كلاب الكفيفة
من ثلاثة أركان
يضرب الاعصار
المحطة
الموغلة في القدم
حيث الأشجار
المسودة أغصانها
لفرط السأم
تراقب
الطريق الموحل
مفتوحا
لثلاثة كلاب
تتودد
لآمراة كفيفة
فقدت أبناءها
في الحرب الأخيرة.
محمد تركي النصار شاعر عراقي
جمالية لغتنا العربية تكمن في تمرين الحذف التركيبي الذي يتيح للغة مستوى عاليا من الانفتاح الدلالي . عتبة النص اعتمدت على هذه التقنية إذ تم الاكتفاء بالصفة ( الكفيفة ) وحذف الموصوف ( المرأة ) لدلالة الصفة عليه . وهي عملية جمالية مهمة جعلت من العتبة مدخلا مفارقا لتتبع أفق التوقع داخل النص .
يقوم النص على مفارقات لفظية تتكاثف فيما بينها لخلق الشعرية المطلوبة
تسريد وظيفي اكثر روعة يقوم على التحييز المكاني : محطة عتيقة عرضة لاعصار شديد يضرب من ثلاث جهات _ طريق متاهي موحل إضافة إلى تحييز زماني يستفاد من سواد الأشجار للدلالة على عتمة الليل الذي يخرج من دلالة الزمن السردي إلى الزمن الشعري ذي الدلالة الرمزية على الضياع والاحساس بالوحدة والغبن الذي يلي الحرب . ليكتمل هذا التسريد المحكم من خلال شخصيات أكثر ضياعا : امرأة كفيف ( تحذف تاء التأنيث وجوبا إذا ذكر الموصوف ) يقودها ثلاثة كلاب ودودة ومشفقة على سيدة غاية في النبل فقدت ثلاثة من أبنائها .
قوة النص تكمن في مؤشر التوهج والاختزال للموقف الشعري في تركيز مدهش ، المفردة الشعرية منتقاة بحرفية عالية ، ذلك أن النصوص القصيرة ترتكز على المفردة الشعرية المفتاحية التي تفتح أفق النص .
التوهج المركز يقتضي وحدة النص العضوية التي تضع حدا للانفلات والاطناب والتطويل غير المبرر .
التوهج والوحدة العضوية مؤشران مهمان ومؤسسان للكتابة المتفردة في قصيدة النثر ، ويتيحان للنص إمكانية المحاورة الهادفة مع متلق أصبح اليوم أكثر ثقافة وإلماما بتقنيات الكتابة الحديثة . ومطلبان مهمان أملتهما ظروف الحياة المعاصرة المعقدة
من أهم مؤشرات الكتابة الحداثية اليوم في نص النصار هذا التوتير الذي تخلقه المفارقات . التضاد المثير بين المكونات التي تؤثث النص يخلق الدهشة المطلوبة : الطريق موحل / كفيفة تتلمس الطريق . أم الشهداء / تعيش العزلة . هذه المفارقات اللفظية تخدم المفارقة النسقية الكبرى وهي مفارقة ساخرة :
( أم الشهداء الكفيف يحتفي بها ثلاثة كلاب ) ، مفارقة تدفع بالإغتراب الانساني إلى أبعد مدى .
النصار خالق المفارقات المبدع : الشهداء الثلاثة يقابلهم كلاب ثلاثة . هذه السيمترية اللفظية ليست مجانية .
في النص تناص سينمائي واضح ، يتجلى في طريقة خلق المشهدية من خلال لقطات بكاميرا محترفة :
لقطة رقم 1 : محطة عتيقة
لقطة رقم 2 : إعصار عنيف يهز المحطة من ثلاث جهات
اللقطة رقم 3 : الأشجار السوداء تراقب طريقا موجات
اللقطة رقم 4 : ثلاثة كلاب تتودد لسيدة كفيف
الكتابة السينوغرافية واضحة في النص وتقنية المونتاج وتشغيل الصور تقطيعا ولصقا ساهمت في بناء مشهدية النص .
هذا التوجه نحو المجاز البصري يدلل على ثقافة النصار الواسعة و إلمامه بطريقة الكتابة الحداثية .
النص يحتفل بدستوبيا مطبقة لويلات الحرب التي ارخت بظلالها الكثيفة على الانسان المعاصر خصوصا في منطقتنا العربية . دستوبيا تظهر ضياع الانسان واغترابه في عالم تفسخت فيه كثير من القيم الإنسانية النبيلة .
من ثلاثة أركان
يضرب الاعصار
المحطة
الموغلة في القدم
حيث الأشجار
المسودة أغصانها
لفرط السأم
تراقب
الطريق الموحل
مفتوحا
لثلاثة كلاب
تتودد
لآمراة كفيفة
فقدت أبناءها
في الحرب الأخيرة.
محمد تركي النصار شاعر عراقي
جمالية لغتنا العربية تكمن في تمرين الحذف التركيبي الذي يتيح للغة مستوى عاليا من الانفتاح الدلالي . عتبة النص اعتمدت على هذه التقنية إذ تم الاكتفاء بالصفة ( الكفيفة ) وحذف الموصوف ( المرأة ) لدلالة الصفة عليه . وهي عملية جمالية مهمة جعلت من العتبة مدخلا مفارقا لتتبع أفق التوقع داخل النص .
يقوم النص على مفارقات لفظية تتكاثف فيما بينها لخلق الشعرية المطلوبة
تسريد وظيفي اكثر روعة يقوم على التحييز المكاني : محطة عتيقة عرضة لاعصار شديد يضرب من ثلاث جهات _ طريق متاهي موحل إضافة إلى تحييز زماني يستفاد من سواد الأشجار للدلالة على عتمة الليل الذي يخرج من دلالة الزمن السردي إلى الزمن الشعري ذي الدلالة الرمزية على الضياع والاحساس بالوحدة والغبن الذي يلي الحرب . ليكتمل هذا التسريد المحكم من خلال شخصيات أكثر ضياعا : امرأة كفيف ( تحذف تاء التأنيث وجوبا إذا ذكر الموصوف ) يقودها ثلاثة كلاب ودودة ومشفقة على سيدة غاية في النبل فقدت ثلاثة من أبنائها .
قوة النص تكمن في مؤشر التوهج والاختزال للموقف الشعري في تركيز مدهش ، المفردة الشعرية منتقاة بحرفية عالية ، ذلك أن النصوص القصيرة ترتكز على المفردة الشعرية المفتاحية التي تفتح أفق النص .
التوهج المركز يقتضي وحدة النص العضوية التي تضع حدا للانفلات والاطناب والتطويل غير المبرر .
التوهج والوحدة العضوية مؤشران مهمان ومؤسسان للكتابة المتفردة في قصيدة النثر ، ويتيحان للنص إمكانية المحاورة الهادفة مع متلق أصبح اليوم أكثر ثقافة وإلماما بتقنيات الكتابة الحديثة . ومطلبان مهمان أملتهما ظروف الحياة المعاصرة المعقدة
من أهم مؤشرات الكتابة الحداثية اليوم في نص النصار هذا التوتير الذي تخلقه المفارقات . التضاد المثير بين المكونات التي تؤثث النص يخلق الدهشة المطلوبة : الطريق موحل / كفيفة تتلمس الطريق . أم الشهداء / تعيش العزلة . هذه المفارقات اللفظية تخدم المفارقة النسقية الكبرى وهي مفارقة ساخرة :
( أم الشهداء الكفيف يحتفي بها ثلاثة كلاب ) ، مفارقة تدفع بالإغتراب الانساني إلى أبعد مدى .
النصار خالق المفارقات المبدع : الشهداء الثلاثة يقابلهم كلاب ثلاثة . هذه السيمترية اللفظية ليست مجانية .
في النص تناص سينمائي واضح ، يتجلى في طريقة خلق المشهدية من خلال لقطات بكاميرا محترفة :
لقطة رقم 1 : محطة عتيقة
لقطة رقم 2 : إعصار عنيف يهز المحطة من ثلاث جهات
اللقطة رقم 3 : الأشجار السوداء تراقب طريقا موجات
اللقطة رقم 4 : ثلاثة كلاب تتودد لسيدة كفيف
الكتابة السينوغرافية واضحة في النص وتقنية المونتاج وتشغيل الصور تقطيعا ولصقا ساهمت في بناء مشهدية النص .
هذا التوجه نحو المجاز البصري يدلل على ثقافة النصار الواسعة و إلمامه بطريقة الكتابة الحداثية .
النص يحتفل بدستوبيا مطبقة لويلات الحرب التي ارخت بظلالها الكثيفة على الانسان المعاصر خصوصا في منطقتنا العربية . دستوبيا تظهر ضياع الانسان واغترابه في عالم تفسخت فيه كثير من القيم الإنسانية النبيلة .