعز القديمة ...
على غير العادة لم تعثر أنف مسعود الحادة على رائحة التقلية التي اعتادتها أنفه مساء كل خميس ...
سأل زوجته ( باتعة ) عن السبب فأخبرته بنفاذ مصروف البيت ولم تجد ثمن اللحمة والبصل وتصرفت بحكمتها وصنعت لأسرتها شوربة عدس جميل !"
كما ذكرنا الكاتب بالصورة التي ألفناها ودرسناها في السبعينات قصة الأرنب وقوله :" في الصباح خس وجزر وفي المساء " والتي تعلمنا منها أن نحمد الله على ما رزقنا به .
وها هو الكاتب يصور موقف الصغار من أكل العدس يوميًا حيث يقول :" ينظر مسعود لطفلته بعين العاجز المستكين ...
انطلق لسانه بصعوبة يشرح للجميع فوائد العدس وخاصة في الشتاء ؛ فرد الابن الأكبر :
العدس جميل يا بابا ... بس إحنا أكلنا عدس يوم السبت و الاثنين والأربع والنهاردة الخميس ... كده حصص العدس زادت في الجدول يا مدير ....
ضحك الجميع إلا مسعود ..."
كما في قصة " مسعود في حسبة برما ..." والعنوان هنا يدل على اسم مركب تركيب إضافي ،وهو يُضرب به المثل في الأمور المحيرة، وانعس ذلك على القص فجاءت أحداث القصة حول حل لغز محير وفي هذا يقول الكاتب :" انتصف ظهر الخميس الثالث من نوفمبر البهيج ومازال مسعود قابعا على كرسيه الخشبي في وظيفته الميري ...
وبينما هو منهمك في حل الكلمات المتقاطعة إذا بشاب في مقتبل العمر يقف أمامه يطلب منه حلَ لغز أتعب رأسه الصغير ...
فرح مسعود بذاك اللغز فهو من عشاق التحدي في كل أطياف الذكاء والنبوغ !
بدأ الشباب الدرعمي ( أي خريج كلية دار العلوم ) في سرد لغزه مستخدما العربية الفصيحة في أبهى صورها....."
وتتضح براعة الكاتب من خلال القصة في معالجة العدد من القضايا الاجتماعية ذات الصلة بموضوع اللغز .
وكما في قصة "مسعود في الغيبوبة ..." حيث جاء الاسم المجرور اسم مؤنث معرفة معرف بال(الغيبوبة )وبرع الكاتب في معالجة بعض السلوكيات التي يفعلها البعض، ويؤدي بهم كأنهم في غيبوبة ،وفي ذلك يقول الكاتب :" في مساء الخميس الثاني من نوفمبر البركة استيقظ مسعود من استراحة العصاري على صوت غريب لم يألفه في الحارة !
أصوات جماعية وبخور وروائح أخرى ....." ثم قص الكاتب أحداث القصة بأسلوب درامي فني مميز
وكما في قصة "مسعود في الحلاوة ..." جاء الاسم المجرور أيضا كما في القصة السابقة (الغيبوبة ) اسم مؤنث معرفة معرف بال(الحلاوة)وبرع الكاتب في معالجة بعض السلوكيات الاجتماعية والفلكلورية المرتبطة بحلوى الموالد خاصة حلوى المولد النبوي ،وببراعة فنية استغل الكاتب هذه المناسبة في التعريف بمعلم البشرية (صلى الله عليه وسلم )وكيف ربى جيل قاد الإنسانية إلى شاطئ الرحمة وبر الأمن والأمان والسلم والسلام ،وقد عرج الكاتب من خلال ذلك لدور المعلم في التربية المثلى للأجبال لبنة صرح الوطن وأساس تقدمه ورقيه يقول الكاتب :" بعد ظهر الخميس الأول من نوفمبر ها هو مسعود يكد ويكدح في طريقه إلى البيت وعيناه تراقبان وتتأملان السرادقات الكثيرة التي تعرض حلوى المولد النبوي بكل ألوانها المختلفة والجذَابة ....
في غمرة النظر طار ذهن مسعود إلى صاحب هذه الذكرى ....
إلى ( محمد بن عبدالله ) - صلى الله عليه وسلم - وتأمل مسعود الموقف منذ خمسة عشر قرنا من الزمان ...
كيف لرجل فقير في بيئة قاسية غاب عنها النفط والذهب وكل مظهر لحضارة راقية أن يجمع حوله عشرات من الرجال والنساء ليكوَن بهم دولة وبعد أقل من قرن تحكم هذه الدولة أكثر من نصف الأرض وتضم أجناسا مختلفة من البشر في نسيج واحد متماسك كالبنيان المرصوص ؟؟؟..."
(1) (صدرت له يوم الخميس التاسع من ديسمبر 2021م) قصة "مسعود في كأس العرب" والفكرة الرئيسة للقصة دارات حول مباراة كرة القدم بين فريق مصر الغالية ،وفريق الجزائر الشقيقة ،والتي استهلها بقوله : جلس مسعود وزوجته الباتعة يشاهدان عن كثب مباراة كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر في بطولة كأس العرب ٢٠٢١ والمقامة بدولة قطر الشقيقة ...
الدراسة الرابعة :دراسة حول : ( الظواهر والعادات والتقاليد الشعبية والاجتماعية التراثية "الفلكلور الشعبي" والمعاصرة ) في قصص الأديب خالد همام
كنت في مقال سابق دار حول قصص الأديب خالد همام قد وعدت بإعداد دراسة عن الظواهر الاجتماعية والنفسية في قصص الأديب خالد همام ، وها هو الوعد يتم الوفاء به – بفضل الله وتوفيقه- فها هي هذه الدراسة تدور حول الشق الأول من الوعد حيث يتناول الظواهر والعادات الاجتماعية التراثية "الفلكلور الشعبي" والمعاصرة ) في قصص الأديب خالد (الجزء الأول )، وندعو الله أن يوفقنا لإعداد أجزاء هذه الدراسة ،وإعداد الشق الثاني من الوعد " الظواهر النفسية في قصص الأديب خالد همام "، ونقول في استهلال هذا المقال وبالله التوفيق :
إنه ببراعة ومهارة كاتب مثقف اجتماعيا وملم بالعادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية القديمة والعصرية استطاع الأديب خالد همام أن يضمن قصصه العديد من العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية التي شاهدها الكثير منا الايجابي منها على أرض الواقع في الكثير من أريافنا ومدننا وسكانها الطيبين، وكذا العادات ،والظواهر الغريبة التي طفت على السطح مؤخرا ،وهي غريبة كل الغرابة عن طبيعة مجتمعاتنا ما كنا لنسمع بها قط، ولما كان الأديب خالد همام كاتب ارتبط بالحدث فور حدوثه (1)وحرص قلمه على الحديث عنه من خلال الفن القصصي رأيناه يرصد بعدسته يصور لنا كل ما يحدث على أرض الواقع ،فمن أبرز ما يميز قصص الأديب خالد همام التي تدور حول شخصيتين رئيستين (مسعود وباتعة )التي تظهر القصص مدى العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية التي تظهر من خلال سلوكيتهما وتصرفاتهم وأفعالهم .
أسئلة الدراسة :
تحاول هذه الدراسة بيان أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية التي تضمنتها قصص الأديب خالد همام من خلال الإجابة عن السؤال الرئيس التالي :
ما أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام؟ وما شواهدها في هذا القصص؟
ويتفرع من هذا السؤال السؤالان التاليان :
- ما أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام؟ وما شواهدها في هذا القصص؟
- ما شواهد العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام؟
المحور الأول : أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام.
المحور الثاني : ما شواهد العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام؟
وفيما يلي البيان والتفصيل :
المحور الأول : أبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام:
من خلال القراءة والتحليل لقصص الأديب خالد همام يتضح لنا أن الأديب خالد همام أورد في قصصه العديد من العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية من أبرزها :
غلي الكمون لعلاج المغص، دلك الأقدام لتخفيف آلام العظام، زيارة الموتى، تعانق الأصدقاء(بالأحضان ) بعد طول غياب، عرض الحفلات وأفلام الحرب الوطنية يوم السادس من أكتوبر، الإكثار من أكل العدس في فصل الشتاء، ربط الرأس بقطعة قماش سوداء عند الحزن، عادات الأكل والشرب لدى بعض الشعوب، عادة وظاهرة التأخر في الزواج بحجة عدم القدرة المالية، التفاعل الاجتماعي مع ما يبث في التلفاز ووسائط التواصل الاجتماعي، الأعصاب ،عادة التنقل بين القنوات الفضائية ،عادة وظاهرة الحلف بالنبي(صلى الله عليه وسلم ) ظاهرة التعصب في التشجيع الرياضي وما يصاحبها من خلاف ونزاع ، عادة طبق البيض المقلي بجانب طبق الفول عند الإفطار في الصباح ،عادة ذبح الفراخ التي لا تبيض ، عمل الشباب ذوي المؤهلات العليا في أي عمل شريف متاح ، عادة زيارة الجيران وعيادة المريض والحزن عليهم لمرضهم،
عادة التلاقي وجها لوجه في موسم التصحيح، عادة :التشاور في حل مشكلات الجيران ، عادة :التشاور في حل مشكلات الجيران ،حب مشاهدة مباريات كرة القدم
المحور الثاني : شواهد العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية في قصص الأديب خالد همام :
فيما يلي عرض لأبرز العادات والتقاليد الشعبية والتراثية والاجتماعية وشواهدها في قصص الأديب خالد همام يتم عرضها على النحو التالي :
غلي الكمون لعلاج المغص :
وفي هذا يقول الأديب خالد همام في مطلع قصة :"مسعود في رحاب المدرسة ... ":" فجر الخميس شعر مسعود بمغص شديد وتردد على الحمام عدة مرات دون جدوى ...
شعرت باتعة بآلام زوجها فقامت على الفور بغلي الكمون وبمجرد شربه لذاك المشروب السحري زال عنه الوجع ".
دلك الأقدام لتخفيف آلام العظام :
وعن وعادة دلك الأقدام لتخفيف آلام العظام وعادة عمل التقلية كل يوم خميس ، :يقول الأديب خالد همام أيضًا في قصة مسعود في حالة رضا ...... :"الليلة ستكون رائعة... فكل مكوناتها جميلة ... مرتب الشهر في جيبي ... وعلبة البسبوسة في يدي ... وتقلية باتعة بالبصل الأحمر والفلفل الحار تنتظرني ... والنكت ستجعل أولادي يضحكون من أعماق قلوبهم ... وسوف أدلك أقدام أمي حتى اخفف من آلام عظامها ...
زيارة الموتى:
وفي هذا يقول الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في اليابان ... ":"
قفزت الفرحة إلى قلب باتعة فاتسعت عيناها الضيقتان مندهشة ومتساءلة :
بجد يا سي مسعود ؟! ممكن نسافر ... طيب إزاي وبكام وأمتى ؟! أحنا يدوب بنروح نزور الميتين كل أول شهر والحمد لله بنرجع تاني بخير وسلامة.
ويقول الأديب خالد همام أيضًا في قصة مسعود في شرطة الآثار ... :"
أشرقت شمس الجمعة الثانية من نوفمبر ومسعود يطوي الأرض في طريقه للمقابر لزيارة والده المتوفي منذ 30 عاما مصطحبا زوجته باتعة"
تعانق الأصدقاء(بالأحضان ) بعد طول غياب :
فمن العادات عادة تعانق الأصدقاء بعد طول غياب، وعادة التعلق الشديد بالأفلام والمسلسلات التي تناقش قضايا اجتماعية ،وظاهرة التبرك ببعض الأشياء التي لا تضر ولا تنفع ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في الصالة ":"مال عامل الزاوية على مسعود قائلا :
يا استاذ مسعود فيه حجر هناك بركة جبناه من مسجد سيدي بهلول ... اتيمم عليه ... وانجز علشان نلحق مسلسل ( ابوالبنات ) على أم بي سي مصر ... الليلة مصطفى شعبان هيتجوز صفيناز على سنة الله ورسوله .
تبسم مسعود من كلمات وامنيات عامل الزاوية الأعزب وخرج دون صلاة ...
عند خروجه من الزاوية سمع صوتا يناديه من على المقهى ...
التفت لصاحب الصوت فإذا به صديقه اللدود الأستاذ ( مجدي ) معلم التاريخ بالمرحلة الثانوية ..."
تعانق الصديقان طويلا رغم أنف الإجراءات الاحترازية وسأل مسعود صديقه عن أخباره وحاله فمنذ زمن طويل لم يتقابلا"
عرض الحفلات وأفلام الحرب الوطنية يوم السادس من أكتوبر
وعن عرض الحفلات وأفلام الحرب الوطنية يوم السادس من أكتوبر يقول الأديب خالد همام في قصة :"مسعود في العبور ... "
حل الخميس الأول من أكتوبر العظيم وحلت معه كل ذكريات التضحية والعطاء ...
في المساء اجتمعت أسرة مسعود الطيب حول الشاشة الفضية يتابعون حفلات وأفلام حرب السادس من أكتوبر العاشر من رمضان سنة ١٩٧٣ ...
باتعة تعشق فيلم ( أغنية على الممر ) فظلت تبحث عنه حتى عثرت عليه في قناة تعيش على الذكريات ...
شخصية الشاويش محمد ذاك الفلاح الذي نهض يحارب المحتل منذ ١٩٥٦ وترك داره وأرضه ليحرر وطنه تعجب باتعة كثيرا ...
ملامح الفنان ( محمود مرسي ) والتي جمعت بين الصرامة الشديدة والحب الغير محدود لجنوده الشباب وحرصه على قهر هجمات العدو الغادر بعزيمة أشد صلابة من الجبال ...
كل هذه الصفات جعلت باتعة تتمنى لو أن كل الرجال يتحلون بتلك السمات ...
لاحظ مسعود مدى اندماج زوجته مع سياق الدراما الواقعية فمازحها قائلا :الخميس ده باين عليه كله مشاعر وطنية يا باتعة !"
الإكثار من أكل العدس في فصل الشتاء :
وعادة الإكثار من أكل العدس في فصل الشتاء ومداومة أكله طوال الأسبوع عند بعض الناس ولبس الكستور وخياطة الملابس القديمة وحياكتها لمواصلة استخدامها عادة تدل على حكمة المرأة المصرية وحسن تدبيرها في إدارة المنزل اقتصاديا ، يقول الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في الستر "
هل سيعجبها طبق العدس وهو يتغول ويسود طوال الأسبوع؟!
بل هل يرضيها منظر الحارة وقد شاخت وسقطت أخر أشجارها منذ يناير ...
هل ستحتشم في حارة وتقدر عواطف أهلها ونصف سكانها من المتسربين والمدمنين والمتحرشين والعاطلين ؟!
أم أنها ستكون كالسيجارة التي ستشعل ما بقي من أعواد جافة في الحارة ؟!
فكر مسعود ثم فكر ...
ثم خلع نظارته واستغفر ...
ثم نادى :
إنتي فين يا باتعة ؟!
فردت باتعة بسرعة البرق :
أنا هنا يا سي مسعود ... بحاول أدبر هدوم شتوي للعيال و أعدل شنط المدرسة القديمة وبالمرة أخيط بيجامتك الكاستور"
ربط الرأس بقطعة قماش سوداء عند الحزن:
ومن العادات المنتشرة في بعض القرى : ربط الرأس بقطعة قماش سوداء عند الحزن، ومن العادات الحميدة المشاركة الوجدانية لأصحاب الأفضال علينا ،وعن هذه العادة يقول الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في الستر " :
تسلل إلى غرفة النوم ليستطلع الخبر فوجد باتعة وقد ربطت رأسها بقمطة سوداء والدموع تملأ عينيها الضيقتين وأنفها منتفخة حمراء ... شعر مسعود بالخوف على أمه العجوز فقال :
خير يا باتعة ... فيه إيه؟ ... أمي حصلها حاجة ؟
ردت باتعة في حزن :
أمك بخير يا سي مسعود .
تابع مسعود بغرابة :
طيب فيه إيه ؟
أجابت باتعة :
الست هالة ياسي مسعود تعبت من كتر الحمل اللي عليها ووقعت في مكتبها ونقلوها لمستشفى خاصة ... يا عيني عليها وعلى شبابها ... هلكت نفسها علشان تنقذنا من الكورونا وسافرت الصين في عز الأزمة وجابتلنا المصل "
عادات الأكل والشرب لدى بعض الشعوب :
استطاع الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في الستر " أن يسرد العديد من عادات الأكل لدى بعض الشعوب، حيث يقول :
في خضم تلك الغابة من الحسناوات راح يراجع حساباته الأولية في حارته المنسية ...
نعم قد أعد للعروسة غرفة مناسبة بالبيت ولكن هل تلك الغرفة ترضي أحلام شابة قادمة من بيروت ؟!
وهل ستأكل من طعامهم وتشرب من شرابهم وترضى بكل طوارئهم ؟!
هل ستستبدل سلطة الفواكه بحبة برتقال ؟!
هل سترضى أن يحل الماكريل محل الكافيار ؟!
هل سيعجبها طبق العدس وهو يتغول ويسود طوال الأسبوع؟!
بل هل يرضيها منظر الحارة وقد شاخت وسقطت أخر أشجارها منذ يناير ...
هل ستحتشم في حارة وتقدر عواطف أهلها ونصف سكانها من المتسربين والمدمنين والمتحرشين والعاطلين ؟!
أم أنها ستكون كالسيجارة التي ستشعل ما بقي من أعواد جافة في الحارة ؟!
فكر مسعود ثم فكر ...
ثم خلع نظارته واستغفر"
عادة طبق البيض المقلي بجانب طبق الفول في الصباح
فقد تحدث الأديب خالد همام في قصة :" مسعود في العشَة .... " عن عادة طبق البيض المقلي بجانب طبق الفول في الصباح
اعتاد مسعود صباح كل خميس فقط أن يجد طبق البيض المقلي بجانب طبق الفول اليومي على طبلية الفطار لسبب لا يعلمه إلا الله ومسعود وزوجته ...
عادة ذبح الفراخ التي لا تبيض :
تحدث الأديب خالد همام عن عادة ذبح الفراخ التي لا تبيض في قصة :" مسعود في العشَة .... "
ولكنه هذا الخميس لم يجد طبق البيض وأخبرته زوجته ( باتعة ) بأنَ الفراخ لا تبيض منذ الخميس الماضي ...
انزعج مسعود من الخبر وهاج وماج وحمل سكينة المطبخ وصعد سلالم البيت العتيق ووصل السطح عاقدا العزم على ذبح كل الفراخ تطبيقا لقانون الطبيعة السرمدي ( الفرخة التي لا تبيض ليس لها إلا الذبح
عادة وظاهرة التأخر في الزواج بحجة عدم القدرة المالية :
تحدث الأديب خالد همام عن عادة وظاهرة التأخر في الزواج بحجة عدم القدرة المالية، كما تحدث عن الظاهرة الاجتماعية التي ظهرت مؤخرا في ظل التطور التقني وكترة ما تنشره وسائط التواصل الاجتماعي ،والتفاعل المجتمعي معها ، حيث يقول في قصة : مسعود في الهشتاج:"
انتصف ظهر الخميس ومازال مسعود قابعا على مكتبه القديم ينجز أعمال مصلحته الحكومية الروتينية من كل شهر إفرنجي ...
يحاول المسعود إنهاء كومة الأوراق الجاثمة على صدره ومكتبه بينما زميله الأستاذ ( منسي ) أشهر الموظفين العزاب بالمصلحة والتي تجاوز عامه الخامس والأربعين دون نكاح شرعي ( زواج ) منهمك في تليفونه الصيني يحملق بعينيه الجاحظتين في شقروات لبنان باحثا عن زوجة المستقبل البعيد ...
لأول مرة يشعل الغيظ أوتار قلب مسعود الرقيقة فيصرخ في زميله المنسي طالبا منه ترك التليفون ومساعدته لإنجاز الأوراق التي صارت في ذمة مسعود رغم أنها تخص الجميع ...
أعصاب منسي المحروم قسرا لا تتحمل الصراخ وها هو يسرع معتذرا لزميله المحترم الأستاذ مسعود قائلا :
أنا آسف يا صاحبي ... بس انت مش عارف ... الدنيا مقلوبة في لبنان ... والبنات عاملة حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للزواج بدون مهر ... والهشتاج مولع المنطقة كلها بعنوان ( لبنانيات بدون مهر ) ... وأنت عارف ظروفي ونفسي أدخل دنيا قبل ما أطلع معاش وأنزل الملعب تعبت من دكة العزاب وشدة الأعصاب .
كلمات المنسي الحزينة نزلت على أوتار قلب مسعود بالرحمة والإشفاق فنزعت منه الغضب وقام إلى زميله واحتضنه طالبا منه أن يطلعه على دقائق هذه الحملة الإنسانية"
التفاعل الاجتماعي مع ما يبث في التلفاز ووسائط التواصل الاجتماعي :
وظهر لنا التفاعل الاجتماعي مع ما يبث في التلفازفيما ذكره الأديب خالد همام في قصة "مسعود في أفغانستان " امبارح يا سي مسعود كنت بتفرج على التلفزيون وشفت رجالة طوال أوي و أكتافهم عريضة وليهم دقون كبييييييرة وتحس إني الواحد فيهم زي الأسد والمذيعة المدلعة بتاعتنا بتقول عنهم رجال طالبان... مين دول يا سي مسعود ؟"
وقوله في قصة : مسعود في الهشتاج:" أنا آسف يا صاحبي ... بس انت مش عارف ... الدنيا مقلوبة في لبنان ... والبنات عاملة حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للزواج بدون مهر ... والهشتاج مولع المنطقة كلها بعنوان ( لبنانيات بدون مهر ) ... وأنت عارف ظروفي ونفسي أدخل دنيا قبل ما أطلع معاش وأنزل الملعب تعبت من دكة العزاب وشدة الأعصاب
عادة التنقل بين القنوات الفضائية :
ظهرت لنا عادة التنقل بين القنوات الفضائية التلفازفيما ذكره الأديب خالد همام في قصة "مسعود في أفغانستان " وأمسك مسعود بريموت التلفاز وأخذ يقلب في قنواته حتى وصل لإحدى القنوات الغربية الناطقة بالعربية.... ؟"
عادة وظاهرة الحلف بالنبي(صلى الله عليه وسلم ):
ذكر الأديب خالد همام عادة وظاهرة الحلف بالنبي(صلى الله عليه وسلم )في قصة "مسعود في أفغانستان "
سكت مسعود واغرورقت عيناه بالدموع .
اقتربت باتعة من مسعودها ومسحت على صلعته قائلة:
ولا يهمك يا سي مسعود .... والنبي الغالي هتفرج ويمكن ربنا يكرمنا الليلة بعيل شديد يعوض اللي فات.
ظاهرة التعصب في التشجيع الرياضي وما يصاحبها من خلاف ونزاع :
تحدث الأديب خالد همام في قصة " مسعود في النادي" عن ظاهرة التعصب في التشجيع الرياضي وما يصاحبها من خلاف ونزاع حيث يقول :"استيقظ مسعود صباح الخميس من أبريل العجيب على صوت زوجته ( باتعة ) وهي تتشاجر مع جارتها ( أم طارق ) بسبب هزيمة نادي الزمالك من نادي بيراميدز ...
باتعة زملكاوية حتى النخاع و لاترضى أبدا بهزيمة الزمالك العريق وخاصة من ناد حديث على تاريخ الكرة المصرية العظيم !
تملل مسعود في فراشه وهو يردد :
( اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ؛ اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا"
ثم يقول في نفس القصة : مال مسعود على أذن زوجته باتعة هامسا :
طبعا يا باتعة أنتي زملكاوية أصيلة والست أم طارق أهلوية صميمة صح ولا أنا غلطان يا روحي ؟
ردت باتعة في حماس :
ودي عايزة سؤال يا سي مسعود ! طبعا صح واللي ملوش خير في ناديه الكل يشمت فيه ..."
عادة الزغاريد عند الفرحة والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)
وعن عادة الزغاريد عند الفرحة والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول الأديب خالد همام "مسعود في الرئاسة " حيث يقول :
"استيقظ مسعود من نومه المتقطع على صوت ثلاث زغاريد انطلقت من فم باتعة الواسع وكأنها طلقات مدافع يوم العبور العظيم ...
فرك عينيه ليطرد بقايا النعاس ويستفسر عن السبب ...
فردت باتعة والفرحة تغمر وجهها البريء :
اللهم صل ع النبي ... شفت ف الحلم يا سي مسعود إنك داخل من بوابة قصر كبير وماشي على سجادة حمرا و ناس كتير واقفة ع الصفين لحد ما وصلت لكرسي كبيييييييير ....."
وعن كثرة الزغاريد يقول الأديب خالد همام في نفس قصة "مسعود في الرئاسة " :"سمعت باتعة قرارات مسعود المصيرية فانطلقت منها زغرودة أخرى غير شعورية وكأنها رسالة تأييد قائلة :
تسلم دماغك يا سي مسعود ويسلم قلبك اللي شايل هم الغلابة وعيالهم... بس أنا زعلانة منك يا سي مسعود !
رد مسعود :
خير يا باتعة زعلانة ليه داحنا لسه في أول الأحلام ؟"
وظهرت عادة الزغاريد عند سماع نبأ مفرح في قصة مسعود في قلب ماما ... وفيها يقول الأديب / خالد همام :"
في صباح الخميس الأول من يوليو العجيب حمل مسعود بشكيره الأزرق وتوجه للحمام ليبدأ خميسه بنشاط وحماس وفرحة ...
ودوما فرحته مبتورة فالماء غائب عن الحارة بأكملها وسرعان ما أدركته زوجته ( باتعة ) بجركن من الماء المركون للزوم الطبيخ والشاي ...
بلل المسعود جسده المحروم بقليل من الماء في دولة يجري فيها النيل السلسبيل من الجنوب إلى أقصى الشمال ...
وصل مصلحته الحكومية وبدأ يمارس عمله اليومي وإذا برئيس الحي التابعة له الحارة يصل المصلحة لقضاء مصلحة !
تذكر مسعود مشكلة المياه التي تعاني منها الحارة وغيرها من المشاكل المتنوعة ففكر في عرضها على السيد رئيس الحي وقبل انطلاق مسعود في عرض المشاكل اليومية للحارة ابتسم رئيس الحي ورفع نظارته وقال له :
أنا كمسئول بحب أسمع المشاكل من داخل الحدث
واليوم - بإذن الله - هجيلكم الحارة بعد المغرب وأسمع منكم كلكم يا أهل الحارة الطيبين .
فرح مسعود وكاد أن يطير من الفرح بزيارة معاليه للحارة المنسية ومع غروب الشمس جمع كل رجال الحارة في انتظار الزيارة الكريمة ...
وصل موكب سيادته للحارة الضيقة التي عبَرت عن فرحتها النساء بالزغاريد الهادرة التي انطلقت من فم باتعة وكل نساء الحارة ...
فرح سيادته بالاستقبال الشعبي الرائع من الحارة الوطنية الأصيلة وكادت الدموع تنهمر من عينيه الزرقاويتين ووقف يخطب أمام جمهور الحارة قائلا :
يا أهل الحارة الكرام أنتم لستم عقل مصر فقط بل أنتم قلبها ومصر هي الأم الكبرى وأنتم في قلب ماما الكبير وأنتم نور عينيها الواسعتين ..."
عمل الشباب ذوي المؤهلات العليا في أي عمل شريف متاح
تحدث الأديب خالد همام في قصة "مسعود في التموين .." عن الظاهرة الحميدة عمل الشباب ذوي المؤهلات العليا في أي عمل شريف متاح يقول الأديب خالد همام "مسعود في التموين " حيث يقول :
أشرقت شمس الخميس ومسعود يقف في طابور مهيب يحمل بطاقته التموينية الخضراء ليحصل بها على حصته المقررة من الخبز الأسمر الجميل المصنوع من القمح الروسي المبارك ...
بعد وقت لا يعلمه إلا الله وأصحاب الطابور وصل المسعود إلى دوره فسلم البطاقة لشاب وسيم يحمل بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة ويعمل عند صاحب المخبز على ماكينة صرف الخبز ويتقاضى ثلاثين جنيها وعشرين رغيفا طازجا!!
عادة زيارة الجيران وعيادة المريض :
تحدث الأديب خالد همام في قصة "مسعود في الحبشة .." عن عادة زيارة الجيران وعيادة المريض والحزن عليهم لمرضهم حيث يقول :"حل ظلام الخميس الثالث من يوليو العميق وها هو مسعود يتفقد أفراد أسرته الصغيرة وأحوالهم ...
غابت عن المشهد زوجته المخلصة ( باتعة ) فهي تقوم بزيارة لجارتها الست ( فاتن ) المريضة منذ فترة والتي لم تتحسن حالتها الغامضة فهي تعاني من نوبات عصبية تنتابها مساء كل خميس ...
عادت باتعة من زيارتها وكأنما عادت الروح إلى البيت الدافىء الجميل ...
خلعت باتعة عباءتها السوداء ومكثت بحجرتها طويلا حتى بدأ القلق عليها يسيطر على وجدان مسعود ...
دخل مسعود الغرفة فوجد زوجته باكية حزينة على جارتها الشابة ...
تسأل مسعود عن حالة فاتن فردت باتعة :
ربنا يلطف بيها يا سي مسعود !"
عادة التلاقي وجها لوجه في موسم التصحيح
تحدث الأديب/ خالد همام في قصة " مسعود في التصحيح ..." عن
عادة التلاقي وجها لوجه في موسم التصحيح :" أشرقت شمس القاهرة ومسعود يسعى للوصول لإحدى مدارس التعليم الفني للقاء ابن خالته الأستاذ ( سيد بلوظه ) والذي جاء من الدلتا للمشاركة في تصحيح امتحانات شهادات التعليم الفني بالقاهرة"
عادة :التشاور في حل مشكلات الجيران :
ويقول الأديب / خالد همام في قصة :"مسعود في التطعيم ..."
أذنت شمس الخميس على المغيب وها هي المخلصة ( باتعة ) تجلس بين نساء الحارة في مباحثات خاصة للوصول لحل نهائي لمشكلة جارتهم الست ( انشراح ) زوجة الأستاذ ( سيد بطلان ) ناظر إحدى مدارس القاهرة العتيقة ...
والذي جمع زملاءه بالمدرسة وذهب بهم لأحد المراكز الصحية لتلقي تطعيم الوقاية من أحد الفيروسات القاتلة ...
عند هذا الحد وكل المعطيات طيبة وحضارية وتبشر بخير كثير لأهل الحارة الطيبين ...
ولكن الأزمة بدأت تلوح في الأفق عندما صرحت الست انشراح لباتعة بأن زوجها حضرة الناظر منذ أن تلقى التطعيم وهو خارج كل مراكز الخدمة الزوجية!
عندها صرخت باتعة وجمعت كل نساء الحارة للتشاور ..."
الظاهرة الغريبة قتل
عادة اختيار البطيخة وشقها :
فقد تحدث الأديب / خالد همام عن عادة اختيار البطيخة وشقها حيث يقول في قصة" مسعود في البقعة الحمراء ...": جاء الخميس الأوسط من يوليو الساخن وها هو مسعود يجلس مع نفسه منفردا بورقة بيضاء وراتبه الهزيل بين يديه المرتعشتين يحاول مستميتا أن يضبط قواعد الصرف الشهرية جيدا ...
بعد ساعتين من العناء وتسكين الديون المعتادة للبقال والإيجار وفواتير الماء والكهرباء والعلاج و .....
قرر مسعود أن يشتري بالمبلغ المتبقي بطيخة ليدخل على أمه وأبنائه وزوجته الباتعة فرحة الخميس والقبض السعيد ...
دخل مسعود السوق فإذا بأكوام البطيخ كثيرة وممتدة ؛ فرح مسعود بكثرة المعروض من البطيخ مختلف الأحجام ..
همس في أذن أحد الباعة متسائلا :
ما شاء الله رقعتنا الزراعية من البطيخ زادت ولا َ إيه ؟
فأجابه البائع ووجهه يعتصر من الألم :
لا يا أفندي ... كل الحكاية إني مفيش بيع وسوق البطيخ نايم .
طلب مسعود من البائع أن يختار له بطيخة على ضمانته الشخصية فحظه في اختيار البطيخ كحظه في الحياة قليل ؛ اختار البائع بطيخة لمسعود وأراد شقها بسكينه ولكنَ مسعود رفض حتى تكون باتعة أول من يغرس فيها السكين"
عادة تخزين الماء للضرورة :
من العادة الضرورية للتغلب على طوارئ انقطاع الماء فجأة (عادة تخزين الماء للضرورة) وقد تحدث الأديب / خالد همام عنها في قصة " مسعود في قلب ماما" حيث يقول :"في صباح الخميس الأول من يوليو العجيب حمل مسعود بشكيره الأزرق وتوجه للحمام ليبدأ خميسه بنشاط وحماس وفرحة ...
ودوما فرحته مبتورة فالماء غائب عن الحارة بأكملها وسرعان ما أدركته زوجته ( باتعة ) بجركن من الماء المركون للزوم الطبيخ والشاي ..."
ظاهرة قتل الأزواج والزوجات !!
تحدث الأديب / خالد همام عنها في قصة " مسعود في الكيس " عن ظاهرة غريبة عجيبة على مجتمعاتنا، ألا وهي ظاهرة قتل الأزواج والزوجات !!- وهي ظاهرة جديرة بالبحث والدراسة لوضع الإجراءات العملية للحد منها والقضاء عليه - حيث يقول :"استيقظ أهل الحارة من نومهم على صوت سيارة الإسعاف وخلفها سيارة الشرطة ...
فرك مسعود عينيه ووضع نظارته وفتح شباك غرفته ليعلم الخبر ...
الكل يهرول في الحارة ويردد عبارة واحدة :
عفاف قتلت جوزها ... عفاف قتلت جوزها .
وقع الخبر على مسامع مسعود فزلزل كيانه السرمدي وسرعان ما أيقظ مخبره الخاص ليأخذ منه مؤشرات الجريمة الغامضة قائلا :
باتعة .... باتعة ... قومي يا غالية ... بيقولوا عفاف قتلت جوزها... معندكيش تفاصيل عن المصيبة دي ؟.......!
حب مشاهدة مباريات كرة القدم
تحدث الأديب / خالد همام عنها عن عادة حب مشاهدة مباريات كرة القدم في قصة قصة "مسعود في كأس العرب" حيث يقول : جلس مسعود وزوجته الباتعة يشاهدان عن كثب مباراة كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر في بطولة كأس العرب ٢٠٢١ والمقامة بدولة قطر الشقيقة ...
الدراسة الخامسة : تشكيل البداية السردية في قصص الأديب خالد همام
عتبة الاستهلال" بالسؤال والاستفسار" أنموذجًا
امتاز الأديب خالد همام بمهارة فائقة في براعة الاستهلال القصصي لقصصه الأسبوعي الذي يدول حول شخصيتين محوريتين هما (مسعود وباتعة )،والاستهلال هنا بداية الكلام وبدء التأسيس والمطلع في القصة ،وهو من أهم أسباب نجاح القصة لما له من دور كبير في جذب وتشويق المتلقي لأحداث القصة ،وله دور كبير في تماسك القصة وتكاملها .
والاستهلال في القصة هو العتبة الثانية بعد عتبة العنوان ،وهو المدخل لمتن القصة ونصها ،لذا فهو من أبرز عنصر من عناصر البناء الفني التي يقف عليها نجاح القصة .
ولقد برع الأديب خالد همام في استهلال قصصه بالسؤال والاستفسار ومن نماذج قصصه التي وظف فيها السؤال القصص التالية على سبيل المثال : مسعود في الرئاسة ، مسعود في الكيس، مسعود في الدوحة ...، مسعود في الممر ، مسعود في القصر ... ، مسعود في علم التفسير ، مسعود في كوريا الشمالية ... ، مسعود في دائرة الذات ... ، مسعود في مكتب التنسيق ... ، مسعود في الجبلاية ... ،"مسعود في وادي الملوك ... " ، مسعود في مدينة الحظ ... ، مسعود في الفالنتاين ... ،مسعود في الحديقة ...، مسعود في منتهى العشق ... ، مسعود يقابل رانيا يوسف ... ، مسعود في السوق ... ، مسعود في تجارة الدين ...
وفيما يلي نتعرف على كيفية استهلال كل قصة من القصص المذكورة بالسؤال والاستفسار على النحو التالي :
في قصة "مسعود في الرئاسة " نجد أن الأديب خالد همام يستهلها بالاستفسار عن سبب الفرحة العارمة المصحوبة بالزغاريد ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:" استيقظ مسعود من نومه المتقطع على صوت ثلاث زغاريد انطلقت من فم باتعة الواسع وكأنها طلقات مدافع يوم العبور العظيم ...فرك عينيه ليطرد بقايا النعاس ويستفسر عن السبب ..."
وفي "قصة مسعود في الكيس" نجد استهلالها بالرغبة في معرفة سبب تواجد صوت سيارة الإسعاف وخلفها سيارة الشرطة بالحارة ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"استيقظ أهل الحارة من نومهم على صوت سيارة الإسعاف وخلفها سيارة الشرطة ...
فرك مسعود عينيه ووضع نظارته وفتح شباك غرفته ليعلم الخبر ...
الكل يهرول في الحارة ويردد عبارة واحدة :
عفاف قتلت جوزها ... عفاف قتلت جوزها" .
وقع الخبر على مسامع مسعود فزلزل كيانه السرمدي وسرعان ما أيقظ مخبره الخاص ليأخذ منه مؤشرات الجريمة الغامضة قائلا..." :
باتعة .... باتعة ... قومي يا غالية ... بيقولوا عفاف قتلت جوزها... معندكيش تفاصيل عن المصيبة دي ؟!
وأخذ مسعود يهمهم بصوت خفي :
مسكين يا أسطى حسن كنت أحسن سباك في المنطقة ودايما محافظ على صلواتك في الزاوية ... يا ترى الست عفاف مراتك قتلتك ليه ؟!"
وأما في " مسعود في الدوحة ..." نجد استهلالها بالسؤال عن معنى كلمة ( الدوحة )،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"أشرقت شمس الخميس الأخير من مايو ٢٠٢١ ومازال مسعود يغط في نوم عميق ...
ابنته الصغيرة ( سعاد ) تمرر أصابعها الرقيقة على صلعته الواسعة بحب وحنان لا يعرفهما إلا البنات ...
استيقظ المسعود فرحا بابنته الرقيقة في دنيا غلبت عليها أعمال البلطجة والشذوذ ...
تبسمت سعاد قائلة :
أنا آسفة يا بابا لأني صحيتك من النوم وعندك اجازة من الشغل بس فيه كلمة عايزة اعرف معناها لو سمحت .
تبسم مسعود في وجه ابنته المهذبة ثم حضنها قائلا :
فعلا يا حبيبة بابا زي ما قالوا .... اللي معندوش بنات محروم من الهنا لحد الممات ... خير يا سعاد كلمة إيه اللي شغلاكي دي ؟
ردت سعاد :
كلمة ( الدوحة ) معناها إيه يا بابا ؟"
ويستهل الأديب خالد همام قصة "مسعود في الممر" بالاستفهام الاستنكاري :" كل ده حصل لأولادنا - يا كبدي - واحنا واكلين ونايمين ومتغطَيين باللحاف الستان يا سي مسعود ؟!"
،وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"أقبل مساء الخميس الثاني من أكتوبر الكرامة وجلس الزوجان ( مسعود وباتعة ) أمام تليفزيونهما القديم ( تليمصر ) يشاهدان عن كثب فيلم الممر ...
وهو عمل سينمائي يحكي عن حجم التضحيات التي قدمها رجال القوات المسلحة بعد نكسة حزيران ( يونيو ) .
المشاهد الدامية والتي أزهقت فيها روح الأبطال من الضباط والجنود جعلت باتعة تذرف دموعها حتى أحمرَت عيناها الضيقتان ...
ثمَ تنهدت قائلة :
كل ده حصل لأولادنا - يا كبدي - واحنا واكلين ونايمين ومتغطَيين باللحاف الستان يا سي مسعود ؟!"
ويستهل الأديب خالد همام قصة " مسعود في القصر ... بالسؤال التالي على لسان باتعة :" خير يا سي مسعود ... لحقت تحلم ؟ أنا سبتك من 5 دقايق يدوب دخلت أعملك شاي العصاري اللى أنت متعود عليه ! قلي شفت إيه ؟؟؟
بعد عصر الخميس الثالث من سبتمبر الخير وضع مسعود جنبه على أريكته الزرقاء فأخذته سِنة من نوم ...
فاق من نومته الخفيفة على وقع أقدام زوجته ( باتعة ) وهي تحمل له صنيتها الصفراء وعليها كوب الشاي المحلى بالسكر والنعناع الأخضر ...
ابتسم مسعود في وجه زوجته مرددا :
يارب يتحقق الحلم يا باتعة !
ردت باتعة :
خير يا سي مسعود ... لحقت تحلم ؟ أنا سبتك من 5 دقايق يدوب دخلت أعملك شاي العصاري اللي أنت متعود عليه ! قلي شفت إيه؟؟؟"
وفي قصة مسعود في علم التفسير نجد الاستفسار عن الحل لإدراك ما تبقى من الليل ؟ وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
هبط الخميس قبل الأخير من أغسطس العريض وها هو مسعود غارق بين كتب تفسير الأحلام قديمها وحديثها ...
يبحث عن تفسير يشفي صدره لذاك الحلم الذي طاف به الخميس الفائت ...
زوجته ( باتعة ) تراقب عقارب الساعة عن كثب فالليلة الكبيرة تكاد تنقضي ومسعودها منكب بين كومة الكتب فما الحل لإدراك ما تبقى من الليل ؟
وفي قصة "مسعود في كوريا الشمالية ... " نجد أن الأديب خالد همام يستهلها بالسؤال التالي على لسان باتعة : مين الشاب الوسيم ده يا سي مسعود ؟
وفي هذا يقول :"في مساء الخميس الثاني من أغسطس العريض جلس مسعود يتصفح جريدة الأهرام والتي تفضلها الأسرة المصرية في فرش الطبلية قبل الطعام ...
وها هو مسعود يبحث فيها عن أي تفسير يقبله العقل لظاهرتي ارتفاع درجة الحرارة وارتفاع ثمن الذهب ...
ولكن كالعادة ... لم يجد شيئا فقد أصبحت الجرائد مجرد إعلانات مدفوعة أو حتى غير مدفوعة لمجرد التطبيل أو التشنيع !
خرجت زوجته ( باتعة ) من حمامها الخميسي وعلى رأسها البشكير الأخضر الذي تجاوز عمره العشرين عاما ؛ حملقت باتعة في الجريدة رغم عدم معرفتها بالقراءة فأعجبتها صورة فسألت :
مين الشاب الوسيم ده يا سي مسعود ؟"
وفي قصة " مسعود في دائرة الذات ... " نجد أن بدايتها السردية يستهلها الأديب خالد همام بالسؤال التالي :كيف كانت دنياكم ؟ وبم كنت تشعرون ؟ وكيف هي أخراكم ؟ وبم تنصحون ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"هبط الخميس الأول من أغسطس الغامض وها هو مسعود يجلس على أريكته الهالكة في صالة بيته القديم ينظر إلى صورة المرحوم أبيه المتربعة في أعلى الحائط ...
جلس وكأنه يناجي روحه في مكانها البعيد ويسأله :
كيف كانت دنياكم ؟ وبم كنت تشعرون ؟ وكيف هي أخراكم ؟ وبم تنصحون ؟"
وفي قصة "مسعود في مكتب التنسيق ... " كانت البداية السردية في سؤال السيدة العجوز :
هو فيه إيه هنا يا بني ؟ بيوزعوا زيت ولا سكر ؟ هي الانتخابات قربت والحاج أبوالفتوح بيوزع لحمة على أهل الدايرة ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
في صباح الخميس الثالث من يوليو الحارق شاهد مسعود مجموعة من الفتيان والفتيات يصطفون أمام مكتب تنسيق الجامعات ...
عاد مسعود بذاكرته لأكثر من ثلاثين عاما عندما وقف مثلهم ليقدم رغبته الأولى في كلية الحقوق ... تلك الكلية العظيمة التي يتكفل خريجوها بتحقيق العدالة المنشودة في أعرق دولة عرفت معنى القانون ...
ثم ابتسم بحنان عندما تذكر صديقته بالدفعة التي أحبها وكان يقدم لها خلاصة جهده في التلخيص الشاق للقانون الجنائي والدولي و...
ثم تزوجت من أحد الأساتذة لتضمن كرسيا داخل تلك الكلية العريقة في الحفاظ على العهود والوعود ...
أصبحت حبيبة الماضي نجمة من نجوم القانون تعج بها الفضائيات وتشارك في صياغة وتطريز كل التشريعات بينما يقبع مسعود في أرشيف أفقر الوزارت يحلم بقرب نسائم تطبيق الحد الأدنى في الأجور والمرتبات !
مسعود غارق في ماضيه وحاضره فإذا بسيدة عجوز تقترب منه متسائلة :
هو فيه إيه هنا يا بني ؟ بيوزعوا زيت ولا سكر ؟ هي الانتخابات قربت والحاج أبوالفتوح بيوزع لحمة على أهل الدايرة ؟
وفي قصة "مسعود في الجبلاية ... " كانت البداية السردية في سؤال باتعة :
ما لك يا سي مسعود ؟ أنت زعلان علشان اتهزمنا في الكورة ولاَ إيه ؟!
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
هبط الخميس الثاني من يوليو الملتهب وهاهي ( باتعة ) تلاحظ وتشعر بكم الحزن الذي يرتسم على وجه زوجها وحبيبها مسعود ...
فكرت ودبرت كيف تخرج بحبيبها من هذا الطقس القاتل فأعدت جلسة بسيطة وهادئة على سطوح منزلهما العتيق بالحارة الضيقة...
وأشعلت عودا من البخور لطرد الأرواح الشريرة من الإنس والجن واليأس والحزن ونثرت أعواد الريحان الأخضر التي طلبتها من القروية بائعة الجبن التي تحضر للحارة صباح كل خميس ...
وعند المساء صعدت بمسعودها إلى جنتها البسيطة لتمسح عنه كل آلم أو ضيق فهمست في وجدانه الممزق قائلة :
ما لك يا سي مسعود ؟ أنت زعلان علشان اتهزمنا في الكورة ولاَ إيه ؟!
وفي قصة "مسعود في وادي الملوك ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود : ... نفسك تروحي فين ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
صباح الخميس الثاني من أبريل العجيب استيقظ مسعود على يد زوجته ( باتعة ) وهي تداعب صلعته بحنان وتوعده بأجمل طبق ( تقليه ) بالرقاق مع اللحمة الضاني التي جاءتهم من الحاج ( مهاود ) والذي ذبح خمسة خراف لمناسبة تاريخية عظيمة ......
فرح مسعود برغبة باتعة في الحياة واهتمامها بما يحب مسعود وهمس في أذنها :
وأنا كمان مش هقصَر معاك يا بتعتع وهسهرك ليلة جميلة ... نفسك تروحي فين ؟
وفي قصة " مسعود في مدينة الحظ ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال الجميع : خير يا منسي ... المرتبات زادت ولاَ الأسعار رخصت ؟؟؟وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"في الخميس الثالث من فبراير القصير المكير جلس مسعود على مكتبه بالمصلحة الحكومية العتيقة يتأمل الوجوه من حوله ليبحث عن بسمة صافية ...
وفي لحظات تأمله دخل زميله ( المنسي ) مهللا :
الله أكبر ... الله أكبر .
قفز الجميع بصوت واحد :
خير يا منسي ... المرتبات زادت ولاَ الأسعار رخصت ؟؟؟"
وفي قصة " مسعود في الفالنتاين ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود لزملائه عن المنظر الذي شاهده ؟وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
"في صباح الخميس الثاني من فبراير وعند دخول مسعود من باب المصلحة لاحظ أحد الشباب على الرصيف المقابل يفترش الأرض بمجموعة كبيرة من الدباديب الصينية الصنع المختلفة الحجم واللون ...
سأل مسعود زملاءه عن المنظر الذي شاهده ؟
ردت الآنسة ( عواطف ) صاحبة الأربعين عاما على مسعود بكل دهشة :
معقول يا أستاذ مسعود فيه حد ميعرفش إني النهارده عيد الفالنتاين ؟"
و البداية السردية في قصة " مسعود في الحديقة ... " تم استهلالها بسؤال مسعود لزوجته : ما الذي يعجبك في الفيل ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
في هذا الخميس قرر مسعود أن ينطلق بزوجته ( باتعة ) خارج حدود الحارة الضيقة فلم يعد يملك طاقة للإبداع فيها ...
دخل الزوجان حديقة الحيوان بالجيزة رمز الريادة المصرية منذ العهود الخديوية . وقف مسعود يتأمل الفيل في حجمه وصبره الكبيرين ...
ثم سأل زوجته :
ما الذي يعجبك في الفيل ؟
وفي قصة" مسعود في منتهى العشق ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال باتعة لمسعود : مين سعاد دي يا مسعود وعرفتها ميته ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
حلَ مساء الخميس وتزينت ( باتعة ) بكل ما قسم الله لها من وسائل الزينة لتسعد مسعود وقد اقتربت منه وهمست في أذنه اليسرى قائلة :
سمعتك وأنت نايم بتتكلم مع واحدة اسمها سعاد ... مين سعاد دي يا مسعود وعرفتها ميته ؟
وفي قصة" مسعود يقابل رانيا يوسف ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود لزملائه : عن أحدث أخبار أهل الفن أو الرياضة ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
مع شروق شمس هذا الخميس قرر مسعود أن يفرَغ رأسه من كل الهموم ويحاول البحث عن موضوع للتسلية والترفيه ؛ فسأل زملاءه بالمصلحة ...
عن أحدث أخبار أهل الفن أو الرياضة ؟
وفي قصة" مسعود في السوق ...
" نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود للبائعة الخبيرة : أريد ديكا يبث الحياة وينعشها في العشة ولكن لماذا تسألين ؟!
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
أشرقت شمس صباح الخميس ومسعود يخطو بنشاط وهمة تجاه سوق المدينة ليشتري ديكا قويا يصلح به حال دجاجات العشة ..
وصل مسعود لسوق الطيور ووقف أمام جماعة من الديوك فأعجبه ديكا سمينا يهتز القفص تحت أقدامه فطلب من البائعة القروية أن تخرج له الديك .
نظرت البائعة الخبيرة في وجه مسعود متسائلة :
تريد ديكا للذبح أم للقفز ؟
فرد مسعود مندهشا :
أريد ديكا يبث الحياة وينعشها في العشة ولكن لماذا تسألين ؟!
وفي قصة" مسعود في مواجهة الذات ... " نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال مسعود ما دام هذا قد حدث في أحجار صماء فكيف بجسد وعقل الإنسان؟!
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
كأي مواطن في بقاع الدول النامية عاد مسعود من عمله الروتيني بين الملفات سيئة الورق والرائحة إلى بيته بحارة ( العيش والملح) ...
دخل الموظف بيته للراحة والسكن ولكنه هذه المرة دقق في حوائط منزله وقد شاخت وهرمت ودب الوهن في تفاصيلها القديمة ...
ردد في نفسه :
ما دام هذا قد حدث في أحجار صماء فكيف بجسد وعقل الإنسان؟!
وفي قصة" مسعود في تجارة الدين ...
" نجد البداية السردية تم استهلالها بسؤال باتعة معقولة يا سي مسعود الراجل ده من مواليد ١٩٤٢ و عنده ٧٩ سنة ويجري وينط كده ؟
وفي هذا يقول الأديب خالد همام:
في المساء جلست باتعة تتابع لحظات دخول الرئيس الأمريكي المنتخب ( جوزيف بايدن ) للبيت الأبيض وهو الرئيس رقم ٤٦ في تاريخ أمريكا القليل ...
كانت باتعة ترتدي عبايتها القطيفة الخضراء موديل ١٩٩٩ والتي كانت أخر هدية تصل إليها من بلاد النفط العربي السعيد عندما أحضرها لها ابن عمها ( مرزوق ) من أسواق بغداد والتي كانت عامرة بكل جديد ...
دخل مسعود من الباب فوجدها في قمة التركيز وخاصة عندما جرى و قفز الرئيس برشاقة أمام كاميرات الصحافة وكأنه مواطن عربي في سن الثلاثين !
مصمصة الباتعة شفتيها الواسعتين على طريقة نساء مصر متعجبة متسائلة :معقولة يا سي مسعود الراجل ده من مواليد ١٩٤٢ و عنده ٧٩ سنة ويجري وينط كده ؟
الدراسة السادسة :توظيف التوابع النحوية (النعت أنموذجًا )لدى(القاص الحلمنتيشي) خالد همام
يمتاز (القاص الحلمنتيشي) ، والأديب الكبير، و الكاتب المميز، والقاص المبدع ،كاتب الحدث وأديبه، المربي الفاضل ،الأستاذ القدير (خالد همام )حفظه الله ووفقه –يمتاز بقصصه الفني ذي الأسلوب الفريد من نوعه ،فالأديب خالد همام يجيد فن الأقصوصة في التعليق على الأحداث المجتمعية باحترافية فنية لا يجيدها إلا كبار الأدباء مثله !!
وإنه مما يسعد تلقي كبار التربويين و المثقفين والأدباء والكتاب لأدب الأديب خالد همام وقصصه بتلهف وشوق وأريحية ..
وأقول :إن كان الأديب المصري الكبير الأستاذ الدكتور الجليل الدكتور /مصطفى رجب عميد كلية تربية سوهاج الأسبق شاعر مصر الأشهر في الشعر الحلمنتيشي ،فإنني يسعدني أن أطلق على الأديب المصرى خالد همام (القاص الحلمنتيشي)....
قاصنا الحلمنتيشي الأديب /خالد همام ... قرأت قصتكم الأخيرة ..ونشكر لكم براعتكم الفنية في صياغتها أدبيا ، ومما لفت انتباهي بشكل كبير حسن توظيف التوابع النحوية (النعت أنموذجًا ) في التوضيح والبيان وإظهار المعنى المراد للقارئ الكريم من خلال الوصف؛ فوصفكم جدير بأن يُدرس ؛ نذكر منه على سبيل المثال ما ورد قصة مسعود في الجونة الأخيرة :
بيتها البسيط الصغير-
بالمصابيح الموفرة للطاقة -
فسحة خارج الحارة الضيقة المكتظة بالمواطنين-.
استمع مسعود بهدوء شديد-
ثم بدأ يفكر في خروجة آمنة-
تضمن للأسرة العودة السالمة للبيت - .
بعد عمق تفكير استقر رأيه على مكان آمن وغير مكلف ... -
هتنسي آمال الدنيا الكدابة -
سكتت باتعة طويلا(نائب عن المفعول المطلق صفته) -
يا سي مسعود ... الناس بتروح حتة جديدة اسمها الجونة -
خدودهم حمرة ..... لامعة....
وضع مسعود يده الشاحبة حول عنق زوجته الحالمة قائلا -
-وكمان عيونهم الوارمة
..-. شرب الميه الصفرة .
ردت باتعة بسذاجة عالية -
بدل ما يشربوا ميه عكرة تنفخ عنيهم؟-
ضحك مسعود بصوت مرتفع قائلا -
يخرب بيت حنانك الجارف
ولما كان هذا الوصف له دلالته الفنية والأسلوبية والبلاغية-
لذا نوصي و ندعو الباحثين في مجال البلاغة و النحو العربي لدراسة التوابع في قصص الأديب خالد همام (دراسة بلاغية نحوية ) فهي جديرة بالدراسة والبحث
الدراسة السابعة :دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام، وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجا )(1)
بقلمه المميز يسعدنا الأديب المصري خالد همام في مطلع صباح كل خميس بقصته الأسبوعية مسعود وباتعة، وقد شرفت منذ أسابيع بكتابة مقالين عنها ،وكنت قد وعدت فيهما القراء الأفاضل المتابعين لقراءة هذه القصص بكتابة عدة مقالات حول فنيات هذه القصص الشيقة ،وبتوفيق الله وعونه أشرُفُ بأن أستهل هذه المقالات بهذا المقال الذي بين أيدينا وهو بعنوان دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجًا ) من خلال الاستشهاد بعشر قصص فقط ،على أن يتم معالجة بقية القصص في مقالات تالية تباعًا ، وفيما يلي المقال الأول حول هذا الموضوع :
العنوان جزء من مضمون النص:
بداية إن العنوان هو العمود الفقري ،والركن الرئيس الذي يميز النص الأدبي ،وهو جزء من مضمون النص ،وهو يمثل المفتاح الذي ندخل به إلى القصة لاستكشاف عالمها المثير ،وهو ما نلاحظه في عنوانين قصص الأديب خالد همام، فهو يحرص أسبوعيا على الكتابة حول الموضوع والحدث والفعاليات والمناسبات والوقائع التي هي موضوع حديث القطاعات العريضة من الأفراد محليا وإقليميا، ويأخذ منها منطلقا لموضوع قصته الأسبوعية ،ويجعل من أحد الشخصيتين الرئيستين في القصة (مسعود)في الحدث ،وببراعة الكاتب ينطلق من الفكرة الرئيسة لعنوان القصة إلى الأفكار والعناصر الجزئية لأحداث القصة حيث يستعرض الكاتب خالد همام ببراعة مناقشة القضايا المجتمعية والعادات والتقاليد الشعبية راصدا بعدسته أداق التفاصيل للحياة اليومية في القرية والمدينة بأسلوب فني جذاب وشيق درامي قائم على الحوار ،ولا يملك القارئ أمام هذه الدراما المؤثر إلا الضحك أحيانا والبكاء أحيانا أخرى في المواقف المختلفة كل بما يناسبه .
السمة الرئيسة لعنوان قصص الأديب خالد همام:
ونظرا لكون قصص الأديب خالد همام تندرج تحت القصة القصيرة و القصيرة جدا فهي تركز على فكرة رئيسة يمثلها عنوان القصة فقد اتسم عنوان القصص بالاقتصاد اللغوي، وكل قصة لها عنوان محدد حيث جاء في الغالب على نمط واحد جملة اسمية بسيطة في بنيتها النحوية : المبتدأ يليه الخبر فيها شبه جملة جار ومجرور، وتنوعت د لالة الخبر فمرة يكون الاسم المجرور (زمان – مكان - اسم ذات - اسم معنى وغير ذلك ) وحوله تدور أحداث القصة ببراعة فنية محكمة قائمة على الحوار ،و يتضمن هذا الحوار العديد على المعلومات والمعارف العلمية والدينية والثقافية بصفة عامة والعادات والتقاليد الاجتماعية بصفة خاصة ، حيث يعالجها الأديب خالد همام معالجة فنية مميزة ،وفيما يلي نبذة مختصرة حول الدلالة التي أرادها الأديب خالد همام من الاسم المجرور في عنوان كل قصة، وأثر ذلك على مضمون القص .
أولا : دلالة الاسم المجرور على الزمان:
جاءت العديد من القصص للأديب خالد همام تدل على الزمان، وأثر ذلك على مضمون القص ؛ كما في قصة( مسعود في رمضان)وهي قصة استعرض فيها الكاتب أبرز ما يميز الشهر الفضيل في القرية المصرية من عادات ومظاهر .
وقصة (مسعود في الإسراء والمعراج ...) وفيها بين الأديب خالد همام على لسان الشخصية الرئيسة في قصصه (مسعود )بين لباتعة ونساء الحارة بأسلوب بسيط جميل المقصود برحلة الإسراء والمعراج وأهدافها مصححا المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه الرحلة .
وقصة (مسعود في عيد الأم ...)ودارات أحداثها على العادة التي يحتفي بها العالم من تقديم هدايا لكل أم ،وإن كانت الأم جديرة بتقديم هدية لها في كل لحظة ودقيقة، ولكن قلم الأديب خالد همام استغل الحدث لمناقشة العديد من الموضوعات الاجتماعية والدولية .
ومنها قصة "مسعود في عشرين عشرين ..." وكما بين الكاتب دارات أحداثها في الخميس الأول من يناير الجميل لعام 2020 ....،وفيها وصف طبيعة برد الشتاء ،كما وصف الزوجة المصرية بأنها : الأصيلة بطبعها فهي بالنسبة للرجل شريكة العمر والروح ...،وهي البسيطة الطيبة المطيعة .. ذات القلب الكبير ... ،واستكمل هذا الوصف بقصيدة شعرية ،وفيها أيضا تحدث عن سيدة الجميلات مصر الغالية مبينا ما في شهر يناير من ذكريات وطنية ..
ثانيا : دلالة الاسم المجرور على المكان :
للمكان أهمية كبرى في قصص الكاتب خالد همام فهو عنصر محوري، وله أهمية كبرى في قصص (مسعود وتابعة )،وله العديد من الدلالات الفنية ،ويكتسب أهمية كبرى لتسمية القصص به ، ولذلك أثره على مضمون القص ،فقد جاءت العديد من القصص تدل على المكان كما في قصة ( مسعود في المتحف ...) وهي القصة التي دارات حول الحدث المصري المهيب الرائع الذي تم بما يناسب مكانة مصر الحضارية وتاريخها العريق وآثارها العظيمة حدث (إعادة حفل نقل المومياوات الفرعونية إلى المتحف الجديد ...)الذي كان محط أنظار العالم أجمع .
ومنها قصة مسعود في السويس ... التي تحدث فيها الأديب خالد همام عن وفاة حافظ سلامة(رحمه الله ) الذي أثنى عليه كبار قادة الجيش لقيادته المقاومة الشعبية في السويس إبان العدوان على مصر المسالمة ؛ولذا كرمه الرئيس السادات ومنحه نجمة سيناء وعرض عليه يبقى محافظ للسويس، وعرض الكاتب أمنية الست "باتعة "الشخصية المحورية في القصة هي وزوجها السيد مسعود بعمل مسلسل تلفزيوني يعرض جهود حافظ سلامة(رحمه الله ) في الدفاع عن خير الأوطان (مصر الغالية )أم الدنيا ؛لتعريف الأجيال به أسوة بما تم عمله من مسلسلات للرموز الوطنية في مجال الفن والثقافة والرياضة .
وقصة "مسعود في تشاد ..." فالاسم المجرور (تشاد )وكتبها الكاتب على حد تعبيره في" الخميس الثاني من الجميل المبارك رمضان 1442هـ" ، وتحدث فيها عن الدعاء بالرحمة لرئيس تشاد السابق ( إدريس ديبي) الذي انتقل إلى مثواه الأخير خلال شهر رمضان ،بالإضافة إلى بعض المعلومات الثقافية التاريخية والثقافية المتعلقة بدولة تشاد ورئيسها، وقد قصد مسعود من ذكرها تثقيف صويحبات باتعة بالأحداث الجارية وما يتعلق بها .
وقصة "مسعود في الصيدلية ..." الاسم المجرور (الصيدلية ) وهي قصة يصف فيه بعض محدودي الدخل وما يقومون به من حسابات لترشيد النفقات حسب المتاح ،وها هو مسعود "يراجع حساباته ورغباته ،والأهم من ذلك رغبات أولاده وبناته" وحرصه على تلبية أحلام باتعة في البلح الزغلول الذي كانت طلبته من فترة ليست بالقصيرة ،وحرصه على دخول صيدلية الدكتور حاتم ليبحث عن مرهمه المفقود لرخص ثمنه، وناقش القضايا الاجتماعية المرتبطة بضرورة إخبار الزوجة الأولى قبل الزواج بالثانية .
ثالثا: دلالة الاسم المجرور على اسم ذات أو معنى :
جاء الاسم المجرور في بعض القصص اسم ذات و معنى ، ولذلك أثره على مضمون القص فمن القصص التي ورد في عنوانها الاسم المجرور يدل على اسم ذات منها قصة "مسعود في الظلام ..." فالظلام اسم ذات، وفيها تحدث الكاتب عن بعض الظواهر الاجتماعية كالحديث عن اسم العقارات الفارهة وطبيعة سكن محدودي الدخل ،وتحدث عن ظاهرة كانت منتشرة قديما ،أم الآن فقد اندثرت – ولله الحمد - ألا وهي ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي عن بعض الأحياء غير الحيوية ،كما استعرض الكاتب للحلول العملية البسيطة لعلاج المشكلة لحين لعودة التيار الكهربائي ،وأحيانا تكون هذه الحلول إبداعية غير مألوفة ولكنها ناجعة وسريعة منها ما يناسب البعض وقد لا يناسب البعض الآخر .
ومنها قصة "مسعود في الحرب" فالحرب اسم ذات ودارات القصة حول حلم رأه بطل القصة والشخصية المحورية لها السيد مسعود، وحول هذا الحلم يقول الكاتب على لسان مسعود :" تخيلي يا باتعة حلمت إني دخلت الجيش وشاركت في حرب التحرير الحديث وحققنا النصر في معاركنا الخارجية" خاصة وأن مسعود كما يذكر الكاتب قد "خرج من حارته البسيطة صاحبة التاريخ العميق في الحروب والدفاع الشعبي عن مقدرات الوطن" وهو محق في هذا فالوطن جدير بذلك، فكلنا -كما يقول الأديب خالد همام في كتاباته (للوطن فداء )،وفي النهاية لا نملك إلا خالص الدعاء للوطن والمواطنين بدوام الأمن والأمان آمين .
الدراسة الثامنة: دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام، وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجا )
(الجزء الثاني من الدراسة)
أعزائي القراء والمتابعين لـ(قصص مسعود وباتعة ) للأديب خالد همام : أما قبل فكل عام أنتم بخير، ولا يفوتنا التقدم بخالص التعازي لعائلة الجعافرة العريقة بمصر في فقيدها الحاج ( عبدالهادي سيد حسانين ) (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .آمين )، وبعد ،فهذا هو الجزء الثاني من الدراسة المعنونة بـ" دلالة الاسم المجرور في عناوين القصص القصيرة للأديب المصري خالد همام، وأثره على مضمون القص (قصص مسعود وباتعة أنموذجا )"حيث يدرس الباحث فيه عشر قصص جديدة من المجموعة القصصية (قصص مسعود وباتعة) من خلال محورين :
المحور الأول :تعليق على التعليق(تعليق الأستاذ /محمد فكري أنموذجًا)
في البداية يتقدم الباحث بكل الشكر والتقدير للسادة القراء المتابعين والذين أطروا على الجزء الأول لهذه الدراسة (مدحًا وثناءً وشكرًا )،و بعد يسرني أن أنقل لكم تعليق الأستاذ /محمد فكري على المقال الأول من هذه الدراسة ،له منا كل شكر وتقدير على هذا التعليق الذي تناول فيه بالتحليل الموضوعي والفني بعض الجوانب الموضوعية والفنية في المجموعة القصصية الشيقة (مسعود وباتعة )؛حيث يقول :" خالص التحية للدكتور/ محمد أبو أحمد على هذا التحليل الرائع، وهذا العرض النقدي الشائق لقصص المبدع خالد همام ... الذي يمتعنا كل خميس بحكايا ونوادر مسعود ويجعلنا نعيش معه انتصاراته وانكساراته الخميسية حتى أحببناه وألفناه فصرنا إذا نزلنا للشارع أخذنا نبحث عن هذا المسعود في وجوه من نعرف ومن لا نعرف، فتارة نراه زميل العمل، وتارة، رئيس المصلحة، وتارة زميل دراسة قديم نلقاه مصادفة، وتارة سائق التاكسي أو الحافلة، نراه في وجوه الكثير والكثير من أولئك المعذبين في الأرض، للحد الذي يجعلنا أحيانا نخشى النظر في المرآة خشية أن تصدمنا حقيقة أننا - أنفسنا- مسعود . فعلًا كلنا مسعود- كلنا مسعود بأسماء مغايرة، وأشكال متباينة، وهزائم مشابهه وباتعة مختلفة.
وإن كانت البلاغة عرفت بأنها إجاعة اللفظ، وإشباع المعنى، فخالد همام بارع في إهلاك اللفظ جوعا وإتخام المعنى للحد الذي لو طلب تلخيص إحدى قصصه لكان الملخص ضعف النص كمًا ونصفه كيفًا .
شكرًا جزيلا لخالد همام الذي يضحكنا في كل خميس - ضحكًا كالبكاء- ولكنها طبيعة الاشياء وحقيقة واقعنا الذي نعيشه!!
في النهاية أكرر شكري للأستاذ الدكتور والكاتب والناقد الكبير/ محمد ابو احمد" .
ونحن بدورنا نكرر شكرنا للأستاذ /محمد فكري على هذه الرؤية الأدبية والنقدية الرائعة والتحليل المتميز لشخصية مسعود ،والبراعة في إظهار طبيعة المجموعة القصصية (مسعود وباتعة ) في ضوء قضية اللفظ والمعنى .
المحور الثاني: نبذة مختصرة حول دلالة الاسم المجرور في عنوان كل قصة من القصص محل الدراسة في هذا الجزء ، وأثر ذلك على مضمون القص .
أولا : دلالة الاسم المجرور على الزمان:
جاءت أيضا كما تعرفنا في المقال الأول العديد من القصص للأديب خالد همام تدل على الزمان، وأثَّر ذلك على مضمون القص ؛ كما في قصة "مسعود في ليلة القدر ..." حيث تتحدث القصة عن زمن شريف هو "ليلة" ا لتي هي من أفضل الليالي ،وشهر هو أفضل الشهور وتفصيلًا للزمان الذي تدور حوله القصة يقول القاص خالد همام :"مع شروق شمس الخميس الأخير من رمضان المعظم صعد مسعود السطح وبدأ يحملق في عنان السماء يتفحصها جيدا باحثا عن ليلته الصفيَة التي ينتظرها كل رمضان ...." وقد أثر هذا الاسم المجرور على الزمان (ليلة القدر) فجاءت أحداث القصة كلها حوله .
وكما في قصة" مسعود في أخر النهار ..." وقد حدد الكاتب خالد همام زمان القصة باليوم والشهر حيث يقول :"انتصف خميس الثالث عشر من رجب الثامن عشر من امشير ..." ولقد برع الكاتب في تسجيل عادات ريفية أصيلها في الطبخ، وإن كانت العادات تغير البعض منها بتغير الزمان ؛يقول الكاتب واصفًا هذه العادة :" وباتعة في قعر دارها تزرف الدمع الساخن من عينيها الضيقتين أثناء تقطيع بصل تقلية الخميس الحمراء ..." وكعادته يحرص الأديب خالد همام على أن يرصد قلمه الحدث الأكثر شهرة وانتشارًا وقت كتابة القصة صباح كل خميس حيث وصف الدراما القصصية في التعليق على زلة اللسان غير المقصودة من إعلامي شهير – حيث اعتذر فور وقوعه في خطأ لساني - يتعلق بأناس هم القيم ذاتها من أخلاقهم (رجالا ونساء )يرتشف العالم أجمع رحيق المبادئ والشهامة !!
ثانيا : دلالة الاسم المجرور على المكان :
جاءت أيضًا العديد من القصص تدل على المكان كما في "مسعود في الحرم ..." ، وكما يتضح من العنوان الاسم المجرور يطلق على أقدس بقعة على ظهر الأرض الحرم الشريف حيث الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في صلاتهم وقد أثر ذلك على القص حيث وظف الكاتب "الحلم "كمحور تنطلق من أحدث القصة والأمنية(أمنية العمر ) التي يحرص الجميع على تحقيقها ألا وهي أداء مناسك الحج والعمرة ولو بذل كل ما يملك في سبيل تحقيق ذلك وكم يحزن إن لم يتمكن من تحقيق ذلك ،وفي ذلك يقول الأديب خالد همام :" استيقظ مسعود في صباح الخميس الثاني من ديسمبر العريض ولكنَه هذا الصباح على غير عادته فقد شاهد نفسه في المنام ملفوفا برداء أبيض ...
فسَر المسعود منامه بأحد المسارين :
إمَا عمرة وحج لبيت الله العتيق بمكة المكرمة أو موت يخطفه للعالم الآخر ...
قص مسعود حلمه وتفسيره لزوجته باتعة التي وضعت يدها على فمه وهو ينطق لفظة الموت مرددة :
بعد الشرعليك يا نورعيني بإذن الله هتروح العمرة وتزور المصطفى وتحط إيدك على شبَاكه ...
ثم دخلت غرفتها وجلبت ما تبقى لها من ميراث والدتها ( حلق وخاتم من ذهب ) ودفعت بهما لزوجها الحبيب ليبيعهما ويحجز في رحلة عمرة ...
فعل المسعود ما أرادت الباتعة شوقا منه للرحلة المباركة ثم ذهب لإحدى شركات السياحة..."
وفي قصة "مسعود في غزة ..."والتي تدور الفكرة الرئيسة فيها حول الأحداث الأخيرة التي حدثت في مكان محل اهتمام العالم بأسره "دولة فلسطين الشقيقة" ،ومن خلال حوار مسعود مع نفسه في خلوته أمام التلفار ،وتحليله لواقع الأحداث في دولة فلسطين وصف لنا الواقع مبينًا ومشيرًا إلى أكبر سلاح للنصر ،وفي هذا يقول الأديب خالد همام واصفًا ما أسفر عنه بحث مسعود :" بحث مسعود عن إجابات شافية كافية لأسئلة تدور في رأسه فلم يجد سوى كلمة واحدة ... ( العقيدة )
نعم إنها العقيدة ... العقيدة الراسخة التي تصنع المستحيل ..."
وكما في قصة "مسعود في البيت الأبيض ..." والتي دارت وقت كتابتها حول مكان محط أنظار العالم مكان تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد "جون بادين "،وقد أثر هذا العنوان على القص حيث دارات أحداث القصة حول هذا الموضوع ،ومناقشة اهتمام بادين بحقوق الإنسان في العالم .كما عالجت القصة بعض القضايا التي هي محل اهتمام الناس وقت كتابتها مثل قضية خضوع الراتب لإحدى الشرائح الضريبية الجديدة ...وقضية عمل وزارة جديدة اسمها وزارة السعادة.
وكما في قصة "مسعود في الكنيسة ..."والاسم المجرور هنا الكنسية، وقد أثر هذا على القص حيث استطاع الكاتب ببراعة تجسيد روح المحبة والإخوة والوحدة الوطنين بين مواطني الوطن الواحد مصر المحفوظة المترابطة (المسلمين والمسيحيين )وروح التآزر والتعاون بينهم خاصة في وقت الشدة ، حيث صور الكاتب البارع خالد همام كل ذلك في موقف وفاة الأسطى ( بطرس ) جار مسعود وفي هذا يقول الكاتب :" إنه الأسطى ( بطرس ) جار مسعود الذي قدم على الحارة من مدينة أبنوب بصعيد مصر ...وعمل مكوجيَا بالحارة، وتزوج وعاش بين أهلها المسلمين وكأنه واحد منهم ؛ هو الآن في ذمة الله !شعر الجميع بالحزن العميق وهبَ الكل للوقوف بجانب زوجته وأطفاله الصغار وبدأ أهل الحارة وعلى رأسهم مسعود يفكرون في مصير هذه الأسرة البسيطة والتي مات عائلها دون ميراث أو معاش ....
أصبحت الحارة كخلية نحل في تعاونها في الواجب حتى وصلت جثة المتوفي إلى الكنيسة للصلاة عليها ...
استقبل كهنة الكنيسة الجنازة ومشيعيها ذي الأغلبية المسلمة باحترام وهدوء"
كما صور الكاتب خالد همام الدور العظيم المشكور الإنساني الجليل الذي تقوم به الكنيسة المصرية العريقة من رعاية الأيتام وحرص واهتمام مسعود المسلم بأبناء جاره الأسطى ( بطرس )بعد موته وفي هذا يقول الأديب :" وكعادته مسعود من النبل والشهامة مال على أحد القساوسة وهمس في أذنه قائلا :
جاري بطرس فقير يسكن بالإيجار وزوجته بسيطة وأطفالها صغار ونخشى عليهم من الضياع ...
رد القسيس في وقار :
مشكور يا أستاذنا ... واطمئن ستقدم الكنيسة لأسرة بطرس كل ما يحتاجونه من الرعاية المادية والاجتماعية حتى يكمل الأطفال تعليمهم وتتفرغ الأم لتربيتهم ونحن نقدر لكم حسن مشاعركم ...
أحد الجيران كان يتابع في صمت حوار مسعود مع القسيس ... فقال لمسعود بعد نهاية حواره مع الأب ( إبرام ) :
متخفش يا أستاذ مسعود على عيال بطرس وزوجته ... الكنيسة فاهمة كل حاجة ومخططة تمام لرعاية الأيتام ...."
ثالثا: دلالة الاسم المجرور على اسم ذات أو معنى :
جاء الاسم المجرور أيضًا في بعض القصص اسم ذات و معنى ، و أثر بدوره على مضمون القص فمن القصص التي ورد في عنوانها الاسم المجرور يدل على اسم ذات منها قصة "مسعود في العدس ..." التي كان فيها الاسم المجرور اسم ذات وأثر ذلك في القص ووظف الكاتب الاسم (العدس ) في حبكة درامية قصصية استطاع الأديب خالد همام من خلالها أن يصور حنكة المرأة المصرية الحكيمة وتدبيرها في أكل ما قسمه الله ورزق به من رزق وفي هذا يقول الكاتب :" قاربت شمس الخميس الثالث من ديسمبر الطويل على الغروب ومسعود يكد ويكدح في طريقه إلى الحارة المنسية في قاهرة المعز القديمة ...
على غير العادة لم تعثر أنف مسعود الحادة على رائحة التقلية التي اعتادتها أنفه مساء كل خميس ...
سأل زوجته ( باتعة ) عن السبب فأخبرته بنفاذ مصروف البيت ولم تجد ثمن اللحمة والبصل وتصرفت بحكمتها وصنعت لأسرتها شوربة عدس جميل !"
كما ذكرنا الكاتب بالصورة التي ألفناها ودرسناها في السبعينات قصة الأرنب وقوله :" في الصباح خس وجزر وفي المساء " والتي تعلمنا منها أن نحمد الله على ما رزقنا به .
وها هو الكاتب يصور موقف الصغار من أكل العدس يوميًا حيث يقول :" ينظر مسعود لطفلته بعين العاجز المستكين ...
انطلق لسانه بصعوبة يشرح للجميع فوائد العدس وخاصة في الشتاء ؛ فرد الابن الأكبر :
العدس جميل يا بابا ... بس إحنا أكلنا عدس يوم السبت و الاثنين والأربع والنهاردة الخميس ... كده حصص العدس زادت في الجدول يا مدير ....
ضحك الجميع إلا مسعود ..."
كما في قصة " مسعود في حسبة برما ..." والعنوان هنا يدل على اسم مركب تركيب إضافي ،وهو يُضرب به المثل في الأمور المحيرة، وانعس ذلك على القص فجاءت أحداث القصة حول حل لغز محير وفي هذا يقول الكاتب :" انتصف ظهر الخميس الثالث من نوفمبر البهيج ومازال مسعود قابعا على كرسيه الخشبي في وظيفته الميري ...
وبينما هو منهمك في حل الكلمات المتقاطعة إذا بشاب في مقتبل العمر يقف أمامه يطلب منه حلَ لغز أتعب رأسه الصغير ...
فرح مسعود بذاك اللغز فهو من عشاق التحدي في كل أطياف الذكاء والنبوغ !
بدأ الشباب الدرعمي ( أي خريج كلية دار العلوم ) في سرد لغزه مستخدما العربية الفصيحة في أبهى صورها....."
وتتضح براعة الكاتب من خلال القصة في معالجة العدد من القضايا الاجتماعية ذات الصلة بموضوع اللغز .
وكما في قصة "مسعود في الغيبوبة ..." حيث جاء الاسم المجرور اسم مؤنث معرفة معرف بال(الغيبوبة )وبرع الكاتب في معالجة بعض السلوكيات التي يفعلها البعض، ويؤدي بهم كأنهم في غيبوبة ،وفي ذلك يقول الكاتب :" في مساء الخميس الثاني من نوفمبر البركة استيقظ مسعود من استراحة العصاري على صوت غريب لم يألفه في الحارة !
أصوات جماعية وبخور وروائح أخرى ....." ثم قص الكاتب أحداث القصة بأسلوب درامي فني مميز
وكما في قصة "مسعود في الحلاوة ..." جاء الاسم المجرور أيضا كما في القصة السابقة (الغيبوبة ) اسم مؤنث معرفة معرف بال(الحلاوة)وبرع الكاتب في معالجة بعض السلوكيات الاجتماعية والفلكلورية المرتبطة بحلوى الموالد خاصة حلوى المولد النبوي ،وببراعة فنية استغل الكاتب هذه المناسبة في التعريف بمعلم البشرية (صلى الله عليه وسلم )وكيف ربى جيل قاد الإنسانية إلى شاطئ الرحمة وبر الأمن والأمان والسلم والسلام ،وقد عرج الكاتب من خلال ذلك لدور المعلم في التربية المثلى للأجبال لبنة صرح الوطن وأساس تقدمه ورقيه يقول الكاتب :" بعد ظهر الخميس الأول من نوفمبر ها هو مسعود يكد ويكدح في طريقه إلى البيت وعيناه تراقبان وتتأملان السرادقات الكثيرة التي تعرض حلوى المولد النبوي بكل ألوانها المختلفة والجذَابة ....
في غمرة النظر طار ذهن مسعود إلى صاحب هذه الذكرى ....
إلى ( محمد بن عبدالله ) - صلى الله عليه وسلم - وتأمل مسعود الموقف منذ خمسة عشر قرنا من الزمان ...
كيف لرجل فقير في بيئة قاسية غاب عنها النفط والذهب وكل مظهر لحضارة راقية أن يجمع حوله عشرات من الرجال والنساء ليكوَن بهم دولة وبعد أقل من قرن تحكم هذه الدولة أكثر من نصف الأرض وتضم أجناسا مختلفة من البشر في نسيج واحد متماسك كالبنيان المرصوص ؟؟؟..."
(1) (صدرت له يوم الخميس التاسع من ديسمبر 2021م) قصة "مسعود في كأس العرب" والفكرة الرئيسة للقصة دارات حول مباراة كرة القدم بين فريق مصر الغالية ،وفريق الجزائر الشقيقة ،والتي استهلها بقوله : جلس مسعود وزوجته الباتعة يشاهدان عن كثب مباراة كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر في بطولة كأس العرب ٢٠٢١ والمقامة بدولة قطر الشقيقة ...